المحرر موضوع: تركيا تعيد التوازن لصالح السنـّة فمن يفعلها لمسيحي العراق والشرق الأوسط  (زيارة 1479 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عماد هرمز

  • اداري منتديات
  • عضو فعال جدا
  • *
  • مشاركة: 292
  • الجنس: ذكر
  • مترجم وكاتب وسياسي
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
لا زال العديد من أبناء شعبنا من الكلدان والأشوريين والسريان لايستوعب بأن بقاء أو زوال فئة أو طائفة معينة،واقصد هنا بالتحديد الكلدان والأشوريين، مرهون بحماية الدولة التي تحكمهم، وعليه يتطلب من هذه الجماعة السعي جاهدة لاثبات وجودها في هذا البلد عن طريق طلب مساندة الحكومة لكونهم مواطنين لهذا البلد والتعبير عن ولائها المطلق واخلاصها للوطن ولشعبه وهذا لاشك فيه من ناحية مسيحي العراق. ولكن الركض وراء نيل عطف بالتملق للحكومة وهذا مايفعله بعض قادة الكلدان والسريان وبضمنهم قادتنا الدينيين لا يبرهن سوى على موقفهم الضعيف. وفي حال كانت الدولة التي تحتضن تلك الجماعة، حتى وان كانت تلك الجماعة الأقلية من السكان الأصليين للبلد مثل الكلدان والأشوريين، غير قادرة أو غير راغبة في حمايتهم بل هناك من يعتقد بأنها تشارك في تهجير هذه الجماعة، فبأعتقادي بأنه على تلك الجماعة ان تحزم امتعتها وتغادر بلد آباءها وأجدادها لأن مصيرها هو الزوال التدريجي والأنقراض القومي.

 لكن إن اختارت أو فضلت تلك الجماعة، أي الكلدان والأشوريين، البقاء في بلد أباءهم وأجدادهم ،رغم كل مايجري ضدهم من تعسف واعتداء قومي وديني،  فعلى تلك الجماعة أما رفع شعار القتال المسلح لأجل البقاء وذلك تشكيل مليشيات مضادة لمن يريد النيل بها، وفي الوضع الراهن وكأقلية مقابل شراسة القوى المتطرفة الأسلامية، لا أعتقد بأن بمقدور الكلدان والأشوريون فعلها لأن ذلك سيعجل من زوالهم.

لكن هناك حل أخر أتبعه العديد ليس فقط الشعوب ذات الأقلية في بلد معين بل حتى دول صغيرة ذات امكانيات محدودة (مثل بعض دول الخليج والدول الأوربية الصغيرة الشيوعية في السابق)، إلا وهو اللوبي والتحرك على صعيد المنطقة الدولية أو على الصعيد العالمي، من أجل أيجاد دولة أو دول قوية تساندهم وتحميهم والتجربة اليهودية الأسرائيلية هي خير دليل. والعائق الوحيد في الخيار الأخير بالنسبة للكلدان والأشوريين يكمن في أنه في حالة البحث عن دولة تحميها  وتساندها، على تلك الجماعة البرهنة على فائدتها وفائدة بقائها ووجودها في بلدها بالنسبة للدولة الحامية، أي بمعنى أخر بأن الدولة الساندة والحامية ستكسب من وراء ذلك ،وبمعنى أدق، أن تحاول هذه الجماعة البرهنة على أن بقاءها ووجودها يصب في مصلحة الدولة المساندة أو الحامية من الناحية الهيمنة الأستراتيجية أو السياسية أو الأقتصادية على ذلك البلد أو على المنطقة أو على أقل تقدير من الناحية الدينية ولا أعتقد بأن للاشوريين والكلدان مايقدمونه للأمريكان أو للغرب عموما ً غير أنهم يشاطرون الديانة المسيحية معهم وهذا لا يباع ولايشترى في السوق الأقتصادية العالمية، فالحصول على مليار برميل مجاني على سبيل المثال في السنة من الشيعة أو السنة أو الأكراد يكون أفضل من الحصول على لاشيء من المسيحيين وكلنا نعرف بأن الأميريكان لايهمهم إلا مصلحتهم وعليه وبالتالي فأن مصير الشعب الكلداني الاشوري المحتوم هو الأنقراض.

