المحرر موضوع: العراق: الأمان وحدود المسؤولية..!!؟؟  (زيارة 1187 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل باقر الفضلي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 495
    • مشاهدة الملف الشخصي
العراق: الأمان وحدود المسؤولية..!!؟؟

باقر الفضلي


لا أريد بهذا العنوان أن أستعرض حصيلة الأحداث الأمنية التي إجتاحت العراق من شماله حتى جنوبه لهذا اليوم 2/6/2011، فهي لكثرتها وتماثلها، ما عادت تستوقف المراقب للبحث في تفاصيلها، أو سبر أسبابها والتعرف على بواعثها، فيكفي المرء أن يستعرض بيانات الناطق الرسمي لقيادة عمليات بغداد حول تلك الأحداث، ليحدد طبيعتها وكيفية التعامل معها من قبل الحكومة، ولكن حدثاً أمنياً محدداً من الأحداث الأمنية لهذا اليوم، توقفت أمامه ملياً، لا لتميزه من حيث النتائج أو الدوافع، ولكن لما يعكسه الحدث نفسه من مدلولات بالغة الأهمية من حيث الواقع الأمني السائد في البلاد من جهة، وما يمثله الحدث بالنسبة للمواطن العراقي نفسه على الصعيد الحياتي..!!


يشير الحدث وطبقاً لمتحدث بإسم الجهات الأمنية من قيادة عمليات بغداد:  [[أفاد مصدر في الشرطة العراقية، الخميس، بأن امرأتين قتلتا بهجوم مسلح استهدف صالونا لحلاقة السيدات غرب بغداد، مبينا أن المسلحين أضرموا النار بالصالون قبل أن يفروا إلى جهة مجهولة. ]](*)     


فما الذي يعنيه هذا الحدث الأمني، وهو مجرد حدث أمني كسائر الأحداث الأخرى التي تحصل كل يوم، على مستوى العامل النفسي للمواطن العراقي العادي، الذي يغادر بيته صباح كل يوم متوجهاً الى مكان عمله لإكتساب قوت يومه وقوت عائلته، وهو يحيط نفسه بهالة من "الإطمئنان النفسي"، مبعثه الشعور المفترض بالأمن والأمان، الذي يدفعه مع كل هذا الهدوء للذهاب الى مكان عمله، مقنعاً نفسه بأن فوق رأسه مظلة واقية،  تحميه من كل ما يقلقه من مخاطر تحول بينه وبين مصدر رزقه، وبالنتيجة فهو يستمر دائباً في الذهاب الى هناك كل يوم، مع كل الإطمئنان والسكينة المفترضة من الناحية النفسية..!؟


فالحدث بطبيعته السايكولوجية، يختلف في جوهره، عن غيره من الأحداث الأمنية الأخرى، مثل تفجير المفخخات والسيارات المتفجرة والأحزمة الناسفة، التي يغلب عليها طابع المفاجأة، أو الصدفة، حيث أن مكان العمل لا يختلف في جوهره عن مكان السكن، بإعتباره المكان الوحيد الذي يمنح المرء شعوراً بالإطمئنان والسكينة، وهو المكان الوحيد الذي يمنح صاحبه حالة من اللجوء الآمن عن غيره من الأماكن الأخرى ، كالأماكن العامة والشوارع والساحات العامة والأماكن الأخرى التي يجد المرء نفسه موجوداً في محيطها لأي سبب من الأسباب ..!


