المحرر موضوع: دروس وعبر من ألأحداث الأخيرة في أقليم كردستان  (زيارة 1180 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل نافــع البرواري

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 386
    • مشاهدة الملف الشخصي

دروس وعبر من ألأحداث  الأخيرة  في  أقليم كردستان
انّ احداث زاخو ودهوك  ألأخيرة في يوم الجمعة المصادف2-12-2011 ، وغيرها من الوقائع التاريخية قبلها، تستدعي منّا  نحن ألأقليّات ، وخاصة( شعبنا الكلداني السرياني الآشوري وغيره من ألفئات من الأرمن واليزيديين وغيرهم) ، الى أعادة النظر في تقييم سياستنا وعلاقتنا مع اخوتنا في الحزب الديمقراطي الكردستاني ، وذلك بالوقوف مع هذا الحزب للتصدي لمخططات خطيرة يتم طبخها من قبل أيادي خفية معروفة . واذا لم نعيد النظر في تقييمنا فنحن سنتحمّل جزءا كبيرأ من المسؤولية، مما سيأتي بألأسوأ في الأيام والأشهر القادمة . وفي نفس الوقت على أخوتنا الأكراد وعلى رأسهم الحزب الديمقراطي الكردستاني أن يعيد النظر بسياسته السابقة ويُقيّم ما جرى من ألأحداث بحكمة وعقلاني، لينتقل الى مرحلة جديدة وشائكة ومليئة بالمخاطر لا بل قد تكون المرحلة القادمة مرحلة مصيرية لحكومة أقليم كردستان ، لأنّ ما حدث من احراق النوادي ومحلات المشروبات الروحية ، العائدة الى المسيحيين واليزيديين في زاخو،  قد يتجاوز كثيرا ما قد يتصوره الحزب بأنّه أحداث غوغائية عابرة بل قد تكون مقدمة لأحداث خطيرة قادمة لم تخطر على بال الساسة في اقليم كردستان، بسبب ما يحدث في العالم العربي والدول المحيطة بهم ، وما يخطط له ألأعداء لهدم ما تم انجازه في هذا ألأقليم الذي هو عبارة عن واحة في وسط صحراء . ومن خلال رصدنا للأحداث الداخلية في العراق عامة وأقليم كردستان خاصة وربطها بأحداث ما يسمى الربيع العربي سنصل الى نتائج بالغة الخطورة تحتاج الى جهود جبارة من قبل الخيّرين في أقليم كردستان العراق ليتم الوقوف صفا واحدا للدفاع عن ما حققه هذا ألأقليم من ألأنجازات العظيمة وبزمن قياسي يكاد يكون معجزة، أذا ما قارناه بانجازات الحكومة المركزية العارقية . ولا ننسى أنّ هذه الأنجازات تمت في أوضاع غير مريحة بسبب الأعداء من الداخل و تكالب ألدول الأقليمية ، من الخارج ، على التدخل في شؤون هذا الأقليم ومحاربة انجازاته لأنّ تلك ألأنجازات ساهمت في توعية شعوب المنطقة المحيطة باقليم كردستان العراق لكي تنقلب على حكامها وأنظمتها ألقمعية والدكتاتورية ، التي أستعبدت شعوبها لعشرات السنين . وكان اقليم كردستان ملجأ لكل المضطهدين من العراقيين خاصة والعرب عامة ولا ننسى دور حكومة ألأقليم ، وعلى رأسهم ألأستاذ مسعود البارزاني ، في ايواء ومساعدة المسيحيين النازحين والمهجّرين من مدن جنوب العراق وخاصة من محافظة نينوى الى ألأقليم ، ولا ننسى ما قدمه للمسيحيين  من المساعدات الأنسانية ، فعلينا أن لا ننكر هذا المعروف مهما كانت الخلافات بيننا وبين أخوتنا الأكراد.