وعلى الكلدان والاشوريين أن يفهموا بأن الجعجعة والتقاتل فيما بينهم على الأسم والمسمى ، هل نحن اشور أم كلدان ، والتقاتل على من هو الأسبق في التاريخ ، من هو الدجاجة في الأصل ومن هو البيضة، وفي هذه الأوقات العصيبة التي يمر بها الشعب المسيحي من تعدي واضح وصريح على كل ماهو مسيحي وليس قومي فقط، لن يخدم سوى الأعداء لأن ذلك  يضعفهم، أي الكلدان والاشوريون ويبلبل ويشتت قواهم ويقلل من تركيزهم على إيجاد المسار الصحيح الذي سيحافظون به على مقوماتهم،  ومناقشة ودراسة الأمور المهمة التي يجب أن يلاقوا سبل لتحسينها أو علاجها أو تطويرها أو إيجاد الطريقة المثلى للتعامل معها.  وبالتالي، هذا الشتات والتفرقة سيؤدي إلى ضعف في قواهم وبالتالي يصبح من السهل طردهم واخراجهم والأعتداء عليهم من دون رادع وهذا مايعانيه شعبنا في العراق والأن في شمال العراق الذي ضننا في بعض الوقت بأنه من المناطق الأمنة في العراق بالنسبة لشعبنا..

ما ذكرناه اعلاه من أيجاد دول مساندة وداعمة لوجود فئة أو طائفة أو قومية معينة ، يتم تطبيقه حاليا ً على الساحة السياسية العراقية مثل الطائفة الشيعية واسنادها من قبل أيران والطائفة السنية و الدعم التركي وغيرها من الدول العربية السنية وعلى رأسها السعودية.

بالطبع ما جرى ويجري في الدول العربية قلب الموازين فأصبح الطاغي الحاكم في السابق هو المحكوم عليه واصبح المظلوم في السابق هو الآمر والناهي في الأمر في الوقت الراهن وهذا ماحصل بالضبط في بعض الدول العربية و العراق بالتحديد حيث تحول الشيعة من شريحة عراقية مضطهدة إلى شريحة تحكم البلد وتسرح وتمرح به وبالطبع للحفاظ على الامتيازات التي حصلوا عليها وخوفا ً من أنهم يعودون يوما ً إلى ما كانوا عليه ، اي مضطهدين ، كان لابد من طلب الأسناد من دولة الجوار الشيعية ، ايران.

وأنه لمن المتوقع أن لا يترك من كان في الحكم لعدة عقود وهزم في الأخر، اللقمة في متناول اليد وسائغة وسهلة الهضم للحاكم الجديد المعادي له، وها هم السنة في العراق يحاولون بقدر الإمكان على الساحة السياسية متمثلة باحزاب سنية  واسلوب الكفاح المسلح المتمثل في تشكيل ميليشيات  من خلال تكوين فرق أو فيالق أو مجموعات متطرفة دينيا ً تحاول فيها زعزعة النظام والاستقرار على الحاكم الجديد ليجعله لا يتمتع بفترة الحكم والسلطة التي في يديه وعلى اقل تقدير فرض نفسه على الساحة السياسية واعتباره شرك متساوي من ناحية تأثيره على الشارع السياسي مع الحكومة أو الحاكم. ولتحقيق هذا الهدف على السّـنة قبل أن يبدؤا بأي خطوة أن يضمنوا من يساندهم ويدعمهم ويقف وراءهم وفي المقابل تقديم عروض سخية لذلك البلد الحامي أو السماح له بنيل المكاسب أو على أقل تقدير حماية أو ضمان استمرار مكاسبهم في البلد الحالية.

