المحرر موضوع: أين نحن في المهجر من إحتفالات الأول من نيسان في أرض الوطن ؟  (زيارة 2587 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل أبرم شبيرا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 395
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني

أين نحن في المهجر من إحتفالات الأول من نيسان في أرض الوطن ؟
======================================
                                                                                                                                 أبرم شبيرا

نحن الذين نصبنا خيامنا في المهجر، وجودنا القومي والحضاري والتاريخي كوجود الشجرة بأغصانها وأوراقها وزهورها وثمارها في السماء الطلق ولكن جذعها منتصباً راسخاً على أرض بيث نهرين وجذورها تمتد في أعماقها  تسقى وتتغذى منها، وأي أنفصال عن الجذع سيتهدم كيان الشجرة كما وإن أي إنقطاع عن الجذور ستتصلب أغصانها وتذبل أوراقها وتموت ثمارها وتصبح الشجرة عقيمة لا تصلح إلا أن تكون حطباً لنيران الغربة والضياع. ما فائدة من أن أكون كلدانياً أو سريانياً أو أشورياً وأنا من دون أن أكون منتصباً على جذع راسخ على أرض بيث النهرين؟ ما الفائدة من أفكاري ودعواتي القومية مالم يكون لي إرتباط بجذور أستمد منها مصدر وجودي القومي والحضاري والتاريخي ومن الأرض التي  ولدت فيها حضارتي وتاريخي ووجودي؟ فمن يدعي بإنتماءه إلى هذه الأمة الكلدانية السريانية الآشورية وإلى كنيستها المشرقية أينما كان من أقصى شرق العالم في أستراليا إلى أقصى الغرب في كاليفورنيا هو إدعاء كاذب وهراء ومزايدة مالم يكن مرتبط بجذوره في أرض بيث نهرين ويتفاعل معها ومع حراس جذع الشجرة وسقاة جذورها. فمن نافلة القول: لا شجرة بدون جذور إلا الأشجار البلاستيكية المستخدمة في الزينة التي لا حياة لها. فمصدر حياة الشجرة هي الجذور فإذا ماتت الجذور فحتماً ستموت الشجرة وهكذا هو حالنا نحن في المهجر، فلا وجود لنا إلا بوجود جذورنا في أرض بيث نهرين وبدونها سنموت قومياً وحضارياً وتاريخياً.

نظرة بسيطة إلى واقعنا القومي في المهجر وبالأخص إلى "الناشطين" في المجال القومي والسياسي وإلى منظماتنا القومية والسياسية نرى بأن في معظمه يستمد مصدر أفكاره وأصول حضارته وتاريخه من بابل وآشور ومن الحضارة العظيمة التي بناها أجدادنا البابلين والآشوريين والكلدانيين. ولكن مثل هذا الإشتقاق لا يمكن أن يكون منطقيا عقلانياً مقبولا ما لم يرتبط بجذوره في بيث نهرين ويستمد منها غذاءه القومي والحضاري. وسبيل الإرتباط بالأصول والجذور ليس بالكلام المعسول والكتابات المنمقة وإنما بالتواصل العضوي المستمر والفعلي. ليس مطلوباً منًا نحن أن نترك خيامنا المنصوبة في المهجر ونلملم أغراضنا ونسير على نهج الهجرة المعاكسة ونعود فعلاً إلى الوطن للعيش مرة أخرى فيه، وإن كان مثل هذا الحلم أملاً لنا إن لم يكن في حياتنا ليكن على الأقل لأولادنا وأحفادنا، بل المطلوب هو البقاء على التواصل الصميمي مع أبناء أمتنا والمعايشة معهم في أفراحهم وأتراحهم والتفاعل مع حياتهم الصعبة وظروفهم المأساوية التي فرضها الوضع الحالي للعراق، وهذا هو أقل الإيمان.

