المحرر موضوع: وحدة العائلة (كلدان آشور سريان)  (زيارة 1099 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل نذير حبش

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 61
    • مشاهدة الملف الشخصي
                                           وحدة العائلة
                                     (كلدان آشور سريان)

ألوحدة ، تحمل هذه المفردة ضمنياً وجود (عدة عناصر) ، وإلا لسمينا الشيء المعني (الواحد) باسمه وانتهى  الأمر . ألوحدة قد تكون رابطة عضوية ومنطقية بين (عدة ) أعضاء فيزيولوجية ، كلٌ يؤدي وظيفة مختلفة عن باقي الأعضاء المرتبط بها ، إرتباطاً لا انفصام بينهم، كي يشكلوا جسداً (وحدوياً) واحداً ، أو بين (عدة) أشياء أو أجهزة ميكانيكية ، أو كهروميكانيكية ، تشكل فيما بينها (وحدة) وفق ترابط منطقي ، تتناغم تناغماً كهروميكانيزمياً فتشكل (وحدة) ، أي كائن آلي فاعل ، سمه سيارة ، مركبة فضائية إلخ ، وليس مجرد تجميع (قسري) ، أشياء أو عناصر إلى بعضها البعض ، لا رابط منطقي بينها وبين وظائفها ، كي نحصل على (كومة) ميتة لا حياة فيها.

ألأعضاء الفيزتولوجية التي تشكل (وحدة) جسد الإنسان ، ترتبط بينها وفق تناغم وظيفي منطقي ، كل عضو يجب أن يؤدي وظيفته (باستقلالية) أولاً ، وعندما يصل إلى كمال إداء وظيفته ، فأنه قد وصل إلى (الفضيلة) حسب مفهوم إفلاطون ، حيث أن الفضيلة في مفهومه هي ((كمال إداء الوظيفة)).

فنحن لا نطلب من القلب أن يعمل بنصف طاقته ، أو الكبد أو الرئة إلخ  ، ولا يمكننا محو وجود أحدهم باسم (الوحدة) ، أي من أجد (تحقيق) وحدة الجسد بكامل أعضائه ، فنعتني بكل عضو مهما كبر أو صغر ، لأن أهميته لا تتأتى من هذا المعطى ، بل من المعطى الوظيفي الذي أُنيط به، كي يكون سليماً وفاعلاً وتدب فيه الروح والصحة ، التي كما أراها هي (تناغم) وكمال إداء وظائف مجموع الأعضاء المكونة لوحدة الموضوع.

على ألأمة أن تقي شر نفسها ، قبل شر الخصوم، بدأت كل الأطراف (تقريباً) تنزلق نحو طريق خاطيء. لا أستطيع القول بأن مجتمعنا لديه مؤسسات سياسية ناضجة على مستوى دول ديموقراطية، ولو كانت بعض من هكذا مؤسسات قائمة بالفعل ، فمن أين لنا ذاك المجتمع الناضج سياسياً بمستوى مجتمعات تلك الدول !؟!
ألواضح أن الشريحة الكبرى من مجتمعنا تسيّرها العاطفة الدينية ، وحينما يتعلق الأمر بمؤسستها الدينية تتخلى ، وتلغي (إرادتها) طواعية ، وتسلم أمر قيادتها للكاهن (الأوحد) مهما كانت تسميته ، راضية أن تكون مجرد (عدد) في قطيع يُقاد ، وتنسى أنها خاضت ، ومازالت تخوض ، معركة من أجل نيل حريتها وامتلاك إرادتها، وتحررها من قيود المؤسسة السياسية المستبدة !