وهذا بالطبع يرفضه الحاكم الجديد في العراق، الحكومة الشيعية، وعليه تم تشكيل مليشيات وفرق اغتيال خاصة مدعومة من قبل الحكومة مضادة للمليشيات السنية. وكان على الحكومة المحلية الشيعية أيضا ً ، مدركين قوة تركيا العسكرية في المنطقة ونفوذها وكونها المساندة والمحايدة للجانب السني من العراق، أن تبحث عن من تسند ظهرها عليها وفي هذه الحالة ليس هناك أفضل من دولة شيعية مجاروة مثل أيران خصوصا ً وهي الدولة التي احتضنت لعقود عديدة ، طيلة أيام حكم البعث، عراقيين تم تهجيرهم من قبل النظام البعثي السابق وعاشوا فيها وكوّنوا عوائل وحازوا على شهادات اكاديمية جيدة. وبالتالي كان العراقيين المهجرين إلى ايران والمقييمن فيها هم أفضل أداة لتسهيل توغل ايران في العراق واستخدامهم كحلقة وصل بين حكومتي ايران والعراق وفي بعض الحالات استخدامهم كأداة للسيطرة والتحكم بقادة العراق الشيعة وبالتالي السماح للمخابرات الإيرانية التغلغل في العراق واللعب فيه كيفما تشاء. هذا بالأضافة ألى كون ايران دولة على وشك أن تصبح نووية وتمتلك سلاح نووي وعليه اسناد شيعة العراق بظهرهم على ايران هو في نظر شيعة العراق الخيار الأفضل لهم غير مدركين بأن قوة الغرب وعلى رأسهم أمريكا قد تجعل من ايران في غضون اشهر دولة متفككة تدمر نفسها بنفسها وبالتالي تحطيمها حربيا ً إذا تطلب الأمر ذلك واتضح بأن ايران باتت تشكل خطر حقيقي ومحدق على اسرائيل ودول الغرب.

والسؤال المطروح حاليا هو : هل الأزمة الحالية بين التكتل السني والتكتل الشيعي التي يمر بها العراق هي الصراع العادي الذي تعود عليه العراق منذ سقوط النظام البعثي، بين كتلتين طائفيتين كبيرتين في العراق؟، أم هي أزمة مفتعلة لفرض هيمنة جهة معينه على أخرى؟ خصوصا ً  بعد زوال المحتل الامريكي وانفراد الشيعة بالسلطة ،  أي بمعنى أخر استعراض للقوى من قبل الشيعة الذين وصلوا إلى الثقة الكاملة في النفس التي تجعلهم يطردون من يشاؤون وفرض هيمنتهم وسياستهم في العراق التي تجلت معالمها الحقيقية عندما تم اتهام علنى وصريح لشخصية سياسية سنية مروموقة وبمنصب نائب رئيس الجمهورية مثل طارق الهاشمي  واصدار حكم القاء القبض عليه وعلى مرافقيه بتهمة أنهم امر مرافقيه بالقيام بعمليات اغتيال بحق شخصيات عراقية وتأكيد ذلك في سحب الثقة من القيادي في القائمة العراقية صالح المطلك، كل هذا بأعتقادي ما هو إلا ليظهر الشيعة بأنهم  وصلوا إلى درجة لايأبهون بها ، خصوصا ً بعد زوال المحتل الأمريكي من العراق،  بالنفوذ السني والقوى المساندة لهم في العراق وأنهم، أي الشيعة، الأقوى في المنطقة ويستطيعون أن يعملوا ما يشاؤن. ونتيجة لهذا الأستبداد حصل تجازو كبير على حقوق الأنسان العراقي والذي أكدته منظمة هيومن رايتس ووتش في اخر تقاريرها عن العراق ، حيث أشارت بأن البلد يعود الى عهد الإستبداد وعصر الدولة البوليسية تحت حكم رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وأعوانه والأحزاب الدينية التي تسانده طائفيا.

على كل الأحوال الازمة الحالية في العراق اصبحت خطيرة جدا بًحيث شعر فيها سنة العراق أنهم في موقف ضعيف وأن كفة الميزان تميل لصالح الشيعة ومع ازياد التدخل الإيراني في شؤون العراق وتواطئوا الحكومة الشيعية بقيادة المالكي مع حكومة إيران، اصبح واضح للسنة نوايا الشيعة في العراق في تهميشهم وفرض السيطرة عليهم  واخضاعهم لهم  وحتمال انه في وقت قريب سوف لن يكون هناك كفة ميزان لهم لانعدام وجود أي ثقل لهم في المجتمع وعليه كان لابد من طلب المساعدة من أجل إعادة التوازن في العراق وكان لابد من إقحام دولة مؤثرة سنية في شؤون العراق لتضع حد للتجازو والضغط الشيعي على السنة ودعم كفة الميزان السني وجعلها تضاهي وفي مستوى كفة الميزان الشيعي.  

