المحرر موضوع: ملاحظات حول مسودة موضوعات سياسية للمؤتمر الوطني التاسع للحزب الشيوعي العراقي  (زيارة 999 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل يوسف زرا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 98
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
ملاحظات حول مسودة موضوعات سياسية للمؤتمر الوطني التاسع

للحزب الشيوعي العراقي


لقد احتوت المسودة المذكورة على (217) فقرة، شخصت خلالها وبشكل مسهب، ويكاد يكون في بعض لفقراتها تكرار وتتداخل في ما بينها، رغم إنها تمثل النظرة المبدئية لأهداف الحزب الشيوعي العراقي ووفق رؤية وتشخيص صحيح للواقع المؤلم والفاصل بين الحكومة الحالية غير المتجانسة وغير الكفوءة والبني التحتية المسحوقة اقتصاديا واجتماعيا، والمهمشة جميع نخبها الثقافية وأحزابها الوطنية المؤمنة بالديمقراطية السياسية والاجتماعية.
ألا أنه في بعض الفقرات هناك شبه إرباك في الرؤية الصحيحة لما هو قائم وكيفية معالجتها لما يخدم مصلحة الشعب وسيادته الوطنية.
ولا يختلف اثنان على ما هو في واقع الأمر كإستراتيجية واضحة للتيار المذهبي للأحزاب السياسية الدينية ومشخصة في هذه المسودة واستثمارها للديمقراطية الليبرالية لصالحها، وكأنها وفي نظرها تعويضا لما عانت من شتى أنواع الاضطهاد من الأنظمة السابقة وخاصة بعد الانقلاب الدموي بقيادة القوة اليمينية القومية العربية في عام 1963 وخلال العقود الأربعة من الحكم الدكتاتوري. فكانت بمثابة الفرصة الذهبية بعد سقوط النظام في2003/4/9 وبدأت التحرك والعمل للتمسك بزمام السلطة وبشرعية الديمقراطية المشوهة والتي أدت ظهور الخلاف ما بين المكونين الرئيسيين الشيعي والسني وتحت أنظار المحتل من جهة، وشعور التيار القومي العربي المتمثل بالمذهب السني بتهميشه وإبعاده من المشاركة الفعلية في السلطة من الجهة الثانية، وله ما يناسب من المقاعد في مجلس النواب. إلا أن الضغوط الخارجية المعولمة والتي كانت ولا زالت تمارس التدخل المباشر لهذه النسبة وغيرها بغية تحقيق عدم التوازن بين القوى المتصارعة على كراسي الحكم، وما رافقها من زيادة واستفحال الفساد الإداري والمالي والسياسي وبحماية زعماء الكتلتين وإهمال فقدان الأمن وشراسة أعمال الإرهاب المنظم ضد جميع القوى التقدمية السياسية والاجتماعية واتساعها تصفية رموزها وامتداد ذلك إلى الاضطهاد المباشر للأقليات الدينية والقومية دون أن تتحرك أجهزة الدولة لوضع حد لها، إلا أن ما جاء في المسودة تلميحا فقط حول ما نوهنا عنه أعلاه وضمن عدة فقرات ومنها 160، 161 ، 166 ، وغيرها، مما أدى إلى هجرة مئات لا بل ألاف العوائل من المدن الرئيسية ومنها بغداد ، بصرة ، موصل و كركوك إلى محافظات أخرى ومنها إقليم كردستان بنسبة قليلة لان غالبيتها اختارت مرغمة هجرة الوطن باتجاه دول الجوار تركيا ، سوريا ، أردن. ومنها غربا إلى المصير المجهول نحو أوربا وأمريكا واستراليا ولا بد أن نقول إن ما ورد في الفقرة (44) تقزيم الديمقراطية والتعامل الانتقائي مع الدستور فكان تشخيصا مبدئيا صحيحا، إذ وحسب رؤية المسودة يبقى مفهوم الديمقراطية وبشقيها السياسي والاجتماعي ذات المردود الايجابي ولصالح التيارين (الديني- المذهبي) من جانب، والقومي من الجانب الأخر لما لهذين التيارين التأثير المباشر وبدون حدود على القاعدة العريضة للبني التحتية وترويجها شرعية المرجعية الدينية في التدخل المباشر من داخل العراق وخارجه. والتأثير الواسع على غالبية مجتمع المكون المذهبي الكبير بصورة خاصة، وشعور فئة التيار القومي بالأقلية الأولى المتنافسة مع الأكثرية المذهبية المذكورة. ولا اثر لغيرهما في العملية الوطنية ومستقبل العراق. 
