المحرر موضوع: ماذا بعد زاخو هل انبعث المارد الكردي من جديد وهل جاء دور عنكاوا ؟  (زيارة 1159 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عماد هرمز

  • اداري منتديات
  • عضو فعال جدا
  • *
  • مشاركة: 292
  • الجنس: ذكر
  • مترجم وكاتب وسياسي
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
ماذا بعد زاخو هل انبعث المارد الكردي من جديد وهل جاء دور عنكاوا ؟

في البدء تحية اجلال وتقدير للمناضّلين الكبيرين رئيس جمهورية العراق السيد جلال الطلباني المحترم ورئيس اقليم كردستان السيد مسعود برزاني المحترم ، المناضلين المخضرمين في سبيل قومتيهم الكردية واقليمهم كردستان الحبيب.

لقد ناضل القائدين في سبيل القضية الكردية منذ نشوء ما يسمى بالعراق الحديث ، وعانى الأخوة الأكراد الكثير لحين حققوا حلمهم في الحصول على وطنهم ، كردستان ، احد أقاليم العراق الحبيب، وتحقيق حرية التصرف في اقليمهم، الحكم الذاتي، الذي لازال الأكراد القاطنون في الدول الأخرى تحلم بجزء منها.  ضحى الأكراد بالغالي والنفيس من الأرواح وقدموا شهداء لا يحصى لها كله في سبيل تحقيق حلم كردستان. فتحية تقدير وأجلال لهم وللشعب الكردي الصديق ومبروك لهم ما حققوه في نضالهم وسعيهم في تحقيق هدفهم المنشود.

والغاية من مقدمتي هذه، هي لتذكير الأخوة الأكراد بأن ما طمحوا له وناضلوا من أجله وبعد أن اصبحوا هم الأغلبية الحاكمة في منطقتهم، يجب أن يجعلهم أكثر القوميات تفهما ً لنضال ومطالب القوميات الأخرى التي تحاول السير في درب النضال الذي سار عليه الأكراد، وعلى مقياس اصغر طبعا ً، وبالتحديد ما يبغي أن يتوصل أليه الكلدان والأشوريون في تحقيقه وهي من ابسط حقوق الأنسان. وبالطبع ليست مطالب مسيحيو العراق بحجم مطالب الأكراد وكل الذي يرغبون في تحقيقه هو أيجاد مكان آمن للعيش فيه بكرامة وبدون خوف وفيه يستطيعون ممارسة شعائرهم وطقوسهم الدينية بحرية وبدون تهديد من جهة معينة والعيش بتآلف ومحبة مع بقية سكان الإقليم بشتى قومياتهم وأديانهم.    

إقليم كردستان اصبح مهم جدا َ لمسيحيو العراق خصوصا ًبعد الاعتداءات الشرسة ضد مسيحي العراق في معظم محافظات القطر بحيث لم يبقى لمسيحيو العراق سوى التوجه حيث يقطن الأغلبية والقرى والمناطق التي كان يقطنها أباءهم وأجدادهم. توجهت الأنظار إلى شمال العراق والقرى المسيحية التي اندثر معظمها ، وعليه لم يذهبوا إلى أماكن غريبة بل توجهوا إلى ارض أجدادهم وآبائهم، ولم يفعلوا ذلك برغبتهم لأنهم كانوا لحد عام 2003 يعيشون بتآخي وسلام مع اخوتهم العراقيين من العرب. أما من الناحية الأقتصادية، فكانت لهجرة مسيحيوا العراق إلى مدن شمال العراق تأثيرها الاقتصادي الإيجابي على سكان تلك المدن، فتفهم السكان المحليون في المدن الشمالية الوضع، أي الهجرة الداخلية إلى مدنهم، فباشروا بالعمران ونلاحظ زيادة في عدد المنشأت والأبنية الجديدة التي تم إنشاءها لإحواء القادمين الجدد وازدادت التجارة وازداد الربح في المنطقة مما جعل هذه المدن من المناطق الأسرع نموا ً من الناحية الأقتصادية. واستغل العديد من المواطنين المحليين الوضع بشكل سئ فرفعوا اسعار الإيجار والمواد الغذائية وغيرها من السلع المهمة بغية زيادة ارباحهم للأسف الشديد.

