المحرر موضوع: المضحك والمبكي ألا يُخاطب غبطـة البطريـرك مـار عمانوئيـل دلـي باحتـرام وأخلاقيـة عاليـة  (زيارة 2367 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل حبيب تومي

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1724
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
المضحك والمبكي ألا يُخاطب غبطة البطريرك مار عمانوئيل دلي باحترام وأخلاقية عالية
 بقلم : حبيب تومي / اوسلو
habeebtomi@yahoo.no

KHAHE AMMA KALTHAYA (خاهي عمّا كلذايا : ܚܵܗܐ ܥܡܐ ܟܠܕܝܐ)
ملاحظة : ارتأى بعض الأصدقاء من القراء الكرام ان احوّر عنوان المقال الى ما هو عليه الآن ، اقول لهم : شكراً على المتابعة والإهتمام .

لا شك ان الثقافة تعتبر اقدر العناصر التي تجمع الشمل وتزيل التوترات بين المكونات الدينية او السياسية ، وما يجدر بالمثقف ان ان يكون قدوة حسنة يقتدي بها الآخرون ، ويكون المنارة التي يهتدي بها بقية ابناء المجتمع على اختلاف مشاربهم بما فيهم السياسي ، كما ان المثقف يتحمل مسؤولية كبيرة في نشر الوعي في المجتمع وتأثيره يبلغ مديات كبيرة وليس أدل على ذلك ما لعبه المثقف في عقود العهد الملكي في المظاهرات والأنتفاضات ، وبعد ذلك كان المثقف يحمل راية النضال الطبقي ، وعلى نطاق العالم العربي شحن المثقف الجماهير بشعارات قومية ثورية فكان تحمس الجماهير للفكر القومي  العروبي وشاهدنا الحروب التي تمخضت عنها تلك الأفكار فالمثقف له دوره في توجيه وتوعيه الجماهير وفق رؤيته إن كانت اديولوجية شمولية او ليبرالية ديموقراطية .
ومهما كان من خطل او صواب تلك الأفكار فإن المسألة تبقى في دور المثقف والمفكر الذي يرفع المشاعل لأنارة الطريق ولنشر الوعي الذي يؤمن به هذا المثقف او المفكر . ولهذا اقول ان على المثقف تقع مسؤولية اخلاقية كبيرة وعليه ان يتحلى بعناصر حرية الرأي وحرية المعتقد وينبغي عليه ان يلعب دور المرشد الذي ينير الدرب للرجل السياسي وعليه ان يكون دائماً مع المبادئ الأخلاقية السامية قبل كل الشعارات الحزبية الأديولوجية .
إن المثقف حقه ان يمارس السياسة ويجوب دهاليزها وان يطرق بابها ، لكن عليه ان لا ينسى دوره الأساسي الأخلاقي حينما كان يعمل في حقل الأدب والفكر والتأليف .. لقد كان الزعيم التشيكي فاتسلاف هافل سياسياً من هذا الطراز حيث كان كاتباً مسرحياً ومعارضاً للنظام وقاد ما سمي بالثورة المخملية التي اطاحت بالنظام الشيوعي عام 1989 في ذلك البلد , وحتى عندما وصل الى مركز رئيس الجمهورية لم يتورط في احابيل السياسة بل بقي على مبادئه الأخلاقية التي نادى بها قبل ولوجه في عالم السياسة ، وهو من القلائل الذين تمكنوا من تفعيل السياسة مع الثقافة والأخلاق .
قرأت مقالاً لأحد الأخوة على موقع عنكاوا بعنوان غريب وهو :  "  المضحك والمبكي في بيان عمانوئيل دلي ( البطريرك ) وأنا اقول : ابدي استغرابي في ان يجد هذا المقال طريقه للنشر في موقع عنكاوا وهو بهذه الصيغة الغريبة ، وكما هو معروف  فإن المقال يعرف من عنوانه ، قبل ايام قام موقع عنكاوا بحذف احد المقالات كان ينتقد موقف البطريرك مار دنخا الرابع وهو مقال الأخ كوركيس مردو ولم يكن فيه اي دلائل تشير الى غياب عنصر الأحترام ، لكن مقال اليوم ينعدم فيه عنصر الأحترام من عنوانه ومع ذلك وجد طريقه الى النشر وهو بهذه الصورة ، واجتذب المقال عدد كبير من القراء والسبب بنظري يعود من استغراب القارئ الكريم في مقدار انعدام الأحترام لشخصية محترمة دينية يتبعها ويجلها مئات الآلاف من الشعب الكلداني الذين يحترمون تاريخهم وكنيستهم وقوميتهم  الكلدانيــــــــــة ، وهذا العنوان هو استفزاز رخيص لمشاعر هؤلاء الذين يجلون ويحترمون هذا الرجل الوقور ، من الناحية الأنسانية فإن عمره يستوجب الأحترام وكذلك مركزه الديني والكنسي المرموق  .
