المحرر موضوع: أقدم أسواق العراق يصمد في وجه الزحف العمراني  (زيارة 3396 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل samir latif kallow

  • عضو مميز متقدم
  • *******
  • مشاركة: 50554
    • MSN مسنجر - samirlati8f@live.dk
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
  

أقدم أسواق العراق يصمد في وجه الزحف العمراني
 
  
سوق 'القيصرية' بكردستان العراق يجذب الزائرين بعراقته وحجمه الهائل ومنتجاته التي تبدأ بالأغذية ولا تنتهي عند الحلي والأقمشة.

 

  
ميدل ايست أونلاين
 
 
تحقيق: عمر محمود
 

كل الطرق تؤدي إلى 'القيصرية'
 
 
 
مع ان الثورة العمرانية الكبيرة التي تشهدها محافظة اربيل في اقليم كردستان العراق ادت الى انتشار كبير جداً في مجمعات التسوق التي تحتوي كل ما يخطر ببال المواطن وتلبي جميع احتياجاته باساليب عصرية مبهرة، الا ان سوق القيصرية يصمد بقوة امام هذا الزحف بعمره الذي يتجاوز قرنين وحجمه الذي يفوق جميع مثيلاته وتفرعاته التي تتضمن اكثر من عشرة اسواق مختصة تجتمع لتشكل واحد من ابرز معالم اربيل واعرقها واكثرها تنوعاً ولا يمكن لاي شخص ان يدعي زيارة كردستان اذا لم يتجول او يتسوق من القيصرية.

ويقع سوق القيصرية في مركز محافظة اربيل وبالقرب من قلعتها التاريخية الشهيرة والتي تؤدي اغلب وسائط النقل العامة اليها، وهو اقرب الى المتاهة الكبيرة التي يخيل للزائر انها لا تنتهي لكثرة التفرعات والمحال التجارية المتداخلة فهذا سوق الذهب وذاك سوق العطارين وبعدهم سوق الاقمشة والخياطين، وهناك سوق الحلويات والمكسرات وغيرها من الاسواق التي تشكل مدينة تجارية متكاملة توفر كل شيء وتغري الزائر بانفاق اخر فلس في جيبه لشراء اجمل الملابس والاكسسوارات واطيب الاطعمة والحلويات.

ويمكن للزائر ان يدخل السوق من اي الابواب يشاء وهي اكثر من عشرة ابواب تحميل تسميات مرتبطة بمهنة معينة، ومنها باب الصفارين الذي يقع بالقرب جامع الحاج نوري وباب القصابين وباب الصاغة بجانب جامع الحاج داوود وباب القلعة الذي يشكل مدخل سوق الحلويات والعسل بالاضافة الى العديد من الابواب الاخرى.

وبداية جولتنا كانت من سوق الحلويات والمكسرات حيث تنتشر انواع عديدة من الجوز والبندق والفستق والحب بلونيه الاحمر والابيض والكازو والزبيب والمصقول بالوانه الزاهية المتنوعه والحلقوم ومن السما في حين تتدلى حبال التين المجفف في وجهات المحلات بالاضافة الى حلويات السجق الشهيرة التي تصطف الى جانب منتجات الالبان محلية الصنع وانواع الدبس والراشي وحلاوة الجبن والشكرية والطحينية التي يقدم لك باعتها عينات مجانية للتذوق تدفعك في اغلب الاحيان على الشراء بنفس راضية وشهية مفتوحة.

وتبقى البضاعة الاكثر تميزاً في هذا السوق هي العسل بانواعه والوانه العديدة التي تتدرج من الاصفر الفاتح الى الغامق والبني وصولاً الى العسل الاسود.


  


  



ويوضح كاكه غفوري الذي يعمل في تصدير العسل الى العاصمة بغداد وعدد من الدول المجاورة ان اغلب بضاعتهم تأتي من مناحل السليمانية ودهوك وهي متنوعة ولكن الطلب الاكثر يكون على عسل النحل الجبلي الذي يستخدم كمقوي عام للجسم والمناعة ولعلاج فقر الدم وامراض الكبد والصدر والمعدة بالاضافة الى استخدامه علاج بعض حالات الخلل في وظائف القلب والأوعية الدموية.

ونجبر انفسنا على الخروج من مملكة الغذاء اللذيذة ونتوجه الى سوق الصاغة الذي يبهرك من كثرة الاضواء العاكسة التي تزدحم بها وجهات المحال والتي تزيد من بريق الذهب الموزع بأاشكال وموديلات وانواع منها العراقي الذي بقي فترة طويلة منفرداً وبلا منافس الا ان اغلب الصاغة يؤكدون بانه اخذ بالتراجع مؤخراً امام الذهب الخليجي عموماً والاماراتي منه بالتحديد.

ويؤكد الصائغ أزاد عمر ان الاقبال على الذهب يسجل ارتفاع دائمي في اقليم كردستان بسبب عوامل منها تحسن الدخل المادي للمواطنيين، بالاضافة الى ان العائلات الكردية تفرض دائماً كمية غير قليلة من الذهب في مهور بناتهن في حين يعتبر اغلب المواطنيين اقتناء المصوغات الذهبية هي التجارة الوحيدة التي لا تخسر.

ويوضح عمر ان اذواق النساء في اقتناء الذهب تختلف حسب الاعمار فالنساء الكبيرات يفضلن الحجل والاساور الكبيرة والحزام الذهبي الذي يعد جزء مكمل للزي النسوي في حين تفضل الشابات التصاميم الحديثة والنقوش العصرية في الاساور والاقراط والخواتم وخصوصاً ماركة لازوردي الاماراتية والموديلات التركية التي تلقى رواجاً كبيراً بالرغم من اسعاره المرتفعة قياساً بالمصوغات العراقية.

