المحرر موضوع: ألأموات لا تذرف الدموع ـ رواية ـ فصل 5  (زيارة 1511 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل نذير حبش

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 61
    • مشاهدة الملف الشخصي
                                                ألأموات لا تذرف الدموع
                                                          رواية
                                                      نذير حبش

ألرواية التي تجسد (عدم الفاعلية )...طبعت حزيران 2004 طبعة خاصة ، نشرها يتطلب موافقة الكاتب/الناشر ومن يخالف ذلك يكون تحت طائلة المسؤولية.

كان صدام حسبن كالإبرة التي انغرست في مخ الوطن وتليفت عليها الأمور ، نزعها يؤدي إلى الموت، وابقاءها يعني أن يعيش الجسد مختلاً عقلياً، فما هو الحل إذن ؟! (فصل 76 ،ص444)

إذا بشرت بما رغبت الناس به رقوك نبيا ، وإن دعوت إلى ما خالف ميولهم فأنت الرجيم. (مقدمة ص5)

                                                         فصل 5

ذئبة مكلومة الفؤاد تأخذ بالصراخ، رعد وبرق ورعد  يملأ حشاها، تحول الحزن داخل روحها إلى شجرة ، تفرعت إلى أخصان من الألم ، يملؤها أشواك الغيض  تنطلق حراباً في صدور الطغاة. في لحظة أيقظت صرخة شمشون من باطن وادي الحزن لجبال الآلام من صدر أم الفقيد ، فالمسجى على النعش هو الإبن الثالث لها ، وأخأً لإثنين قد سبقاه إلى القبر ، أيام حرب الثماني سنوات ، إحدى منجزات الحزب الحاكم وما أكثرها !!
ألحزب حقق كل ما قالته تلك " القديسة " حين أطلت من جبل قاسيون فرأت معجزة الحزب وقد حول الوطن العربي إلى جنة عدن تجري فيها أنهار من العسل والخمر واللبن،  وعانقت بغداد السحبا، عندما حولها الصداميون إلى غبار ، فاعتلى على شكل سحابة ، بعد أن أذرته القنابل والصواريخ الأمريكية !!

تنقض والدة الفقيد على أحد الصداميين ، كان يقف  بباب مقر الحزب، الذي لابد من أن تجتازه جنازة الفيقد. لا تمتلك غير دوي حزنها، تنقض على هذا الصدامي المتسلح ببندقية آلية من نوع كلاشنكوف الروسية الصنع. ليس مستبعد الرد بالسلاح من الصداميين، فانهالت الرصاصات في الهواء زخات من رفاقه المتوارين خلف سياج مقر الحزب ، وإمتلأ دويها المدينة .

عدة رصاصات من رشاش ، الذي كان بيد أحد الجبناء ، الذي يتخفى وراءه ، بين جمع أعزل، تخترق النعش، نعش من دافع عن الوطن وعنهم !! هم اللذين زجوا البلد في حروب لا ناقة للشعب فيها ولا جمل، كم يكره الدكتاتور وزبانيته هذا الفقيد !! فهو أقوى منهم ، فلن ينصاع لهم بعد الآن.

ألرعب يدب في الجموع ، تتلاصق على نفسها ،  كقطيع أجفلته الذئاب ، وينكمش كلٌ على نفسه ، قنفذ أفزعته الحية السامة. تحول الشعب طهاة للجبن ، يتناولونه فوق مائدة الذل، على بساط الخنوع ، أما محراب الرعب ، شعب بنى أولى أرقى حضارات البشرية على الإطلاق حوله طاغوت صدام إلى شعب ذليل،  ألف طريقة وطريقة لدى الشعب ليقول للطاغوت : لا ، لكن موكب الجنازة يستمر بصمت نحو المقبرة ، يا لأمر هذا الشعب ، كم هو شعب العراق محِبٌ للحياة ، إلى درجة الذّل !!

يطلق سائق الحافلة صفارة المنبه وهو مرتبك ، لعله يفسح له الطريق كي يمر. مرتبك ينهض واقفاً ، ويستدير نحو الخلف بظرات تملأها الدهشة ، فقد كان الشعب العراقي قد تعود على رتم القتل والدفن أيام حرب الثماني سنوات، حتى بات حينها أمراً مألوفاً ، لكن هذه الحرب تختلف عن سابقتها ، كما بدى للسائق تماماً.
      ما الذي يجري بحق السماء في هذا البلد ؟!

يحاول الإنطلاق بالحافلة وسرعان ما يقف بصورة مفاجئة ، تتوتر الحافلة ويتلاحم الراكبون على بعضهم البعض، أحدهم الملتصق براجي لم يستطع أن يوازن جسده ، يضغط بقدمه الثقيلة فوق قدم راجي، ينتبه راجي من الألم، يحاول الترصص بشكل جيد ، ولم يعر إنتباهاً كبيراً لما حدث ، كان مستغرقاً بشكل لا إرادي في تلك الذكريات، وكما لو كان لا يرغب أن يلامس أرض الواقع ، ألنفس البشرية تدفعنا إلى حاجاتها دون أن ندري.
يتمكن سائق الحافة قطع بعض المسافة بين تلك الجموع، التي اختلط الأمر عليك، حيث لا تدري أخَرجوا لتوديع هذا الفقيد ، أو  للسير في دورة الشعانين. تقف الحافلة مرة أخرى أمام المدرسة الإبتدائية مدرسة بغديده الأولى ـ عرفت رسمياً قر ه قوش الأولى ـ  التي مر بها عشرات الأجيال في مسيرتهم الدراسية ، وكان راجي واحدا من أولئك.
                                                            *   *   *   *
# سوف نتخلى عن ذكر الصفحات لوجود بعض الإخلاف .
                                                           يتبع فصل 6