المحرر موضوع: صناعة الطابوق في قرة قوش  (زيارة 1508 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل كريم إينا

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1311
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
صناعة الطابوق في قرة قوش
« في: 18:09 16/09/2006 »
صناعة الطابوق في قرة قوش
صباح زومايا / بغديدا
الطابوق (لبن)1 مفخور داخل أفران خاصة كما يشاهد في معامل الطابوق أو الكور. مادته الأساسية هي الطين الثقيل، يكون شكله إما مربعاً بحجم كبير أو مستطيلاً بحجم صغير يستخدم في بناء الدور وفي عقد سقوف الأبنية (عكادة). إن الطابوق يكون بأنواع مختلفة حسب درجة الحرارة التي يحرق بها ومن هذه الأنواع:-
1-   الطابوق المصّخرج:- من خواصه أنه قليل المسامات صلب ذو كثافة عالية ولا تظهر على سطحه الأملاح ويستعمل عادة في عمل الأساسات للأبنية وذلك لقوته وعدم نقله للرطوبة.
2-   الطابوق الأبيض والأصفر:- ويستعملان في واجهات المباني والأبنية الداخلية.
3-   الطابوق الأحمر:- وهو لبن محروق قليلاً، وقوة تحمله أقل من الأنواع الأخرى ويستعمل في بناء الجدران الداخلية والقباب.
تفاصيل الكور:- (3)
يكون الكور بشكل متوازي مستطيلات، قاعدته عريضة أبعادها من  3.5- 4 متر أما قمته فتكون أقل مساحة أي 1.5- 2 متر أما إرتفاعه فيكون من 2.5- 3 متر، من الداخل يكون في وسط قاعدته ممر من الجانبين لوضع مواد الإشتعال ودخول الهواء يسمى (واوي) إضافة إلى عيون مفتوحة من جميع الجهات وعلى شكل أقواس. أما فوق الواوي هناك فتحات متعددة تسمح للنار بالعبور إلى كافة أجزاء الكور. سبق وأن عمر الآشوريين بيوتهم ومدنهم باللبنات (لونتا) وبالطابوق والقرميد والآجر. إسوَّة بالآشوري فإن الباغديدي الذي هو وريث حضارة ما بين النهرين توجه إلى إمتهان حرفة صنع الطابوق أو اللبنة لبناء داره لأن موقع بغديدا بعيداً عن الجبل ونقل الحجارة من الجبل يكلف الكثير من الجهد والأموال. (4) كان السبب الرئيسي لتوجه أهالي هذه المنطقة نحو إستعمال الطابوق. فعملوا اللبن (لوني) وبنوا بيوتهم منها وقد نقل الآباء عن الأجداد هذه الصناعة. هناك كتابة على باب كنيسة سركيس وباكوس بما نصه (إن القرة قوشيين) لما عزموا على ترميم هذه الكنيسة. كانت السنة مجدبة فإضطر الأهالي إلى جمع الأشواك من الحقول لعمل الطابوق وشيه) (5). من هذا يتجلّى قدم هذه الصناعة في هذه المنطقة. ولكي نتعرف على هذه الصناعة يجب أن نقسمها على مراحل:-
المواد الأولية:-
1-   كمية من التبن الناعم يسمى (عور) للعجينة.
2-   التراب الثقيل (حمراوي).
3-   قالب خشبي.
4-   كور لقلي اللبنات.
5-   ماء.
6-   كمية من التبن الخشن للحرق.
7-   قطعة من السلك.
مراحل الصناعة:-
1-   تحضير الطين والقطع:-
بعد أن يتم إختيار التربة الثقيلة وذلك لقوة تماسكها، يجب تخمير الطين بوضع الماء فوق التراب ويخلط جيداً ويترك لبضعة أيام. ثم بعد ذلك يتم دعكه بالأرجل لجعله لزجاً، يشارك في هذه العملية عدد من الأشخاص حيث تعلو هوساتهم والأناشيد الدينية ومن هذه الهوسات: هلّي بابو هلّي       مريم عيند هلاي
ومع تكرار هذه الأناشيد والهوسات لا يحس الرجال بالتعب. إن الطين يضاف عليه التبن الناعم عند خلطه وذلك ليتماسك أكثر. عند دعك العجينة جيداً تحضر القوالب الخشبية ثم تبدأ عملية نقل الطين وتتم بواسطة ما تسمى با (الشّلتة) (6) يوضع الطين في القوالب الخشبية ويضغط جيداً للتخلص من الفراغات الهوائية، أما الطين الزائد يتم التخلص منه بواسطة سلك رفيع. ثم يرفع القالب فتأخذ كتلة الطين شكل القالب. بعد ذلك يتم مسح سطوح القالب الداخلية بالماء لمنع إلتصاق الطين بها. بعد الإنتهاء من عملية القطع تعرض اللبنات أمام الشمس لكي تجف جيداً. إن عملية القطع هذه قد تستمر يوماً كاملاً وقد يقطّع الرجال خلال النهار حوالي (1000) قطعة. بما أنها عملية متعبة وتحتاج إلى متمرّس بها فقد برز رجال مختصّين بهذه المهنة ولهم خبرة بذلك منهم كوركيس علي دز وأخوه زيا وأيضاً ميخا كرش.