إرتباط رجال الدين بالفاتيكان أمر مثير للقلق في حالة مجتمعنا وظروف وطننا ، ونرجو أن لا ينساقوا وراء الفاتيكان ، فلا أحد يتألم عوضاً عنا، وإن أردنا الفرح فعلينا بناء إبتسامتنا بتناغمنا الداخلي دون إهمال العامل الخارجي ـ فكما أرى أن الفاتيكان لم تكن ، ومازالت ، أكثر من كاسحة ألغلام أما الرأسمالية المتوحشة ، التي غزت وطننا العراق ، لها مآربها وأجندتها الخاصة ، ونرجو أن لا يكون للعامل الخارجي مآرب (تفعية) على حساب مصير قضية أمتنا ـ ألمنفعة المعقولة موجودة أكيد ـ تعارض مصلحة (وحدة مجتمعنا) كمل فعل الإخوة الآشوريون في مطلع القرن الماضي، عندما سلموا آذانهم كلية للبريطانيين ، ومعروف ما حل بمجتمعنا وبهم خصوصاً ، من قتل واضطهاد وتهجير ، وما جلبوه من سمعة سيئة بين أبناء وطننا ، بإعتارهم الديني ، أي كمسيحين ، من جراء تعاملهم مع الأجنبي.

 وبهذا الخصوص إن جاز لي أن أذكر فحوى كتاب كنت قد اطلعت عليه ، وللأسف لست محتفظاً به ، يتكلم عن الخيانة البريطانية للآشوريين ، ورغم عربية كاتبه المرتبكة ، وعدم حِرفيته في الترجمة ، لكني أدركت أن الخيانة لم تكن بريطانية فقط ، بل أيضاً الجهل والوهم ، اللذان كانوا الآشوريون حينها غارقين فيهما ، وبدائية المجتمع الآشوري ، الذي بدى لي من خلال سرد الكاتب بعض الحوادث ، كم لو كان ذاك المجتمع يفتقر إلى أدنى درجات المدنية ، يحكمهم منهج (كاهن ـ شيخ ذو لحية بيضاء ـ إمرأة سليطة) ، ألمدنية التي أسسوا  مبادئها أجدادنا ، وهم جزء من الأمة ، وليسوا بغرباء عن أولئك الأجداد، وكأننا أمام قبيلة من قبائل الأمازون التي لم تحتك بالحضارة.

ليأخذ المرء في الحسبان ـ وإن كنت أبتعد عن منطق مشعلوا الحرائق ، لكن النظرة الموضوعية تتطلب ذلك ـ أن الأكراد يسلكون اليوم وفق المعطى الحاضر ، الموضوعي ، على أرض الواقع ، بوجود قوات أجنبية على أرض الوطن، والحالة الكردية في شمال عراقنا ،  هي نفسها ، جزء من هذا المعطى لهذا الوجود الأجنبي ، الذي قدِم إلى أرض عراقنا باسم الديموقراطية. فالكرد حسب عنوان أحد الأفلام العربية ـ ولكن بمفهوم واقع بلدنا ـ أنهم (( لا يكذبون بل يتجملون )) . فالكرد ما بعد الوجود الأجنبي ـ بعد رحيله ـ لن يكونوا هم أنفسهم ما قبل الرحيل، كما هو حالهم اليوم، ومن يعتقد عكس ذلك ينطلق من عواطف ساذجة ، كما هي حال عواطف العامة البسطاء ، والنخبة التي تمتلك أمر أمة ما ، لا تسلك وفق هكذا عواطف طوباوبية، أو أن يكون يفتقد للرؤية السليمة للتاريخ، ما وُثّق منه ، وما سوف يأتي ـ ألمستقبل ! ـ لهذا أود وببساطة أن أعطي إشارة لمن بيده مصير مستقبل أمتنا العريقة بكافة تسمياتها ، التي تعبر عن أعظم مراحل وطننا العراق.

ومن هذا المنطلق قد يكون العتب مبرراً على بعض رجالات السياسة والدين ، القليلي الخبرة ، واللذين تحكمهم بعض (العصبية) للدائرة الضيقة المكونة لهوياتهم ، والرافضين للإتفتاح على الدائرة الكبيرة الأوسع ، التي تشمل الأمة بكاملها.
ولأننا أمة واحدة ومجتمع واحد ، نقول كانت الخطوة الإستراتيجية ، أو النقلة الشطرنجية الأسلم ، لسيادة البطرييك دلي ـ وهو خير من يعلم أن بطاركة السريان ، كلاهما مسخان من مسخ صناعة مخابراتية ، أحدهما كان صناعة (صدامية) والثاني صناعة (سورية) ـ كان الأفضل (للجميع) حينما ثبت حقوق (الأخ) الكلداني أن يسعى في الوقت ذاته إلى تثبيت حقوق (أخوه) السرياني ، وإلا كيف يفسر لنا دخوله عاصمة سهل نبينى السريانية الكاثوليكية (بغديده) !؟! هل دخلها باسم الدين كرجل دين كاثوليكي ، وعندما إالتقى السستاني ـ ولا اعتراض فهذا شأنه ـ وقام بدور سياسي ، ألم يكن السريان من مكونات المجتمع الذي راح يبحث عن حقوقه !؟!

