المحرر موضوع: ليس دفاعا عن اليعقوبي  (زيارة 1047 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Nazar Haidar

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 74
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
ليس دفاعا عن اليعقوبي
« في: 18:28 12/08/2006 »
ليس دفاعا عن اليعقوبي
نـــــــــــــــــــــــــــزار حيدر
NAZARHAIDAR@HOTMAIL.COM

   . . . وذلك لسبب بسيط وواضح في آن، ألا وهو أن المرجع اليعقوبي ليس متهما لأدافع عنه، فتاريخه ومواقفه وانجازاته وآراءه مشاعة للعيان، لم يخف شيئا منها، فهو واضح وصريح وشجاع، يقول ما يراه مناسبا وصحيحا، للقاصي والداني، سرا وعلنا، قولا وفعلا، وكل ذلك من منطلق الحرص الشديد على العراق وأهله، لم يميز بين عراقي وآخر، لا على أساس الجنس أو القومية أو الدين أو المذهب أو الاتجاه السياسي أو الانتماء الحزبي، بالرغم من أنه يقود، أو يهتدي به وبآرائه، واحد من أكبر وأهم الأحزاب العراقية المشاركة في العملية السياسية الحالية، ألا وهو حزب الفضيلة الاسلامي.
   أما أن تنبري وسيلة اعلامية رزينة وتاريخية، كصحيفة (الاتحاد) الناطقة باسم الاتحاد الوطني الكردستاني العراقي الذي يتزعمه الاستاذ جلال الطالباني رئيس جمهورية العراق، لتكيل له الشتائم والتهم الرخيصة، لمجرد أن المرجع أدلى برأي في قضية، ربما خالف فيه حزب الصحيفة، فهذا ما لا نرضاه جميعا، لأن ذلك ليس هجوما مبتذلا ورخيصا على شخص، وانما هجوما على كل المناضلين الوطنيين العراقيين بمن فيهم الطالباني الذي يقف، بالتأكيد، الى صف المرجع وليس في الجهة الأخرى المناقضة.
   ان اللجوء الى سياسة التسقيط ضد من ينتقد أو يحاور أو يبدي رأيا، هو ارهاب صارخ، يخيف المواطن فلم يعد يفكر بممارسة حقه في النقد والمحاسبة والمساءلة، فاذا كان مواطنا كالمرجع اليعقوبي لا يحق له أن ينتقد أو يبدي رأيا في قضية من القضايا، وهو المحصن بموقعه، فكيف بالمواطن العادي المعرض للسيارات المفخخة والأحزمة الناسفة والعبوات المزروعة، المواطن العاري عن كل حصانة، والمكشوف أمام السلطة ومجموعات العنف والارهاب على حد سواء؟.
   بالعكس، كان على الصحيفة أن تشجع الحوار والنقد، بالمناقشة العلمية الرصينة، لتساهم في تأسيس قيم الحوار والجدال بالتي هي أحسن بين مختلف الفرقاء في العراق الجديد، وليس أن تشارك في ارعاب الناس وارهابهم، للحيلولة دون مشاركتهم في الحياة السياسية من  خلال النقد والمساءلة، وذلك أضعف الايمان. 
   كنا نتمنى أن تنتقد الصحيفة المرجع اليعقوبي، وأي واحد آخر، فليس في العراق الجديد من هو فوق المساءلة، حاكما كان أم محكوما، كما كنا نتمنى أن تحاوره الصحيفة، فالحوار والنقاش والجدال بالتي هي أحسن، سيد الموقف في العراق الجديد، أما أن تلجأ الى السباب والشتيمة، فذلك ليس منطق الأحرار أو الرجال الشرفاء أو المناضلين الأبرار، ولذلك لمست تناقضا في ما مارسته الصحيفة وما نعرفه عنها، وعن حزبها وقياداته، وعلى رأسهم الاستاذ الطالباني، صاحب الخلق الجم مع الجميع، أعداءا وأصدقاء.