والذي حصل من تهجير قسري على مسيحيو العراق وتوجههم إلى شمال العراق كانت كالهجرة المرجعة لهم وكان أحد يقول لهم "ارجعوا من حيث أتيتم انتم وآبائكم". ومن لم يكن له قرية أو كانت لهم قرية اندثرت بعد عدة عقود من الإهمال والهجرة توجهوا إلى مدينة عنكاوة الواقعة في محافظة أربيل ذات الأغلبية المسيحية ، حيث اعتبرها ويعتبرها مسيحيوا العراق الخيمة التي قد يلجأون تحتها ليحموا ما تبقى منهم في الوقت العصيب الراهن. كان هذا الاعتقاد صحيح لحين ما حصل في زاخو ودهوك حيث اصبح مسيحيوا العراق أينما كانوا يشعرون بالتهديد الطائفي وبأن يوما ً ما سيأتي دورهم عاجلا ً أم أجلا ً. وبشكل عام كان مسيحوا العراق قبل أحداث زاخو يتصورون بأن المدن الشمالية وبالأخص عنكاوا ستكون المعقل الآمن لهم.

كل هذا الكلام صحيح إلى حد ما، تقريبا ً، أي بأن المناطق الشمالية هي المكان الآمن وبأن الأكراد يحبون التعايش بسلام مع بقية مكونات الشعب العراقي، ولم يكن مائة في المائة صحيح ، لسبب يعرفه الجميع، فنحن نعرف أنه رغم احتواء الأكراد لمسيحيوا العراق وهم الأغلبية في المنطقة الشمالية والساكنين في ارضهم ووطنهم ، ارض كردستان، تناسوا الأكراد بأن العراق كان قبل كردستان والعرب المسلمين ارض بابل وأشور، وعليه كان هناك فترات من الاعتداءات من الأكراد ضد القرى المسيحية بغية تطهير كردستان من كل ما هو غير كردي. وهذا ما وصلنا من القصص والحكايات التي يرويها لنا أباءنا وأجدادنا التي نسمع فيها دائما كيف أن الأكراد كان يتعبرون مسيحيوا العراق القاطنين في قراهم في شمال العراق (فولاهي) أي مشركين لله من الناحية الدينية وغير أكراد من الناحية القومية. وكيف كان هناك حقد وضغينة من الأكراد تجاه القرى المسيحية وتحدثوا عن الأعتداءات التي كان يتعرض لها مسيحيوا العراق في تلك القرى. لكن حكم نظام صدام حسين الكتاتوري بقبضته الحديدية كجزء من سيطرة حزبه الدكتاتوري على العراق بأكمله، منع أو بالأحرى خفف لدرجة كبيرة من هذه الاعتداءات وخف الصراع الديني والقومي غير المتوازن بين الطرفين. وعليه نستطيع القول بأن مسيحيوا العراق قد تمتعوا بفترة من الحرية مدركين بأن صدام لن يسمح بالأعتداء عليهم.

مرت السنون وتم إزالة صدام حسين ونظامه الدكتاتوري في عام 2003، ومنذ ذلك التاريخ حصلت بعض التجاوزات قبل ألاكراد على المسيحيين التي تم احتوائها أو التعميم عليها وأهمها سرقة الأراضي. ولا أعرف لحد الأن دور ممثلي المسيحيين ( بمختلف انتماءاتهم الحزبي) في برلمان كردستان وماذا يفعلوه عندما يتم الأعتداء على الشعب الذي يمثلوه.   وبسبب عدم اتخاذ سياسيوا شمال العراق أي موقف ضد ماحصل ، وبأعتقادي هو لحماية مصالحهم الشخصية وخوفا ً على فقدان مراكزهم الوظيفية والأمتيازات الممنوحة لهم، عليه وردنا من الساكنين في شمال العراق بأن الكثير من الأشخاص يشكـّون في نوايا الأكراد تجاههم، وبسبب ضعف الموقف السياسي ، اصبحوا متيقضين وخائفين من أن الحقد القديم ضد الفولاهي قد يبعث من جديد ويتحول المكان الأمن لمسيحيوا العراق إلى مكان غير أمن اسوتا ً ببقية المحافظات الأخرى وعلى نطاق العراق كله. على أي حال ، تجاهل هؤلاء المسيحيون  هذه الأفكار أو تغاضوا عنها لإدراكهم بأن الأكراد هم بحاجة إلى مسيحيوا العراق لأسباب اقتصادية ، لنيل حصصهم من النفط من الحكومة المركزية. لحين ما حصل في زاخو.

