الاخ العزيز ناصر عجمايا
تحية
ان الحقيقة التي تعتقد إنني اتهرب من الاعتراف بها خوفا او لاسباب خاصة ، سأعترف بها الان بملء الفم وامام الجميع. انا ارى مهمة الاديان كانت ولا زالت مهمة مقدسة وضرورية اكثر من اي شيء اخر وربما اكثر من الخبز !. لسبب مهم جدا جدا وهو انها مصدر الاخلاق.
الاخلاق كانت مصدر بل العامل الاهم في مسيرة و سيرورة تحول الانسان من كائن وحشي يعيش في الغابات والكهوف واداوته من احجار واخشاب الى انسان متعلم ويعرف القانون يسكن ناطحات السحاب ويسوق الطائرات ويصل الى القمر والكواكب ويبحث ف تفسير سر وجود هذا العالم .
الاخلاق (اي الاديان) هي التي جعلت العائلة ان تأتي الى الوجود، وجعلت من العائلة الواحدة تتحول الى قبيلة بعد اتحادهم وتقديسهم رابطة الدم ومن ثم الى قومية او شعب ثم الى شعوب وامم التي جاوز عددهم سبع مليارات اليوم. اي الانسانية هي خليقة الاخلاق او الاديان
بدون وجود شرائع او قوانين (التي هي نتيجة لتعاليم او مفاهيم دينية) او قيم او معتقدات لم يكن يستطيع الانسان معرفة الخير والشر ، الصالح من الطالح. وكانت احدى اهم الديانات التي ظهرت قبل او مع ظهور الديانات السماوية هي ديانة معرفة الخير والشر ( الزرداشتية).
الاديان وجدت في قلب الانسان منذ اكتشافه عبادته النار ، منذ وقف متعجبا امام ظواهر الطبيعة او عاجزا في فهمها، ظهرت على شكل اساطير في البداية لكن تجددت من مرحلة الاساطير الى مرحلة الاديان وفلسفات فكرية وروحية وسماوية.
ما كنت اعنيه في نقدي للاديان من خلال المقال اعلاه هو خمولها بل ابتعاد رجالها من التزامهم بالهدف الاصلي الذي جاءت الاديان من اجله ( اي المسبب لظهور اي دين) ، وتوقفها العطاء والتطور وايجاد السبل التي تساعد الانسان في واقعه الجديد الذي هو العيش والتأثر بسبع مليارات نسمة من خلال دقائق بعد ان تحول العالم الى قرية صغيرة .
بل بكلمة اخرى، اظن إن الانسان مهدد ان لم نقل مجبر بسبب هذا الواقع الى التخلي لقيمه واخلاقه وتعاليم دينه او عاداته وتراثه وحتى لغته وطنيته او قوميته ودينه او اية قوالب كانت موجودة قبل قرن او اكثر.
فإذن ما كنا نقصده هو الدعوة لايجاد بنود وتعاليم جديدة مستنبطة من الواقع والتي يجب ان تكون موافقة من قبل الاديان الموضوعية (1)، هذا التجدد ضروري ان يحصل لا فقط في تعاليم الدينية وانما ايضا في الفكر الفلسفي والعلمي بحيث تجعل من الاخلاق وقيمة حياة الانسان هي نقطة التلاقي والانطلاق لهم جميعا.
فإذن هنا هو جوهر الموضوع الذي نقصده اي يجب ان يكون عمل الحقول الثلاثة الفلسفة والدين والعلم هو لخدمة الانسان تماما وان يؤمن بها كل انسان اينما كان.
عند تلك المرحلة تكون بداية بناء مدينة الله (عند القديس اوغسطينوس
) او المدينة الفاضلة (حسب الفيلسوف الفارابي).
...........................
1 – اود اذكر هنا قبل ايام دعة البابا بندوكتوس السادس عشر خمسة فلاسفة ملحدين للاجتماع مع ممثلي الاديان على الرابد التالي : -
http://www.hozi.org/index.php/home/3432-2011-10-04-17-14-04.html عنوان الخبر : "
البابا يدعو ممثلي الأديان و خمسة مفكرين ملحدين الى لقاء السلام ونبذ التعصب بأسم الله "