وبحسب التوقعات جاء تصريح الحكومة التركية التي هي بحاجة ماسة لكونها دول غير نفطية إلى السوق العراقية لصرف منتجاتها المحلية أو التي يتم استيرادها من الخارج عن طريق تركيا. تركيا كانت تراقب الأحداث العراقية عن كثب وعندما وصلت الأمور إلى متسوى نذير بالمخاطر الأقتصادية كان لابد منها أن تتدخل وعليه صرحت بانها لن تقف مكتوفة الأيدي في حالة حصول حرب طائفية في العراق. الحكومة التركية تهمها أن يكون للسنة تأثير في السياسة العراقية حتى لا تنفرد إيران في العراق الغني بالبترول والطاقات ويعتبر سوق جيد للمنتجات والصادرات التركية. والأهم من ذلك ان تركيا الموالية للغرب وأمريكا تدرك  الموقع الاستراتيجي للعراق بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية التي تحاول خنق أيران من كل الأطراف لإجبارها عن التخلي عن تطوير سلاحها النووي والكف عن التدخل في الشؤون العراقية السافر الذي تود الولايات المتحدة الأمريكية أن يكون لها لوحدها تستغل نفطه وموارده وهي سوق جديد للمنتجات الأمريكية ويعد مورد مهم للاقتصاد الأمريكي.

وعلى اثر هذا التصريح شاهدنا التحرك السياسي الذي حصل بين العراق وتركيا من دعوة الحكومة التركية للقادة العراقيين إلى الحضور إلى تركيا للمشاورات وتبلغهم بشكل رسمي بالموقف التركي ضد ما يحصل في العراق من تعدي للشيعة على السنة وكان لابد من حصول تركيا على تطمينات من القادة الشيعة بأنهم لن يتجاوزوا حدودهم مع سنة العراق وهذا مافعل رئيس المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم  الذي صرح قائلا ً "إن العراق مستعد للتعاون مع تركيا لبناء نظام حرية الشعوب في المنطقة"، مشيرا الى ان "قوة العراق في تعدد مكوناته ولا يمكن ان يُدار من طرف محدد دون آخر".

وأكد الحكيم بأن "العراق لجميع العراقيين وتقاسم في الادوار الادارية اليوم ، وقد تحرر العراق بعد خروج القوات الامريكية وهو بحاجة الى اطلاق رسالة وئام بين الشركاء السياسيين للتعاون المشترك من أجل حل جميع الاشكاليات التي تعترض العملية السياسية".
وأوضح الحكيم موقف المجلس الأعلى الأسلامي بأن "التحالف الوطني كما عبر في اكثر من مناسبة يستطيع ان يقف بقوة للملمة الاطراف السياسية بما يعزز الوحدة فيما بينهم".

فمشكلة مسيحي العراق والشرق الأوسط لن تحل بإعلاء الأصوات ولا بالتملق والتمسكن والتصرف مثل النعامة بغرس الرأس في الرمال لتجنب رؤية مالذي يجري في العراق من اعتداء ضد أبناءه المسيحيين ومحاولة طردهم في تطهير عرقي واضح المعالم.

فبأختصار الخيارات المتاحة لأبناء شعبنا الكلداني السرياني الأشوري كم اسلفنا هي أما النزوح عن بلد أباءنا وأجدادنا لانه اصبح خطر يهدد بأنقراضهم ولن يصمدوا كثيرا في وجه التيارات الأسلامية الشرسة التي تحاول جاهدة لتطهير العراق من كل ماهو غير مسلم، وأما البقاء وتشكيل مليشيات مسلحة تدافع عن اعراضنا ومقدساتنا وارضنا وهذا الخيار خطر جدا ً أيضا أو الخيار السياسي إلا وهو البقاء والنضال المسلح والسلمي في آن واحد حيث يجب تسليح العوائل المسيحية العراقية بالسلاح الذي يؤهلهم للدفاع عن نفسهم والعمل بنفس الوقت على التحرك على المستوى العالمي ، اللوبي، من أجل الحصول على الدعم العالمي لقضية أبناء شعبنا من أجل حمايته والحفاظ عليه من الأنقراض الذي سيحصل عاجلا ً أم أجلا ً عن طريق التطهير العرقي بأشكاله المختلفة وهي أما بفرض اعتناق الدين الأسلامي على المسيحيين أو بترويعهم واخافتهم وبالتالي اجبارهم على الخروج وهذا ماحصل ويحصل في كل العراق ومؤخرا أحداث زاخو ودهوك أو قتلهم.

عماد هرمز
ملبورن – أستراليا