المحرر موضوع: مرثية الى أخلاق الجيرة  (زيارة 1430 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عبدالمنعم الاعسم

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 788
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
مرثية الى أخلاق الجيرة
« في: 02:41 09/08/2005 »

مرثية الى أخلاق الجيرة
[/size] [/font]

عبدالمنعم الاعسم
aalassam@hotmail.com

   قدم جيران العراق دروسا، رائعة، في علم الدبلوماسية عندما شطبوا من هذا العلم (والحمد لله) الكثير من  شوائب الاخلاق، والكثير من المفردات الرثة حول المصالح بعيدة المدى والامن المتوازن وعدم التدخل في الشؤون الداخلية والاحسان والتضحية والشهامة والفروسية والجوار، وأحلوا محلها مفردات جديدة في السوق من مثل (ليس من اجل آبار الماء بل من اجل آبار النفط) او ( ارسل وكلاءك عبر دولة ثالثة) او( قاتل الغريب على ارض القريب) او( غيّر لهجتك كما تغير جواربك)أو (اشك باقل الكلمات وابك باكثر الدموع).. ومنذ فترة شكا وزير خارجية عربي (علي الهواء) من زملاء له يغتابون دولته لدى الكبار في غيابه، قال: حين نكون، نحن وزراء الدول المجاورة، سوية نتحدث مع الاجانب الكبار بكلام طيب وحين نفترق نكيد لبعضنا عندهم.
 /ويشاء العراق ان يكون( يا لحظه العاثر)ميدان اختبار لبراعة اشقائه، وجميعهم مسلمون (والحمد لله) في التآمر وفي تصريف ازماتهم عبره، بعد ان استقووا عليه، للاسف، فنقلوا حروبهم مع الولايات المتحدة الي بنايات مدارسه ومزدحماته ومنازل اهله بدل ان يحاربوها علي أرضهم وخواصرهم،  وصدروا اليه خلايا الردة أوغضوا عنها الطرف لتخوض حرب المقاومة ضد المدنيين ولتدك شبكات الماء والكهرباء والوقود، او لتدمير اقتصاده بتفكيك معامله وتهريبها، وادارة عصابات الجريمة المنظمة، وتجييش الكلاب السائبة من المحيط الى الخليج لتخوض معركة الامة والدين ضد العراقيين.
فلم يعمل اولئك الجيران الورعين، في واقع الامر، أكثر من انهم شطبوا وصية نبيهم  الى المسلم بان لا يستطيل علي جاره في البناء فيحجب عنه الريح (موعظة السالكين) كما شطبوا سؤال الامام علي البليغ (كيف تكون مسلما ولا يسلم جارك منك) عن عمد، واحرقوا تلك الروايات العجيبة في السفر الاسلامي الاول عن التزامات الجوار ومعاني الجيرة، فكان من يصيح (يا جاراه) تأتيه النجدة من كل حدب وصوت..
ذلك النداء الذي اطلقه عياض بن ديهث (علي ما يروي ابو الفضل الميداني في مجمع الامثال) حيث تعرضت ابله الي النهب من بعض حشم النعمان فاستغاث بآخر علي مرمي بوادي اسمه الحارث بن ظالم، صائحا: ياجاراه.. ياجاراه، فقال له الحارث: ومتي كنت جارك؟ فقال له : اني سقيت ابلي يوما من مائك، وهذا الماء في بطونها، فقال الحارث:انه جوار وحق الكعبة، ثم اغاثه.
 /ان سياسة إيجاع امريكا من اليد العراقية قد تكون مفهومة من همج شبكة القاعدة الذين لا يعترفون بالحدود والجيرة وخطايا ترويع الامنين منذ ان أخرجتهم الولايات المتحدة من نعيم السي آي أي، لكنها غير مفهومة، وقصيرة النظر، من دول مجاورة للعراق تنحشر معه في شراكة أمنية واقتصادية وجغرافية إقليمية لا فكاك منها، ما يضع مفهوم حسن الجوار، وهو ما تبقي راسخا ومعترفا به من الاعتبارات الاخلاقية في العلاقات الاقليمية أمام اختبار النزاهة، بل امام السؤال التالي: هل يعرف اخواننا، وهم اقرب الينا من عظم الرقبة، اننا كفرنا بتلك الرابطة التي لم يبق منها غير حسرة على الزمن الذي كنا فيه نصدق انهم يصدقون.


ـــــــــــــــــــــــ
..وكلام مفيد
ــــــــــــــــــــــــ

" ما اكثر العبر، وما اقل من يعتبر"

الامام علي