ولكن رغم كُلِّ ألأنجازات التي شهدها الأقليم ، ورغم كُلِّ الأيجابيات ، ونحن ألآن لسنا في صدد تعدادها، هناك سلبيات كثيرة  أيضا رافقت مسيرة هذا ألأقليم ، وعلى مر السنين تراكمت هذه السلبيات وتحتاج اليوم الى جهود جبارة  لتلافيها وازالتها بل أستئصالها ، لأنَّ المرحلة الحالية ، وحسب رأيي الشخصي ، تحتاج الى التقييم والمراجعة ونقد الذات ، لتستطيع الحكومة الحالية القيام بواجبها تجاه شعبها بقيادة الحزبين ، وعلى راسهم ألأستاذ مسعود البارزاني ،الذي يمتلك حكمة وخبرة طويلة لا نشكُّ في قدرته ، ولكن على المسؤولين في حكومة الأقليم أن يعرفوا أنّ ما تم أنجازه عبر سنوات طويلة وبجهود وثابرة وبدماء الشهداء،  قد يزول خلال أشهر بل أيّام ، اذا لم ينتبهوا المسؤولين من القادة (سواء من الحزب الحاكم أو المعارضة) على المخاطر المحدقة بهذا ألأقليم النابض بالحياة ، سواء كانت هذه المخاطر من الخارج أو من الداخل.
وعلى الشعب بجميع أطيافه أن يقف صفا واحدا مع الخيرين ، ضد قوى الظلام ، وكُل محاولات ألأعداء لهدم هذا الصرح الشامخ  الذي شيده هذا الشعب بدمه . ولكي يقوم المسؤولين بخطوات الى الأمام للقيام بهذا الدور الخطير لابد أن يراجعوا ويقيّموا السلبيات التي أدت بهذا الأقليم للوصول الى ماوصل اليه ألآن ، وبصورة عامة يمكن تلخيص أهم هذه السلبيات كما يلي:
1-انَّ سياسة الحزبين ، الديمقراطي الكردستاني والأتحاد الوطني ، بسماحهما للأفكار المتطرفة في داخل الأقليم بالتنامي بحجة كون الأقليم واحة للديقراطية والحرية ، خلق أجواء وبيئة خصبة لنمو الأفكار المتطرفة وخاصة الأحزاب ألأسلامية ألأصولية الراديكالية . فهذه ألأحزاب تستغل الطبقات الفقيرة والمهمشة والمتخلِّفة ثقافيا وعلميا ، لنشر فكرها الظلامي كما حدث ويحدث في الدول العربية والأسلامية ، فكان على السياسيين ، من أخوتنا ألأكراد ، سد هذه الثغرة التي سمحت للأصولية الأسلامية باستقطاب الشعب الكردي في ألأقليم ، وكان على حكومة ألأقليم بناء مشاريع صناعية وزراعية وترفيهية ورياضية ، لأستيعاب العاطلين عن العمل في ألأقليم وأعطاء دور لهؤلاء الشباب في المشاركة في الأحزاب والمنظمات الشعبية ، لأنّهم هم سيقودون الحكومة مستقبلا ، وهم الطاقة الخلاقة والأبداعية في المجتمع ،  هذا بالأضافة الى ذلك  علينا أن لا ننسى كون الأقليم محاطا بطوق من الدول العربية والأسلامية ينتشر فيها الفكرالظلامي الذي يستقطب قسم من الشباب الذين يتم غسل عقولهم وتدجينهم والأغرار بهم بسهولة ، من قبل بعض شيوخ وأئمة المساجد والحركات والأحزاب الأسلامية المتطرفة .
2-الخطأ الآخر الذي وقع فيه الحزب الديمقراطي الكردستاني ، هو عدم  الحفاظ على التوازن في بناء البنية التحتية للمشاريع ألأعمارية في الأقليم مع البنية التحتيه لبناء ألأنسان ، وهذا من أخطر الأسباب الذي أدّى و يؤدي الى عدم الأستقرار في الأقليم خاصة وفي العراق عامة ، بسبب الهوّة العميقة بين عقلية وثقافة الشعب الكردي الحالي وبين الطموحات  السياسية للساسة في أقليم كردستان . فالديمقراطية والحرية والمساواة لايمكن استيعابها أو تطبيقها في مجتمع غير مأهل فكريا وحضاريا وثقافيا لهذه المبادئ ، وكان على الساسة  والمسؤولين في أقليم كردستان أن يعيدوا النظر، وبصورة شاملة ، على المناهج الدراسية والوسائل التعليمية والتثقيفية لكي يهيئوا ألأجواء  للتأهيل الفكري والثقافي وألأجتماعي للأجيال القادمة ، وذلك بالتركيز على السلام والتعايش والمحبة والمساواة بين المواطنين مهما اختلفوا في العرق أو الدين، وقبول الآخر والتركيز على مفهوم الحرية والديمقراطية  لتوالم الشعب الكردي وليس في استنساخ ونقل هذا المفهوم من الخارج وتطبيقه في الداخل دون مراعات ثقافة الشعب الكردي وتراثه وتاريخه الماضي والحاضر ، والأستفادة من الدروس والعبر التي عاشها العراق منذ سقوط النظام سنة2003 ، لكي يكون أساس البناء قويا لا تهزه العواصف.