بالأمس القريب كان للبطريرك النسطوري مار دنخا الرابع رسالة رعوية بمناسبة العام الجديد واحتوت تلك الرساله على افكار إقصائية عنصرية ، وحينما انتقدنا تلك الأفكار خاطبناه بكل ادب واحترام بما يناسب مكانته الدينية والشخصية ، لكن تناولنا الفكر القومي المتعصب لديه . وحتى حينما نكتب عن السيد يونادم كنا نحترم شخصه ومكانته ونحاسبه وننتقده على فكره العنصري الأقصائي .
بعض كتاب شعبنا الكلداني الذين كانوا بالأمس يعتزون بقومتهم الكلدانية واليوم بعد ان ركبوا موجة الأحزاب الآشورية ، من اجل منصب معين او حفنة من الدريهمات ، بعض هؤلاء يتقمصون اسماء اشخاص من الدورة في بغداد وهم جالسون في ديترويت ، إنهم يفحموننا اليوم بمقولتهم الشهيرة من ان يونادم كنا والآخرين فازوا في الأنتخابات الديمقراطية وبالتالي لا يجوز الأعتراض عليهم .
فأقول لهؤلاء :
 الديمقراطية لا تعني صناديق الأقتراع فقط ايها السادة ، بل الديمقراطية منظومة ممارسات ومناهج ينبغي العمل بها ، فحينما يفوز يونادم كنا او غيره في الأنتخابات ليس من حقه إلغاء او الإستهانة بالشعب الكلداني الذي انتخبه ومنحه ثقته وعليه ان يكون مخلصاً لهوية ذلك الشعب وقوميته الكلدانيـــــــــــــــة لا ان يكون ناكراً لجميل الذين منحوه اصواتهم وثقتهم .
 إن دخوله قبة البرلمان لا تخوله بث افكار عنصرية فاشية ، لقد فاز هتلر وحزبه بانتخابات ديمقراطية حرة نزيهة ، لكنه ادخل شعبه ، بسبب افكاره ، الفاشية الأقصائية في اتون حروب مدمرة ، واليوم يمنع في اوروبا ترويج الأفكار الهتلرية العنصرية الأقصائية على الملاْ ، فكيف تقبلون بترويج فكر قومي اقصائي من يونادم كنا وحزبه في الوقت الذي نستنكر فيه الأفكار الهتلرية الإقصائية ؟ اين تطبيق لوائح حقوق الأنسان ؟  اين حرية المعتقد ؟ اين حرية الأنسان في الأنتماء والتصريح بهويته ومعتقده دون خوف ؟
بالأمس القريب منعنا صدام حسين وحزبه من المجاهرة بقوميتنا الكلدانية ومنع غيرنا من المكونات العراقية القومية الأخرى وبما فيهم الأكراد ، الى ان رضخ عام 1970 الى الأعتراف بالقومية الكردية بعد معارك قتالية طاحنة مع الأكراد ، رأى ان نتيجتها الى الخسارة ، فكان إقراره بالقومية الكوردية .
 السؤال المطروح إن كان صدام حسين والبعث منعوا عنا حرية كتابة اسم القومية الكلدانيـــــــــــــــــــــــة في استمارة  الأحصاء السكاني واجبرونا على كتابة بدلها القومية العربية فما هو فرقهم عن يونادم كنا وحزبه الذي يمنع هويتنا القومية الكلدانية ويسعى الى اجبارنا على كتابة القومية الآشورية بدلاً عن قوميتنا الكلدانية الأصيلة ؟ المنطق يقول هنالك تطابق كامل بين الطرفين .
