المحرر موضوع: التسمية الآشورية حقيقة تاريخية علمية خالدة - الأجزاء الأربعة  (زيارة 3511 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل butros tshaba

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 119
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
                                                  التسمية الآشورية
                                                             حقيقة علمية تاريخية خالدة



تنويه : المقالة نُشرت في مجلة صدى الوطن العدد السابع عشر آب 2001
بقلــــــــم نهّيرا آتورايا


 الفصل الأوّل : التسمية الآشورية حية على مرّ العصور و الأزمان
الفصل الثاني : مرتكزات استمرارية التسمية الآشورية – ج1-ج2
الفصل الثالث : استقراء التسميات الطائفية و المذهبية
ملحق المصادر و المراجع  


الفصل الأوّل : التسمية الآشورية حية على مرّ العصور و الأزمان
 المرتكزات الدينية و التاريخية

لوحظ في هذه الأيام العصيبة التي تمر بها الهوية القومية الآشورية في شكل متأرجح عند البعض - لا أقول الجميع – عند هؤلاء المهزوزين بإيمانهم القومي الآشوري , لوحظ ارتفاع صوتهم بآراء و طروحات عقيمة و مشلولة لتبديل التسمية الآشورية بتسميات أخرى . بحجة أن التسمية الآشورية لا تخدم قضية هذا الشعب !!
إن مثل هذه الافتراءات و البدع و التي – إن دلت على شيء -  إنما تدل على مدى انحطاط المبادئ و الفكر و قيم الإنسان العليا .
أقول و كلي ثقة بشعبي المؤمن بالآشورية تسمية ً قومية لكافة طوائفه من سريان و كلدان و نساطرة . تلك التسمية الأزلية التي لازالت مفخرة لكل آشوري يحترم نفسه و يحترم الحقيقة و التاريخ . و سأبين من خلال إبراز التسمية الآشورية بتاريخها في مختلف المراحل , الإمبراطورية و المسيحية . و إنها غير قابلة للمساومات مهما كلف ذلك . فنحن كنا آشوريون و ما زلنا و سنبقى و هي حقيقة ساطعة لأنها علمية و تاريخية . و أن أي عملية خروج عن الموروث التاريخي الحضاري الآشوري ( تسمية و لغة ً و تراثا ً و تاريخا ً ) هي عملية غير واقعية و طوباوية و لا منطقية , و تعتبر رفضا ً رفضا ً لهذا التاريخ الطويل و محاولة للخروج منه إلى حيث  الضياع و التشتت  و اللاوجود  . و النتيجة إن مَن يُخرج نفسه من تاريخه , فهو يُخرجنا من الحاضر و المستقبل , أي يلغي وجوده لمستند إلى مقوماته التاريخية القومية .
سأورد الآن الكثير من الحقائق التاريخية و من مختلف المصادر و الوثائق القديمة و الحديثة , بأن التسمية الآشورية ظلت حية على مختلف العصور و الأزمان .

أولا ً : المرتكزات الدينية
و هذه الشواهد , الأدلة هي عن ذكر الآشوريين في الكتب السماوية و ذلك قبل و بعد سقوط الإمبراطورية الآشورية .
أ – الاسم الآشوري يرد في سفر التكوين , لأن أشور هو أحد أبناء سام , و الآشوريين هم من أقدم الأقوام , و هم الوحيدين الذين يحملون هذا الاسم منذ اكثر من ستة آلاف عام , و اسم أشور هو الاسم الخالد الباقي من مجموع أبناء و أحفاد نوح , و الشعب الآشوري هو من الشعوب , الذين نالوا بركة الله حين يصفهم :
{ صنعة يدي أشور}  ( اشعيا الفصل 19 :23-25 ) , و كما يقول الرب أيضا ً
{ ويل لأشور قضيب غضبي و عصا غيظي أرسلتهم على أمة كافرة و اطلقتهم في شعب ٍ أغاظني ليسلبوا ثروتهم و ينهبوا أرزاقهم و يدوسوهم كوحل الأزقة }
( اشعيا الفصل 10:5 )
ب – نرى السيد المسيح في العهد الجديد قد ذكر الآشوريين وحدهم دون غيرهم في الإنجيل المقدس  : أهل نينوى سيقومون يوم الحساب مع هذا الجيل و يحكمون عليه لأن أهل نينوى تابوا عندما سمعوا انذار يونان و هذا اعظم من يونان ( متى 41:15 – مرقص 11:8 – لوقا 29:11 ) و هنا لا أحد حاجة لكي أبرهن مَن هم أهل نينوى .
ج – يُعتبر الشعب الآشوري أول شعب اعتنق المسيحية من خلال مملكته الصغيرة أورهي , فحينما سقطت الإمبراطورية الآشورية اتجه عشرة من القادة الآشوريين إلى جبال أشور المنيعة , و أسسوا في ربوعها مملكة أورهي هناك , و يرد اسم هذه المملكة في المصادر الأرمنية باسم ( آسور هانيس ) أي أشور الصغرى . فهل كان الأرمن تائهون عن جيرانهم الآشوريين .
د – و من أقوال البطريرك الشهيد مار شمعون  بينيامين  1884- 1918 في مسيحية الآشوريين , عندما عَلِمَ الآشوريين في هكاري في ولاية وان التركية , بأن مبشرين من الغرب قدموا إلى مناطق سكن الآشوريين من أجل تبشيرهم بالدين المسيحي القويم . ضحكوا قائلين غرباء قَدموا ليبشروا تلاميذ المسيح بالمسيحية .

ثانيا ً : المرتكزات التاريخية قبل سقوط الإمبراطورية الآشورية :
مرتكزات التسمية الآشورية التاريخية قبل سقوط الإمبراطورية الآشورية و تعتبر هذه المرتكزات أساسية لأنها ظهرت و تطورت إبان السيطرة الآشورية و منها على سبيل المثال لا الحصر :
أ – المرحلة الآشورية استمرت زمنا يضاهي مجموع أزمان المراحل التاريخية الأخرى من بابلية و أكادية و كلدانية ( بابلية ثانية ) .
