المحرر موضوع: المنظمة الآثورية الديمقراطية - بيان بمناسبة عيد الشهداء  (زيارة 1482 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل A D O

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 129
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
المنظمة الآثورية الديمقراطية                                       
المكتب السياسي

                                                        بيان بمناسبة عيد الشهداء

قدم شعبنا الآشوري السرياني الكلداني خلال تاريخه الطويل قوافل من الشهداء دفاعا عن هويته القومية و وجوده القومي وثقافته وعقيدته ، ومع بدايات القرن العشرين تعرض لأشرس وأعنف الحملات البربرية ، كانت أكثرها بشاعة وقسوة المذابح التي تعرض لها إبان الحرب العالمية الأولى على أيدي حكومة الاتحاد والترقي التركية التي شنت حملات إبادة جماعية على شعبنا ، وعلى الشعب الأرمني ، وعلى عموم مسيحيي السلطنة العثمانية ، وبتواطئ مكشوف من حلفائها من بعض دول العالم المتحضر آنذاك . وقد قضى في هذه المذابح التي عرفت في أدبيات شعبنا ب " السيفو " ما يزيد على نصف مليون إنسان من جميع طوائف شعبنا ، سقطوا في حيكاري وآمد والرها وماردين وآزخ وطور عبدين وسواها ضحايا الحقد والعنصرية والإرهاب الوحشي .

وفي غمرة انشغال شعبنا بتضميد جراحاته  في السنة الأولى من استقلال العراق  عن بريطانيا ، تعرض مرة أخرى لمجزرة رهيبة ، نفذتها هذه المرة قوات نظامية عراقية بقيادة قائد المنطقة الشمالية العقيد بكر صدقي ، الذي أمر قواته في السابع من آب عام 1933 ، بتدمير بلدة "سيميل" الآشورية الوادعة  وإبادة كل من لجأ إليها من المدنيين من أبناء شعبنا ، الذين تجمعوا فيها هربا من نيران المعارك الدائرة بين الجيش العراقي من ناحية ، وبين وحدات مسلحة من مناضلي شعبنا كانت تطالب  بالحقوق المشروعة لشعبنا في العراق الجديد أسوة ببقية شركائه ، فكانت النتيجة سيول من دماء جرت في بيوت وساحات المدينة ، دماء أكثر من خمسة آلاف ضحية من الشيوخ والأطفال والنساء . في واحدة من أبشع جرائم وإرهاب الدولة في التاريخ الحديث.   
لقد فتحت هذه الجريمة الفظيعة الطريق أمام سياسات المذابح والتطهير العرقي والطائفي التي اتبعتها لاحقا الحكومات العراقية المتعاقبة ، ففي عام 1969 ارتكبت الحكومة العراقية مجزرة أخرى في بلدة "صوريا" الآشورية في شمال العراق ، راح ضحيتها ثلاثمائة من أبناء شعبنا من المدنيين ، تبعها لاحقا مجازر الأنفال والمقابر الجماعية وغيرها التي طالت فئات أخرى من الشعب العراقي ،  وللأسف فإن العنف ولإرهاب مازال سيد الموقف في العراق حتى بعد سقوط الديكتاتورية .

لقد عانى شعبنا طوال القرن الماضي الكثير من الظلم والاضطهاد على أيدي بعض شركائه ، وعلى أيدي حكومات المنطقة ،  ما أدى ذلك إلى إحداث تغييرات ديمغرافية كبيرة في مناطق وجوده التاريخية ، نتيجة للقتل والتهجير وممارسة سياسات التمييز ضده  ، كل هذا قاد إلى تقليص الوجود القومي لشعبنا بما يمثله من عمق وأصالة تاريخية إلى الحدود الدنيا في أوطانه ، وكذلك تقليص الوجود المسيحي عموما بما يمثله هذا الوجود من غنى وثراء روحي وإنساني ، مما أفقد المنطقة واحدا من أهم وأقدم مكوناتها الحضارية ، وأحد أبرز عناصر التقدم فيها .

