المحرر موضوع: الإكتئاب وتنوعاته !!  (زيارة 802 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل rashid karma

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 499
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الإكتئاب وتنوعاته !!
« في: 08:58 23/11/2011 »



  الإكتئاب وتنوعاته !!

رشيد كَرمة


يقال في علم النفس أن الكآبة مرض ليس له علاقة بالطب النفسي أي بمعنى آخر مرض ذو بعد شخصي وقد يكون أحد نتاجه إكتئاب مزمن يبدء من القلق ثم يتطور إلى مرض وعوق عقلي لايستوعب المُسْتَجَدْ مما يحدث وهذا يعني أن دماغ الإنسان أياً كان لايستطيع تحمل الطارئ (المتغير) بإستجابة سريعة مما يحصل نتيجة صراعه مع مايدور في الخلايا الحسية والحركية والتفاعل مع مجريات المحيط والظروف الزمكانية وما بينهما من تفاعل ,وإذا ماحدث أي تغيير عاصف  فإنه بلا شك لن يتقبله بسهوله ويسر ولقد درج الناس على معايشة الواقع دون الولوج في تفاصيله , ولكن ما أن يحصل التضاد ستجد ان الجميع يقعون في الحيرة وكل يسعى إلى المنقذ وإلى من يفسر ذلك,فهناك من يسعى للغيب وهم كثير وهناك من يجهد ويسعى للواقع المرئي وهم قليل  وأمامي الآن حالتان كلتاهما إكتئاب فبين إكتئاب شخصية شاعرية عانت من الإضطهاد والقمع والملاحقة وفجيعة فقدان فلذات الكبد والتي تطغي على منافع ذاتية ودنيوية , وبين إكتئاب حاقد لاتوجد فيه قيم ولو أدنى إنسانية!!
أود أولاً أن أشكرالعامل الميكانيكي* الذي أرسل لي مابعد الواحدة بعد منتصف الليل بقليل** رسالة عبر الهاتف بمتابعة برنامج تلفزيوني مباشر إستضاف أديب وشاعر ومناضل عملاق حُلي إسمه (موفق محمد) وأعرفه (موفق) بكنية أخرى***وكان مكتئباً وله الحق في ذلك ,وإ ن نذرت والدته بشموع سبع أو تسع تطفوا على شط يقسم الحلة (بابل ) إلى شطرين جميلين متكافئين في الحب والبهجة في الإنتماء والإلتزام كي يكون مُوفقا ً. ولكنه النذر الغيبي ألا مرئي قد يفي وقد لايفي وأحسب أن نذر (أم موفق وقابلته ) قد صدق ووفى وزاد .إنه إبن بار وكفى, ووُفقَ في أحلى الإختيارات والإختبارات وأبهاها وأزهاها وستظل مزهرة إلى يوم لقياها .و تكاد مدينة الحلة ان يكون إسمها مدينة الإبتسامة, أو المدينة المبتسمة , أنا لست حُليا(حلاويا) وهكذا تسمى باللهجة العراقية , ولكنني تربيت على أخلاقها, فلي في الحلة أخوال وأعمام ورفاق وضياع ضاقت بيني وبينهم السبل,وشط الحلة ملكٌ للجميع ولكنه معروض للبيع, وهذه ليست سابقة!وهنا الإكتئاب . صعدت في مراهقتي باصاً لنقل الركاب وأنا أتحصنُ بكآئبتي  بين مرقدي الحسين والعباس أبناء علي بن أبي طالب وولادتي في شارع (أبو الفهد )وهنا كآبتي الأولى , قاصدا المدحتية حيث حبيبتي التي تتحصن هي الأخرى بكآبتها بالقرب من مرقد ( الحمزة)فوجدت الطريق ملتويا وذا إستدارات حادة , سألتُ حينها السائق وإمرأة كبيرة السن عن تأريخ الشارع وكيف أضحى ملتويا . فكانت الإجابة متطابقة , وهي أن الملاكين الذين كانوا حكام العراق الفعليين قبل تأريخ 14 تموز 1958, يأمروا المهندسين وعمال شق الطرق بالإبتعاد عن بساتينهم ورغم أنف مصمم الخريطة والوزير والحكومة , ولولاهم لكان طريق الحلة ــ الحمزة مستقيما وقصيراً , واليوم إذ يحكم (اللصوص) فسيباع ليس شط الحلة وإنما وطنٌ بأكمله , ونبقى نحن المكتئبون مع وحدة نسيج العراق وأرضه ومياهه, وأحسب أنه إكتئاب لابد منه لوجود الغيرة والضمير وشرف المواطنة,ولكن لاغيرة ولاشرف ولا ضميرلمن يكتئب أيا كان لأنه لم يجد في العراق الحالي وفي كل دول العالم العربية والإسلامية والأوربية على الجدران وفي الشوارع والمدارس والمساجد والكنائس والبارات والمسارح والبيوت والنوادي الأجتماعية الديمقراطية صورة الجلادين والدجالين وصورالمقبور(صدام)...ستزال مِنّا الكآبة يوما ما لأننا نحب الحياة والبشر ونحلم بغد أفضل ولكن الكآبة ستلازم الطائفيين والعنصريين وعشاق السلطة والمال وأن فلحوا للوصول إلى الدول الأوربية ومنها مدينة  بوروس أحد أهم المدن الصناعية والتجارية في مملكة السويد .
الهوامش:
*العامل الميكانيكي العراقي(جاسم التميمي)
** إتفق الناس هنا في (السويد) دون قانون إلزامي بحضر المكالمات الهاتفية والإتصال بعد الساعة التاسعة مساء,والموجبات هي أن الجميع سينهض للعمل في الغد ولابد من راحة كي يبدء الناس نشاطهم وإبداعهم, والعمل الجاد خيرٌ من أئ شئ.
*** (موفق محمد) أو (موفق خمرة), شاعر الوجع العراقي لم تكن الظروف مواتية لحياته الإبداعية كما هي لغيره من شعراء وأدباء رائعين وجميلين في ديالى وكربلاء والحلة والناصرية والبصرة والنجف والديوانية والعمارة والكوت  وغيرها من المدن العراقية  الجميلة ولولاها لكنا أمام ظواهر وحالات تشغل فعلا الناس وتملأ دنياهم. يقول( موفق خمرة )متهكما وساخراً ومتحدياً :
من رأى منكم عراقياً فليذبحه بيده
فان لم يستطع
فبمدفع هاون وإن لم يستطع
فبسيارة مفخخة
وذلك أضعفُ الإيمان
رواه القرضاوي
وهو يكرع دماء العراقيين والعراقيات
ملاحظة  :  ارجو متابعة نتاجات هذا العراقي الحلي(موفق محمد)
  رشيد كَرمة   السويد  22 تشرين الثاني 2011