الديمقراطية يا سادة يا كرام اهم ما تعنيه هو إلغاء الأستبداد والشمولية واقصاء الآخر ، وتعني احترام حرية الفكر والمعتقد ، الديمقراطية هي فلسفة متقدمة من التطور البشري ، هي منظومة متكاملة من مجموعة من العناصر وإن صناديق الأقتراع تشكل عنصراً واحداً من تلك العناصر ليس إلا .
ان يونادم كنا وبقية نواب شعبنا لا يجوز ان يخونوا الشعب الذي انتخبهم وفي مقدمة من اوصلهم الى مجلس النواب هو شعبنا الكلداني ، ويعتبر خائناً كل من يلجأ من هؤلاء النواب الى إلغاء القومية الكلدانيـــــــــــــــــــة من الدستور العراقي ، إنها خيانة للشعب الكلداني الذي انتخبهم ومنحهم ثقته ، وأتساءل هل يحق للنواب الأكراد إلغاء اسم القومية الكوردية من الدستور العراقي ؟ اليس هؤلاء نواب انتخبهم الشعب الكوردي ؟ لا ادري كيف يتكئ هؤلاء السادة الى مثل هذه الأفكار السقيمة ؟
كان بيان بطريركية بابل الكلدانية يحمل في ثناياه التذمر والشكوى من الظلم والتهميش الذي يتعرض له شعبنا الكلدانــــي في كل النواحي وبعد المغالاة وبعد ان طفح الكيل كما يقال ، فالضغط  يولد الأنفجار وهذا القانون الفيزياوي ينطبق على الجانب الأجتماعي ايضاً .
ان الذين انتخبناهم وفي مقدمتهم السيد يونادم كنا قد نكروا الجميل وبدأوا بمحاربة الشعب الذي انتخبهم وهنا اقول لهؤلاء اصحاب المنطق الأستعلائي الإقصائي :
إنظروا ماذا حل بنيرون وقارون وهتلر وموسوليني وبينوشيه ومبوتو وصدام وبن علي والقذافي ، وكيف كان مصير هؤلاء الى التهلكة فاستفيدوا من حوادث التاريخ القريب على الأقل .
نأتي الى الجانب الثاني من المعادلة حيث كانت رسالة البطريرك مار دنخا الرابع الذي حمل في رسالته ليس قليل من عنصر الأستهانة وإقصاء لتاريخ شعب اصيل ، اي اننا امام معادلة الجلاد والضحية ، فالأحزاب الآشورية تمثل جانب الجلاد ، وشعبنا الكلداني وكنيسته يشكلان عناصر الضحية . هذا هو الواقع .
 نحن نحترم الآشوريين وأحزابهم وكنيستهم وبطريركهم ، لكن الأحزاب الآشورية تعامل الشعب الكلداني الوديع المسالم باستخفاف وتهكم وإقصاء ، وفي التاريخ حين نزوحهم الى العراق في اعقاب الحرب العالمية الأولى كان الشعب الكلداني  هو المكون الوحيد الذي وقف الى جانبهم ، ومع الأسف يكافئون الشعب الكلداني اليوم ، بعد ان اصبح لهم شئ من المال والسلطة ، دأبوا على محاربته والتشكيك في تاريخه  ومحاربة اسمه وقوميته الكلدانيـــــــــــــــــــــــــــــــــة .
 هنالك  بعض الأخوة من الكتاب ، ومن منطلقات مخلصة ، يسعون الى إنهاء الخلافات ورأب الصدع ، فلهؤلاء كل التحية والمحبة ، لكن عليهم التوجه الى الجلاد وليس الى الضحية وأقول لهؤلاء وأكرر ما نقلته في مقال سابق من قول سعد زغلول : ( إن في الناس ناساً إذا رأوا ضارباً يضرب ومضروباً يبكي ، قالوا للمضروب لا تبكِ قبل ان يقولوا للضارب لا تضرب ) .
 كم يسعدني ان اقرأ خطاباً آشورياً منفتحاً يحترم الشعب الكلداني وطموحاته ويفتح قلبه الى العمل المشترك المبني على الندية والتكافؤ والتعاون الأخوي ، فهل نقرأ مثل هذا الخطاب يوماً ما ؟ يا ريت .
 حبيب تومي / اوسلو في 20 / 01 / 12