المحرر موضوع: ساعتي المتأخرة خمسة دقائق ، والحرب الأهلية العولمية العراقية  (زيارة 1457 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل نذير حبش

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 61
    • مشاهدة الملف الشخصي

    ساعتي المتأخرة خمسة دقائق ، والحرب الأهلية العولمية العراقية

أينما أدرت وجهك، في الحياة المعاصرة ، في الخارج ، في الداخل ، وقع بصرك على جهاز لقياس الوقت. بدءاً من ساعة اليد إلى ساعة الجدار ، تلفزيون ، كومبيوتر ، رسيرفر ، فيديو ، ألعاب ، حتى تصل إلى ساعة المنبه في غرفة النوم.

ألإسبوع الماضي مر يوم عاصف ، مطر ، برق ورعد ، وهذا من المتعارف عليه في هولندا، وعكس ذلك هو الأمر الغريب، كما يعرفها قاطنيها. كانت مؤسسة المساكن قد قررت تجديد سقوفات بيوتاتنا ، عمود السقالة المعدني كحال جنس السقالة ، ينهض أمام شباكي المطل على الشارع ، في منتصفه من الخارج على بعد ثلاثين سنتمترا ، حينها كانت تصب المطر بشكل هولندي، وبرق العاصفة المخيف ، ورعد . جالس في الداخل على بعد متر أمام كومبيوتري ، سمعت إنفجاراً حقيقياً لما يشبه قنبلة بجانبي ، وبتلقائية الطبيعة الإنسانية ، لم أر سوى حزمة من الضوء ، بل كتلة ، بلون الثلج الأبيض ، وأكثر بياضاً ، يغمر بصري والمكان والشارع ، فقدت السمع والبصر لثواني عديدة.

أدركت بعد صحوتي إنني رأيت بأم العين البرق كيف ضرب عمود السقالة ، وانتبهت أن كومبيوتري قد توقف عن العمل، وكل التيار في بيتي. أعدت التيار من (الحامي) الرئيسي. عدت إلى ما كنت منشغلاً به ، وقضيت نهاري بشكل طبيعي، حتى كان وقت النوم، قصدت الطابق الثاني ، فوجدت ساعة المنبه ما زالت ترمش في غرفة النوم ، تحتاج إلى من يعيد تنظيمها، فنظمتها معتمداً على ذاكرتي من لحظة إطفاء الأنوار ، ومن الطابق الأرضي حتى الثاني ، وغسل الأسنان ، قد ضاع من الوقت ما يقارب خمسة دقائق ، ولم أضعها في الحسبان.

في النهار التالي دخلت غرفة نومي لآخذ حاجة، وأدركت بأن ساعة المنبه تتأخر خمسة دقائق ، بعد أن وازنتها بساعة يدي ، تركتها على حالها ولم أعد تنظيمها. وكل يوم أغادر فراشي في السابعة ، وعند السادسة وخمسة وخمسين دقيقة أعرف أن الوقت قد آن ، وأعلن السابعة ، ولكنني ما زلت على هذا الحال أغادر فراشي في السابعة ، وأنا مدرك تماماً أن الوقت قد قد إجتاز السابعة بدقائق خمس !

كل يوم لو جمعتَ من وسائل الإعلام العراقية والأجنبية عدد القتلى ، تستطيع أن تؤكد أن ما معدله مئة قتيل يُقتل في العراق، وبطرق (ربما) هي أبشع من طرق صدام نفسه  ـ هذا لا يعني بأننا نفضل غباء صدام ، كي لا يصطاد أحدهم في الماء العكر ـ هذا المعلن رسمياً ، أما ما خفي ـ الذي تراه البصيرة لا البصر ـ فكان أعظم !!

ألحرب الأهلية ، أو الطائفية ، أو العرقية ، أو المذهبية ، أو الإقتصادية ، أو تصفية حسابات على المستوى الشخصي لا غير ، أو عنصرية دينية ، أو المافيوية من أجل كسب الزبائن وساحات لبيع سمومهم المخدرة ، أو القتل من أجل لقمة ذلك اليوم ، أو القتل العبثي دون هدف عند البعض، بعد أن واتتهم فرصة لتحقيق ساديتهم ، مرتدياً ثوب هذا المذهب أو ذاك ، وربما يكون قادماً من ما وراء البحار ، أو كل هذه جميعها ، أصبح واقع يومي معاش في العراق ، أو ليست حرب أهلية في العراق حقيقة واقعة !؟!

ربما يكون لهم بعض الحق ، فهي حرب أهلية عولمية عراقية ـ وربما هكذا سوف تبقى حروب المستقبل ، الكل له ناقة وجملين فيها ـ  ولا أحد يعلن حتى الآن ذلك ، لأن الكل قد ضبط ساعته بأقل خمسة دقائق عن التوقيت السليم ، كحال ساعة منبه غرفة نومي !!

من هو صاحب قرار الإعلان عنها ، ومن هو المستفيد الآن من عدم إعلانها ، هل الولايات المتحدة تنتظر حتى تهييء أرض الواقع ، وهذا ما يفسر عمليات التهجير ، على خلفية العرق والمذهب والطائفة ، وتنقية الأعراق كلٌ في مكانه المخطط له ، ألشيعي في مقاطعة ، والسني في  مقاطعة ، والكردي في مقاطة ، والبقية الباقية  ، فائض القسمة تذهب إلى الجحيم ، فيسهل على أمريكا بعدها ضرب الجهة المعترضة على تقسيم عراقنا ـ وهذه الجهة معروفة ـ ضربها بقوة ودون رحمة ، وبعدها تعلن الولايات المتحدة (ضرورة !!) تقسيم عراقنا ، وتحقيق ما تسعى إليه ، وتكون (دجلة الخير)  جدار بغداد ، على غرار جدار برلين ، كما أشرت في مقالي الذي لم يجد مكاناً في الصفة الرئيسية بعنوان (جدار بغداد) ؟

نذير حبش
12 - 08 - 2006 آرنهم