المحرر موضوع: المسيحيون العراقيون (حلقة خاصة)  (زيارة 1144 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Abdullah Hirmiz JAJO

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 604
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
المسيحيون العراقيون (حلقة خاصة)
المحنة المتجددة

ونحن نكتب سلسلة من المقالات عن المسيحيون العراقيون نستقريء بها ما نعتقد أنه سبب لكل ما يعانيه أبناء شعبنا من مشاكل واضطهادات وأعمال عنف منظمة بغية أن نستطيع من خلال ذلك الوصول إلى نتائج ربما تكون مفيدة للجميع، ... حدث ما لم يكن نتوقعه من أحداث في أقليم كردستان وتجاه شعبنا المظلوم والمضطهد دوما وكأنها هذه هي باستمرار النتيجة التي يصل إليها شعبنا في العراق، والذي كان هو من بناه؛ أقله منذ ألفي سنة ونيف، أي منذ اعتناقه المسيحية إن لم نقل قبل ذلك بآلاف السنين، ومتاحف العالم شاهدة على ذلك حتى قبل متاحف العراق حيث حاولت العهود المختلفة التي تعاقبت على حكم العراق تغييب تاريخ هذا الشعب بغية تحريف الحقائق، لكن هل نستطيع تغطية الشمس بغربال؟

وأنا أتابع ما يرد من المعلومات أولا بأول وأُقلب مواقع الانترنيت عن تفاعل ذلك مع ما يجري على الأرض لم اجد أهتماما يُذكر في المواقع الإخبارية الرئيسية المعروفة سوى خبر مقتضب في BBC وهي أيضا ركزت بخبرها على اعتقالات للإسلاميين وكأن ما جرى كله حسبما أوحت هي به بأنه عملية للإيقاع بالأحزاب الإسلامية والانتقام منها، وخلت بقية المواقع: كالعربية ورويتر والجزيرة عن أية تلميحات لما جرى ويجري وكأن شعبنا أصبح ألعوبة يتم تحطيمها متى ما شاء اللاعب ومصيره غير مهم وليذهب إلى المجهول ولتبقى السياسة الدولية تبحث عن مصالحها وشعب يتدمر ويتم أضطهاده علانية ليس بالأمر ذو أهمية.

كما وجدتُ من خلال متابعة ما بثته مواقع شعبنا .... التركيز وبث الصور التي تردهم من مراسليهم حيث ترينا حرق مخازن بيع المشروبات الكحولية فقط !!! وهذا أيضا هو النظر لزاوية ضيقة لما جرى ومازال يجري، وجعلوا منا عندما نكتب عن شعب يتعرض للظلم وكأننا ندافع عن بائعي المشروبات الكحولية لا غير، أما الولوج إلى الحقيقة والرعب الذي يعيشه شعبنا في هذه اللحظات وهو يفكر أن ملاذه الذي اعتقده آمنا في كردستان يتبخر أمامه، وأنه يفكر بأن بقائه في بلدات عربية قبل حزم أمتعته نحو كردستان ربما كان الأهون رغم أن أهون الأمرين هو مرٌّ ومر لاذع، ولم نلحظ من يفكر بنتائج ما جرى وما سينعكس على المستقبل المظلوم لشعبنا.

ربما الكثير منا ولأول وهلة قد أصابتنا الصدمة ولم نستفق منها بعد لأننا عشنا في كل المناطق التي تعرضت للأذية وعايشنا أخوتنا من الكرد ورأينا مدى طيبتهم وحبهم للحياة والعمل نحو تحقيق العدالة والسلام في ربوع كردستان ولن أميل بأفكاري للتصديق أن الشعب الكردي وحتى القيادات الكردية التي تقود كردستان لها يد فيما يجري!!! لكنه يجري ... وأمام مرأى ومسمع أجهزة الأمن والأسايش والحكومة وبشكل منظم وكأن موجة التدمير تتحرك وتضرب هنا وهناك بحرية ولا تشعر بوجود للسيطرات الأمنية ولا للشرطة المحلية ونحن نعرف المنطقة جيدا ونعرف كيف أن سيطرات الأمن منتشرة والأجهزة الأمنية بكل مكان، فكيف لجموع بالمئات تتحرك بالعصي والهراوات وتقوم بالإحراق والتدمير والأجهزة الأمنية لا علم لها؟ إذا أين أصبح أمن كردستان ؟ وكردستان الآمنة؟ وغيرها من العبارات التي كان الجميع يرددها ومنهم كاتب هذه السطور؟
إذا الأمر بضاهره هو محلات بيع المشروبات والمساج، لكن في الجانب الآخر هو أيصال رسالة لأطراف عدة، مفادها:




