المحرر موضوع: أين النزاهة في هيئة النزاهة العراقية ؟  (زيارة 1869 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Al Sakban

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 10
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
أين النزاهة في هيئة النزاهة العراقية ؟

أحمد عبدالعال الصكبان *

 

بداية  تعرف معظم النظم السياسية وجود أكثر من جهة رقابية على أداء الحكومات و المنظمات القائمة بإدارة  الدولة  المعاصرة، فالصحافة في أحد تعريفاتها مثلاً هي مراقب دائم للسلطة و لأداء الحكومة، و في البرلمان البريطاني  يشبه نائب الحزب المعارض ( و هناك كلمة معارض ليست مسبة بل تعني الحزب غير الفائز بنسبة تسمح له بتشكيل الحكومة)  بسوط دائم ينتظر للحكومة أخطاءها  يناقشها  بموضوعية و يفندها، و يقوم النظام السياسي في الولايات المتحدة على أن تكون الرقابة متبادلة بين السلطات الثلاثة، و في يد كل سلطة قدرات و صلاحيات لمراجعة قرارات السلطة الأخرى، و كلما جنحت أحدها للخطأ أو للاستئثار بالأمر فإن امتيازات السلطات الأخرى تردعها أو تكبحها،و يطلق على هذه الحالة الكوابح و التوازنات ، و تختلف الامتيازات و السلطات الممنوحة لجهات الرقابة من بلد لآخر، لكن كلما زاد احتمال التسلط في بلد ما كأن يكون خارجا لتوه من حكم تسلطي أعطيت للجهات الرقابية دورا أكبر طالما أن هناك نية صادقة لدى الحكام الجدد بعدم تكرار أخطاء الماضي و خلق طغاة جدد، و قد نكون نحن بالعراق من أكثر الدول بالعالم الثالث حاجة لتعدد جهات الرقابة فالتنمية الآن تجري بالعراق بالمليارات و الفساد أيضا و السرقات تقترب أرقامها من ذلك، و لا داعي أن نذكر بأن السرقة في مجال التنمية من أشنع الجرائم لأنها تعني سرقة في الحاضر و اقتصاص من نصيب الأجيال القادمة و حقهم في موارد هذا الوطن .

مناسبة هذا الكلام هو أداء منظمة رقابية عراقية هي هيئة النزاهة و التي أنشأت حسب قانون الدولة الانتقالي ، دون أن يكلف أحد نفسه بأن يوضح لنا  هل هذا الجهاز تابع للحكومة أم يعلو عنها إداريا، و هل هو سلطة قضائية أم تقريرية تصف الأخطاء ،و هل سلطاته ملزمة أم  استشارية، بمعنى أن عليه تقديم التوصيات بإحالة أحد لمحاكمة أم مجرد تقديم التقارير و تبقى الكلمة النهائية للسلطات التنفيذية ، و ما هي بالضبط الضوابط المحددة  لعمل الهيئة ، و كيف يمكن حل تعارض بعض اختصاصاتها مع ديوان الرقابه الماليه ، و هل هذه تلغي تلك ؟ أم أنها جميعاً  هيئات و كيانات إدارية جديدة لتعيين موظفين أكثر و تحميل ميزانية الدولة بالأعباء المالية لتكتسب الحكومة مظهر من يقوم بحل مشكلة البطالة، و إن اقتصر التعيين في بعض المناصب العليا على المرشحين من قبل الأحزاب الحاكمة .

ثم ماذا عن الاختيار العشوائي للقضايا المنظورة أمام الهيئة ؟ وكيف سكتوا منذ تأسيسهم على جرائم تمت في عهد قريب جدا، و هو عهد بريمر و بعض مستشاريه و بعض الوزراء في الحكومة المؤقتة من آب 2003 و حتى حزيران 2004 .

ثم ماذا الآلية التي تم بها ابتداء تأسيس هيئة النزاهة ، على أي أساس اختير أعضاؤها و منتسبوها ؟ هل بإعلان عن وظائف شاغرة ؟ أم بتزكيات أحزاب سياسية  ؟ثم ما هي أجندة قضاياها الأولى بالنقاش و المتابعة ؟ بمعنى ما هي معايير اختيار قضاياهم ؟

لماذا مثلاً لم تحقق الهيئة الموقرة في عقد الطيران الإذعاني المذل الذي وقع في عهد بريمر و حمل  توقيع الأخ وزير النقل ومدير الطيران المدني و أعطى كل الحقوق للطرف الآخر و حمل العراق مسئوليات و مصروفات و مخاطر تمتد لعقدين من الزمان ..