أتذكر قبل بضعة سنوات وأنا أستمع إلى خطبة (كرازة) أحد رجال كنيستنا في العراق أثناء القداس المقام بمناسبة صوم (باعوثا) نينوى وهو المعروف بصراحته وشجاعته في نقد الأوضاع الشاذة والممارسات الخاطئة، إذ قال وبكل حماس وعصبية وهو يحث المؤمنين على التمسك بهذا الصوم الإلهي بأن نينوى تقع في بلاد مابين النهرين والحدث التوراتي بخصوص الصوم حدث على هذه الأرض لذلك فصيامكم وأنتم تعيشون على هذه الأرض وتعانون المأساة والمظالم التي فرضت عليكم هو أكثر قبولاً عند الله من هؤلاء الذين يصومون وهم في دول المهجر وينعمون بخيراتها ويعيشون في أمان وسلام. فإذا كان قول نيافته يتجاوز حدود مفهوم الكنيسة والمسيحية والإيمان بالله والتذرع إليه لأن عبادته وطلب الغفران منه وممارسة الشعائر الدينية يمكن القيام بها إينما كان ومن دون حواجز حدودية، لكن من جانب آخر يصيب كلام نيافته جانب من الحقيقة التاريخية والتراثية والحضارية تصب في تأكيد ضرورة أرتباط الإنسان بأرضه ووطنه وممارسة شعائره التراثية والحضارية وفي نفس مكان نشوء وحدوث هذه الممارسات التاريخية والتي حتماً سيكون لها طعماً خاصاً وتمتلك مصداقية مقبولة لدى الآخرين.

وإذا حاولنا الإبتعاد عن الأمور الكنسية وتجنب الشعائر الدينية وأقتربنا أكثر من الممارسات التراثية والحضارية لأمتنا نرى بأن الأول من نيسان، رأس السنة البابلية الآشورية هي أكثر المناسبات العزيزة على قلوب أبناء شعبنا وأكبرها جماهيرياً ووقعاً على النفوس والعقول ولها طعماً خاصاً ومتميزاً في أرض الوطن حيث يشارك فيها عشرات الآلاف ومن مختلف الطوائف والمدن والقصبات والقرى بحيث تجد صورة حية للأمة وهي في حالة حركة ونشاط. شخصياً عندما أشارك في كل عام في مسيرات عيد الأول من نيسان في أرض الوطن أجد، كما يجد غيري من زملائي القادمين من المهجر، فرحة لا تضاهيها أية فرحة ومتعة لا تساويها أية متعة وإنبهار لا يبهرها أي إنبهار... لماذا... لأننا نجد في القادم من أستراليا وأوربا وأميركا متكاتف مع أخيه القادم من دهوك وعنكاوه وألقوش وبرطله شقلاوه وسرسنك وغيرها من المراكز التاريخية لأبناء أمتنا بحيث لا تستطيع أن تميز بين من هو كلداني أو آشوري أو سرياني فكلهم يرفعون لافتات وشعارات تقول بأننا أمة واحدة وسنبقى أمة واحدة ولنا لغة واحدة وثقافة واحدة ومصير واحد وسنناضل موحدين من أجل نيل حقوقنا المشتركة لا يفرقنا مفرق قابع في زواياه الطائفية والعشائرية والإنانية والإنفصالية والتحزبية المقيتة يقلد الغراب في نعيقه محاولاً تخويف أسد بابل ونسر آشور. نصبنا غضبنا وأمطرنا هجومنا على أحزابنا السياسية ومنظماتنا القومية لكونهم عاجزين عن التفاهم والتقارب بينهم للسيرخطوة واحدة نحو تحقيق أهداف أمتنا، واليوم بتكاتف أحزابنا السياسية ومنظماتنا القومية في أرض الوطن تحت مظلة "تجمع التنظيمات السياسية الكلدانية السريانية الآشورية" تمكنوا من أزاحة الإحباطات والمشاعر السلبية من عقولنا وشرعنا نرفع قبعاتنا لهم تقديراً وإكراماً على صمودهم في وجه كل التحديات الماحقة التي يواجهونها في الأرض الوطن ويسعون ليل نهار لإنجاز وتحقيق هدف لهذه الأمة حتى ولو كان صغيرا وبسيطاً. هكذا وجدت مناضلي أمتنا منتصبين واثقين سائرين إلى الأمام وهم في طليعة مسيرة الأول من نيسان في العام الماضي في دهوك ولنا أمل كبير أن يكونوا أكثر قوة وثباتاً وتنظيما ونحن نقترب من هذا العيد الخالد.

