المحرر موضوع: المسيحيون العراقيون (17)  (زيارة 1011 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Abdullah Hirmiz JAJO

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 604
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
المسيحيون العراقيون (17)
« في: 22:52 14/04/2012 »
المسيحيون العراقيون
الواقع وآفاق المستقبل في العراق (17)
شمس واقعنا المسيحي وفق ما يحصل على الأرض يبدو أنها ستبقى زمنا طويلا مغطاة بالغيوم التي لا تريد إلا ان تتلبد وتزداد تلبدا ونهارنا يزداد عتمة يوما بعد آخر، وإن لم يكن السبب بتأثير الغرباء علينا فنحن حاضرون كي نعذب بعضنا البعض وكي نلتهي بالأمور الجانبية ونترك الهدف الرئيسي ونتشبث بقوة بالفرعيات التي يبدو أنها أصبحت منهجا لنا نتمسك به ولا نفارقه البتة.
ألا تلفتنا بوما إلى حالنا وإلى تصرفاتنا ووعينا كم نحن موغلون بالسير في الطريق الخطأ خاصة عندما نساير هذا وذاك بما يخططوه لنا وبما يريدوننا أن نسير وننتهج، ودائما فإن الغاية هي إلهائنا عن الهدف الرئيسي كي يتسنى لهم ترتيب أوراقنا كما يروق لهم وعندما نصحو إن صحونا يوما؟؟!!! من حالة التخدير هذه تكون جميع أوراق العراق قد تم ترتيبها وعندها سنعضُّ لساننا وأصابعنا لأن الوقت قد يكون قد مضى وسيكون العراق الذي شهد ولادة آبائنا وأجدادنا وكان المكان الذي أنتج كل هذا الإرث الثقافي والحضاري الذي امتلأت به جميع المتاحف المهمة في العالم



سنجد عند صحوتنا بأن ارض ما بين النهرين لا يوجد فيها مكانا لنا يليق بأحفاد آشور وبابل، وعندها سيكون لنا خيارين لا ثالث لهما وكلاهما مر وشديد المرارة وهما إما القبول والخضوع لأمر قد وقع بالفعل ولا مفر منه وهو مذل ومخزي ودون حقوق متميزة في أرض أجدادنا، أو نغادر هذه الأرض مكرهين إلى بلدان اللجوء لنجد هناك نتيجة لا تختلف كثيرا عن الصورة السابقة مع أنها ستكون ربما لجيل أو جيلين إلى أن يحدث الاندماج ونسيان الوطن وتعوّد أولادنا وأحفادنا على تحدث لغات تلك البلدان ونسيان لغة أمهم وموطنهم وتعلم تقاليد تلك الدول وممارستها كما يمارس أبناء البلدان الجديدة بحيث يصبح أبناؤنا وأحفادنا يرتفعون رويدا رويدا من حول خط الصفر كي يصعدوا ويعيشوا الحياة المستقرة كما يعيشها ابناء تلك البلدان وهذا إن كان قد بقي لمن يعيش تلك الأوقات طموح كي يرتقي صعودا وتكون لديه القدرة والمعنويات ليبدأ ويتفاعل مع الحياة والعلم والسياسة والمال كما كنا وآبائنا وأجدادنا في العراق ونكون قد تخلصنا من العقد والآلام التي سببها وطننا لنا وسببها قادتنا من أبناء جلدتنا لنا.