3-تهميش دور الأقليات ، بقصد أو بغير قصد ،  في المشاركة في رسم سياسة الأقليم  وكان آخرها عدم تخصيص مقاعد برلمانية للأقليات وخاصة للمسيحيين  في مركز المحافظات والنواحي لأقليم كردستان ، والتركيز على القومية الكردية بصورة  قد تكون مبالغ  فيها دون الأعتراف بدور المسيحيين عبر التاريخ وحضارتهم المتجذّرة في القدم ، وكذلك غض النضر عن الأراضي والقرى المسيحية التي استولى عليها بعض من اخوتنا ألأكراد ، والتغيير الديموغرافي للمنطقة ، مما جعل الكثيرين من المسيحيين والأقليات الأخرى يشعرون بخيبة أملهم نتيجة هذه الممارسات , علما أنَّ المسيحيين ، كانوا ولا يزالوا العصب الحيوي في بناء المجتمعات قديما وحديثا ، وهذا ما يشهد له التاريخ العربي والأسلامي ، وكان لهذا التهميش للمسيحيين ، دور كبير لأعطاء أ شارة خضراء لبعض ألأحزاب الأسلامية المتطرفة ، لأضطهاد ألأقليات وترهيبهم .
أن ألأحداث التي وقعت في زاخو ودهوك وزاويتة وغيرها في اقليم كردستان هي ناقوس خطر على ألأقليم كُله ، بأكراده واقلياته ، وهذا ما كنّا نتوقّعه نتيجة ما جاء أعلاه وبسبب المد للحركات الأسلامية الراديكالية في الشرق الأوسط عامة والعراق خاصة ، فكان من مصلحة السياسيين في الحزبين الرئيسيين في أقليم كردستان ، وخاصة حزب الديمقراطي الكردستاني ، أن يلتزما بالأقليات لتكوين جبهة سياسية  قوية لمواجهة التيارات الأسلامية المتشدّدة في البرلمان والحكومة. وكان على السياسيين تعلم الدروس والعبر من التهميش والأضطهاد الذي تعرض له الأكراد عبر عشرات السنين من قبل الأنظمة الدكتاتورية المتعاقبة في العراق خاصة وبقية الدول المجاورة عامة ، لكي لا يكرروا نفس الأخطاء التي وقعت فيها تلك الحكومات المتعاقبة بشأن تهميش دور الأقليّات ومنهم أخوتنا ألأكراد .
 4-انَّ عدم الأسراع في حل ملف القرى والأراضي وأملاك المسيحيين التي تم ألأستيلاء عليها أو مصادرتها من قبل أخواننا الأكراد بعلم الحزب الديمقراطي الكردستاني ، فسح المجال للكثيرين من أخوتنا الأكراد بالتشبث بهذه القرى والأراضي وأعتبارها مُلكا لهم ، وهذا التأخير في ارجاع حقوق المسيحيين ، قد فتح الشهية للأخرين في الطمع بما تبقى من قرى وأراضي وأملاك المسيحيين الباقية ، والأحداث الأخيرة  احدى أهدافها الرئيسية هي محاولات المعتدين  لترهيب المسيحيين خاصة وتخويفهم ليهاجروا ويتركوا أرضهم وممتلكاتهم ليستولوا على ما تبقى منها كما حدث سابقا.
5- ان استبعاد وجود ممثلين لشعبنا (الكلداني السرياني الآشوري ، والأرمني) في برلمان أقليم كردستان  ومحاولات حكومة الأقليم تكريد شعبنا ، هذا قد ساهم و يساهم في  التشهير بسمعة الأقليم في المحافل الدولية وخاصة في الأمم المتحدة وحقوق الأنسان ، اضافة الى ذلك ، قد يخسر الحزب الديمقراطي الكردستاني مزيدا من المقاعد البرلمانية لحساب المعارضة ، خاصة لأحزاب اسلامية راديكالية . وكان على الحزب الديمقراطي الكردستاني أن لاينسى دور ألأقليات  في المساهمة في ثورة أخوتهم ألأكراد منذ 1961 ووقوفهم مع هذه الثورة واختلاط دم شهداء أخوتنا ألأكراد مع دم شهداء أخوتهم من ألأقليات الأخرى، وخاصة شعبنا المسيحي، بالأضافة الى ذلك  فأن المسيحيين وعبر التاريخ هم شعوب مسالمة أمينة وحريصة على التعايش السلمي مع أخوتهم الأكراد ، ولهم حضارة متجذِّرة في هذه الأرض والتاريخ يشهد على ذلك ، وأثّروا وتأثّروا في ثقافة الشعب الكردي وساهموا في تطوير وبناء أقليم كردستان ، فكان على حكومة ألأقليم مشاركة المسيحيين في كافة مجالات الحياة السياسية وألأجتماعية والثقافية والتعليمية ، وجذب المهاجرين من المسيحيين ليساهموا بأموالهم وأفكارهم وخبراتهم لبناء أقليم كردستان بناءا عصريا وحضاريا لخدمة الجميع.
