المحرر موضوع: هل استحق السيد اغاجان وسام الفارس من قداسة البابا بيندكتس؟!  (زيارة 4420 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل يوحنا بيداويد

  • اداري منتديات
  • عضو مميز جدا
  • *
  • مشاركة: 2492
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
                       
                            هل استحق السيد اغاجان وسام الفارس من قداسة البابا بيندكتس؟!

بقلم يوحنا بيداويد
مالبورن /استراليا
8/8/2006

المواقف النبيلة لا تاتي الا من شخصيات عظيمة، والشعور الانساني والالتزام الخلقي وان اصبحت اليوم من الامور النادرة في عراقنا المسكين اليوم الا ان  النفوس الطيبة القليلة الباقية لازالت تبعث الخصائل الحميدة. ولا يقدر كل شخص ان يصبح بطلا او فارسا ان لم يكن مؤهلا لذلك، لا بل عادة يحتاج الى اجتياز الامتحان وان كان في اغلب الاحيان ثمن هذا الامتحان باهضا وربما بكلفة حياته. والشخص النبيل قلما يحصد ثمار عمله  في حياته و في اغلب الاحيان لا يهتم بتكريم الاخرين له ولا ينتظر ذلك ، ما يهمه هو النتائج العملية لاعماله الخيرية ومواقفه الانسانية المشرفة لجلب الحلول العملية وازالة الاخطار المحدقة على حياة  الاخرين وبالتالي ادخال الراحة والسعادة  في بيوتهم.
 اننا يجب ان لا ننكر ايضا ان حضارة اليوم وقوانينها واكتشافاتها في كل المجالات لم ينجزها اصحاب السيوف والبنادق والصواريخ والمجرمين الذين يتعطشون الى سكب دماء الاخرين بدون سبب خاصة في عراقنا الجريح، الذين هم بلا شك من ذوي النفوس المريضة ، الذين يقتلون اخيهم الانسان العراقي لانه فقط مختلف عنهم  في شخصيته التي خلقها الله، او لانه ليس جاهلا او مجرما مثلهم ولايريد ان يكن مثلهم يوما ما، وانما ابطال وعظماء مهمشين، مختبئين، بعيدن عن الانظار، يقضون سنين طويلة من حياتهم في البحث والعمل الجاد، وما اكثر هؤلاء الذين حفظ التاريخ اسماءهم في سجل الخلود لاعمالهم الانسانية البحتة . 

لقد فاجئت وكالات الانباء العالمية ووسائل الاعلام العراقية التي كثرت في هذه الايام بلا حسد،  قيام غبطة البطريرك عمانوئيل الثالث دلي  بطريرك الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية على العالم  بتقليد السيد سركيس اغاجان وزير المالية لحكومة اقليم كورستان الحالية ، وسام القديس غريغوريوس الكبير من درجة الفارس الذي منحه قداسة البابا بيندكتس السادس عشر له في الاسبوع الماضي.
 وعلى الرغم من قساوة اقلام بعض الاخوة من شعبنا في اظهار السيد اغاجان بانه يعمل على ازاحة قوى بعض احزابنا السياسية ونفوذها في اقليم كوردستان و اتهامهم له بتكريد المسيحيين بالقومية الكردية وغيرها من الاتهامات، الا ان الكنيسة الكلدانية والفاتيكان نظرت الى الامر بنظرة اخرى.
ففي الزمن الذي صعب على العراقيين التمييز بين الصدق والكذب، الحق والباطل، الصديق والعدو ، في زمن اصبح كل شيء مباح باسم الحرية والديمقراطية الفجة، بعد ظهور القتل العشوائي الجنوني على الهوية الطائفية او الدينية والاعمال الغير الاخلاقية التي جرت ولا تزال تجري في العراق ، قام السيد سركيس اغاجان باعمال خيرية انسانية عظيمة خاصة باتجاه شعبنا (الكلداني الاشوري السرياني) المغلوب على امره  في ظروف قاهرة ، بعد ان تخلى عنهم كل الاصدقاء.

لا نستطيع ذكر كل الاعمال الذي قام بها السيد اغاجان، لكن الكل يعلم انه ساعد بصورة مباشرة وغير مباشرة على ارجاع اهالي كثير من قرانا  الذين ارغموا على تركها في القرن الماضي  ونالوا الدعم المالي في اعادة اعمار بيوتهم وحقولهم وكنائسهم وبناء الملحقات الضرورية الاخرى ودعم مؤسساتهم. خاصة في زمن اصبح شعبنا بمختلف طوائفه وقومياته واقع تحت مطرقة وسندان الارهابين وما اكثرهم في هذه الايام !.
 نعم في زمن ضاقت اركان العالم الواسعة مرة اخرى بشعبنا، لا لجنح مشين قاموا به سوى انهم يختلفون في القومية والدين عن غيرهم كانت حكومة الاقليم باب الفرج لهم. لا يختلف اثنان على ان شعبنا ذاق في القرن الماضي ثلاث هجرات كبيرة . ففي بداية الحرب الكونية الاولى تم قتل الالاف منهم واغتصبت الكثير من الفتيات والنساء و اجبروا في النهاية على اعتناق  الاسلام وسجلات التاريخ  تشهد على الجرائم والمذابح التي ارتكبت بحقهم من قبل جلاودة العثمانيين والمليشيات العاملة معهم، لكن في هذه الايام  حكومة الاقليم احتضنت شعبنا الهارب من الموت الذين شاء قدرهم ان يولدوا مترحلين اصلا بين شمال وجنوب وطن  كانوا هم اول اصحاب له؟!!