ماذا عن مخالفات عقد شركة الهاتف المحمول "عراقنا" السيئ الصيت ، ثم لماذا لم تناقش الهيئة لاحقاً ما يعلمه كل عراقي عن الرشاوي التي يشاع ان بعض السياسين حصلوا عليها من شركه سراقنا ؟ هل لأن هذه الصفقة - منذ بداية رسو العطاء على  شركة أوراسكوم المصرية -  كان بها فساد يطال أسماء في أحزاب ممثلة بالحكومة العراقي الحالية فتوجب الصمت على الاستنزاف اليومي للمواطن العراقي ؟؟ هل معقول أن تحصن هيئة النزاهة أعضاء الأحزاب الحاكمة من النقد باعتبارهم معصومين من الخطأ ؟ و ربما انتظرت لخروجهم من السلطة لتقوم بذلك .. الله أعلم .

 

ثم تعالوا إلى الفساد في وزارة المالية الأولى الذي أدى لحبس مدير مكتب الوزير الكيلاني آنذاك.. لكن أحدا لم يذكر الرأس الكبيرة في هذه العملية .. ترى ألم يكن واجبا استدعاء الوزير او المسؤل الذي كان مدير المكتب يدعي انه داعم له و سؤاله - مجرد سؤال - عن هذا الفساد ؟

 

ثم تعالي يا هيئة النزاهة و فسري لنا سر الحملة الكبرى التي خرجت على الوزراء السبعة بالحكومة الثانية برئاسة الدكتور أياد علاوي ، هل كان هذا الصخب الإعلامي حول التحقيق مع هؤلاء لذر الرماد في الأعين و حفظ ماء وجهها  لأن الهيئة الموقرة لم تجرؤ - أو لم يسمح لها - بمتابعة  الفساد الذي تم مثلاً في عهد مجلس الحكم ؟ أو حتى الفساد المتواصل من قبل "بعض" العناصر في الحكومة الحالية ؟ و تذكرت و أنا أتابع التحقيقات مع الوزراء السبعة فإن بعض الاتهامات لإحدى الوزيرات - السيدة ليلى عبد اللطيف- أنها قامت بسرقة "هواتف جوالة" وفي نفس الوقت استولت على 50% من أسعار رحلات "الحج"،فعلى ذكر الجوال لماذا لم تتم الإشارة لفساد عقود الجوال التي تمت في عهد مجلس الحكم ، و بمناسبة الحج : لماذا لم تحقق لجنة النزاهة - أدامها الله - في فضيحة أول رحلة حج تخرج من العراق بعد سقوط صدام في عهد الوزارة الأولى عندما وقعوا عقد مع شركة لتسفير الحجاج ولم تقم بما هو مطلوب وبقى الحجاج على الحدود ، و حجوا في صفوان بدلا من مكة المكرمة و المدينة المنورة ..ورئيس الوزراء الحالى الدكتور الجعفري يعلم خفاياها ويعلم المأسي التى تعرض لها العراقين فيها.

 

ثم ماذا فعلت الهيئة لاستعاده أموال الدولة المنقولة مثل السيارات والعقارات المسروقة بعد سقوط صدام والتي وزع بعضها بعلم وزراء حاليين ؟ اليس هذا فساد اداري ؟ بالطبع الحياء يمنع الهيئة المبجلة من توجيه الاتهام لوزير حالي لجرم تم ارتكابه في وزارته قبل عامين ، فأنعم بها من أخلاق نزيهة وشفافية مطلقة !

 

ثم تعالوا إلى هيئة اجتثاث البعث ، ألم يكن بها هي الأخرى فساد ؟؟  فعندما يكون القاضي والحكم هو في ذاته بعثي سابق أو لا يستحق هذا بعض الانتباه من هيئة النزاهة ؟. ألم يكن بطل فقرة الملاكمه على قناه العربيه بعد سقوط صدام عضوا بلجنة اجتثاث البعث وهو ذاته بعثي سابق ؟

 

هل نتحدث عن الفساد الإداري الذي وصل لتعيين مواطنين لم ينهوا حتى المرحلة الوسطى من التعليم في مناصب إدارية عليا، بل و أحيانا تسمية مواطنين لشغل مناصب و لا يحضرون لتسلم مناصبهم و يقبضون رواتبهم و ربما هم ببيوتهم او هم خارج البلاد ؟؟ ثم تذكروا معي كم الفساد الإداري الذي شاب أمر تعيين الوكلاء والمدراء العامين في الوزارة الأولى،وكيف أصبح  ابن العم والخالة أوتوماتيكا-وكلاء ومدراء لحد أن بريمر رفض التصديق على الأسماء المقترحة من قبل أعضاء مجلس الحكم بتعيين 80 وكيل وزارة ، لأنه وجد أن الاختيارات حملت النفس القومي و المذهبي ناهيك عن النسب العائلي و العشائري، و حسنا فعل ربما تعلم بعض ساستنا شيئا اسمه الكفاءة كمعيار للاختيار وليس القرابة و النسابة.. و العرق و الدين ..

