المحرر موضوع: في ذكرى الاربعين  (زيارة 977 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل خالد شعيا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 95
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
في ذكرى الاربعين
« في: 02:14 12/08/2011 »
                                  في ذكرى الاربعين
يبدو للوهلة الاولى عند قراءة عنوان ها المقال انه حدث شخصي او عائلي وهو كذلك بالفعل ولكنني ارتأيت من خلال هذا المقال ان احاول ايجاد رابط بين العديد من الاعزاء والاصدقاء الذين فقدناهم في العراق وبين احداث العراق التي اثرت بشكل مباشر او غير مباشر على فقدان هؤلاء الاعزاء مع ايماننا المطلق بان الاعمار بيد الله سبحانه وتعالى رغم تعدد الاسباب.
فبالرجوع قليلا الى الوراء وتحديدا عند مطلع ثمانينات القرن الماضي خاض العراق حربا ضروس مع الجارة ايران استمرت لثمان سنوات قدم الشعب خلالها من تضحيات واحزان ما لا يمكن وصفه وعند انتهاء الحرب كان العراق متاخرا عن اقرانه من الدول سنوات عديدة وكانت الفجوة قد توسعت بينه وبين البشرية جمعاء فخرج من هذه الحرب منهكا متاخرا في جميع المجالات وخصوصا مجال الصحة, مدار حديثنا هذا وبدلا من ان تحاول القيادة من اللحاق بعجلة الزمن وتعويض ما فاتها بسبب الحرب ( التي لا احد يعرف الى الان اسباب بدايتها ليمكننا من التعرف على اسباب نهايتها ) ذهبت مرة اخرى في مغامرة جديدة اشد واقوى من مغامرتها الاولى وهي الدخول في الكويت وما ترتب على ذلك الدخول من احداث وخراب لازال العراقيين يعانون منه وسيبقون يعانون الى اجيال اخرى وكانت احدى اهم واخطر القرارات التي اتخذت بحق العراق نتيجة لدخوله هذا هو الحصار الذي فرض على الشعب فقط نعم على الشعب لان الحكومة واقطابها كانت بعيدة كل البعد عن ذلك الحصار ورغم مناشدة المؤسسات والجمعيات الانسانية بضرورة رفع الحصار الا ان الدول العظمى ابت ذلك , فماذا خلف لنا ذلك الحصار وماذا كانت تاثيراته على الشعب فقط؟  ان الجواب وبالتاكيد قد خلف العديد من الامراض التي استحال شفائها بالاضافة الى ما خلفة من اثار مدمرة اخرى اذ اردنا الخوض فيها فاننا سنحتاج الى ايام وايام, فكثرت الامراض كما قلنا واصبح علاجها صعب والحصول على دوائها للتخفيف فقط لا العلاج اصعب  وبدأت كل مقومات العيش في بلد العراق تنهار بشكل كبير فقرر الكثير من ابنائه الهجرة والهروب لانقاذ ما يمكن انقاذه ان لم يكن من اجلهم فعلى الاقل من اجل اطفالهم ومن بقي منهم بدء يصارع كل شيء من اجل البقاء وبدأت حالة معظمهم الصحية تتدهور وبدأنا نقرأ ونسمع كل يوم اخبارا عن تلوث وخطورة بيئة العراق لما تحتويه من اشعاعات ومواد ملوثة اخرى وكأن العراقيين قد اصبحوا بين المطرقة والسندان , فاستنشاق هواء العراق فيه من الخطورة على الصحة لما يحتويه من اشعاعات وتلوث بفضل الحروب, وتناول اطعمة العراق فيها من الخطورة ما هو اشد واخطر لما تحتويه من مخالفات وعدم تطابق مع ابسط الشروط والمعايير الصحية وامام هذه الحالة المزرية ظهرت العديد من الحالات المرضية لم تكن مألوفة على الشعب العراقي وخصوصا في الاعمار الصغيرة واليافعة وبدئنا نسمع عن حالات ارتفاع ضغط الدم وامراض اخرى كثيرة بين فئات الشباب والصغار نسبيا والتي لم تكن تصيب الا كبار السن والطاعنين فيه انتشرت بكثرة ومع ازدياد حالة العراق سوءا ازدادت مشاكل هذه الامراض وتأثيراتها وتحولت الى امراض في القلب وبعض الاعضاء الاخرى التي يصعب علاجها وبالكاد يستطيع تخفيف الامها فقط عبر بعض المسكنات ان سمحت حالته المالية بذلك اما ممن لم يكن لديهم المال المطلوب وهم كثر فانهم يستسلمون لمرضهم بانتظار اجلهم المحتوم. هذا ما اصاب العراقيين في تلك الفترة العصيبة من حياتهم والتي استمرت لاكثر من 12 سنة وما خفي كان اعظم .