   كلنا لنا ملاحظات على أداء كل من تصدى للمسؤولية في العراق منذ سقوط الصنم، بمن فيهم المرجع اليعقوبي، الذي قد أختلف معه في رأي أو أداء أو موقف، أما أن نحول الخلاف في وجهات النظر الى عراك وسباب وشتيمة، فهذا ما نرفضه، ونتمنى أن لا يمارسه أحد، خاصة، من ناضلوا في خندق واحد، ولذلك فأنا أرفض التهجم الشخصي على القيادات والزعامات العراقية بالرغم من اختلافي الكبير مع بعضهم في كل شئ، ربما، فارفض شتم الطالباني كما أرفض شتم اليعقوبي، وأرفض سب البارزاني كما أرفض سب الجعفري، وأرفض شتم الحكيم كما أرفض شتم الصدر أو اي واحد آخر.
   نعم، أنا انتقدهم وبصوت عال، وأنتقد أداءهم ومواقفهم اذا لمستها تتناقض مع المصلحة الوطنية العليا، وأدعو الى نقدهم ومحاسبتهم ومساءلتهم، أما أن أشتمهم أو أسبهم، فليس ذلك من شيم الوطنيين، وهذا ما لا أرضاه لأحد، لأنني، وبكل بساطة، لا أرضى أن يشتمنى أحد، وهو الأمر الذي ابتليت به منذ أن شرعت بالكتابة بعد سقوط الصنم ولحد الآن، ربما لشدة حساسية المواقف، أو بسبب تشنج الساحة وعصبية العراقيين، لا أدري.
   وبصراحة أقول، فان من يلتجئ الى سياسة التسقيط ضد شخص كاليعقوبي، انما يمارس التسقيط ضد نفسه، وهو اعانة على الظلم والعنف والارهاب، لأن المرجعية، وكما أثبتت ذلك بمواقفها التاريخية خلال الأعوام الثلاثة الماضية، تمثل الوسطية والحكمة والاعتدال، ولذلك فان تسقيطها بمثابة تسقيط للوسطية التي يحتاجها العراق اليوم، وللحكمة والاعتدال الذي يحتاجه العراقيون اليوم، ما يعني أن تسقيطها، بمثابة تقوية جبهة العنف والتطرف والارهاب، فهل أرادت الصحيفة، التي بدر منها ذلك، أن تقدم الاعتذار للمجموعات المسلحة التي يفاوضها الطالباني من أجل الالتحاق بالعملية السياسية؟ أم أنها أرادت التعبير عن انقلاب في مفاهيم الديمقراطية التي يسعى العراقيون لتحقيقها، ومنهم حزب الصحيفة؟.
   ولا أخفي هنا استغرابي، كذلك، من اللغة التي وظفها المرجع اليعقوبي في بيانه والمنطق الذي تحدث فيه، والذي أغاض الصحيفة، على ما يبدو، وهي الطريقة التي لا تنسجم عادة مع لغة المرجعية الدينية، خاصة كاليعقوبي المعروف عنه الرزانة والهدوء والحرص الشديد الذي يدفعه للتفكير بكل كلمة قبل أن يطلقها في خطاب أو بيان، الا أن ذلك، لا يبيح أبدا للصحيفة الكلام بهذه الطريقة السيئة جدا ضد المرجعية الدينية.
   لم تكن المرجعية في يوم من الأيام، قابعة في بيتها، بل انها الحاضرة الدائمة أبدا في ساحات المواجهة، وان اختلفت الأساليب والوسائل.
   انها مشروع نضال دائم ضد الظلم، أنى كان نوعه ومصدره وهوية الظالم الذي يمارسه، كما أنها مشروع حرية واستقلال وكرامة، واذا اقتضت الضرورة الدينية والمصلحة الوطنية العليا، فانها مشروع شهادة في سبيل الله والانسان والوطن والقيم النبيلة.
   ان تاريخ المرجعية دليل واضح على ذلك، فهي التي قادت الجهاد والثورة ضد الاحتلال البريطاني للعراق مطلع القرن الماضي، وهي التي أسست بتضحياتها العراق الحديث بعد ثورة العشرين التحررية، وهي التي صانت العراق وشعبه من الويلات المتتالية جراء تسلط الأنظمة الشمولية، وليس المرجع الشهيد السيد محسن الحكيم، وابنه البارشهيد المحراب السيد محمد باقرالحكيم، والمرجعين الشهيدين الصدر الأول والصدر الثاني، والمرجع الشيرازي والمفكر الشيرازي والمئات من المراجع والفقهاء، ببعيدين عن هذه الحقيقة.
