المحرر موضوع: من الذي قال لا ؟  (زيارة 1056 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل BASIM DKHUKA

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 397
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
من الذي قال لا ؟
« في: 07:00 19/10/2011 »
                                                                      من الذي قال لا ؟

باسم دخوكا

منذ الصغر تعودنا أن نقول نعم , فقد كبرنا بمجتمعات لا وجود لكلمة ( لا ) , الوالدين غرسا بنا كلمة ( نعم ) و ليس غير (النعم ) . البدء كان بهما و بكل ما يقولان و يأمروننا به , وبعدهما  يأتي المعلم في المدرسة , و الجار الذي يكبرك بألف عام  , و للشرطي , ألف نعم ونعم , و لرجل الدين , ُتقبل يده  و تدني برأسك , و ليس هنالك سوى نعم , و لعمامك و خوالك و ... إلخ .
فأصبحنا الشعوب التي لا تنطق إلا بنعم , و من ضمن الذين نطقنا لهم بنعم  ..
الأب الظالم , والمعلم الجاهل , و رجل الدين الكاذب . و السلطة التي تصفعنا بسبب ومن دون سبب , نقول :- نعم , نعم , نعم .
نحن أناس , معظمنا لم يعرف كلمة ( لا ) .
و إذا عرفها البعض منا فكانوا من المارقين .
و إذا نطقنا ب " لا " !؟   فهلم جرا .. بسيل من التهم و الشتائم و التي لا تنتهي إلا بكونك تتنكر وتتحدى من هم أكبر وأقوى منك , و تكفر بالقيم , وغيرها من   ( المصطلحات ) التي جعلت منا , خراف يجب أن يطيعوا الأوامر , و خرسان لا ينطقوا إلا بأوامر , و عميان  لا يبصرون .

أصبحنا نخاف و نخشى كل شيء ...
فالحب نعيشه بالخفاء ..
و الجسد لا نعرف عنه شيء , و إذا عرفنا عما هو غير مسموح به , يعتبرونه ( فساد ) .
و الحرية ( مكروهة ) , فهي تفسد الإنسان !
و تحول الإنسان الى .... .
الكتاب قل تداوله , و الثقافة أصبحت بلاء ..
و إذا فكرت , تحدثت , دافعت عن المظلوم أو إنتقدت الظالم , إنها السياسة , و ما أقبحها , هذا ما يقولونه عنك الذين لا يبالون , أو الذين يبالون فقط بما هو (غباء ) .
و ما قيمة الإنسان عندما يصبح ك (النعام ) ويظن بإخفاء رأسه بالرمل يحمي نفسه من الإعتداء .

و بالطبع ليست كل  لا , لاء .
لا , للأنظمة الفاسدة التي تقبع على صدور شعوبها .
لا , للأحزاب التي تناضل لأجل قادتها  , لا لشعوبها .
لا , للذين يفكرون , يتحدثون , و يفعلون عوضا ًعنا , و كأننا بلا عقول .
لا , فلأول مرة أشهد لكلمة لا .
 ولأول مرة أشاهد ( لا ) عن قرب و أتحسس بوجودها و أشم عطرها و أعيش معانيها .
إنها ليست البداية , لكلمة " لا " في واقع يغتال كل من :- ينطقها ويؤمن بها و يدافع عنها .
لكن " لا " كلمة كانت أثمن من الحياة , فمن يستطيع أن يرغمنا بأن لا نصرخ و بأعلى صوتنا لا .. لا ؟  
في تاريخنا الحديث كل الذين نطقوا بكلمة لا أعتقلوا أو أعدموا أو شردوا .
و كل الذين حملوا " لا " على أكتافهم و إن رحلوا عنا , فلا زلنا نمجد ذكراهم , و ننحني إجلالا ً كلما يمر بنا ذكراهم , و لا يزالوا يعيشون بيننا و كأنهم أحياء , بل و نحسدهم على عظمة الوجود الذي يتواجدونه فينا و بيننا .
من الذي قال لا ؟
ليس كل واحد منا يستطيع أن يقول لا .
فالكثيرون  ينطقون بنعم ولعشرات المرات في اليوم الواحد , من أجل المستبدين و لإرضاء السلطة .
فلن يكونوا في مواقع و لا مراكز و لا مناصب إن لم ينطقوا بنعم .
لا , لم تكن يوما  ُملكا ً للأغنياء و لا للذين يحلمون بالمال أو الجاه .
فلم أرى أحدا ً دافع عن المظلومين أو ناضل ضد الأنظمة الفاسدة و صرخ بوجههم ( لا ) إغتنى أو أصبح له جاه أو مال , فكل الذين ينطقون بها كنزهم الوحيد هو إنهم أحرار .