ومن هذه الزاوية، يمكن النظر الى حادث قتل الأمرأتين العاملتين في صالون الحلاقة للسيدات في منطقة أبي غريب في 2/6/2011، ثم حرق صالون الحلاقة فيما بعد، وبدم بارد يغادر بعده القتلة مكان الجريمة بأسلحتهم الرشاشة، يمكن النظر اليه لا بإعتباره حدثاً أمنياً عابراً كغيره من الأحداث الأمنية الأخرى التي تطال العراقيين كل يوم حسب، بل هو من الأحداث التي يمكن النظر اليها من زاوية أكثر خطورة وأكثر أهمية على مستقبل حياة الإنسان الإقتصادية والإجتماعية، بما يعنيه ذلك من فقدان الأمن الإجتماعي كلياً، ولا أريد هنا الخوض في دوافع هذا النوع من القتل، فهو يذكرنا بالفواجع التي تعرضت لها فئات محددة من الشعب العراقي، في السنوات 2005_2006، ومنها ما يتعرض له أصحاب محلات الصاغة من الطائفة المندائية بين آونة وأخرى، من تصفيات جسدية، وتدمير ونهب لموجودات تلك المحلات، ناهيك عن مداهمة محلات المشروبات الكحولية من قبل نفس المافيات الإجرامية..!؟


 إن كل ذلك لا يمكن وضعه خارج إطار العجز الأمني ولاأبالية الأجهزة الأمنية الحكومية، في توفير الأمن والحماية لأصحاب هذه المحلات، بل والأنكى من كل ذلك، أن يجري إستهداف أصحاب هذه المهن الحرة، تحت شعائر لا تمت للدين والأخلاق بصلة، بقدر ما تسيء للأعراف الشعبية والعقائد الدينية والتحضر المدني، في نفس الوقت الذي تعتبر فيه تهديداً خطيراً لأمن المواطنين المسالمين في حياتهم وأرزاقهم، بنفس القدر من إنتهاكها للشرائع الإنسانية والقانونية، وخرقاً فضاً لأحكام للدستور، الذي أناط بالحكومة وأعتبره من أولويات واجباتها، تأمين حماية المواطنين في مساكنهم وأماكن أعمالهم؛ فالى أي مدى تمكنت الأجهزة الأمنية للحكومة من توفير الحماية الكافية لأصحاب تلك المهن، مثل الصاغة والحلاقين وباعة المشروبات الكحولية، وهل أن الحكومة جادة حقاً في توفير هذه الحماية، بمواجهة التهديدات المتواصلة التي يتعرض لها أصحابها بين الحين والآخر..؟؟!!


إنه من السابق لأوانه القول؛ بأن السلطات الحكومية الأمنية قد وفرت ما يكفي من وسائل الحماية لأصحاب تلك المهن، حيث إن مجرد تكرار حدوث جرائم القتل والسلب والحرق ضد هذه الفئات من المواطنين من إصحاب المهن الحرة، وعدد غير قليل منهم هم من أبناء الأقليات الدينية، إنما يمثل تحد صارخ للحكومة والسلطة التشريعية والقضائية، من قبل عصابات القتل والجريمة، التي ما أنفكت تواصل إجرامها دون الشعور بأي رادع من الخوف والحيطة..!!؟؟


فالدستور يلزم الحكومة وجميع السلطات الأخرى مسؤولية ضمان توفير الأمن والأمان للمواطنين، وكما ورد فيما تقدم؛ في مساكنهم وأماكن عملهم، وهو إلزام بحكم الواجب، فالحماية هنا ترقى لدرجة الألزام بوضع حماية خاصة من الأجهزة الأمنية لكل محل أو دكان صياغة، أو صالون حلاقة أو محل لبيع المشروبات الحكومية، وتوفير كل ما يشعر أصحاب هذه المحال بالإطمئنان والسكينة طيلة وجودهم في أعمالهم، وهذا في الحقيقة ما يعبر عن الحد الأدنى من المسؤولية الحكومية في توفير ضمان وسلامة المواطنين في أعمالهم، وسكناهم إن تطلب الأمر؛ فهل في هذا يا ترى، ما يثقل على الحكومة وهي ملزمة دستورياً في توفير تلك الحماية للمواطنين..؟؟!!
3/6/2011
________________________________________________________________
(*)http://www.alsumarianews.com/ar/2/22652/news-details-.html