ب – تحول مفهوم الدولة إلى مفهوم الإمبراطورية في زمن المرحلة الآشورية و ما نتج عن هذا التحول في المفهوم من تعميق و ترسيخ الشعور القومي السياسي لدى الشعب الواحد بعد أن واجه الشعوب المجاورة , فنتج عنه اتساع رقعة الأرض و ظهور مفهوم الكيان الأوحد و هو الكيان الآشوري .
ج – إن علم الآثار يُسند 65% من المواقع الأثرية و الموروث الحضاري الإمبراطوري إلى المرحلة الآشورية , مما يدعونا إلى اثبات شخصيتنا القومية كآشوريين تاريخيا ً و حاضرا ً و مستقبلا ً .
د – يُعتبر الآشوريون روّاد التجديد في شتى ميادين الحضارة , حيث كانت الإمبراطورية الآشورية أوّل شكل سياسي منظم بالشكل الصحيح في العالم القديم . إذ إنهم كانوا يقسّمون الأراضي المُحتلة إلى أقاليم تدفع الجزية للملك , أما الأقاليم البعيدة فكانت تحتفظ بحكامها الذين كانوا يخضعون للحاكم الآشوري , و مناطق احتفظت بحكومة من المواطنين على رأسها حاكم آشوري , و أخرى خضعت كليا ً إلى الحكم الآشوري المباشر , و هناك مدن عديدة كانت تتمتع باستقلال بلدي ذاتي و ذلك بإذن ٍ ملكي . و هذا دليل على ديمقراطية الآشوريين في الحكم على الأقوام الأخرى , و رجاحة الفكر الإنساني في معاملة الناس بالشكل الأخلاقي .
ه – لقد عُرفت أشور قبل بابل , و الناس الأولون بنوا هناك قرى صغيرة و مارسوا حياة قبلية , و قد أثبتت المكتشفات الأثرية من القطع الخزفية و الأدوات الحجرية و أساس أبنية بدائية  أن أشور كانت مأهولة في العصر الحجري أي منذ سبعة آلاف عام . و بوسع علماء الآثار أن يفيدونا من خلال معالم الأدوات الخزفية عن تاريخ مجيء الأوائل إلى أشور .
و – عندما سقطت إمبراطورية سومر و اكاد بعد اجتياح البرابرة لأراضيها , بقيت أشور المقاطعة الوحيدة التي صمدت أمام الغزاة .
ز – وصلت الثقافة الآشورية ذروتها في المرحلة الآشورية أبان حكم أشور بانيبال حيث تم تحليل الخط المسماري المعقد و شجع التعليم و أرسل العلماء إلى مدن بابل القديمة للبحث عن لوحات اكادية و سومرية و كانت نينوى المكتبة العظيمة التي تحتوي على آلاف اللوحات ( يوجد قسم منها في المتحف البريطاني ) و يعود الفضل إلى الملك الآشوري أشور بانيبال لما يعرفه العلماء اليوم عن الأدب و التاريخ الآشوري البابلي .

الفصل الثاني : مرتكزات استمرارية التسمية الآشورية – ج1-ج2
الجزء الأوّل

ثالثا ً : مرتكزات استمرارية التسمية الآشورية بعد سقوط الإمبراطورية :
إن الدلائل و البراهين و الوثائق التاريخية تثبت و تؤكد في مجريات التاريخ , أن التسمية الآشورية لم تنصهر عبر التاريخ الطويل لها و للشعب الآشوري , و ذلك منذ سقوط الإمبراطورية الآشورية عام 539 ق.م بل على العكس تماما ً من ذلك , فلقد انبثقت قوية أصيلة في عصر القوميات في القرن التاسع عشر و ظهرت كقضية شعب يناضل من أجل حريته و كرامته و تقرير مصيره , و فيما يلي بعض الشواهد :  
1 – يشير المطران أدي شير في كتابه ( كلدو و اشور ) حينما يتحدث عن علماء المسيحية العراقيين بقوله : من أشهر علماء النصارى العراقيين الذين ظهروا في تلك الأزمنة ططيانس الحديابي الملقب بالآشوري , و قد جمع الأناجيل الأربعة في كتابه الدياطسرون .
2 –  هناك  مخطوطة في المتحف البريطاني محفوظة تحت رقم 14642 يرد فيها ما يلي : و في شهر .... سنة 1117 يونانية  806 م  هبت رياح غربية شديدة استمرت عشرة سنوات فتكسرت الأشجار و لم ينبت البذار في الأرض في تلك السنة و لا حتى في بلاد أشور , و لا .... و في يوم الفصح . و كما توضح مخطوطة أخرى محفوظة في المتحف البريطاني تحت رقم 14685 يعود تاريخها إلى القرنين العاشر أو الحادي عشر الميلادي و يتبين من خلال قراءتها : أنها حينما تتحدث عن علماء المسيحية حتى لو كانوا آشوريين تطلق عليهم تسمية (سوريايه)
و يقابلها بالترجمة العربية السريانيون , أما حينما تتحدث عن الآشوريون كشعب و كحضارة و كوطن تستخدم كلمة آتورايه و يقابلها بالترجمة العربية الآشوريون .
3 – إن آشوريو اليوم هم أحفاد الإمبراطورية الآشورية العتيدة , و قد نجا الكثير منهم بعد انهيار الإمبراطورية , و حافظ هؤلاء على لغتهم و ثقافتهم و تقاليدهم و عاداتهم حتى يومنا هذا و بالاعتماد على مصادر عديدة نقول : بأن الآشوريون لم ينقرضوا كشعب بانهيار الإمبراطورية الآشورية فالكاتب الآشوري بينيامين أرسانيس يقول : إن الآشوريون هربوا إلى جبال أشور المنيعة و عاشوا هناك فترة طويلة . و في كتاب آخر يقول : لم يُقتل جميع الآشوريين بعد انهيار الإمبراطورية الآشورية , فقد التجأ الكثير منهم إلى جبال أشور المنيعة و هرب قسم آخر بقيادة عشرة من القادة الآشوريين إلى مدينة نصيبين , و هناك في مكان مدينة أورفا الحالية أقاموا دولة جديدة عُرفت باسم ( عسرايا ) بمعمى العشرة و فيما بعد سميت هذه الدولة باسم عسروينا . ( كتاب سقوط الدولة الآشورية بالروسية ص 47 ).
