أصوات بريئة*
[/size][/font][/b][/color]
يقتاده الجنود لاعدامه.. لكن التاريخ يغير مجرى النهر .. و يقتاد ارادة قلبها لانتشاله وسط الحطام...
[/size][/font][/color]
خطوات ثقيلة في أرض مغرورقة
مشاها الأسمر اللامع العينين
ذو الوجنات المحترقة
في أدغال الحرب المدنية
في بلاده المدمية
مشى بصحبة أترابه
مقيدا بعذابه
في غابات لا تنتهي
و طرق غير معبدة
تسوقه بساطير جنود معربدة
سائرا بلا انتهاء
و خلف رأسه جنود ليسوا رحماء
حمل الهوان والشوق و العطش و السراب
زاحفا باغتراب
أمام الامتداد
و أطلق صوته صوب السماء
منازعا رغبة البقاء
حلم القيامة
شهوة الكرامة
صارخا في الوادي السحيق
بصوت بريء
بصمت كئيب:
أنا عطشان
أنا تعبان
أنا جوعان
أنا ولهان
أمي هل تسمعين..؟
حبيبتي ..الى أين تمضين؟
الطريق طويل
المستنقع لا ينتهي
و سار الحزين
عاجزا عن الهروب
من بساطير الأسياد
بانتظار أن يباد
عاجزا عن الكلام
و يديه و راء رأسه
باستسلام
ممنوع من الحب
ممنوع عليه السلام
و دموعه تسقي الوحل
بحبر الخوف المداد
و كان يمشي تاركا حرائق البلاد
ناسيا حب البنات
تترامى حوله جثث الأصدقاء
فاقدا وهج الأحلام
تلمع في سود عينيه
رغبة الخلاص
بالأمس قبل أن يقطفوه
كان يعصر آثار حبيبته الصغيرة
يتلمس جدران بيتها الباقية
و يلملم رقعا
من فستانها المزروع بالورود
أطلقوا الموت على أحبائه
و امتلأت بالرعب عيناه
هل ساموت أنا أيضا؟
أمي أين أنت..؟
قريتي كيف تهجرت ؟
بلادي بماذا تعثرت..؟
ردي لي عينيك حبيبتي..
جاء دوره لاستقبال الموت
طفل أنا يا سيدي
رحماك
لم أبلغ الثانية عشرة
:
و فجأة ثار الكون
زوبعة ثوار مجنونة
أخذ الثائرون الموت عنه
و مضى ناجيا وحيدا
بين حطام و جثث
حمل الحياة في يديه راكضا
صعد أعلى الشجرة
جالسا على عود بلاده المحتضرة
يتنفس الصعداء
و يلتقط الشتاء
بكفيه المغمورتين بالبكاء
وراءه الخريف و المقبرة
و أمامه حشيش يخضر
و الربيع اليه ينظر
عانقته أغصان الشجر
تيبست بشحيبه المقفر
صرخ صرخته المكبوتة
زعزعت المسكونة
ملأت فراغ المعمورة
وانفجرت في رأسه المشاهد
يا الهي
أين أرحل..؟
:
كانت أمه كالمذبوحة
تبحث عنه تحت البقايا
تركت سرب المهاجرين
لحقت بنبضها الأمين
قلبها يجبرها على الامل
و الأمل يحدثها بقوة
ألا تكل و لا تمل
:
و لدي أين انت..؟
تشافا تشافا**
قل لي أنك لم تمت
كانت هدية السماء اليه
أن ينجو و التاريخ في عينيه
و قطرة من حنان باقية
ليكتب العهد الجديد
بدموع الغالية
غاده البندك
2006-9-1
[/b]
*عنوان فيلم مكسيكي كتبت القصيدة متأثرة بمشاهده الأخيرة التي تروي قصة حقيقية لنجاة طفل و أمه في حرب طاحنة دارت رحاها في السلفادور ابان الثمانينات.
** تشافا هو اسم الولد و هي مصغرلكلمة سلفادور