المحرر موضوع: من مذكرات الزعيم الخالد عبد الكريم قاسم  (زيارة 4312 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل sabri oghanna

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 544
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
يقول الدكتور خالد القصاب الجراح المعروف -ان الزعيم قد طلب حضور اللجنة الطبية التى اشرفت على علاجه - ويقول وصلت الساعة الخامسة والنصف واجتمعت مع زملائى اعضاء اللجنة فى غرفة- المرافقين جاسم العزاوى -وقاسم الجنابى- وحافظ علوان نشاهد التلفزيون فى انتظار زيارة مريضنا - وفى الساعة الثامنة ادخلنا الى صالة كبيرة تتوسطها منضدة مستطيلة حيث يجتمع مجلس الوزراء وفى ركن الغرفة عرض قميص - - الزعيم - الملطخ بالدم - - كان عبد الكريم لطيفا فى تصرفاته وبما عرف عن طبائعه البغدادية -بتقديم الشاى - الثقيل المركز المشبع بالسكر - والشلغم- الذى يأتى به من -منطقة الميدان.. فانطلق كالجرس رنين الملاعق الصغيرة- تخلط السكر بالشاى لتنتهى بشفطات الشاى المسموعة - بعد ان قمنا بالفحص الطبى - انطلق الزعيم بالحديث عن منجزات الثورة- وعن قائم مقام الكويت - اشارة الى قرار - عبد الكريم قاسم باعلان-- الكويت جزءا من العراق-- وتعين أميرها قائم مقام فيها.
وفى تمام الساعة التاسعة قال لى - هل تريد ان تعرف مانفعله للمنظمات الاجتماعية؟ تعال لاْريك - ترك قاعة المجلس وسرنا خلفه والتقينا فى طريقنا الوزيرين طلعت الشيبانى وابراهيم كبة يحملان حقيبتهما الوزارية ونزل الزعيم سلم وزارة الدفاع الفخم وذهبنا فى سيارة جيب عسكرية واستقل عبد الكريم سيارة عسكرية- واخذنا الى سدة ناظم باشا فى الباب الشرقى ,ووجه اضوية السيارات الى--- الاكواخ الطينية المبنية على حافة المسين - المياه الاسنة -- ومجارى المياه الوسخة- وكانت السماء تمطر انذاك نزل الزعيم من سيارته وقال -- دكتور شعبك يعيش هكذا --
ثم اخذنا بعدها بجولة طويلة فى شمال بغداد فى المنطقة التى سميت بعدئذ حسب قول القصاب ص140 مدينة الثورة -- كانت المنطقة المحصورة بين مدينة بغداد وقناة الجيش التى تربط شمال دجلة بجنوبه وكانت خالية من البناء --واخذ الزعيم كما يقول القصاب يشرح لنا -مخطط المدينة الجديدة على هذه الارض - هنا ستكون ساحة, وهنا ملعب, وهنا شارع - كان الزعيم--- يعرف حراس المنطقة- واحدا واحدا -.سأل أحدهم -- هل وصل السيف الذى ارسلته لك ؟ وتجمع حوله فى -- ظلام الليل الفقراء من النساء والرجال -- يسألهم عن مشاكلهم ويقدمون له العرائض , حتى انتهى من الجولة وقرر الرجوع -
التفت الينا وقال - لماذا تتركونى وحدى فى سيارتى ؟ اريد احدكم معى- ووقع اختيار زملائى كما يقول الجراح القصاب ص141 على - الدكتور خالد -صعد مع الزعيم فى سيارته - ويقول لاحظت انه كان حذرا جدا بعد المحاولة السابقة لاغتياله وكان يجلس على حافة المقعد الخلفى ويراقب الارصفة يمينا وشمالا- ويأمر السائق بالانعطاف فى سيره من شارع الى شارع اخر- ويقول الكاتب الجراح انه اراد كسر الصمت والتوتر- وتحدثت - عن جواد سليم ومانكن له من احترام- سمعنى الزعيم -ولكنه لم يعلق بشىء, وبقى صامتا. شعرت انه منزعجا من جواد سليم ربما ماشاع انذاك من انه - الزعيم طلب منه ان ينحت وجهه - الزعيم - ويضعه فى نصب الحرية لكن جواد سليم رفض ذلك - ورجعنا الى وزارة الدفاع - والساعة تشير الى الثانية صباحا- تسع ساعات منذ بداية جولتنا

عبد الكريم قاسم والفن

كان عبد الكريم قاسم لم يزل راقدا فى المستشفى عندما استلم من جواد سليم وهو فى فلورنسا - التخطيطات الاولى لنصب الحرية - ورأيته يفتح الورقة الطويلة امامنا- حدق بها وقال ان الثورة تثق بالفنان العراقى ليصمم النصب لها - وفى وقت أخر شرح لنا-- شعار الجمهورية العراقسة - ص138 الذى صممه جواد سليم ايضا - كان قلب الشعار مستلا من تكوين فى-- مسلة نرام سين - وهى مستمدة من تاريخ العراق القديم -نرام سين ملك بلاد اشور- ومنطقة الفرات الاوسط والخابور - منهل -- طه باقر تاريخ العراق القديم ص417 --- ويحتوى الشعار على شمس صفراء فى المركز تحيط بها سيوف اسلامية وداخلها نجمة مثمنة- وقال هذا اللون لون النجمة المثمنة هو لون بنى محروق ليس احمر والقول للزعيم قاسم - وهذا يعنى ان لنا لوننا الخاص من الاشتراكية يختلف تماما عن اشتراكية الاتحاد السوفيتى -ص139 شعرت والقول للدكتور القصاب وانا اسمع عبد الكريم قاسم يتحدث عن نصب الحرية ويشرح لنا الوان الشعار العراقى - انه فخور بعمل جواد سليم - ويقول الدكتور بعد مرور اسبوعيين وفى شهر كانون الثانى عام 1961 اصيب جواد سليم -بنوبة قلبية ثانية وكان اصيب بنوبات متعددة فى ثناء دراسته فى انكترا وفى يطاليا - عندما كان مرهقا بعمل نصب الحرية --لثورة 14 تموز 1959- ادخل جواد بسرعة الى الردهة الثامنة فى المستشفى الجمهورى ولازمته هنالك - مع الدكتور سالم الدملوجى استاذ الامراض الباطنية - زوجته لورنا -طيلة الوقت حتى توقف كل شى -مات جواد سليم -ولم يتجاوز عمره اثنين واربعين عاما- فى يوم 23 كانون الثانى عام 1961-
لقد ذكر لنا - الدكتور الجراح الماهر خالد القصاب- فى مذكراته - بصورة شيقة معلومات مهمة عن الزعيم الخالد عبد الكريم قاسم -- مبديا اراءه الصريحة والواضحة -عن الزعيم فى فترة حرجة من تاريخ البلاد - وستبقى هذه الكريات خالدة فى تاريخ العراق الحديث