4 – يرد ذكر هروب الآشوريين في التوراة , كتاب ناحوم بالروسية الفصل الثالث السطر 18 : ينام حراسك أيها الملك الآشوري , و تنام روح معنوياتك , لقد تفرق شعبك في الجبال و لن يجمعه أحد . ( العهد القديم رؤيا نينوى النبي ناحوم الباب الثالث النشيد 18 )
5 – رجوع الآشوريون إلى مناطقهم القديمة , و بعد أعوام كثيرة من سقوط الدولة الآشورية عاد الآشوريون إلى مناطقهم القديمة و أسسّوا مدينة على الشاطئ الأيمن لدجلة , و قد ظل الآشوريون يعيشون قرب خرائب مدينتهم و يمارسون طقوسهم القديمة .
6 – يرد ذكر الآشوريون في كتابات الفرس القديمة , ففي إحدى المخطوطات التي وجدت في قصر داريوس الأوّل ( 521- 486 ) ق.م و التي تتحدث عن إنشاء هذا القصر . ورد ما يلي : و قد أحضر الآشوريون أخشابا ً تسمى ( فيدرا ) الأرز من لبنان إلى بابل و من هناك أحضرت إلى هنا .
7- يرد ذكر الآشوريون كأوائل الناس الذين اعتنقوا المسيحية على يد مار أدي و مار ماري  في القرن الأوّل الميلادي في كتاب ويغرام .
8 – في عام 225 للميلاد كان الآشوريون يشكلون عشرين مجموعة دينية كما يرد في كتاب ويغرام و الآشوريون ص 36 .
9 – في المصادر الكردية : كتب أحد المؤرخين الأكراد في القرن السادس عشر يقول: (  لقد عاشت في القرن السادس عشر قبائل مضطهدة تسمي نفسها باسم أثور في مدينة ديز في منطقة هكاري في تركيا . و تضيف المصادر الكردية أن الآشوريون ساعدوا الأمراء الأكراد من سلالة العباسيين في القضاء على حكم الإيرانيين .
10 – في أثناء الفتوحات الإسلامية :  قابل الآشوريون جحافل الفرسان العرب المسلمين – و التي أوقعت الهزيمة بجيش الإمبراطور الفارسي في القادسية سنة 628م و التي حطمت فارس نهائيا ً عام 642 م – بفرح تام . فقبل سنوات من ذلك قابل البطريرك الآشوري ( أيشو باوي ) الرسول العربي محمد (ص) . و استلم منه شهادة محفوظة تخص مساعدة الآشوريين للعرب المسلمين مقابل حماية ممتلكاتهم و حريتهم و هذه الشهادة حفظت في أحد الكنائس الآشورية القديمة
( مار زيا )  حتى عام 1914 م و الآن هي محفوظة في مدينة استنبول في تركيا . و يرد فيها ما يلي مترجمة عن الآشورية : يجب حماية الآشوريون بديانتهم و أملاكهم سواء في الشرق أو الغرب برا ً و بحرا ً و هذه المساعدة تقدم لهم من أجل كرامتنا نحن , لأن َّ هذه الأمة سامية من جنسنا و هي تحت حمايتنا و لهذا السبب أيضا ً يستوجب علينا حماية المسيحيين الآشوريين من كل ظلم و الأضرار التي تصادفهم .
11 – أصدر الملك الفارسي كير بيانا ً بعد 66 عاما ً من سقوط الإمبراطورية الآشورية , ذكر فيه أنه من بين الأسرى الذين اقتادهم , أعاد الآشوريون إلى مناطق سكناهم الأصلية , وبعد موت الملك كير الذي احتل ميديا و بابل , وصل إلى العرش ابنه ( قمبيز) , ففي عهد هذا الأخير ساءت أوضاع الجماهير الشعبية التابعة للمناطق المحتلّة من قبل الفرس , بسبب كثرة الضرائب و الغرامات الحربية و استمرار التعبئة العسكرية , كل ذلك ولد عدم الرضى و تمرد الشعوب المستعمَرة , و قد رد الملك بعنف على المنتفضين و أخضعهم لسلطته و حولها إلى مستعمرات تابعة له , و يذكر المؤرخ اليوناني القديم هيرودوت بأن أغنى هذه المستعمرات كانت بلاد أشور فهو يكتب فيما بعد : أنه من بابل و من بقية بلاد أشور التي كانت تشكل المقاطعة التاسعة , وصل إلى  داريوس  ألف من العباقرة الموهوبين و خمسمائة من المقاتلين الأشداء , و يذكر في مكان أخر : و خوفا من فقدان هذه المستعمرات الغنية شن داريوس حملة شعواء ضد قادة الانتفاضة الآشورية و قد
ذ ُكر خبر إعدام أحد قادة الانتفاضة على إحدى النقوش البخيستونية لداريوس الأول .
كما يصف هيرودوت سكان بلاد أشور في زيارة له بعد مائة و خمسون عاما ً من سقوط الإمبراطورية : من اللباس و العادات و التقاليد و محاكمهم فقد كتب يقول : عن لباس الآشوريين يتألف من جلباب كتاني طويل يصل حتى القدمين و فوقه جلباب أخر من الصوف و فوق كل ذلك يلبس عباءة  بيضاء تشبه الجاكيت العصري أما الحذاء المستعمل يشبه الصندل المنزلي و شعر الرأس طويل يربط بريبانه هيكله يبعث الرهبة , و كل منهم يلبس في إصبعه خاتم عليه نقش و عصا معمولة بإتقان .
12 – وصل كسيركس 486 – 465 ق.م ابن داريوس الأول إلى السلطة و في زمنه أصبحت الحروب مستمرة مع اليونان من أجل السيطرة على أسيا الصغرى .
و بسبب استنفاذ قوى فارس البشرية أخذ يستدعي أبناء القوميات الأخرى التي كانت تحت سيطرته و إليكم كيف يصف هيرودوت الآشوريين المسلحين في جيش كسيركس : لبس الآشوريون أثناء الحملات خوذا ً نحاسية صنعت بشكل يصعب وصفها كما كان عندهم تروس و رماح و خناجر شبيه بالتي كانت لدى المصريين القدماء بالإضافة إلى ذلك يحملون هراوات خشبية ذات مسامير من حديد و دروعا ً من الكتان .