2-   عملية إعداد الكور:-
بعد عدة أيام تجف القطع، فتجمع في مكان وتبدأ عملية إعداد الكور وترتيب الطابوق فيه لغرض حرقه. إن عملية ترتيب الطابوق داخل الكور عملية معقدة لأن أي خطأ قد يمنع دخول الدخان أو الحرارة إلى قطع الطابوق هذه وبالتالي تفشل عملية الحرق. لذلك أختص في هذه العملية أشخاص لهم باع طويل في هذا المجال منهم بابا إينا وجبرائيل إينا ووديع وبولص كيخوا. إن هذه الأكوار كانت معدودات في قرة قوش لذلك إذا أراد أحد ما صناعة الطابوق يقوم بحجز الكور مسبقاً. أما الذين كانوا يملكون أكواراً فهم. بيت ال كيخوا وبيت ال حنا إسطيفوا وبيت ال موساكي وال حبش وآخرون. عملية ترتيب الطابوق تستمر ثلاثة أيام أو أكثر حسب حجم الكور وكان من هذه الأكوار يتسّع ل (7000) طابوقة.
3-   القلي:-
عند الإنتهاء من ترتيب الطابوق داخل الكور، يتم إحضار كمية من التبن تكفي لقلي الطابوق. يجلس العامل أمام فتحة الواوي ويشعل النار ويستلم خدمة الكور (وضع التبن على النار) إن هذه العملية تستمر (12) ساعة كاملة، عند إنتهاء هذه المدة يقطع النار وتغلق كافة فتحات الكور بالطين لمنع دخول الهواء وتبريد الكور. إن عملية الغلق هذه تستمر ثلاثة أيام حيث يتم التخلص من حرارة الكور بهدوء. وبعد إنتهاء هذه المدة. تحفر حفرة بجانب الكور ويوضع فيها ماء. إختص في عملية الخدمة ال زومايا وال شيتو. يتجمع الرجال لغرض فتح الكور وإخراج الطابوق،بعد إزالة الطين من عيون الكور يحمل الرجال كمية من الطابوق يزداد صلابة عندما يتشّرب الماء ويتشّبع. بعد أن يفرغ الكور يحضر جماعة فيستلمون الكور ويبدأوا بصناعة الطابوق من جديد.
المصادر:-
1-   قرة قوش في كفة التاريخ – عبد المسيح بهنام المدرس – 1962
2-   المكننة الزراعية – وزارة التربية العراقية – 1978
3-   بغديدا في بداية القرن السابع حتى نهاية القرن التاسع عشر – الأب الدكتور بهنام سوني – روما 1998
4-   لقاء مع السيد ناصر بنوش القس موسى بتاريخ 16 / 7 / 2005.
5-   الجذور التاريخية لبخديدا وسكانها / عبد السلام سمعان الخديدي / بخديدا 2003.

الهوامش:-
 ---------------------------------------------------
1-   كتلة يتم صنعها من الطين وبعد أن تجف تستعمل للبناء، أستعملت منذ القدم في بلاد وادي الرافدين.
2-   أنظر المكننة الزراعية / وزارة التربية العراقية / 1978
3-   بناء من الطين ذو أحجام مختلفة حسب حاجة الإنسان لعمل الطابوق ويتم حرق اللبنات داخله.
4-   أنظر بغديدا في بداية القرن السابع حتى نهاية القرن التاسع عشر / الأب الدكتور بهنام سوني / روما 1998.
5-   أنظر قرة قوش في كفة التاريخ / عبد المسيح بهنام المدرس / 1962
6-   قطعة من قماش الجنفاص لها قطعتان من الخشب على أطرافها تستعمل للحمل يوضع فيها كمية من الطين يحمل من قبل أشخاص إثنين وينقل إلى مكان القطع.