المحرر موضوع: والعودة الى الام .والحرة ( أماريغي) بلغتنا الكلدانية القديمة.وبين عبودية الديون عبر التاريخ المدون  (زيارة 1516 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل مرقس اسكندر

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 115
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
العودة إلى الأم'. هذا هو الحل الذي ابتكره الكلدانيون القدماء  قبل خمسة آلاف عام سكان العراق القديم. وعبارة 'العودة إلى الأم' هي الأصل اللغوي لعبارة 'إعلان الحرية' والتي تعني لدى الكلدانيون 'الإعفاء من الديون'. يروي تفاصيل ذلك كتاب صدر حديثاً بالإنجليزية عنوانه 'الدَّيْن: خمسة آلاف عام الأولى'. ويذكر مؤلف الكتاب، ديفيد غرايبر، وهو عالم أنثروبولوجيا أميركي، أن الدَّيْن ارتبط بالعنف، ونشأ في الأصل عن الرِبا الذي كان يؤدي إلى إفقار المزارعين فيضطرون في مواسم القحط والكوارث الزراعية إلى رهن ممتلكاتهم، بدءاً بالحبوب والمعز والأثاث، ثم يرهنون مزارعهم ومنازلهم، وحتى أطفالهم وزوجاتهم وأنفسهم، حيث يصبح الجميع رهائن يعملون لصالح الدائن حتى يوفوا دينهم.
 
 



و'ديون الفقير تحطّ من شأنه، ما يُنتزعُ من فمه يُدفعُ لأداء الدين'. يقول ذلك الكلدانيون  الذين كانوا يهجرون مزارعهم هرباً من هذا المصير. وكان ملوك  وامراء الكلدان ، ومن بعدهم ملوك بابل، يعلنون دورياً الإعفاء العام من الديون خشية أن يؤدي هروب المزارعين إلى انهيار المجتمع. وجرت العادة أن يُعلن كل ملك جديد يتولى السلطة عفواً عاماً عن جميع الديون، باعتبار ذلك واجبه الأساسي في إعادة بناء المجتمع، حيث يلغي الديون بالكامل، باستثناء التجارية منها، ويعيد جميع الأراضي إلى مالكيها الأصليين، ويفك أسر الرهائن ليعودوا إلى عوائلهم. عملية تحرير رهائن الدين تعني حرفياً 'العودة إلى الأم'، ومنها جاءت كلمة الحرية 'أمارغي' amargi والتي استخدمها  الكلدانيون لأول مرة في التاريخ، وأدخلوا مفهوم 'الحرية' إلى جميع اللغات.

ويقول المثل  الكلداني 'كل ما يملكه الفقير لا يعادل القهر'. يجهل ذلك كبار علماء الاقتصاد الغربيين الذين يغفلون منذ آدم سميث حقيقة أن الديون نشأت قبل النقود، وليس العكس. ويشير ديفيد غرايبر إلى أن علماء الأنثروبولوجيا أدركوا منذ قرن تقريباً أن نظام الدَّيْن، والجداول، وحتى حساب المدفوعات، نشأت قبل النقود بوقت طويل، وكان آدم سميث يعتبر تاريخ الاقتصاد بدأ مع المؤرخ الإغريقي هوميروس. 'ونعرف الآن من الوثائق المصرية والعراقية القديمة أن نظام الاقتراض الذي يسمى في الوقت الحالي نقوداً افتراضية، سبق ذلك بآلاف الأعوام. والنقود أوجدها في الحقيقة البيروقراطيون لمتابعة وضع الموارد، وانتشارها غير المتساوي، ولم تحل النقود قطُّ محل أنظمة الإقراض'.
ويثير الدهشة كيف يؤرخُ معظم علماء الغرب للاقتصاد بسك النقود والسبائك حتى في عصر النقود الإلكترونية أو 'الافتراضية' حيث 'تجري الحياة الاقتصادية في الواقع في مجتمعات وأسواق حقيقية، وكل شخص قد يكون مَديناً لكل شخص آخر بعشرات الطرق، ومعظم المعاملات تجري من دون استخدام نقود'.
وليس صدفة أن يكتشف ذلك علماء الأنثروبولوجيا، وهو العلم الذي يدرس الإنسان، عبر الحدود والحواجز الزمنية والمنهجية القائمة بين العلوم المختلفة.  ,وارض  الرافدين هو الموقع 'اللوجستي' لرؤية تطور المجتمع الإنساني، حيث يمكن مشاهدته ميدانياً بشق مقطع عُرضي في أي من التلال المتناثرة عبر السهوب، من كهف 'شنايدر' قرب راوندوز شمال العراق، حيث عاش إنسان النياندرثال، وحتى زقورات 'أريدو' في أقصى الجنوب، حيث ولدت اللغة وفن العمارة. وكالطبقات الجيولوجية التي تؤرخ لعصور مختلفة، تكشف طبقات التلول عن تراكم الحضارات، وتحمل بصمات الإنسان الكلداني وحضارته الانسانية التي علمت البشرية الف باء الحياة ، منذ خروجه من الكهوف، وإنشائه أول المساكن والمخابز والورش والقرى، وحتى 'أور'، أول  مدينة كلدانية في التاريخ، و'بابل' أول عاصمة لامبراطورية شاسعة الاطراف ..واول امة في التاريخ اخترعت النقد قبل ثلاثة الاف عام قبل الميلاد .وسميت العملة ( الشاقل ) وتعني بلغتنا الكلدانية ( المأخذ او ياخذ ) ولا زالت هذه الكلمة نتعامل بها وبذات المعنى .كما ان اسرائيل استبدلت تسمية عملتها ( الشاقل ) بدلا من تسميتها باليرة .....وللبحث صلة