13 – في 321 ق.م وقعت المعركة الشهيرة بين الاسكندر المكدوني و ملك الفرس داريوس الثالث عند قرية آشورية ( غوغاميلا) بالقرب من أربيل و كتب المؤرخ اليوناني أريان واصفا ً حملة الاسكندر المكدوني بأنه بعد أن عبر نهر دجلة و اعطى جيشه فترة استراحة راح يجتاز بلاد أشور حيث كانت الجبال على يساره و نهر دجلة على يمينه و يضيف أريان بأن الاسكندر المكدوني أبدى اهتماما ً بشبكة الري في ما بين النهرين و عمل الآشوريون على مد هذه الشبكات و يكتب بهذا الصدد : لو لم توجد السدود التي حجزت المياه و جعلتها ترجع إلى مجراها إلى الوراء لذهبت كل مياه الفرات إلى شط العرب حاليا ً و لبقيت بلاد أشور دون مياه . و بجهود جبارة استطاع جبار بابل من سد الطريق أمام الفرات إلى مصبه في الشط , و لكن هذا السد يمكن إزالته بسهوله نظرا ً لأن َّ التربة هنا مستنقعيه  و لها صفات الطمي , و نظرا ً لهذه الخواص فهي تمتص المياه و بذلك تزداد مشقة العمل من أجل توجيه المياه في مجرى القناة  فيعمل بهذه المهمة نحو عشرة آلاف من الآشوريين و لمدة تصل إلى ثلاثة أشهر .
الفصل الثاني : مرتكزات استمرارية التسمية الآشورية – ج1-ج2
الجزء الثاني

14 – يذكر سرابون 64-22 ق.م في مخطوطاته بأنَّ الآشوريين بقوا بعد سقوط دولة آشور , و نصادف ذلك في وصف مدينة أشور حيث رجع سكانها إليها بعد أن احتل كورش الدولة البابلية . لقد أشادوا هناك معابد للإله أشور حيث كانوا يسجدون له ومن المعروف أن الإله أشور كان يخص الآشوريون وحدهم .
15 – يكتب المستشرق الفرنسي  ماسبيرو بأن الآشوريين المشردين و الذين حررهم كورش بعد سقوط بابل عادوا إلى مدينة أشور و أعادوا بناءها و اغتنوا في حياتهم لاعتمادهم على الزراعة و التجارة و من المعروف أيضا ً أنه إبان حروب  القيصر البارطيني ميتريدايت مع الحاكم سيلفكين عام 141ق.م وصل وفد آشوري إلى ميتريدايت ليقول له كلمة الصداقة و حسن الجوار من إحدى المدن على الأرض الآشورية .
16 – يتحدث أدلف دافريل في القرون الوسطى عند توسع النساطرة فيقول :
أنهم بلغوا سيلن سومطرة و الصين و بلاد التتار و الهند و أورشليم و قبرص و بلغ عدد النصارى الآشوريين حينا ذاك مائة مليون نسمة و قد قال بعد المؤرخين أن عددهم مع اليعقوبيين فاق عدد اليونان و اللا تين .
17 – كان الملك أبجر الخامس ملك الرها معاصرا ً للسيد المسيح , فوجه إليه رسالة يدعوه فيها إلى عاصمته وإشفائه من مرضه . و صرح أوسابيوس في تاريخه أن رسالة السيد المسيح كانت محفوظة في المكتبة الملكية في الرها .
و بالفعل فقد أتى أدي أحد تلاميذ المسيح إلى مدينة الرها و شفا الملك أبجر من علته و عمده , فتنصر أبجر مع عدد كبير من سكان عاصمته و كان لمار أدي عدّة تلاميذ منهم مار آجاي , فزار برفقة مار ماري , نصيبين و أشور و ساليق  و ماهوز و ديرقوني و غيرهم من المدن , حيث عمدا الكثيرين فاعتنقوا الديانة المسيحية , و تأكيدا لقصة مار أدي و الملك أبجر فإنها مدونه في كافة المخطوطات التاريخية التي هي في حوزة الآشوريين أتباع كنيسة المشرق و اليعاقبة و الأرمن و اليونان .
18 – يرد في أعمال الرسل العهد الجديد بأن الجموع التي احتشدت يوم العنصرة في أورشليم و رأت روح القدس تحل على التلاميذ و الرسل كانت مؤلفة من الفرتيين و الميديين و العلاميين و سكان بلد ما بين النهرين , و التاريخ يثبت و يقر بأن سكان بلاد ما بين النهرين و شعبها هو كالآن  آشوريين .
19 – يرد الاسم الآشوري كلقب قومي لشخصيات و شهداء في تواريخ كنيسة المشرق , و نلاحظ هذا الشيء منذ القرون الأولى للمسيحية و يزخر تاريخ كنيسة المشرق بالأسماء و الشخصيات الآشورية من أمثال الفيلسوف الملقب بططيانس الآشوري و الذي عاش في القرن الثاني للميلاد و كان يسمي نفسه بالآشوري و مار بهنام و سارة أخته الشهيدين و هما أحفاد سنحاريب ملك أشور و استشهدا سنة 352 م , و ما قرداخ الآشوري من أربيل المستشهد سنة 385 م , و سهدونا الهلموني في القرن السابع للميلاد الذي ينتسب إلى قرية هلمون الآشورية المعروفة في تركيا , و البطريرك مار ماري الآشوري توفي سنة 1000م , و البطريرك مار أوديشو الآشوري توفي سنة 1090 م , و كذلك الشاعر الآشوري الكبير خامس القرداحي من أربيل في القرن الرابع عشر الميلادي , و هذه الألقاب و غيرها تدل على أن الاسم الآشوري كان يعيش مع هذا الشعب و يستمر
 باستمرار يته .
20 – يرد الاسم الآشوري في الوثائق و المصادر الأرمنية على نحو صريح فمملكة أورهي التي يثبت التاريخ على أنها مملكة آشورية ترد كثيرا ً عند الأرمن باسم ( آسور هونيس ) أي أشور الصغرى , و أسماء القديسين الرهاويين من كنيسة المشرق , أمثال برديصان الآشوري و مار أفرام الآشوري . فهل أخطأ الأرمن في تسمية أصل و لقب هؤلاء القديسين و مملكة أورهي , و هم أي الأرمن الشعب الجار للآشوريين الذين استخدموا اللغة و الخط المسماري الآشوري في تدوين تاريخهم .
