المحرر موضوع: أهمية توجيه اهداف قانون الموازنة العامة لاستثمار المستقبل  (زيارة 814 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل لَطيف عَبد سالم

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 205
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني

   أهمية توجيه اهداف قانون الموازنة العامة لاستثمار المستقبل

المهندس لطيف عبد سالم العكيلي
haylatif@yahoo.com
 
           
              يشار إلى ( الموازنة العامة للدولة ) بوصفها بيان تقديري تفصيلي معتمد يحتوي على الإيرادات العامة التي يتوقع أن تحصلها الدولة، والنفقات العامة التي يلزم إنفاقها خلال سنة مالية قادمة ، فالموازنة تعتبر بمثابة البرنامج المالي للخطة عن سنة مالية مقبلة من أجل تحقيق أهداف محددة في إطار الخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للدولة.وعلى وفق هذا  البيان التقديري الذي يجري اعتماده من قبل السلطة التشريعية في الدولة  يعبر عن إيرادات الدولة ومصروفاتها في صورة وحدات نقدية تعكس في مضمونها خطة الدولة لسنة مالية محددة .
ولانبعد عن الواقع إذا قلنا أن إقرار قانون الموازنة العراقية للعام الحالي 2012 م يعد من ابرز الملفات المهمة المعروضة على طاولة مجلس النواب العراقي ، حيث أن مصادقتها ماتزال رهينة موقف قراءتها الثانية تحت قبة البرلمان التي كان من المقرر انجازها في جلسة مجلس النواب يوم الاثنين الماضي المصادف 9 كانون الثاني من العام الحالي بعد أن تعذر إقامتها بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني، مما فرض على رئيس مجلس النواب العراقي أسامة النجيفي الذي طالب نهاية تشرين الثاني  من العام الماضي بضرورة الإسراع في انجاز الموازنة السنوية لعام 2012 م خلال مدة قصيرة، مؤكداً ضرورة عدم المساس بحقوق المحافظات في ضخ الأموال باتجاه إقامة المشاريع والاستثمارات، إلى رفع هذه الجلسة البرلمانية والطلب إلى أعضاء المجلس حضور الجلسة القادمة.
      جدير بالإشارة أن  الموازنة العامة لعام  2011 م التي صوت عليها مجلس النواب في العام الماضي  بعد أن جرى إعدادها بالاستناد على معدل ( 76.5 ) دولار كمعدل لسعر برميل النفط ، وبطاقة تصديرية تصل الى  مليونين و200 ألف برميل يوميا، من ضمنها ( 100 ) ألف برميل كان من المقرر تصديرها من إقليم كردستان ، بلغت  نحو( 93 ) تريليون دينار بعجز وصل إلى( 14 ) تريليون دينار. ومما يستلفت الانتباه ان قيمة النفقات التشغيلية في هذه الموازنة وصلت إلى (64 ) تريليون دينار، قبال 29 تريليون دينار جرى تخصيصها للنفقات الاستثمارية     .


     ويمكن القول ان بعض المؤشرات العامة عن موازنة العراق لعام  2012 م قد توضحت من خلال إعلان وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي في أيلول من العام الماضي ، أن موازنة العراق لعام  2012 م  تعد ثاني اكبر موازنة في الوطن العربي، مع الإشارة إلى استحواذ قطاعي النفط والكهرباء على حصة الأسد من تخصيصات الموازنة الاستثمارية للعام  الحالي 2012 م . وينضاف إلى ذلك ما ترشح عن المؤتمر الصحفي لوزير المالية رافع العيساوي الذي عقده في الثامن من شهر كانون الأول من العام الماضي، وأوضح من خلاله أن مجمل الموازنة العراقية لعام 2012 م بلغت (117 ) تريليون دينار، وبنسبة عجز تصل إلى (14) تريليون دينار . وهو ما يمثل (10 % ) من الناتج المحلي الإجمالي و(12 % ) من مجمل الموازنة  ، تبلغ حصة الميزانية التشغيلية منهـــــــا ( 80 ) تريليون دينار، في حين خصص للميزانية الاستثمارية (  37) تريليون دينار .
 
   وفي كلمته  التي ألقاها مطلع العام الحالي بمجلس النواب لمناسبة الانسحاب الأميركي من البلاد ،أنتقد رئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي الموازنة الاتحادية لعام 2012 ؛ بالنظر لافتقارها إلى المشاريع الخدمية  . ونبه إلى أن موازنة العام الحالي تميزت بزيادة في النفقات التشغيلية على حساب النفقات الاستثمارية، مما سيفضي  بحسب رئيس مجلس النواب إلى عدم كفاية  التخصيصات المالية لسد حاجة القطاعات الخدمية التي بوسعها تحسين بوصلات التنمية البشرية المختلفة نحو الأفضل  .وأكد النجيفي على ضرورة أن تكون هناك أولوية كبرى للخدمات الاجتماعية والتربية والتعليم والصحة وزيادة تخصيصات تنمية الأقاليم ودعم منظمات المجتمع المدني لتحقيق رفاهية اكبر للمواطن ووضع الحلول العاجلة وبسقف زمني محدد ومعلوم للازمات الكبرى التي تعصف بشعبنا.
      إن إدراكنا لأهمية الموازنة العامة ، بوصفها خطة القيادات الإدارية لتنفيذ سياساتها لفترة قادمة حددت مدتها مثلما هو متعارف عليه بسنة واحدة ،يستلزم من الحكومة اعتماد المعايير المتعارف عليها في الأدبيات الاقتصادية التي تسهم بنجاح مهماتها  في عكس التوجهات الاقتصادية والاجتماعية التي تطمح إلى تحقيقها خلال السنة المالية . ولعل في مقدمة ذلك إعداد التخمينات على وفق الأسعار الدنيا للنفط تلافيا للتقلبات في الأسواق العالمية وحفاظا على تيسر عامل المرونة في مواجهة الطوارئ والأزمات المحتملة . كذلك ينبغي الاهتمام بموضوع تنويع مصادر الدخل مثلما هو معمول به في الدول الخليجية النفطية ، إضافة إلى دعم القطاع الخاص بشكل يتناسب مع أهميته ؛من اجل تأهيله للإسهام مع بقية القطاعات في احتواء عجز الموازنة العامة ، والمشاركة في دعم النفقات الاستثمارية الكفيلة بإقامة البنى التحتية لمختلف قطاعات البلاد ،وفي مقدمتهــا الخدمــات الأساسية ، وبخاصة الصحة والتعليم والخدمــــات البلدية التي ماتزال بحاجة إلى تأهيل كثير من مفاصلها وتطوير البعض الآخر .
    وتأسيسا على ماتقدم ، يمكن القول إن الموازنة العامة تشكل فلسفة اقتصادية واجتماعية ينبغي أن تكون أهدافها واضحة لاستثمار المستقبل.
•   المهندس لطيف عبد سالم العكيلي / باحث وكاتب .