المحرر موضوع: العراق بحاجة الى قادة بعقول متحضرة !  (زيارة 1250 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل ادور ميرزا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 598
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
دقة ساعة العمل فالعراق بحاجة الى قادة بعقول متحضرة !

ادورد ميرزا
استاذ جامعي مستقل

ليس من عادة العراقيين المتحضرين بعد ان تخلصوا من نظام خنق النفس الديمقراطي لسنوات طويلة , ان يكيلوا التهم والسباب ضد أخوتهم السياسيين العراقيين الجدد , بل وحتى ضد اعداءهم الأجانب , الاّ اذا كان هناك ما يشير الى ان هؤلاء السياسيين وغيرهم قد ارتكبوا او يرتكبون أخطاءا جسيمة واضحة المعالم والمشاهد والتي من شأنها تعريض سلامة وأمن شعبهم وبلدهم للخطر الطائفي البغيض !
فالبعض من أعضاء حكومتنا الجدد يصرحون ليل نهار بانهم ضد الدكتاتورية وضد الطائفية وانهم قد جاءوا لإنقاذ الشعب العراقي من ظلميهما , وانهم بمجرد سيطرتهم على الحكم سينقلون البلاد من حالة الفساد التي كانوا يعيشونها الى الديمقراطية والرفاه والإزدهار والى آبد الآبدين .. لكن الواقع هو ان العراقيين يذبحون على الهوية كل يوم وانهم في اتعس ايامهم وان الديمقراطية غائبة تماما عن تصرفات حكومتهم الغير كفوءة !
يقول الدكتور محمود المشهداني وهو رئيس البرلمان العراقي المنتخب ... ان التكتلات الطائفية المتنفذة منذ تشكيل اول حكومة مؤقتة والى حكومة الوحدة الوطنية الجديدة وفي مجلس النواب ايضا هو السبب الرئيسي لفوضى العراق ودمويته , ويقصد بالطبع تكتل الإئتلاف ! , رأيان متناقضان في حكومة واحدة تدعي انها حكومة الوحدة الوطنية لكنها ما زالت بعيدة كل البعد عن مفهوم الوحدة الوطنية , أما رئيس الحكومة المنتخب السيد نوري المالكي في آخر زيارته لأميركا قال ان العراق اليوم يعيش عصر الديمقراطية والحرية بكل معنى الكلمة , وان الخير والأمان والإستقرار ونبذ الطائفية قد عم البلاد , ولا ادري كيف توصل المالكي الى هذا الإستنتاج ! في حين ان العراق يعيش اتعس ايامه واسودها ظلاما وان الديمقراطية التي يقصدها موجودة فقط على الورق !!
فبالرغم من ان ما يروجهُ السادة الحكام الجدد في العراق ومؤيديهم غير صادق ولا حقيقي , فان العراقيون الشرفاء على دراية تامة بمكان الخلل ومن يقف وراء كل هذه الفوضى , بل ليس المهم فيما يقولون , انما المهم هو ما هو حاصل على ارض الواقع .. فشعب العراق يسبح في بحر من دم , فالطائفيون والمجرمون نزلاء السجون يمارسون ابشع الجرائم , قتل وتشريد وسلب وفساد وتشكيل عصابات وميليشيات تعذيب رعب وفرق إرهابية .. الخ .. مضافا لها تردي الوضع الإقتصادي والصحي وتفشي الأمراض وفوضى في كل مؤسسات الدولة , والمسؤولون عن كل ما جرى ويجري للعراق كما يراه العراقيون هم حكومة العراق التي تعمل تحت غطاء شرعي فرضته اميركا لها لتدير شؤون العراق , ان هذا الواقع ساعد المجاميع الإرهابية الشرقية والغربية ان تستخدم ارض العراق معبراً لإشعال الحرب الطائفية في كل المنطقة لتمرير مشروع  تقسيم العراق الى مناطق فدرالية طائفية متصارعة وصولا لتقسيم دول المنطقة ايضا تحت شعار نشر الديمقراطية في ظل مشروع الشرق الأوسط الجديد !!