للأسف الشديد ، اثبتت احداث زاخو ودهوك بأن المارد الكردي القديم قد أ ُطلق صراحه من مصباح علاء الدين وعليه اثبتت لنا الأحداث بأن التعصب الديني وقوى التطرف الأسلامية تصل يدها لكل المناطق العراقية ولا تتأثر أو تتغير بتغير المكان والزمان واساسها ديني وليس قومي وهدفها شامل وواحد إلا وهو تطهير كل ما هو غير اسلامي في المنطقة.  وما ينتج عن هذا الأرهاب ضد الأقليات الأخرى هو نفس الناتج من التدمير والخراب والتشريد وأنتهاك حقوق الأنسان ضد المسيحيين والأقليات الدينية والقومية الأخرى.

لكن أحداث أيقضت مشاعر الخوف والهلع في نفوس مسيحيوا المناطق الشمالية حيث اصبح مصيرهم مهدد وشعر المتوارثين المسيحيون في المناطق الشمالية بأن التاريخ قد يعيد نفسه وأن ما حل على آباءهم وأجدادهم قد يحل عليهم وقد يصيبهم ما قد اصابهم  وهذا التفكير بحد ذاته مرعب فكيف في أنه يحصل في الواقع.

أحداث زاخو ودهوك خلخلت من الثقة التي حاول بعض القيادات الكردية والمعتدلة من خلقها في كردستان وهزت الصورة الجملية التي رسمتها القيادات الكردية من أن كردستان منذ حصولهم على حكمهم الذاتي إلا وهو بأن كردستان هو اقليم لكل العراقيين وحكومته تؤمن بالتعددية الثقافية وحكومته توفر الأمان والأستقرار لكل القاطنين فيه وشعبه شعب مسالم وودي وأن الحكومة في اقليم كردستان كفيلة بتوفير الحماية لكل الأقليات الدينية والقومية.

نتمنى أن تكون حكومة كردستان بقدر المسؤولية وهم يحكمون اقليمهم بكل حرية وبدون أي تهديد من الداخل والخارج.

أرجوا أن يلعب سياسيونا في شمال العراق دورا ً اقوى ويقدموا التضحيات في سبيل شعبهم الذي يساندهم وبأسمهم جالسين على كراسيهم ذات الأمتيازات الخاصة.

سؤالي هل يترك الأكراد مساحة للكلدان والأشور والسريان في إقليمهم رغم أن الكثير من القرى والمناطق هي قرية ميسحية يقطنها سكان مسيحيين لقرون عديدة. أرجوا أن يحسبها الأكراد بشكل أفضل من أخوانهم العرب في بقية مناطق العراق. ونصيحتي لهم بأنه عندما تحصر شخص أو حتى حيوان في زاوية واحدة وتضغط عليه سيكون رد فعل ذلك الشخص هو الهجوم بكل قواه على العدوا وسرفع شعار علي وعلى أعدائي.  

بإعقتادي الخطوة القادمة ورد فعل مسيحيوا العراق على مايجري لهم في العراق سيكون الكفاح المسلح في سبيل بقاءهم وهم متمكنين لأن العديد منهم ناضلوا في صفوف الأحزاب الشيوعية والكردية ويعرفوا وتمرسوا في أساليب البيشمركة والكفاح المسلح ضد نظام صدام الدكتاتوري.

أرجوا أن توفر حكومة كردستان الأمان والاستقرار لمسيحي العراق في مدنهم. أتمنى أن يكون الحادث الذي تعرض له مسيحيوا العراق في كردستان حادث عرضي ولا يتكرر، وإلا نتائجه ستكون وخيمة على المسيحيين والأكراد والعرب لأن ذلك سيحول المنطقة إلى أرض اقتال وستندلع حرب أهلية اشبه بحرب الصرب والكروات والبوصنة والأحتلال الأجنبي وتقسيم العراق لا مفر له وقتها.  

عماد هرمز
ملبورن- استراليا
06 فبراير 2012.