مع اطلالة عام 2003 ودخول القوات الامريكية وغيرها من القوات الى العراق والتغيير الكبير الذي صاحب ذلك الانقلاب وظهور ما يسمى بالارهاب تلك الافة التي انتشرت في العراق لتحصد ارواح البشر وتفتك بكل ما هو انساني ووطني ومع انشغال القائمين على السلطة بالعراق بمشاكلهم ومحاصصاتهم بقي الوضع الصحي للعراقيين على حاله لابل ازداد سوءا مع هروب اغلب الاطباء الاخصائيين وذو الكفاءة والقدرة في مجال عملهم قبل ان تطالهم يد الارهاب (علما بان الارهاب قد طال العديد منهم وخصوصا من كان ذو خبرة وكفاءة ) ولم يبقى في الساحة الصحية سوى القليل منهم من الاطباء المقيمين وحديثي التخرج فتراجع الوضع الصحي اكثر واكثر وازدادت كلفة العلاج وخصوصا للذين يحتاجون الى استمرارية العلاج والمراقبة الطبية الدائمة مما ارهق المواطن وجعله لايقوى في اغلب الاحيان على مواصلة علاجه اما بسبب ارتفاع اجوره او بسبب فقدان الامن والامان وهنا بدأنا نفقد قريبا هذا وعزيزا هناك بسبب قلة العلاج او عدم الاستمرار فيه او غيرها من الاسباب التي تدخل جميعها في هذا المجال الذي نحن بصدده,
وبدت الساحة الطبية للعراقيين خالية تماما من اية مقاومة تذكر لهذه الامراض والمضاعفات وكأنها حرب اخرى لا تقل ضراوة عن الحروب العسكرية وهي بالفعل كذلك تحصد ارواح العشرات منهم لا لشيء الا لانهم فظلوا البقاء هنلك ( في العراق ) ولم تكلف الحكومة نفسها ولو بأبسط المعايير لتخفف من وطأة وكاهل المواطن واستمرت بمشاكلها (واختلاساتها التي نسمعها للاسف كل يوم) واستمر الشعب بمعاناته التي مازالت مستمرة الى الان دون اي حل يلوح بالافق... منهم من ينتظر أجله بعد ان دب الياس في قلبه ومنهم من يتشبث بالحياة محاولا التمسك ببصيص من الامل لعل الايام القادمة تجد حلا لعلته او مرضه وبين هذا وذاك وتلاطم الاحداث هناك  فقدنا العديد من الاحباب وهجرنا الكثير من الانساب بقي ايماننا مطلقا بأن الاعمار بيده سبحانه وتعالى وليس سواه ........وليس لنا الا ان نصلي ونطلب الى الله ان ينعم عليهم جميعا بالرحمة وان يعوض العراقيين وينقذهم من هذه السنوات العجاف ....
                             انها ذكرى الاربعبن على عزيزا فقدناه منذ حين   








                                            خالد شعيا
                                     ساسكاتون - كندا