21 – ترد كلمة آشوري في الكتاب المقدس بالنسخة اللاتينية الأصلية . و لقد قامت مجموعة من مزوري التاريخ و مشوهي الفكر و الحضارة بترجمة كلمة آشوري بكلمة آرامي , فأين الأمانة في الترجمة الصحيحة و الصادقة , و أين هي مبادئ الإنسان في قول الحقيقة .
22 – يرد ذكر الاسم الآشوري في مراسلات الملك أراكلي الثاني ملك جورجيا و بطريرك الشرق الآشوري , ففي حواشي الرسائل الموجه إلى أراكلي الثاني نقرأ ما يلي  : حاشية بيد أراكلي الثاني , هذه النسخة من الرسالة التي أرسلها لنا البطريرك الآشوري و الذي قام الأسقف اشعيا بزيارتهم و استلامها أثناء عودته يبدو أنه هو الذي قام بترجمتها فالرسائل الأخرى المستلمة منه تبدو بنفس خط الكتابة و خوفا ً من بطش العثمانيين فهو يرسلها لنا بدون ختم , قمنا باستلامها في 26 أيلول 1770م .
23 – مرتكزات تواصل اللغة الآشورية و استمرايتها : أورد هنا بعض الدلائل و البراهين على الصفات و الخصوصيات التي كلنت في اللغة الآشورية القديمة و استمرارية هذه الخواص بشكل ملحوظ في لهجات لغتنا الآشورية الفصحى الحديثة و منها :
أ- إن العلل التي يراها علماء اللغات في الآشورية القديمة هي عينها الأشكالات  في لهجات لغتنا الآشورية المعاصرة مثل , انحسار لفظ حرف العين , لفظ الحاء خاءا ً,
و لفظ الفاء مثل الــ p   بالإنكليزية و اسقاط حرف الهاء في كثير من الألفاظ .
ب – إن غالبية المفردات و الاشتقاقات المستخدمة اليوم في لهجات لغتنا الآشورية المعاصرة الحديثة لها أصول لغوية في اللغة الآشورية القديمة , و المضطلع على اللهجتين الرهوية و المعاصرة , يكشف ذلك التأصل .
ج – اقتبس اليهود الأبجدية الآشورية القديمة و حافظوا على عدد من حروفها الاثنين و العشرين و أسمائها و تركيبها , لكنهم غيروا صورها و تدعى اليوم بالحرف الآشوري المربع .
د – يثبت التاريخ أن مملكة أورهي هي مملكة آشورية , و إن اللهجة الرهاوية الأصيلة هي اللهجة الشرقية أي تلفظ في نهاية الكلمة ألف الإطلاق و ليس واو كما في اللهجة الغربية . أليست الآشورية المعاصرة تمتاز بتلك اللهجة الرهاوية , و الرهاوية الشرقية .
ه – لا يوجد أداة التعريف في الآشورية القديمة و اللهجة الرهاوية و كذلك أيضا ً لا يوجد أداة التعريف في لهجات اللغة الآشورية المعاصرة .
و – أدوات أو أساليب جمع المفردات في اللغة الآشورية الرهاوية هي نفسها المتداولة في اللغة الآشورية المعاصرة و المستخدمة من قبل أبناء شعبنا الآشوري بكافة لهجات لغته المعاصرة .
ز– يؤكد الباحثون اللغويون : أن أسماء الحروف الهجائية المستخدمة اليوم
" ا ب" (ألب بيت )  ... كانت مختومة بألف الإطلاق و تشهد بذلك اللغة اليونانية التي أخذت هذه الأسماء من الآشوريين , فيقرأ حرف الألف في اليونانية ( ألفا بيتا)
و كذلك  هي اللغة الآشورية المعاصرة مختومة بألف الإطلاق كتابة ً و لفظا ً .
خ – تعتبر اللغة الآشورية الفصحى الحديثة و بإقرار خبراء و علماء علم الآشوريات المدخل الأساس في فك رموز الكتابات المسمارية الآشورية القديمة , و يؤكد الخبراء  أن لزملائهم الآشوريين دورا ً كبيرا ً في تسهيل عملية فك رموز الكتابات المسمارية , لذلك يتوجب إتقان اللغة الآشورية الفصحى الحديثة للإسراع في عملية الترجمة من أجل البحث و التحليل و الدراسات و تبيان محتويات هذه الرقم المسمارية .
24 – عصر القوميات و الدعوة  القومية الآشورية :  يعتبر القرن التاسع عشر انطلاقة عالمية نحو الدعوات القومية لشعوب العالم  و المنطقة , و الآشوريون        لم يكونوا بعيدين يوما ً عن هذه الأحداث فنلاحظ مفكرين و أدباء و كتاب ينحون هذا المنحى و يدعون إلى القومية الآشورية و ذلك من أبناء كافة الطوائف و المذاهب , أمثال نعوم فائق و أشور يوسف خربوطلي و يوسف مالك و غيرهم الكثيرين . و الآن استعرض لكم أهم ما قيل من كلمات مضيئة في طريق القومية الآشورية من جهابذة الفكر و النضال  القومي الآشوري أي أن هذه الدعوات كانت من أجل التسمية القومية الآشورية , وهم بشائر عهد النهضة القومية . و فيما يلي البعض من أقوالهم :
يقول يوسف مالك : هنالك من بين العرب و الكرد ممن أصيبوا بسوء الهضم الفكري و التاريخي يحاولون باستماتة تعريب و تكريد الآشوريين ناسين إن إذابة الأرض و السماء أهون من ذلك .
يقول الدكتور دافيد برصوم برلي : لكي أكون آشوري يجب أن أشعر بذلك .... الماضي هو تراثي يجب أن لا أنساه .. و الحاضر هو مسؤوليتي و المستقبل يدعوني للتحدي و النزال .
يقول مار اغناطيوس أفرام الأول برصوم : أيها الزمن إن دوائرك تدعو إلى الدهشةو الاستغراب بما تحدثه . ز محبتك أيها الوطن عزيزة و الذكريات , أين نينوى العظيمة ربة الشرائع السامية و الأمجاد الغابرة , وقفة واحدة بين أطلالها و آثارها الدفينة تشعرنا بزوالها , و لكن في الوقت ذاته تبعث الرعشة في مَن يحذوه الأمل  بالمستقبل.