6-انتشار ظاهرة المحسوبية والعشائرية والفساد المالي والأداري في بعض مناطق أقليم كردستان العراق هي مشكلة تاريخية لم تستطع حكومة الأقليم القضاء عليها بالرغم من القوانين التشريعية التي تؤكد المساواة بين أفراد الشعب الواحد ، وهذا ما خلق طبقات عديدة في المجتمع الواحد ، مما أدى الى وجود طبقة تتحكّم في اقتصاد وسياسة ألأقليم على حساب الغالبية من الشعب الذي يعيش في أوضاع صعبة  بسبب سيطرة الطبقة الغنية على جميع المرافق ألأقتصادية والسياسية  والأجتماعية ، مما خلق هوّة سحيقة بين غالبية الشعب والحكومة الحالية بقيادة الحزبين  الديمقراطي الكردستاني وألأتحاد الوطني ، هذا بالأضافة الى فقدان الثقة بالحكومة الحالية بسبب عدم تنفيذ وعود قطعتها على نفسها ، ولم تقم بتنفيذها لصالح الشعب الكردي ولا لشعوب الأقليّأت، وخاصة أذا عرفنا أنّ الأقليات استبعدت من القرارات السياسية والأقتصادية وهُمّّش دورها في التخطيط العمراني والبنى التحتية، لا بل حُرمت هذه الأقليات ، وخاصة في سهل نينوى ، من مشاريع انمائية لتشغيل ألأيدي العاملة والموظفين ، مماأضطرّت نسبة عالية من هذه الأقليات الى مغادرة الوطن .
7-انفراد السلطة الحالية بالحكم ولمدة طويلة وعدم التداول السلمي للسلطة ، مما أثقل كاهل مؤسسات الدولة وفقدان حيويّتها ونشاطها وتجددها ، وفرض نوع من الدكتاتورية القمعية وجمود في الفكر والأبداع في جميع مرافق الحياة ، فاصبح المجتمع في أقليم كردستان يجتر نفس القوانين والأنظمة السابقة. وكان ، حسب رايي الشخصي ، على أخوتنا ألأكراد الذين ساهموا في الثورة  الكردية منذ خريف 1961 ، في تهيئة كوادر ذي خبرة في حكومة ألأقليم وبقاء الثوّار (المحاربين القدماء) كرموز للثورة ومفخرة للأجيال القادمة وعلى رأسهم ألأستاذ مسعود البارزاني وألأستاذ جلال الطالباني ، لأنّ المقاتلين كما يخبرنا التاريخ وتجارب الشعوب لايتقنون أختصاصات أخرى، وكان على أخوتنا ألأكراد تكريم هذين الرمزين كرؤساء فخريين طوال حياتهم ، وخير نموذج هو نلسون مانديلا زعيم جنوب أفريقيا عندما تخلى عن السلطة ، ولكنه بقي رمزا للثوار ليس لشعب  أفريقيا الجنوبية بل لكل العالم .
  بالأضافة الى كل ما ذكرناه فانَّ المجتمع في اقليم كردستان أصبح مجتمع استهلاكي أكثر مما هو مجتمع يساهم في بناء العقول  وتشجيع المهارات الفردية وألأبداعات والبحوث العلمية والثقافية والتربوية ، وكذلك عدم تشجيع القطاع الزراعي ودعمه ليكون دعامة قوية للأكتفاء الذاتي مما جعل الكثيرين من المزارعين يتركون قراهم وأرضهم الزراعية ويلجأوون الى المدن بسبب وجود فرص للعمل في هذه المدن . كلِّ هذا  بسبب الأعتماد الكلي على موارد النفط ، هكذا تتكرر ألأخطاء في أقليم كردستان كما هي في حكومة المركز .
بقلم
نافع البرواري