مهما قرأت من الكتب وحصلت على شهادات إكاديمية وحضرت ندوات أو محاضرات وحاولت أن أكون قومياً فأنها تبقى مصادر ناقصة في بناء ذاتي القومية وتعجز عن ربطي بحضارتي وأرضي ولا تكتمل هذه الذات إلا عندما تطأ قدمي أرض أبائي وأجدادي وأتعايش مع أبناء أمتي ... فعندما أزور ألقوش البلدة التي ولدت فيها وأتجول في أزقتها وألتقي بأبنائها الطيبين خاصة الذين يتذكرون جدي وأبي أجد نفسي بأنني ولدت من جديد. ومن الغرابة بل الطرافة المثيرة للإهتمام أن أحد الألقوشيين قادني في العام الماضي وأثناء إحتفالات نيسان ونحن في زيارة إلى ألقوش إلى احدى البيوت وقال بأن جدي سكن في هذا البيت لا بل وحتى أنه حدد الغرفة التي ولدت فيها ولا أدري إذا كان ذلك صحيحاً أم مجاملة معبرة عن رحابة صدره في ترحيبه لزيارتنا لألقوِش. عندما أتسلق وادي جبل الدير وأصلي في دير ربان هرمزد الذي تعمذت أنا وأخوتي وأولادي فيه يفيض قلبي أملاً وإيماناً بعظمة كنيستي وأمتي والتي خلدتها الكتابات السريانية في الصخور المنقورة في الدير وفي الأصابع التي سطرت المخطوطات المحفوظة، أو التي كانت محفوطة، في دير سيدة الزروع (الدير التحتاني). وحتى أبتعد عن الخصوصية، أجد نفسي أكثر إلتصاقاً بكل زواياً أرض أبائي وأجدادي عندما نزور قرى وقصبات سهل نينوى ثم نتسلق الجبال الشامخة نحو منطقة صبنا ونجول في كروم برواري بالا وننزل نحو سهل نهله وفي قراهه الجميلة وأجد نفسي بأنني فعلاً أبن هذه الأمة عندما ننغمر بالترحاب والاستقبال من أخوتنا هناك فأقول الحمد لله لازالت الدنيا بخير، فيمتلئ قلبي وعقلي تفائلاً يكفيني لكي أستمر كإنسان مرتبط بهذه التربة وأنا بعيد عنها. ولكن.... ولكن ... دائماً هناك ما يعكر هذه الصورة الجميلة ويشوهها ببعض الممارسات غير المقبولة إنسانياً وحضارياً. ففي الكثير من القرى والقصبات والكروم تجاوزعليها بعض العشائر الكردية وسكنوا فيها وحرفوا طبيعتها الديموغرافية والتاريخية لا بل وأفسدوها بشكل لا يقبلها الإنسان المتحضر. في العام الماضي عندما تسلقنا الجبل ووصلنا إلى قمته حيث قرية ديري وديرها العتيق المعروف بـ "دير مارعوديشو" الذي يعود تاريخه إلى القرن الرابع الميلادي ويعلوه أثار لدير أقدم منه وهو "دير مار قيوما"، فعندما أنسرح نظرنا نحو الوادي والمروج التي تغطيه في أسفل الجبل وجدنا عدد كبير من البيوت الجاهزة (كرفانات) تسكنها عشيرة كردية منذ سنوات مشوهين منظر الوادي ومستغلين خيراته وعرفنا بأن شيخ هذه العشيرة لا يخشى أحد ولا يكترث لتجاوزه وإحتلاله للأراضي الكلدانية الآشورية الممتدة بين القريتين ديري وكومانه. أفهل نلوم ونلعن هذا الشيخ وعشيرته أم نلوم أنفسنا نحن الذين تركنا أراضينا وقرانا وبساتيننا ونصبنا عوضاً عنها خياماً في المهجر؟

 إن مسألة تجاوز الكرد على الأراضي الكلدانية الآشورية في هذه المناطق هي من المسائل المهمة في أجندة أحزابنا السياسية ومنظماتنا القومية ونقطة إرتكاز في خلافهم مع الحكومة الأقليمية والقوى السياسية المهيمنة على مقدرات الوضع في الأقليم الشمالي لبيث نهرين ولها تعقيدات سياسية وجغرافية وديموغرافية ليس حلها بالأمر السهل خاصة عندما تتداخل فيها جملة عوامل سياسية وقومية، ونأمل من أحزابنا السياسية ومنظماتنا القومية كل التوفيق في هذه المسألة العويصة. 