و جاء في مقدمة الوثيقة المترجمة في 23 شباط 1920 الصادرة عن مطرانية سوريا للسريان الأرثوذكس و المقدمة إلى مؤتمر سان ريمو للسلام حيث يقول المطران أفرام برصوم رئيس الوفد الآشوري إلى المؤتمر المذكور : لنا الفخر في أن نحيط مؤتمر السلام علما ً بأن بطريرك أنطاكيا و سائر المشرق للسريان الأرثوذكس قد عهد إلي مهمة وضع معاناة و أماني أمتنا الآشورية القاطنة أغلبيتها في وديان دجلة و الفرات العليا ببلاد ما بين النهرين أمام المؤتمر.
يقول أغا بطرس : أيها الآشوريون اتحدوا لأن نتيجة التشتت هي الضياع لا محال , و هنا نلاحظ أن الجنرال أغا بطرس يدعونا بأننا كأبناء أمة آشورية واحدة بكافة طوائف و مذاهب شعبنا الأبي , مع العلم أن قوله ليس بحاجة إلى تعليق اكثر لأن دعوته واضحة كالشعاع لأنها حقيقة تاريخية وجودية للأمة الآشورية .
و أخيرا ً مَن أراد المزيد من الدلائل و البراهين على تسميتنا القومية الوحيدة الجامعة لشعبنا و هي التسمية الآشورية فليراجع  كتاب مَن نحن بالآشورية للمؤلف الدكتور بيرا سرمس . حيث أنه يثبت في اكثر من عشرين مصدرا ً مختلفا ً بأن الآشوريين الحاليين هم أحفاد الإمبراطورية الآشورية العتيدة و تجمعهم التسمية الآشورية عبر تاريخهم الطويل و ديمومة التسمية حتى عصرنا الحاضر .



الفصل الثالث : استقراء التسميات الطائفية و المذهبية
ملحق المصادر و المراجع  


رابعا ً :استقراء التسميات المذهبية و الاستنتاج الحتمي للتسمية الآشورية :
إن دراسة أو استقراء الموضوع أي موضوع يثار للمناقشة أو يطرح لها , فهو بحاجة إلى عودة إلى أجزائه أو بعضها و الحكم على الكل من خلال هذه الأجزاء و سنجري عملية استقراء لهذه الأجزاء ( تسميات طائفية مذهبية ) و الوصول من خلالها و الحكم على الكل بما يوجد فيها إلى  الوحدة المتكاملة  الآشورية , و سندرس كل التسميات الطائفية على حدا و تبيان مصدرها و مدلولها , و إليكم
أولا ً التسمية السريانية :
1 – المصدر اللغوي لكلمة السريان :
   لقد قيل أراء و نظريات كثيرة في أصل هذه التسمية فلنتصفح هذه الآراء :
الرأي الأوّل :  يقول أن أصل تسمية السريان منسوب إلى الملك سورس الذي كان آراميا ً جنسا ً . استولى على سوريا  و على ما بين النهرين فسميت البلاد ببلاد
( السورسيين) نسبة أليه و قد كان اسم سيروس بالنسبة إلى الرومان يعني كل شخص يتكلم  اللغة السريانية , غير أن هذا الرأي لا صحة له مطلقا ً , إذ لم يرد ذكر هكذا اسم حتى الآن في المدونات الآرمية القديمة و المكتشفة . حديثا ً يقول السريان بأن هذا الشخص وجد قبل موسى , إننا لا نجد في دراسة تاريخ الآراميين شخصا ً أو زعيما ً استطاع أن يغزو و يفتح البلاد و يؤسس مملكة قبل القرن الحادي عشر قبل الميلاد . لذلك يكون نصيب هذا الرأي خاليا ً من الصحة . و لم تكن هذه التسمية شائعة قبل ظهور المسيحية فلم يكن ما يسمى بلفظ سرياني قبل أن يكون مسيحيا ً و حتى في الكتاب المقدس لا نجد لفظ سرياني .
الرأي الثاني :  إن مصدر التسمية السريانية مشتق من التسمية الآشورية و إليكم بعض الشواهد :
يقول هيرودوت أن جميع الشعوب البربرية تسمي هذا الشعب المقاتل بالآشوري , إلا أننا  نحن الإغريق نسميه سريانا ً .
و في كتاب دليل الأعلام في حضارة بلاد ما بين النهرين جاء : عندما دخل اليونان إلى هذه البلاد بقيادة الاسكندر المقدوني عام 337ق.م و الذين أطلقوا عليهم  Assyrian    حسب اللفظ لغتهم و ذلك لعدم وجود حرف الشين في اللغة اليونانية.
يقول الأستاذ فريد نزها كل مَن له اطلاع في اللغة و التاريخ يعرف أن كلمة السريان أصلها أسريان و هو لفظ يوناني منحوت عن أصل آشوريان .
يقول العلامة المطران أوجين منا في قاموسه دليل الراغبين في اللغة الآرامية :
غروصا    سورايا ( سرياني ) اختصار  اغروصا آسورايا أو   اىروصا   آثوري . و يضيف أيضا ً أن لفظة السرياني على رأي أغلب العلماء المحققين متأتية من لفظة الآثوري  محرفة بعض التحريف  طبقا ً لطبع اللغة اليونانية .
2 -   المدلول المعنوي لكلمة السريان :
مهما اختلفت الآراء في أصل تسمية السريان هذا لا يؤثر على أنها مجرد تسمية دينية مسيحية يجب علينا عدم استعمالها في المجالات القومية :
-   يطلق اسم الآشوريين و الكلدان على شعب واحد بلا تمييز فهم شعباً واحدا ً لسانا ً و دينا ً و تمدنا ً و عادات , غير أنه لما انتشر الدين المسيحي بينهم نزعوا عن أنفسهم الكنية و الصفة الكلدانية نظرا ً لطابعها الوثني , إذ كان هذا الاسم مرادفا ً للمنجم و الفلكي ثم أطلقوا على أنفسهم اسم الشرقيين و على كنيستهم الكنيسة الشرقية أو الكنيسة الكاثوليكية أو كنيسة فارس , و لقبوا بطريركهم  ببطريرك الشرق أو جاثليق ساليق و قطيسفون , و قد أطلق عليهم اسم السريان الشرقيين و لكنه اسم غريب أطلقه المصريون و اليونان على أهل سوريا و من اليونان استعاره الآراميين الغربيون و من هؤلاء انطلق فشمل النصارى الكلدان و الآشوريين , لأن المسيحية جاءتهم من سوريا فسُموا بالسريان , تمييزا ً لهم عن الكلدان الآشوريين و الوثنيين . و لم تكن الكنيسة السريانية يومئذ تشير إلى أمة بل إلى الديانة المسيحية  و يدعم هذا القول ما جاء في تاريخ ايليا مطران نصيبين 975 م – 1046 م  الذي فسر لفظة السرياني بلفظة نصراني و حتى يومنا هذا نرى الكلدان الآشوريين لا يتخذون لفظة السرياني للتدليل إلى الجنسية بل إلى المذهب المسيحي الذي يدين به أولئك الناس بصرف النظر عن موطنهم و أصلهم و جنسهم .
