المحرر موضوع: عزيزنا الشماس الدكتور مردو هل من حقنا ان نتهم الاخرين بالهرطقة والزندقة ؟!  (زيارة 1437 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل اوراها دنخا سياوش

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 687
    • مشاهدة الملف الشخصي

عزيزنا الشماس الدكتور مردو هل من حقنا ان نتهم الاخرين بالهرطقة والزندقة ؟!


من الطبيعي ان يكون هناك كُتّاب ذو نزعات واتجاهات مختلفة تبرز في كتاباتهم معبّرة عن ما يجول داخل قحفة رأسهم ، فمنهم الماركسي والقومي والديني والمستقل والعلماني و"الانقلابي" ، وهذا الاخير نوع جديد من الكتاب طفى على السطح بعد عام 2003  ، ويمتاز في كون قحفة رأسة مكورة اكثر من الاخرين كي تستطيع افكاره من الدوران بانسيابية ، حسب الوضع السياسي الذي يعيشه. هؤلاء تم فرزهم ووضع علامة استفهام وتعجب عليهم بالرغم من عالميتهم المزعومة ، حتى ان بعض من كتابنا واساتذتنا الشجعان ، بعد ان طفح بهم الكيل ، قاموا بفضحهم وبجرأة احسدهم عليها.

ان ما يهمنا اليوم هو الكتاب المتدينين والمتاثرين بالمذهب الذي ينتمون اليه ، سواء كانوا رجال دين وشمامسة ام لا ، فالبعض من هؤلاء نقول البعض ، لايستطيع ان يرى او يتحمل اي مذهب آخر وكأن الله قد هداهُ وحدهُ فقط ، وان جميع المذاهب الاخرى هرطوقية ومن ينتمي اليها فهو زنديق وكافر. وقفتنا ستكون امام هذا التعبير (زنديق وكافر) الذي طالما ذهب ضحيته الآف من بني البشر والذي راح بعض من كتابنا  يستخدمونه في محاولة لترويج فكرة ان المذهب الذي ينتمي اليه هو الاصح وبالتالي استخدامه كمادة لمكاسب سياسية لهذا الحزب او ذاك.

فمنذ ان بدأ الانسان رحلته على هذه الارض انصب تفكيره على كيفية مجيئه الى هذا العالم ومن اين جاء واين سيذهب بعد موته ، هذا التفكير قاده الى ان يتخيل الاسباب الموجبة الى ذلك ، والتي تجسدت عن اساطير في محاولة لاشباع تساؤلاته ، تساؤلات جعلته يربط بين المادة والروح ، بين الانسان والسماء ، واضحى يؤمن بوجود آلهة مكانها العلياء متسلطة على الانسان في هذا العالم متخيلين السماء سقف لارض منبسطة ، وخلق ، اي الانسان ، في مخيلته ابطال وهميين وضعهم في مرتبة الاله او نصف الهة. وكما يبدو ان الانسان الرافديني (سومر واكد) كان من السبّاقين في الربط ما بين الخالق والخلق التي ظهرت من خلال اساطير نظموها كملحمة كلكامش والاينوما ايليش.

ان محاولة الاتصال الروحاني بين الانسان والهه تطور رويداً رويداً بعد مروره بمراحل لانريد الخوض فيها ، وصولاً الى مرحلة الايمان باله وخالق واحد وواحد فقط وكل من يؤمن بغير ذلك كان مصيره الموت. وعلى هذا الاساس قامت ثلاثة ديانات سماوية وهي اليهودية والمسيحية والاسلامية تناحرت فيما بينها بحجة التكفير ، مدافعين عن الله الذي رسموه في مخيلتهم جبار..عظيم..كبير..حليم..رحمن..رحيم.. قدوس..الخ من هذه الالقاب ، وكأنه حمل وديع لاحول له ولا قوة بالضبط عكس تخيلاتهم المعلنة. يكفرون به باعمالهم ويقدسونه فقط في عقولهم ، يدافعون عليه وهو الجبار والقوي والعظيم ، يقتلون باسمه وهو الذي ينهي عن القتل ، يسلبون باسمه وهو الذي حرم السرقة ..الخ من الموبقات.

حتى اصحاب الدين الواحد راحوا يقسمونه الى مذاهب ويتناحرون في ما بينهم ويكفر احدهما الاخر. وبعيداً عن بقية الاديان نسلط على شعبنا المسيحي بعض الضوء فيما يخص تكفير الاخر. فتناحرات المؤمنين فيما بينهم بسبب اجتهادتهم الفلسفية قد ملأت كتب التاريخ ، فالكاثوليك والارثودكس والبروتستانت والنساطرة واليعاقبة وشهود يهوة احدهما لايتقبل الاخر وكل واحد يطعن في عقيدة الاخر تصل الى مرحلة التكفير ، والتشكيك بطريقة ايمانه. والسؤال هو لماذا وباي حق يحاول كل واحد ان يُكفّر الاخر؟ فعلى سبيل الفرض لو تخيلنا الخالق الذي دعوناه الله جالس على عرشه على قمة جبل عالٍ وهنالك من يريد تسلق هذا الجبل ليصلْ الى الله فمن الطبيعي ان كل واحد سيختار الطريق الذي يريده للوصول اليه ، وعراً كان ام سهلاً ، وحسب ما يمليه عليه عقله ، فلو كنت انا احد الذين يريد الوصول الى قمة الله فهل من المعقول ان اقوم باجبار البقية ان يختاروا نفس طريقي ، وأنعتهم بكافة الصفات البذيئة بسبب عدم حذوهم طريقي الذي اخترته بالرغم من عدم وجود تاكيد قاطع على ان الطريق الذي اخترته سيوصلهم الى الله ، فقد يحيد الطريق الذي اخترته ولا يصل الى القمة او قد يتقاطع مع بقية الطرق او قد يصل الى طريق مسدود ....الخ من الاحتمالات.

نحن الان في بداية العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين ولا يزال البعض من كتابنا "عالميين" او محليين او من المحسوبين على الكتاب ، يتصور ان مذهبه هو الصحيح وكلمات القدح والذم لا تفارق لسانه وقلمه وافكاره لمن لا يؤمن بمذهبه ، فيُزندِق هذا ويُهرطِق ذاك مدافعاً عن الرب وكأنه موكل من قبل الله للدفاع عنه ، غير مدرك انه تصرفه هذا يوحي بضعف ربهِ ، حاشا لله . ومن امثلة الكتاب "المؤمنين" الذين ينعتون الذين ليسوا على مذهبه احد كتّابنا "العالميين" و"عضو" هيئته التنفيذية والقابع في اميريكا ، إذ لا تخلو مقالة من مقالاته من تكفير النساطرة ووصفهم بالهراطقة والزنادقة متناسياً ان اجداده عرفوا المسيحية على المبدأ النسطوري ونشروها الى ان وصلت الى الهند والصين ، وبدلاً من الاعتزاز بها كأرث تاريخي لمسيحيي الشرق راح كاتبنا هذا يشهر قلمه الاصفر يُزندق ويُهرطق المؤمنين به. ان اية سلطة دينية في العالم مهما كانت درجتها الدينية او الكهنوتية ليس لها الحق في تكفير الانسان ، حتى وان كان غير مؤمناً بوجود الخالق ، لانه وببساطة لم يطرق احد باب القمة ورجع الينا !!!

وبارك الله بكل المؤمنين ... عدا محامي الدفاع عن الرب!

أوراها دنخا سياوش