 أما الحديث عن بلدة عنكاوه، مركز الحضارة والثقافة والسياسة والتمدن فالحديث عنها عاجز عن التعبير عن الفرحة والمسرة. لا بل فقضاء بعض الليالي فيها والتفاعل الحقيقي مع أهلها الطيبين تكون مصادر حقيقية لتثقيف الذات وتوسيع مداركنا القومية والسياسية من خلال التعايش الحقيقي والواقعي مع أبناء كلدو وآشور في هذه البلدة العريقة. في العام الماضي وفي أيام إحتفالات نيسان حيث الجميع فرحين مبتهجين كنًا أنا والصديق توما روئيل يوخنا نتجول في شوارع وأسواق عنكاوه وعند توقفنا لدى أحدى محلات بيع المقتنيات الأثرية والتذكارية أعجبتني سبحة كان لها مدلولات تراثية فحاولت شرائها وعندما عرف صاحب المحل إسمي وإني قادم من المهجر حلف بمليون حلف بأن لا يأخذ فلساً واحداً  مني مقابل السبحة فأعطاها لي مجاناً وقبلتها مشكوراً... هذا نموذج بسيط جداً وشخصي لكرم ولطافة أبناء أمتنا في الوطن. فمن لا يصدق هذا فباب الوطن مفتوح لزيارته والتحسس مباشرة بما ذكرته في أعلاه بخصوص تأكيد الذات من النواحي القومية والحضارية والتراثية.         

جميل جداً أن نرى شعبنا في المهجر يهب في شوارع المدن ويتظاهر ويقدم الإحتجاجات عندما يواجه أبناء شعبنا في الوطن ممارسات إرهابية وتفرض عليه سياسات تعسفية وتهضم حقوقه. وجميل جداً أيضاً أن نرى شعبنا في المهجر يسيًر مسيرات ومواكب بمناسبات وأعياد قومية كالأول من نيسان ولكن الإجمل بكثير سيكون عندما نعايش أو نشارك في مثل هذه النشاطات ونحن على أرض الوطن فهي تأكيد وتصديق لكل هذه الممارسات في المهجر.... فلكل أبناء أمتي الكلدانية السريانية الآشورية وخاصة المهتمين بالشأن القومي أقول بأن إشتقاقكم لمصدر فكركم القومي والحضاري وتنسيب إنتسابكم إلى أرض بابل وآشور تبقى فاقدة لجانب من المصداقية ما لم تزوروا أرض الوطن ولو مرة واحدة في السنة ولتكن زيارة للمشاركة في إحتفالات الأول من نيسان لتتأكدوا ما ذكرته في أعلاه، وهذه بعض الصور المأخوذة في المناسبات السابقة لإحتفالات الأول من نيسان في أرض الوطن... وإلى الملتقى في المسيرة النيسانية في أرض بيث نهرين.



إستقبال حار للقادمين من المهجر


مع أبناء وبنات أمتنا الكلدانية السريانية الآشورية أثناء مسيرة نيسان وهم بالزي التراثي لقرانا الجميلة

 

زيارة أرض الوطن لاتخلو من اللقاء برجال كنيستنا الأفاضل... صورة مع نيافة المطران  لويس ساكو رئيس أساقفة  كركوك للكدان الكاثوليك والأب الفاضل ألبير أبونا المؤرخ الكبير لكنيسة المشرق.




 

مشاركون في مسيرة نيسان من مختلف بلدان العالم من اليمين إلى اليسار: توما روئيل يوخنا من أربيل، أتور خنانيشو من طهران عضو البرلمان الإيراني السابق، أبرم شبيرا من سان دياكو – الولايات المتحدة، باسم رشو من سدني – أستراليا، وجلوساً عمانوئيل قليتا من لندن – المملكة المتحدة الشخصية الآشورية لعام 2010 المنتخب من قبل الإتحاد القومي الآشوري الأمريكي.

 

كشافة شباب كلدو آشور في مقدمة المسيرة النيسانية

 

ملائكة وزهور يكللون مسيرة نيسان

 

طفل بالزي القومي يشارك في المسيرة النيسانية

 

نادرا ما نرى الشخصية القومية المعروفة عمانوئيل قليتا مبتسماً.... ما سر وراء هذه الإبتسامة ؟... أنه المشاركة في مسيرة الأول من نيسان في دهوك في العام الماضي.


وقفة راحة بعد المسيرة النيسانية الجماهيرية لعدة كيلومترات
 


نيساننا لا يغلو من زيارة المصايف وقرانا الجميلة

 
صرخة الوحدة الكلدانية السريانية الآشورية
 

لا حدود للعمر من المشاركة في المسيرة النيسانية



قطع كعكة نيسان المسيرة والميلاد مع الأصدقاء والفرحة تعلوا شفاة جميعهم



قادة "تجمع التنظيمات السياسية الكلدانية السريانية الآشورية" متكاتفين في مقدمة المسيرة النيسانية
ونأمل في هذه السنة أن يكونوا أكثر تكاتفاً .... ما أحلاك يا وحدة أمتنا.