-  في عهد ديونسيوس كان اليونان يهزؤون من السريان اليعاقبة و يقولون لهم :
إن طائفتكم السريانية لا أهمية لها من حيث أنه ليس لكم مملكة و لا قام لكم في الماضي بينكم ملك عظيم , و السؤال الذي يطرح نفسه لماذا هزأ اليونان من هذه التسمية السريانية ؟    أليس هذا القول دليل على أن التسمية السريانية لم تكن تدل على قومية شعب من الشعوب بل تدل على المسيحية حصرا ً . و الجدير بالذكر أن اليعاقبة تنبهوا لهذا الخطأ فأعلنوا أن اسمهم الحقيقي هو الكلداني الآشوري و ليس السرياني .
-   قال ميخائيل بطريرك السريان اليعاقبة : إن العلاميين و الآشوريين و الآراميين اسماهم اليونان سريانا ً و يدل هنا أيضا ً بأن التسمية السريانية استعملت كتسمية دينية مسيحية  و ليست كتسمية قومية , و يثبت هذا التحليل قول برديصان في كتابه قوانين البلدان حيث يرد فيه ماذا يمكننا أن نقول عن أمتنا المسيحية الجديدة الأمة التي أوجدها المسيح في كل مكان و نحن نعرف بالمسيحيين  نسبة ً إلى السيد المسيح و لم يعد أخوتنا الفرتيين يتزوجون من امرأتين , و الذي في بلاد فارس و الذي في ماداي , و لا يمكن لم شمل هذه الأسماء كلها تحت تسمية قومية واحدة سريانية إلا إذا دلت على المسيحية .
-   أطلقت التسمية السريانية أي المسيحية على جميع الأمم التي اعتنقت المسيحية , و ما يثبت هذا الكلام  يرد في كتاب تاريخ النصارى في العراق لمؤلفه رفائيل  بابو اسحق , استولى البرثيون على العراق و في عصرهم انتشر فيه النصرانية في غضون المائة الأولى للميلاد فترك سكانه المتنصرون اسمهم القديم و اسموا أنفسهم سريانا ً تمييزا ً لهم عن الوثنيين و قد استحسنوا هذه التسمية لأن النصرانية وافتهم من سوريا , و كلمة سوريايا  الآرامية معناها نصراني , و إلى يومنا هذا ما تزال كلمة سورايا لدى المتكلمين باللغة الآشورية المعاصرة مترادفة لكلمة نصراني  و ليس جنس أو أمة .
و أصل أخيرا ً بعد هذا التحليل اللغوي و المعنوي في كلمة السريانية إلى النتيجة الحتمية التالية : إذا اعتبرنا السريانية مشتقة من الآشورية فحري بنا أن نتسمى بالأصل و ليس الفرع , و إذا اعتبرنا السريانية بمعنى المسيحية , و هنا أيضا ً يقودنا إلى التسمي بالاسم القومي الأصيل الآشوري و ليس المسيحي , لأن المسيحية ليست للآشوريين فقط , و ليس من المفترض أن يتسمى شعب بدينه , و لا يوجد شعب في العالم يتسمى بديانته و يترك اسمه القومي .
ثانيا ً : التسمية الكلدانية :
1 – المدلول اللغوي لكلمة الكلدان :
إن المدلول اللغوي لكلمة الكلدان لا تعني سوى المنجم أو الفلكي لما كان لهذا القسم من الآشوريين من اهتمامات في علم الفلك و التنجيم .
2 – المدلول المعنوي لكلمة الكلدان :
يعود أصل تسمية الكلدان بمعناها المتداول اليوم إلى القرن الخامس عشر الميلادي عندما أعلن نساطرة  قبرص المؤمنين بعقيدة الكنيسة الشرقية النسطورية خضوعهم للكنيسة الكاثوليكية الرومانية و قبولهم لمعتقدهم اللاهوتي , و هذا يدعى التحول العقائدي لدى المؤرخين الكاثوليك بالاهتداء . حيث أصدر البابا أوجين الرابع براء ته البابوية حولهم و أمر بتسميتهم كلدانا ً  و هذا ما تقره الكنيسة الكلدانية ذاتها و مؤرخيها , حيث يقول القس بطرس نصري في تاريخه الموسوم ذخيرة الأذهان ما نصه : أصدر البابا أوجين الرابع في 7 آب من سنة 1445 م برائته الشهيرة في شأن هؤلاء المهتدين و فيها يأمر بأن لا يسموا نساطرة فيما بعد بل كلدانا ً , و يؤكد ذلك الكردينال أوجين تيسران أمين سر المجمع المقدس للكنيسة الشرقية في خلاصته التاريخية تحت عنوان الكنيسة النسطورية و المنشورة في قاموس اللاهوت الكاثوليكي سنة 1930 م حيث يقول:
إلا أن الاتحاد الحاسم كان سنة 1445 و جاء مسجلا ً في وثيقة رسمية للكنيسة الرومانية و هي وحي البراءة التي أذاعها البابا أوجين الرابع بعد أن أقر طيماثاوس  مطران النساطرة بإمانه الكاثوليكي , و قد أعلن البابا بأن لا يجوز من الآن فصاعدا ً أن يعاملوا مثل هؤلاء الهاطقة السريان ( الآشوريون الراجعون من النسطرة ) و يجب أن يسموا بعد الآن كلدانا ً .