إن شهادة شهدائنا لم تكن من أجل الموت،  وإنما كانت شهادة من أجل الحياة ، كان معظم شهدائنا من المدنيين الأبرياء ، كانوا من رجال الدين ورجال الفكر والقلم ، أمثال البطريرك مار بنيامين شمعون ، آشور يوسف ، فريدون آثورايا ، بشار حلمي بوراجي ، المطران توما أودو . هؤلاء وغيرهم ممن أضحوا رموزا للتضحية والعطاء ، لم يستشهدوا من أجل طائفة أو قضية خاصة،  وإنما استشهدوا دفاعا عن وجود ووحدة شعبهم  وحقه في الحياة بكرامة في وطنه .  إن أهم عبرة علينا أخذها من شهادتهم وتضحياتهم في حاضرنا ، هي العمل من أجل تحقيق الأهداف التي ضحوا من أجلها ، ولا سبيل أمام شعبنا  لتحقيق هذه الأهداف إلا من خلال الوحدة القومية التي دعوا إليها في مسيرة نضالهم،  وحدة شعبنا بكل تسمياته بعيدا عن المصالح الآنية الضيقة لهذا الطرف أو ذاك ، أو هذه الطائفة أو تلك .
 
 في الوقت الذي نحتفل فيه بعيد الشهداء، الذي كان نتاج معاناة ومآسي كثيرة عرفها شعبنا، تقع اليوم مجازر ومآسي مروعة ، ترتكب بحق الشعبين اللبناني والفلسطيني  بواسطة آلة الحرب الإسرائيلية ،  وإذ ندين هذه المجازر ونستنكرها ،  فإننا في الوقت نفسه نناشد المجتمع الدولي للعمل على إيقاف الحرب العدوانية الإسرائيلية على لبنان ، وتطبيق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة ، وتبادل الأسرى ، وإعادة النازحين إلى قراهم ومدنهم ، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من كافة الأراضي اللبنانية بما في ذلك مزارع شبعا المحتلة ، كما يتوجب على القوى السياسية اللبنانية التوحد في موقف ورؤية مشتركة من أجل لبنان حر سيد مستقل ، يوفر الاستقرار والآمان والازدهار لشعبه ،  ويبسط سيادته على كامل أرض وطنه .

إن دول المنطقة أجهدتها الحروب الصراعات ونظم الاستبداد ، ودفعت شعوبها أثمانا باهظة،  حيث باتت مكشوفة أمام إرهاب الدول ، وإرهاب الجماعات الإرهابية ،  والمحصلة مجازر جماعية في قانا وغزة والعراق ، كما أن انتشار الفقر والتخلف والإحباط في منطقتنا ، دفع وهيأ المناخ لتفريخ قوى ظلامية إرهابية تروج لثقافة الموت ، بدلا من ثقافة الحياة ، لقد آن لهذه الشعوب أن ترتاح لتتفرغ  للبناء والتنمية ، وهذا لا يمكن أن يتم إلا بقيام المجتمع الدولي بمسؤولياته بإيجاد حلول دائمة للصراعات التي عصفت بالمنطقة ، وفي مقدمتها الصراع العربي الإسرائيلي ، من خلال إرساء سلام دائم وعادل يستند إلى قرارات الشرعية الدولية ، ويقضي بإعادة الحقوق والأراضي لأصحابها ، وكذلك العمل من أجل إزالة كل عوامل التوتر والاحتقان من المجتمعات ، من خلال الاعتراف بحقوق الأقليات القومية ، وإقامة نظم ديمقراطية ، قادرة على إرساء منظومة للتعاون والتفاهم بين جميع دول وشعوب المنطقة ، وبهذا فقط يمكن تجاوز ثقافة الحقد والكراهية ، والتفرغ لبناء الأوطان والإنسان وفق أسس عصرية تضمن تقدمها وازدهارها .


المجد والخلود لشهدائنا الأبرار
المجد لشهداء الحرية في كل مكان     
                           
سوريا – 7 آب 2006                                                                                           المكتب السياسي