لو كان هنالك وعي سياسي والوعي بالهوية القومية والحضارية لما استقبلوا أهل بغديده البطرييك ، فقد كان بطرييك الكلدان ، ومازال بالنسبة  لنا ، ـ حاله ، لا بل أفضل ، لأنه ابن البلد ، ونحن كنا ومازلنا مجتمع ومؤسسات واحدة ـ حاله أفضل من بطرييكنا السرياني القابع في بيروت، يطبق مقوله صفر على الشمال ـ ونتمنى على الجميع العمل على ذلك ، حينما تتواتى الفرصة ـ ولو كان قد فعل البطرييك ذلك ، لكان قد قطع الدابر على من يعمل على إقصاء (إخوته) الآخرين .
وكنا قد كسبنا عمودين أساسيين في المعادلة ، كما أسلفنا أن ألأخ الآشوري كان ومازال يبرهن على أنه قليل الخبرة في قيادة المجتمع ، إن كان في القرن الماضي، حين إعتقدوا أن البريطانيين قدِموا لأعادة مجد كالح وآشور ! أو حينما راحوا يناضلون من أجل القضية الكردية وتوهموا ، وهم كذلك حتى اللحظة ، بأنهم ناضلوا من أجل القومية (الكلدتنية الآشورية السريانية ) ، فنحن أهل سهل نينوى لم نسمع إلا بـ(توما توماس) كعلم من أعلام النضال،  من أجل حقوق أكثر لمجتمعنا حينها، أو التصرف الأهوج للآشوريين تجاه مكونات الأمة الأخرى ، والعمل على إقصائها ، بعد سقود بغداد الغالية ، ونشوء الوضع الجديد ((فينهي عن خلق ويأتي بمثله )) في ذات الوقت .

وحينها ، لو كان البطرييك قد طالب بتثبيت الحوق الكاملة بتسمياتنا (الكلدان الآشوريون السريان) ، لم يكن ليبقى أمام (الأخ) الثالث (الآشوري) إلا أحد الأمريين :  ألإستقلال بنفسه ، لأنه لا يملك حينها إتباع سياسة الإقصاء، كون الأخوين(الكلداني والسرياني) قد نالا حقوقهما في الدستور، والإستقلال كان يكلفه الكثير، ولو فعل لكان الخاسر الأوحد. وأما الأمر الثاني الباقي أمامه كان قبول (الأخوين) الكلداني والسرياني، والنظر إلى الواقع بظرة عقلانية موضوعية ، ووحدوية سليمة وفق منطق العائلة الواحدة ، ويضطر إلى العمل الجماعي الوحدوي اللاإقصائي ، وفق واقع جميع مكونات شعبنا وإمكاناته السياسية والفكرية دون تمييز.

ألأقلام النبيلة ، وهي كثرٌ ، ولأنهم أساتذة موقرين ، يُطلب منهم الكثير في هذه المرحلة، فهم أصحاب خبرة ويمكنهم التغلب على عواطف الفرد ونوازعه، ويبصرون ويتبصرون مستقبل الأجيال أفضل من غيرهم، ومكانتهم محفوظة حاضراً عند البسطاء أمثالي، وعند ثقاة المجتمع، بالإضافة إلى هذا وذاك، مكانتهم يحفضها لهم التاريخ، ذوي النظرة الموضوعية، اللذين يبتعدون عن العواطف الشخصية، وعلى عاتقهم تقع في هذه المرحلة عملية بناء وعي الفرد ثقافياً وسياسياً، وخلق إنساناً فاعلاً ، في مرحلة أقل ذئب فيها ممن يحاول الإستفراد بوطننا هو بحجم (دولة) !
يتبع  ج2 (لغة واحدة)

نذير حبش
14- 08 - 2006 آرنهم