وهكذا و مع ازدياد عدد المهتدين من النسطرة إلى الكثلكة و خاصة ً إثر الانقسام الكنسي عام 1551 م الذي لم يدم طويلا ً و تجدد في سنة 1681 م عند اتحاد مار يوسف الأوّل و الذي نتج عنه انشطار الكنيسة إلى كنيستين  مستقلتين هما الكنيسة الشرقية النسطورية و الكنيسة الشرقية الكلدانية . ترسخت معها الكنيسة الكلدانية بين أوساط الشعب الآشوري و ترسخت معها التسمية الكلدان تمييزا ً لهم عن النساطرة فقبل هذا التاريخ لا يوجد في أي من المصادر التاريخية أية إشارة لتسمية الكلدان لا ككنيسة كما هي معروفة اليوم و لا كلغة و انتماء قومي كما يريد البعض لها .
و نصل إلى أنه لم يكن هناك أي أتباع آشوريين للكنيسة الكاثوليكية الرومانية قبل القرن الخامس عشر , فهل من إنصاف الحقيقة في شيء أن يقود تكثلك النساطرة كانتماء مذهبي مسيحي إلى تكلدن الآشوريين , و لا أريد الإطالة في هذا الجانب لأنه بات معروفا ً من قبل الجميع و يقره الكتاب و مؤرخي الكنيسة الكلدانية ذاتها و رجالاتها حتى في عدم تبنيهم للتسمية العلمية و التاريخية لأبناء الكنيسة الكلدانية في كونهم آشوريين لأسباب و منطلقات مختلفة و في مقدمتها الصراعات المذهبية و الطموحات و النزعات الأنانية للقيادات الكنسية .
و هكذا نتوصل أخيرا ً من دراسة هذه الكلمة بمعناها اللغوي و مدلولها المعنوي : إن الاسم الكلداني هو اسم طائفي لمذهب مسيحي , مما يدعونا إلى النتيجة الحتمية في التسمية الآشورية القومية لهذه الطائفة و لا يجوز أن تستعمل إلا في مجال طائفي مذهبي .
و في النهاية , بإمكاني جمع مجلدات كاملة عن الاسم الآشوري عبر التاريخ و استمراريته , و إذا كانت التسمية الآشورية بكل تاريخها العميق و كل أمجادها و وجودها و استمراريتها و مقوماتها لا تخدم قضية هذا الشعب فأين تلك التسمية البديلة التي تقوم مقامها و تفعل فعلها و تؤدي دورها و تثبت تاريخيتها و تخدم القضية. لقد صدق الأديب جبران خليل جبران حين قال :
لا تستطيع أن ترى غير ظلك و أنت تدير ظهرك للشمس .
المقالة نُشرت  بقلم  نهّيرا آتورايا في مجلة صدى الوطن العدد السابع عشر آب2001
للاطلاع على المزيد من المراجع و المصادر راجع و التي لم تذكر في المقالة السابقة :
1- اميرا م- تاريخ بلاد أشور. طهران 1962 بالآشورية
2 – ارسانس.ب – اتفاق الرسول محمد رسول الإسلام طهران 1951
3 – ارسانيس .ب – سقوط الدولة الآشورية. طهران 1952
4- دافيدوف ب – تاريخ بلاد آشور. طهران 1961
5- كوزلوفسكي ن – جريمة المبشرين في أسيا و احتضار الآشوريين.  تبليسي 1932
6- سارماس ب – تاريخ الأدب الآشوري. المجلد 1-3 طهران 1962-1970
7-  بابيلا ف- آشوريو  وان. طهران 1963
8- جوارو م- تاريخ الآشوريين منذ القدم و حتى الوقت الحاضر. بيروت 1959
9- هومي غ-الأقليات القومية في العراق منذ القدم و حتى الوقت الحاضر. بيروت 1959
10- ويكرام ف – الحليف الأصغر. طهران 1967
11- ساراماس – من نكون. طهران 1965
12- المخطوطات الكنسية للجلسات الروحية
13- فاضل حسين – مشكلة الموصل . بغداد 1967
14- القديم الأرثوذكسي
15- القس يعقوب أوجين منا –المروج النزهية في أدب اللغة الآرامية ج1. الموصل 1901
16- الأب سرهد جمو – كنيسة المشرق بين شطريها – مجلة بين النهرين العدد 95-96 سنة 1961
17- الدكتور عامر سليمان- اللغة الاكادية (البابلية-الآشورية) . الموصل 1991
18- القوانين الكنسية لكنيسة المشرق – j.b.chabot .   باريس 1902
19- الأب الدكتور يوسف حبي – كنيسة المشرق. بغداد 1989
20- الأب جان موريس فييه الدومنيكي – الكنيسة السريانية الشرقية ترجمة الأب كميل اليسوعي .بيروت 1984
21- السيد محفوظ محمد العباسي الموصلي – إمارة بهدينان العباسية . الموصل 1969
22- بولس بيجان – سيرة الشهداء و القديسين (بالآشورية) ج2 .لايبزك 1890
23- جورج رو – العراق القديم ترجمة حسين علوان . بغداد 1975
24- جان موريس فييه –الحوار السرياني , برو اورينتي : انتشار الكنيسة الفارسية . دمشق ج1 1995
25- جونثان راندال – أمة في شقاق ترجمة فادي حمود .دار النهار بيروت 1997
26- رسائل مار طيماثاوس الجاثليق
27- سليم مطر – الذات الجريحة . بيروت 1997
28- عوديشو ملكو و سوزان القصراني – الفعل في اللغة الآشورية .بغداد 2000
29- ق.ب.ماتفيف – الآشوريون و المسألة الآشورية في العصر الحديث –. ترحمة د. ح د آدم دمشق 1989
30- مجلة الشرق – أصل النساطرة الحاليين – حال الخلف بازاء السلف- العدد 3 عام 1899
31- أوديشو ملكو – آشوريو اليوم . بغداد 2004
32- كتاب الصلاة الدورية  خوذرا . روما 1938
33- أوديشو ملكو - قاموس هلقا د ليشانا بالآشورية
34- كيفاركيس أغاسي – قاموس  خبري نخرايي كو ليشانا آتورايا بالآشورية
35- أقوال خادة- آدم دانيال هومه. سيدني
36- البطريرك مار بينيامين شمعون شهيد الأمة و كنيسة المشرق الآشورية – أشور كيواركس . بيروت
     بالإضافة إلى المئات من المراجع و المصادر التاريخية و العلمية  

د . بطرس تشابا