لكن الجديد الغريب اننا نسمع ومنذ وقت وعلى لسان غالبية المسؤولين العراقيين ان الحكومة الجديدة برئاسة المالكي قد دربت الاف العراقيين للسيطرة على أمن البلاد وانها ستستلم الملف الأمني من القوات الأمريكية وانها قادرة ومؤهلة على بسط الأمن والإستقرار , وهذا ما أكده مؤخرا السيد جلال الطالباني رئيس العراق .. ولكن المثير والكل يعلم بان الوضع الأمني متدهور ومأساوي ومنفلت تتلاعب به ميليشيات الأحزاب المتنفذة الى جانب بعض من اجهزة الدفاع والداخلية ...حيث العمليات الإرهابية والإختطاف والتهجير جارية على قدم وساق  بالرغم من تواجد القوات الأمريكية ومن تحالف معها على ارض العراق !... فتصوروا حال الوضع الأمني بغياب القوات الأمريكية واستلام الحكومة وميليشياتها التابعة لأحزابها مهمات الحفاظ على الأمن ! ان من يريد الخير للعراق وسلامة شعب العراق عليه ان يعلن اننا بحاجة الى رجال جدد بعقلية متحضرة لكي تنتعش الديمقراطية وتنمو الحضارة .
ان الحقيقة التي توصل لها العراقيون بعد سقوط نظام صدام ومنذ تولي بريمر سلطة الحكم وتشكيله اول حكومة محاصصة طائفية مؤقتة هي ان العراق سائر نحو التقسيم الطائفي ودخوله الحرب الأهلية التي ستحرق كل الشرفاء العراقيين ومن مختلف الأديان والمذاهب , وتبين بعد ذلك ان أعضاء كل الحكومات المتعاقبة التي تشكلت خلال ثلاث السنوات الماضية كانوا غير كفوئين لإدارة شؤون العراق , والسبب واضح من خلال الفوضى والطائفية والفساد والقتل الذي حدث بسبب سياسة الأحزاب الطائفية التي ارادت حكم العراق بنفس طائفي طابعه الثأر واجتثاث الآخر وعدم احترام حقوق الأخرين .
على الذين انيطت لهم مهمة حماية شعب العراق والحفاظ على ارثه الحضاري والإنساني أن يعترفوا وأمام الملئ بانهم قد فشلوا في أداءهم , وان ايدلوجيتهم لم تحقق الديمقراطية ولا الرخاء , وان عودة الأوضاع الى مسارها الطبيعي لن يتأتى الا من خلال تخليهم عن نهجهم الطائفي الذي يسعى الى التوسع على حساب سلامة التنوع العراقي , وعدم السماح لتدخل اي دولة في ما يختاره العراقيون الوطنيون , لأن ما يحدث هو من نتاج المتطرفون من الشيعة والسنة وخاصة القادمين من خارج الحدود من الذين يسعون لتقسيم العراق على اساس طائفي , وهم الذين يؤججون الصراع المذهبي لإتمام مؤامرة التقسيم !