أما ما ورد في الفقرة (55) حول تشكيل الأقاليم، وكأنها صندوق مغلق لا يمكن معرفة محتوياته غير فئة ذات النفوذ المباشر والتأثير الأكبر على مجمل الساحة الاجتماعية والسياسية وفي بعض المحافظات التي احتدم الصراع لكتلهما على السلطة. ولم تتطرق الفقرة عن مصير الأقليات القومية والدينية المتواجدة فيها والمتداخلة مع بعضها عبر التاريخ، ومنها محافظة نينوى وكركوك و ديالى عدى محافظات إقليم كردستان والمحرومة في جميعها كليا من أي نص صريح وواضح في الدستور العراقي عن حقوقهم الأساسية أسوة بباقي المكونات الكبيرة والوارد ذكرها سابقا والمتضررة أو المهمشة ومنها (كلدان – أشوريين – سريان) – اليزيدية – التركمان – والصابئة وغيرهم.
 أما ما ورد في الفقرة (176) – التطورات في المنطقة – عواصف التغيير وأولت المسودة  الاهتمام الأكبر لها وهي ما يسمى بالربيع العربي، وليس إلا عبارة عن انفجار كيفي في البني التحتية لمجتمع الدول التي حصل فيها وقد يحصل في غيرها. وتركيبه الاجتماعي والفكري غير متجانسة وغير واضحة معالمه لأنه يفتقر في الأصل إلى قيادة ذات منهج سياسي واجتماعي واضح ومطروح مسبقا ولضرورة تواصل هذه الثورة لتحقيق الأهداف التي قامت من اجلها فعلا. وان ما ألت إليه في بعض دولها كتونس ومصر من نتائج بعد الانتخابات البرلمانية وبصورة مستعجلة وبعدة مدة قصيرة لانفجار الحركات المذكورة. وكانت نتائجها لصالح القوى الإسلامية والتي كانت متربصة مسبقا وعلى اختلاف تسمياتها سلفية – الإخوان – كانت للتغير الفوقي للسلطة القائمة فيها لا غير. ولان قياداتها كانت مدعومة إعلاميا وماديا ومنظمة مسبقا كجزء من المكون العولمي للنظام الرأسمالي. وفي حساباتها بان مصيرها مربوط بمصير الدول الغربية الحامي المباشر لها. ولأعوانها من الدول العربية الخليجية بصورة خاصة وغيرها.
أما ما يخص باعتماد المسودة على عاملين كحل للواقع المستعصي على النظام السياسي القائم والاعتماد الكلي على قدرة الجماهير للتغيير وفق المفهوم المادي لحركة المجتمع الإنساني. فلا بد من تحريك القوى الاجتماعية والسياسية ذات العلاقة المباشرة والمصلحة العليا بالتحويل نحو الأفضل. وهذا متوقف على الظروف الموضوعية والسلطة القائمة وخاصة في العراق ومنذ سقوط النظام السابق في 2003/4/9 ولغاية هذا اليوم وما حصل من القفزة المباشرة للتيار الديني والمذهبي مستغلة ضعف القوى التقدمية والوضع الذي خلفه النظام السابق علاوة على عدم تعاون القوى الوطنية والديمقراطية مبدئيا مع الحزب الشيوعي العراقي ذي الجذور التاريخية وكقوى محركة للبني التحتية الواسعة، وحاليا وليس عيبا أو تقصيرا أو تخلفا منه لوضعه الحالي لافتقاره إلى الكفاءة المطلوبة لذلك ولأسباب منها. تشتت قاعدته الطبقية التنظيمية داخليا بسبب الضربات الموجعة التي وجهت له ولقيادته طيلة العقود المنصرمة على يد الحكم الدكتاتوري المقيت وتأقلم غالبية كوادره الفكرية في المهجر والتي قد تمثل قوى نوعيا وعدديا له. إلى جانب الانقسام الحاصل في الحركة اليسارية والعمالية على ارض الواقع وكلاهما السبب الرئيسي لضعف قوة الحزب الشيوعي داخليا حاليا وليس من السهل تعويض مكانته كقوة ضاغطة على الأطراف اللاعبة بمقدرات المجتمع وحسب أهوائها ومصالحها الحزبية والمذهبية الضيقة. وكل ذلك إذا لم يراجع الحزب المذكور سياسته الحالية والعمل على لم شمل جميع الأضحة اليسارية ذات البعد الفكري السياسي والاجتماعي الماركسي. والمؤتمر الوطني أفضل فرصة لطرح هذا المقترح وبأفق واسع وبنظرة مبدئية حقيقية تناسب الحالة الواقعية له.
                                                                                       يوسف زرا
                                                                                     2012/2/10