•   أن خروج الأمريكان سيؤدي بالعراق إلى مزيد من الدمار،
•   وأن على المسيحيين أن يمضوا قدما بطلب الحماية الدولية،
•   وأن الأقليات لا مكان لها بين الأقوياء فلا نتحدث هنا فقط عن المسيحيين بل عن الايزيديين أيضا،
•   ومفاد هذه الرسالة أيضا أن الربيع العربي لا يشمل العرب فقط فإن كردستان هي في طريقها إلى ربيع كردي
•   وإن المخطاطات الرهيبة التي تخطط للمنطقة لم يغب عن بالها ترتيب الأوضاع في كردستان العراق أيضا،
لأن مخططي مستقبل السياسة في المنطقة يعرفون جيدا أن لكردستان أمتدادت جغرافية في تركيا وفي أيران وسوريا وغيرها، وأي تنسيق سيحدث بين كل هؤلاء سيؤدي إلى أعادة ترتيب أوراق المنطقة ككل ورسم خارطة جديدة وستظهر دولة جديدة ربما ستغير موازين القوى الحالية والتحالفات الموجودة.


فهذه وغيرها حركت ما جرى وربما ستحرك لاحقا موجات أخرى إن وقفت السلطات المعنية موقفها الذي وقفته وستحترق أصابع اللاعبين بمصير الشعوب حتما ومعها سيحترق كثيرين فإن كان اليوم أضعف حلقات مجتمع كردستان قد تعرض للأذية فغدا ربما يتم تطوير ذلك كي يتم التعرض لمن هم أقوى منهم وهكذا ستكبر المشكلة وتصبح أكبر من أن يتم السيطرة عليها من الحكومة المحلية، وكلنا نرى حزبا صغيرا ما فعل وما يفعل بتركيا المتحالفة مع الحلف الأطلسي وتعمل جاهدة للقضاء عليه، دون جدوى وتجيش جيوشا وحملات وتقصف وتعتدي ولا تحصل على النتائج، فكيف إذا اشتعلت الشرارة في المنطقة ؟ لأنها وقبل أن نتكلم عن مصير المسيحيين والأيزيديين، سنتحدث عن المناطق الخلفية للحزب التركي ومدى استفادته من تردي الأوضاع في دهوك المحافظة الكردستانية المجاورة لتركيا، وإذا افترضنا أن موجة الشر هذه ستكبر إذا بقيت أمور ملاحقة القائمين عليها كما هي اليوم، فإن كردستان كلها ستشتعل لا سامح الله وعندها ستنتقل الشرارة للدول المجاورة، وقد ربما صحّت أخبار أن شرارة أشعال المنطقة ستبدأ من العراق، ونسأل الله أن يخيب ضنّ الأشرار، وأن تعمل حكومة كردستان بما عهدناه منها بحكمة لتعويض المتضررين واتخاذ الاجراءات الكفيلة بحماية ممتلكاتهم مستقبلا ودرء الخطر عنهم، لأن مسيحيي كردستان وأيزيدييها هما الشعبان الصغيران المسالمان اللذان لا يمكن أن نفكر يوما أنهم سيكونون مصدر قلق لكردستان ولا لغيرها.

فنسأل الله أن يحفظ الشعب العراقي عموما وشعبنا المسيحي والإيزيديين من كل أذى ويكون ما جرى يوم الجمعة الثاني من ديسمبر 2011 درسا للقيادات الكردية كي تعيد ترتيب أوراقها، وأن لا تسمح بأن يطال الظلم أي من مواطنيها، فخسارة أي إنسان وممتلكاته هو خسارة كبيرة للجميع، فمعا نكون أقوياء ونحقق المستقبل الزاهر لمنطقتنا وأهلنا.


عبدالله النوفلي