لا ننسى  في هذه المناسبة لابد ان نشير الى امرين مهمين في تاريخ الشعبين وعلاقتهما الطيبة احيانا والممزوجة  بالمرارة احيانا اخرى .
   
الامر الاول    لا يمكن ان ننكر مرت ايام عصبية في تاريخ كلا الشعبين في القرون الماضية . فقط مرت اياما صعبة من ناحية العلاقة الاخوية بين الشعب الكردي وشعبنا (الكلداني الاشوري السرياني) او المسيحيين بصورة عامة، خاصة في زمن  بدرخان بك وامير كور والحرب الكونية الاولى حيث قاموا باضطهاد وقتل الالاف من شعبنا على طلب من قادة الدولة العثمانية (الرجل المريض) انتقاما من دول الحلفاء!.
 الا اننا في نفس الوقت لا ننكر هناك مواقف تاريخية لبعض امراء الاكراد ورؤساء العشائر التي لن تنسى وستبقى خالدة في ضمير اجيال شعبنا مثل موقف المرحوم محمد اغا في منطقة البهدينان (منطقة زاخو) الذي امر رؤساء العشائر في منطقة السندي بحماية ابناء شعبنا الهاربين من جنود الاتراك وجلاودتهم على طلب من مثلث الرحمة المطران طيماثاوس مقدسي مطلاان ابرشية زاخو سنة 1915م اثناء حرب عالمية الاولى،  وعلى اثر ذلك نال محمد اغا وساما من حاضرة الفاتيكان وكان ذلك اول عراقي يتشرف بنيل هذا الوسام.
وها هو التاريخ يعيد نفسه فموقف حكومة الاقليم في الوقت الحاضر من هجرة ابناء شعبنا القسرية الى مناطق ابائهم واجدادهم مرة اخرى ودعمهم لهم هو بالحق موقف مشرف كبير ولن يُنسى بدليل منح قداسة البابا بيندكتس السيد سركيس اغاجان  وسام القديس غريغوريوس الكبير من درجة الفارس

الامر المهم الاخر لا يمكن لاحد ان ينكره، هو دور ابائنا واجدادنا في النضال ضمن الحركة الكردية بقيادة القائد التاريخي المرحوم ملا مصطفى البارزاني قائد الحركة الكردية والاقليات الاخرى من اجل نيل الحكم الذاتي لاهل الاقليم ولا يمكن ان ننسى استشهاد بعضهم في ساحات القتال ولازالت جثث البعض منهم مفقودة  وتلقى البعض الاخر نفس المصير الذي لاقاه الشعب الكردي في مذابح الانفال المشؤومة وجريمة الضربة الكيمائية  في الحلبجة  وتشريد اغلبهم وترحيلهم بصورة قسرية من قراهم وبيوتهم الى المدن الكبيرة في عقد السبعينيات والثمانينات من قبل حكومة صدام المجرمة، وبعد الانتفاضة الاخيرة في  حرب الكويت، مات المئات منهم في طريقهم الى الهروب، وان طريق (بلن ) يشهد على ذلك، وكيف يمكن ان ينسى شعبنا (الكلداني الاشوري السرياني) والشعب الكردي والشعب العراقي المجزرة التي قام بها المجرم الجحيشي باهالينا في قرية صوريا في ايلول 1969 الذي مزج دماء الشعب الكردي بالكلداني في اسطبل الحيوانات.

في الختام نقول هذا الوسام الذي ناله السيد سركيس اغاجان من حاضرة الفاتيكان ان كان يدل على شيء فهو يدل على تقدير قداسة البابا بندكست لاعماله الخيرية و للشعب الكردي وقيادته الحكيمة  بشخص كل من السيد مسعود البارزاني رئيس حكومة الاقليم  والسيد جلال طالباني رئيس جهورية العراق .
 نتمنى ان تستمر العلاقة الاخوية بين شعبينا ويستمر التعاون والتفاهم والتاخي بينهما ومع بقية الشعوب مثل العرب واليزيديين والشبك  في هذا الاقليم ، وان يعكس واقع هذا الاقليم  من التقدم والوعي والالتزام بالحقوق المدنية للمواطن دون التمييز على الهوية الدينية او القومية على عموم العراق ( بيث نهرين) بلدنا المجروح،  وان تعود الروح الانسانية  مرة اخرى الى ضمائر كل العراقيين الذين بدأوا يصطادون في مياه عكرة نابعة من مفهوم الطائفية، حينها يصعد نجم المشرق (نجم بيث نهرين) مرة اخرى عاليا متوهجا في كبد السماء وترى الناس نوره ومحاسنه ليعظموا اهل العراق وحضارته العريقة.