هذه هي الحقيقة , وعلى الشرفاء التنبه بان القادمون الجدد لم يحققوا ما وعدوا به الشعب العراقي انما ما تحقق وبسبب سوء ادارتهم قتل وفساد ودمار وخراب ! العراق بحاجة الى رجال مؤمنون بحقوق كل العراقيين مهما كانت انتماءاتهم , بحاجة الى رجال شرطة وجيش وأمن لا انتماء لهم الا الإنتماء للوطن , لأن محنة العراق كبيرة , حيث ضُرب في ثقافته التي يعتز بها منذ الاف السنين , ان العراق بحاجة الى ثورة جديدة تعيد للعراقيين هيبتهم وسعادتهم وما حدث في العراق من اغتيال الأساتذة الجامعيين والعلماء ورجال الدين واختطاف وتهجير وذبح البشر حسب الإسم والعشيرة والطائفة والدين وسلب المال العام والخاص وتدمير اقتصاد الوطن والبنية التحتية وما جرى من نهب لأموال العراقيين اثناء الإنتخابات المزورة وما جرى من قتل على يد الميليشيات الحزبية المتنوعة .. كلها جرائم تكاثرت على ارض العراق حديثا ولم يشهدها العراقيون طوال السنوات الماضية , ولذلك فان صورة العراق المرعبة تزداد سوادا ومأساوية يوما بعد يوم , ومهما حاولنا ومعنا المخلصين من أن نخفف من بشاعة هذا المشهد المأساوي الذي ضرب العراق فاننا لن نستطيع حجب الحقيقة ولا نكرانها ونفي مآسيها , فالحقيقة الماثلة امامنا هي حرب اهلية طائفية طاحنة ودمار وخراب والغاء شامل للثقافة العراقية واحلال ثقافة غريبة تقودها قوى اقليمية مجاورة واشدها خطرا على شعب العراق , بل وعلى شعوب المنطقة هي ايران .
ان الواجب الرئيسي الذي يسعى الخيرين لمساعدة العراقيين على تجاوز هذه المحنة محنة الحرب الطائفية , هو فضح مخاطر التوجه الطائفي وتأثيره على الوحدة الوطنية التي تفاخر بها العراقيون مسلمون ومسيحيون وغيرهم طيلة ألاف السنين , ونقل هذا التوجه الى كافة المحافل الدولية لأن الطائفية ستهدد استقرار شعوب العالم جميعها دون تمييز .
إن الحرب الأهلية الطائفية بين السنة الشيعة والتي طالت بقية الأقليات قد قامت وهي ما زالت مشتعلة ولن يستطيع احد ايقافها او نكرانها , الا بابعاد مروجيها من الفئتين , وان من يقف متسترا على ما يحدث او متفرجا ويُعلن بعدم وجودها ويتبجح ويتكلم ويكتب هنا وهناك ويدعي ان العراق يعيش جوا ديمقراطيا فريدا وان الشعب العراقي آمن على ارضه وعرضه وممتلكاته , فانه يعتبر مساهما في اشعالها واستمرارها . ان العراق بحاجة الى إبعاد كل القادة المتطرفين عن دفة السلطة والحكم سواء كانوا سنة او شيعة او غيرهم , لأن القضاء على الإرهاب واحلال الأمن والإستقرار في العراق والعالم لن يتحقق ما دام هناك طائفيون متطرفون يرفضون الآخر , فالطائفية مرض وكارثة ليس على الإسلام فحسب انما هي كارثة على السنة والشيعة انفسهم , بل وعلى سلامة وأمن الأقليات الغير مسلمة في العراق وفي العالم باسره .
نتمنى ان يعود المسلمين سنة وشيعة وغيرهم من الطوائف والأديان الأخرى كما كانوا عراقيين متحابين متعاونين تحت قيادة حكومة مستقلة حكيمة لا طائفية فيها ولا حزبية عنصرية ويعود العراق مهد الحضارات الى بيئته الدولية المتحضرة  ليمارس دوره في خدمة العلم والسلام , ان الحياة المستقرة والآمنة رغبة كل العراقيين الطيبين وان المحبة والسلام التي نمت واحتمت تحت ظل الخيمة الوطنية العراقية تتعرض اليوم لأبشع دمار وخراب لتغيير معالمها فهلموا ايها المخلصون لإنقاذها قبل ان يكملوا المتخلفون والتكفيريون اعداء الحياة فعلتهم , لأن العائلة العراقية لا تقبل التفريق على اساس ديني او طائفي او مذهبي او عرقي من اجل الإستفزاز , انما تقبله للإفتخار به كتنوع يسوده جو من التعاون والمحبة وكونه تنوع فريد بين الشعوب .
ادور ميرزا