ونهرب من لهيب اسعار سوق الذهب لندخل عالماً زاهي الالوان في سوق الاقمشة حيث لا يوجد لون او نقش في الطبيعة الا وتجده هنا فالملابس الكردية التقليدية وخصوصاً النسوية منها تتميز بالالوان البراقة والتصاميم الجميلة.

وتقول بيمان فرهاد التي تعمل في تصميم وخياطة الملابس النسوية إنها تواظب باستمرار على سوق الاقمشة في القيصرية لشراء حاجتها من الاقمشة لتجهيز طلبات زبوناتها من الملابس وخصوصاً الزي الكردي المؤلف من دشداشة طويلة ذات كمين طويلين يرتبطان بذيلين مخروطيين طويلين يسميان "فقيانة".


  


  



وتخاط هذه الدشداشة من قماش شفاف ذي خيوط حريرية ناعمة الملمس ومطرزة بأنواع مختلفة من الحراشف المعدنية البراقة مع سترة قصيرة تستبدل في الشتاء بأخرى طويلة تصل الى أسفل الكعبين وذات كمين طويلين في حين لا تستغني المراة عن مكملات الملابس مثل القبعات المطرزة بالجنيهات الذهبية (الليرة) التي تكون باهظة الثمن و يستعاض عنها حاليا بالجنيهات المعدنية .

وتشير فرهاد الى ان الاقمشة الموجودة في هذا السوق هي من مناشىء صينية وتركية وسورية وايرانية وهي تنقسم الى اقمشة ذات لون واحد واخرى مطعمه بالخيوط الذهبية والفضية اللماعة، مبينةً ان الاقبال الاكبر على هذا السوق يكون في عيدي الاضحى والفطر بالاضافة الى اعياد نوروز الذي تتنافس النساء فيه على شراءالازياء الكردية الجاهزة والتي تكون ارخص من التي نقوم بخياطتها حيث يصل اسعار بعضها الى 200 او حتى 400 دولار.

وبخصوص الازياء الرجالية يوضح البائع حمه صباح ان الاقبال جيد في سوق القيصرية على الزي الكردي التقليدي المؤلف من العمامة والقميص طويل الاكمام وحزام القماش الذي يكون من الحرير في اغلب الاحيان بالاضافة الشروال الذي يختلف سعره بحسب القماش الداخل في صناعته واشهر انواعه قماش الشال المصنوع من شعر الماعز.

ونمضي حثيثاً في القيصرية ونصل الى سوق النجارين حيث تشعر بالحنين الى الماضي حين تشاهد البضائع التراثية الجميلة التي تنتمي الى العقود الماضية مثل الكاروك الخشبي والة المشي للطفل ومناضد الطعام والقاصات الخشبية وادوات المطبخ بالاضافة الى مساند القران الكريم وغيرها من الاعمال الخشبية التي كانت تشكل معظم اثاث البيت العراقي في النصف الاول من القرن الماضي.

ونتوقف قليلاً للراحة من هذا العالم الصاخب ونستغل الاستراحة للحديث مع هيمن عزيز الذي كان يصطحب عائلته للتسوق في القيصرية فيبدأ كلامه بالقول انه وبالرغم من بناء وافتتاح العديد من مراكز التسوق والمجمعات التجارية في اربيل واحدها لا يبعد الا امتار قليلة عن سوق القيصرية الا ان هذا السوق لا زال يشهد امواج بشرية كبيرة تتدفق الى السوق منذ الساعات الاولى للصباح وحتى بعد وقت الغروب، موضحاً ان التسوق من القيصرية له نكهة تختلف تماماً عن اي مكان اخر.


  


  



ويضيف هيمن ان ميزة سوق القيصرية هو بتنوع البضائع وتعددها فانا لا احتاج للذهاب الى اماكن عديدة للتسوق لاني اجد جميع احتياجاتي سواء كانت مواد غذائية وتوابل وملابس نسائية ورجالية ومصوغات ذهبية وادوات منزلية وكل الاشياء التي تحتاجها او تحلم بها ، مشيراً الى ان جده واباه كانا يصطحبانه الى هذا السوق وهو يفعل ذات الشيء مع عائلته اليوم ويتمنى ان يفعل ابنه هذا الامر مع اولاده .

وتنتشر داخل سوق القيصرية المقاهي التي يعود انشائها الى بدايات تأسيس هذا السوق ومنها مقهى خليل الجايجي الذي يعد المفضل لدى اصحاب المحلات والزبائن على حد سواء كما يرتاده كبار السن والسياح بكثافة ويفتح ابوابه مع ساعات الفجر الاولى في حين تتوزع المطاعم بمختلف اصنافها في ارجاء سوق القيصرية ومنها المطاعم المختصة بكباب ولبن اربيل واشهرها مطعمي هاشم كبابجي وبرهان كبابجي في حين يعتبر مطعم كريم الباججي من اشهر المطاعم التي تقدم اكلة الباجة العراقية في اربيل.

تحين ساعة المغادرة قبل ان اكمل كل اجزاء القيصرية فاجمع اوراقي واشكر الرجل صاحب المقهى الذي اصر حين عرف مهمتي الصحفية على عدم اخذ ثمن الشاي وودعني بكلمات جميلة تعبر عن طيبة وكرم فطريين تجدهما لدى اغلب سكان هذه المحافظة واخرج تاركاً ورائي سوقاً يختزل تاريخاً طويلاً ترك اثاره الواضحة في جنباته ولكنه لم يجرؤ على المساس بشهرته الكبيرة وعراقته الاصيلة .
 




http://www.middle-east-online.com/?id=125554

مرحبا بك في منتديات



www.ankawa.com