المحرر موضوع: الدستور العراقي ومحاضرات جان جاك روسو  (زيارة 1423 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل يوحنا بيداويد

  • اداري منتديات
  • عضو مميز جدا
  • *
  • مشاركة: 2496
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الدستور العراقي ومحاضرات جان جاك روسو




في هذه الايام العصبية التي يمر فيها الشعب العراقي في حرب شبه اهلية، الايام التي فيها اباح الزرقاوي وجماعته لانفسهم القتل والذبح (باسم الله) كل الكفار وكل العاملين معهم مهما
كانت حجتهم .
 في هذه الايام نرى ان جميع الدوائر الحكومية لازالت تحت وطأة نفوذ الاحزاب العراقية المتعارضة في رؤيتهم في بناء العراق الجديد، بحيث اصبحت هذه الوزارات من حصص الحزب الذي ينتمي اليه الوزير، في هذه الايام التي اصبح لرجال الدين المتزمتين نفوذ كبير على العقول المتحجرة الذين تنفسوا الصعداء بممارسة حريتهم لاول مرة منذ زمن بعيد وهم يدركون السبب لذلك؟!، ولكنهم اليوم  يسمحون لانفسهم بحرمان الاخرين منها .
في هذه الايام التي لا زالت تعاليم و نفوذ ايتام القائد ورفاقه الحزبيين في الدوائر الحكومية متفشيا مثل مرض السرطان الذي احتار الخبراء في معالجته .
في هذه الايام التي يعيش كل الشعب تحت حكم الاحتلال الذي بصم له بالعشرة  قادة الاحزاب العراقية في تغير سلوكهم الوراثي القديم و تقديس حرية الانسان وممارسة العدالة بين الناس وبناء انسان عراقي اخر غير متسلط وقاتل ......الخ.
في هذه الايام تحاول لجنة من اعضاء المجلس الوطني العراقي وضع دستور جديد للبلاد ، دستور عصري يحمي حقوق الاكثرية مع الاقليات ، يُرجع المرحلين بصورة قسرية من بيوتهم واراضيهم الى ديارهم ،و يتيح لجميع الاديان ممارسة شعائرهم الدينية ولجميع القوميات الاحتفاظ بهويتهم وتراثهم ولغتهم وثقافتهم
كان من المفترض في هذه الايام  قد تم اكمال المسودة النهائية لهذا الدستور ، لكن كما قال المتنبي (تأتي الرياح بما لاتشتهيها السفن). فهناك مفارفة كبيرة بين ما قيل قبل تحرير العراق وما بعد تسلم السلطة من قبل سلطة الحكم وما بعد الانتخابات الناقصة وبين ما يقول ممثلي الكتل الحزبية الكبيرة في المجلس الوطني اليوم.
لا اعراف اذا كان السادة اعضاء المجلس الوطني يحتاجون للاطلاع على تاريخ الشعوب في العالم ، ام ادركوا الحقيقة الجديدة التي لم يقلها اي فيلسوف او يكتشفها اي عالم اجتماعي  وانما ادركها الناس في الشوارع قبل اساتذة الجامعات وهي ان عالم اليوم اصبح قرية صغيرة سواء شأنا ام أبينا، وان مستقبل الشعوب يعتمد على سرعة الانفتاح وسرعة التفاهم وسرعة اتخاذ القرار ودرجة الكفاءة في التعامل مع ما تنتجه الشعوب الاخرى من التقدم.
لا اعرف هل يريدون السادة اعضاء لجنة الدستور تشريع دستور يجعل العراقيين في حالة انعزال عن العالم بعدما كانوا هم واضعي اللبنة الاولى لحضارته والتي اصبحت اليوم حقيقة مسطرة في الصفحات الاولى في اي كتاب يبحث عن جذور الحضارات الانسانية.
 ام يريدون وضع دستور يفتح افاق المجال امام عقول العراقيين الكبيرة بكامل الحرية
يا ليت ينهض فولتير من قبره ويحضر احدى  جلسات مناقشة دستورنا كي يعلمهم ثمن الحرية لان اخوتنا اعضاء المجلس الوطني يظهر قد  نسوا ما كانوا يذوقون هم انفسهم وما ذاق كل العراقيين معهم في زمن العهد البائد!
من اين لي ان اشرح لهم عن افكار جان جاك روسو ونظريته عن اهمية الطبيعة الغريزية في الانسان؟ الم تكن هذه الافكار هي بذور الثورة الفرنيسة التي تنبئ عن حدوثها فولتير قبل عشرين سنة؟
ليضع السادة  اعضاء المجلس الوطني العراقي في حساباتهم ان سبب الصراعات في مئة السنة الاخيرة في العراق كان حرمان الشعب عن الحرية وعدم وجود المساواة والتفرد بالسلطة،
 واليوم هذه هي االمبادئ التي يحتاجها العراقيون في دستورهم الجديد على الاقل.
 عبرتاريخ شعوب العالم التي حرمت من الحرية كانت ولا زالت في حالة غليان مستمرة وهكذا كان حال الشعب العراقي فلماذا الكر والفر من الحقيقة؟!!!!.
 بدون المساواة في المواطنة بغض النظر عن الهوية او الدين او الجنس او القومية  نكون قد تعارضنا مع مبدأ الحرية والحق الطبيعي.في الوجود.
بعدم وجود السلطات الثلاثة التشريعية والتنفيذية والقضائية مستقلة واحدة عن الاخرى يكونون العراقيون قد وقعوا في مصيبة الدكتاتورية مرة اخرى التي تحرم الشعب من الحرية والمساواة.
الحرية يجب ان لا تكون مكبلة بقيود تمنعها من التطور والحركة في البحث عن صيرورتها الذاتية.
لو اردتم انسان جديد في العراق،  علموا الانسان العراقي ان يحترم اخيه الانسان مهما كان دينه او جنسه او قومته.
لو اردتم انسان جديد في عراق جديد  ابحثوا عن تعاليم  جان جاك روسو ومحاضراته في الثقافة والتربية للاطفال قبل ان تخنقهم روح التعصب والانعزالية المبنية على نظريات نيتشة السلبية

يوحنا بيداوييد
مالبورن /استراليا
2/8/2004