 

هل نتحدث عن اللجنة الأولمبية العراقية التى قامت منذ عام و أكثر  بعقد صفقة مع شركة لبنانية لتدريب كوادر اللجنة في   بيروت على استخدام الحاسب في دورة لعشرة أيام بمبلغ قدره 12 مليون دولار.

 

هل نكرر أن العراق  يستخرج  الآن نحو 2,1 مليون برميل نفط يومياً قياساً بـ 2,8 قبل الاحتلال ..و أن تهريب النفط يوميا هو سرقة مضاعفة في ظل تدهور الإنتاج و في ظل الحاجة الماسة للمشتقات النفطية في تشغيل مولدات الطاقة لعدم وجود خدمة الكهرباء معظم اليوم  و أن التبرع المجاني بتزويد الجيران بالنفط هو أيضا نوع من الفساد لأن "ما يحتاجه البيت يحرم على الجامع "؟

 

هل نتحدث عن "تعميم بعض الكتب الإدارية من قبل أمانة العاصمة وبعض الوزارات  العراقية على العاملين و الموظفين, تنذر وتتوعد كل من يدلي بتصريحات لوسائل الإعلام  والصحف , بأنه سوف يتعرض إلى أقصى العقوبات الإدارية ، و معاقبة بعض من تحدث عن الفساد في إطار دائرة عمله ؟؟

 

هل نتحدث عن الأموال والمصرفات التي تهدر بلا رقيب ، عن السفرات الخارجية التي يصطحب فيها المسئول أهل بيته و من أراد من إعلاميين حتى لو كانت سفرته لغرض ليس له أي صدى كبير و لا يحتاج لعدد كبير من الصحفيين لتغطيته ؟

 

هل نتحدث عن زيارة السيد نائب رئيس الوزراء الدكتور احمد الجلبي قبل أسابيع لوزارة الكهرباء لبحث موضوع سؤ الخدمة ،و تم استقباله ببذخ كبير و نحرت الأغنام بأعداد كبيرة، لحد أن المتبقي منها وزع على الموظفين في اليوم التالي، فما علاقة أزمة الكهرباء بذبح النحائر ؟ و هل حلت هذه الطريقة المشكلة ؟
و  بمناسبة ملاحقة سراق أموال الشعب، دعوني أدعو - و لا أقول أتحدى - هيئة النزاهة أن تخاطب الشرطة الدولية و تطالب المساعده بفتح الحساب رقم 2876 Aفي بنك باركليز بدوله "ترك اند كوكيز"  و هي دويلة ميكروسكوبية متناهية الصغر في الكاريبي ، و  تقديم صاحب الحساب العراقي الذي اثري فجأة بعد سقوط صدام و كل ما نريده فقط أن نعرف حجم ثروته و بالطبع مصدرها الشريف .. باعتبار أن السيد "الزنكين" يعلو صوته دوما في المطالبة بمعاقبة سارقي اموال الشعب على ما سرقوه من أموال و وضعوه في حسابات مصرفية بالخارج، و حسنا فعل لكن يا حبذا لو كشف لنا هو الآخر عن حساباته السرية و مصدرها و ثروته التي تكونت بعد سقوط صدام و الفرهود الذي حدث بالبلاد ..

 

يا أيها القائمون على أمر هيئة النزاهة حكموا النزاهة في معاييركم و أدائكم و اختياركم للقضايا أولا  حتى تحسنوا العمل و تكتسبوا حقاً صفة النزاهة و العدل بين المواطنين و يكون لكم الهيبة الضرورية التي تدفع الجميع للتعاون معكم  في سبيل القضاء على الفساد في أي عهد أو حكومة كان . فليس معقولا أن يقتصر كل عمل هيئة النزاهة على قضية أو اثنتين ثم تطالبنا في نهاية العام بمصروفات عملها و تقتطعها من ميزانية الدولة، فإذا أراد البعض لهذا الكيان أن يبقى ليقوم بدوره الرقابي فليفتح كل الملفات قديمها و جديدها،و ليجعل الرقابة الصارمة و الحياد أساساً لعمله لا يحيد عنه و لا يخاف في الحق لومة لائم، و إلا فلا يلومنا أحد إن قلنا "لا نزاهة في هيئة النزاهة "...

 

 أيها الساده  إن كم الفساد المالي و الإداري زاد عن أي حد و يحتاج لوقفة سريعة منكم، فلا تزيدوا الطين بلة و انقدوا أنفسكم و أنقذوها قبل أن يسبق السيف العزل..



pressoffice@sakban.info