   وان المرجع اليعقوبي، رافد في تيار، وجزء من كل، لا يمكن فصله عن هذا التاريخ المضمخ بدم التضحيات، فهو لم يأت من فراغ ولم يولد صدفة، وان أي حديث عن تحالف استراتيجي أو علاقات تاريخية، لا بد وأن يشمله، شاء من شاء وأبى من أبى.
   ان من اللازم بمكان عدم الانجرار للصراعات الجانبية، طبعا من دون أن يعني ذلك أنني ادعو الى المجاملة على حساب الحقوق والحقيقة، أبدا، وانما أعتقد جازما بأن من الخطأ انجرار المناضلين الحقيقيين واصحاب المصير الواحد والهدف المشترك الى مثل هذه المهاترات الاعلامية التي لا تخدم الضحايا بأي شكل من الأشكال، والتي تنم في بعض الأحيان عن مدى هشاشة تحالف الأقوياء الذي تذروه الرياح في أحلك الظروف، في الوقت الذي يجب أن يكون فيه تحالفهم قويا صامدا وصلبا لا تهزه الأعاصير.
   ان القضايا الحساسة لا يمكن أن نناقشها في الاعلام، أو في البيانات والخطب العامة، بل يجب أن نتعامل معها بجدية أكبر واهتمام أكثر من أجل ايجاد الحلول الناجعة التي لا يظلم فيها أحد، شخصا كان أم جماعة.
   استغرب لماذا يخرج المناضل عن طوره بمجرد أن يختلف معه رفيق دربه، وكأنه كان يتصيد له أقواله وأحاديثه، فلا يلتمس له عذرا أو يبحث له عن مبرر، أو بمجرد أن يختلف معه في رأي أو سطر أو حتى كلمة.
   ان ما هالني في مقالة الصحيفة الآنفة الذكر، والذي جاء كمقال رأي، يفترض أنه يعبر عن رأي (الاتحاد) كحزب وكقيادة، هو اللغة الهابطة، التي ذكرتني شخصيا بلغة الاعلام الشمولي الذي كان يستخدمه النظام البائد، كحذفه الف لام التعريف من أسماء المعارضين له، التي استخدمها ضد مرجعية دينية هي من أهم المرجعيات الدينية التي كان لها، ولا يزال، الدور الاستراتيجي والمحوري في انقاذ العراق من أتون الحرب الأهلية، والتقسيم والتفتت والاقتتال، فكيف أجاز المقال لنفسه أن يسخر كل ذلك ضد شخصية كالمرجع اليعقوبي؟.
   لا تجرؤوا الناس على السب والشتم، ولا تعلمونهم كيل السباب مع من يختلف معهم في الرأي، نعم علموهم الحوار وجرؤوهم على النقد والمحاسبة، فان ذلك أصلح للعراق الجديد الذي ينتشر فيه التعصب القومي والديني والمذهبي والحزبي.
   وأنا أقرأ المقال، تساءلت مع نفسي، ترى، هل يعقل أنه يعبر عن رأي زعيم الحزب الذي تتحدث الصحيفة باسمه في هذا المقال على وجه التحديد والذي نشر، كما قلت، كمقال رأي، الاستاذ الطالباني رئيس جمهورية العراق؟ وهو المعروف عنه بسمو اخلاقه في العمل السياسي، حتى مع أعدائه فضلا عن أصدقائه؟.
   لم أصدق أنه يعبر عن رأي مناضلي الاتحاد الذين خبرتهم عن قرب، فعرفتهم بطيب الخلق وحسن المعاشرة.
   أعتقد أنه يعبر عن لحظة انفعال وغضب، صبها صاحب المقال في صحيفة رسمية ما كان عليه وعليها ان يقبلوا بهذا الخطأ، الخطيئة، اليس كذلك ايتها (الاتحاد)؟.
   بانتظار أن يبادر الأستاذ الطالباني الى تصحيح الخطأ، وهو الذي عودنا على أن يجمع المتناقضات من أجل المصلحة الوطنية العليا، فما بالك بالمتشابهات، فالعدو متربص، فلا يجوز التفريط بالتحالفات الاستراتيجية في هذا الوقت العصيب.

11 آب 2006[/b][/size][/font]