ولو أردنا تعداد كم من الخلافات الجانبية التي تم افتعالها لشعبنا من السورايى (وعندما نطلق على شعبنا سورايى لا نقصد فصيلا دون آخر بل كل المسيحيين العراقيين من الكلدان والسريان والآشوريين والأرمن وأي مسيحي آخر) وليس منذ قديم الزمان إنما فقط منذ سنة السقوط وتبديل النظام في العراق عام 2003 إلى اليوم أي ما يقارب التسع من السنوات العجاف سنجدها كثيرة وهي السبب لكي يكون واقعنا بهذا الشكل؛ ومنها على سبيل المثال وليس الحصر مسألة التسمية القومية وهل نحن واحد أم ثلاثة أو أربعة لأن إن تكلمنا عن الكلدان .. السريان .. الآشوريين، سنكون ننسى مكونا رابعا ألا وهو أرمن العراق فهم أيضا مسيحيون، وكلنا يقرأ ويتعايش مع هذا الصراع القوي في هذا الخلاف وكم هو سببا في أحداث الفرقة والكراهية بين الأخوة من سورايى العراق، ولو كنا في مجلسا وأردنا تعكير صفوه وإحداث البلبلة فيه فلنبدأ بطرح هذا الموضوع عندها سنجد كم هي متعددة الآراء وكم ستتشعب الأحاديث لتصل حتما إلى حد التقاطع ويفترق الأخوة من ذلك المجلس حزينين كونهم لم يتوصلوا إلى نتيجة!!!

أليس بالحقيقة هذا أمر من أمور كثيرة وهو تحصيل حاصل لمن يفكر ويجتهد ويهمه أمر هذا الشعب، فماذا يتكلم السرياني أم الكلداني أم الآشوري؟ وكيف يتفاهمون لو لم يكونوا يعرفون العربية أو الانكليزية؟ ألم يكن حديثهم يتم بلغة (السورث) التي حروفها يعرفها الجميع وأبجديتها غنى بها المطرب العربي قبل أن يغني بها مطرب من أبناء شعبنا ألا وهي (أبجد هوز حطي كلمن ...) لأن الأبجدية العربية هي غير هذه ( أ ب ت ث ....) فطالما نتحدث ذات اللغة وتاريخنا مشترك ولنا أرض ولدنا وكبرنا وتربينا عليها وحضارتنا مشتركة تملأ متاحف الدنيا بآثارها فما بالنا نختلف على وحدتنا؟ فببساطة من منا يستطيع أرجاع نسبه للآشوريين القدماء أو للكلدانيين الذين أنجبوا ابراهيم أبو الأنبياء أو من غيره من الأصول التي بدأ تتفرع لأن الآراميين على رأي البعض أيضا هم من يجب أن نُسمى باسمهم، أليس هذا أمر مضحك مبكي في آن معا؟ ولماذا نصرف الوقت والمال باتجاه فرض اسم على مجموعة لا تريد الانتساب له وبالعكس أيضا لماذا نقف بالضد من كل من يكون له رأي مضاد لرأيه ونقوِمَ الدنيا ولا نقعدها إن اختار طرفا اسما يختلف عن اسمٍ اختاره طرف آخر ربما كان الأشطر سياسيا في زمن ما، ولماذا يريد الأخوة أن يكون الحكم فيما بينهم لا يسير وفق القواعد الطبيعية التي تعيشها الحياة أو الديمقراطية، فإن تغنى الكلداني بماضيه أو اسمه نرى الكثيرين الذين يلمحون لأن الكلداني يعمل على تفرقة الأمة ويجعلونه سببا كي لا تجتمع كلمتها على القول الفصل، وهكذا إن عمل الآشوري أو السرياني يقوم الأطراف الأخرى بذات النهج والجميع ينسون بأنهم وأحيانا بكتاباتهم يوردون آمثالا او جملا بلغتنا السورث لأنهم على يقين بأن جميع الأطراف يفهمونها!!!

وإن استمعت إلى السياسيين فلا تحتاج الكثير من العناء لكي تعرف بأنهم يخدعون السامعين لأنهم مؤمنون باسم معين ويتكلمون بلغة الثلاثة وبأننا شعب واحد وعندما أصبح الطرح يوما ما بعد عملية التغيير في العراق بالتسمية الكلدوآشورية قلنا لحزب معين وهو يحمل أحد الأسماء الثلاثة التي نتداولها اليوم، قلنا لذلك الحزب بما أنكم تنادون بهذا الاسم المركب فما عليكم إذا إلا تغيير اسم حزبكم من الاسم الواحد المعين إلى الاسم المركب الجديد كي تكون طروحاتكم مقبولة لمن يراقب ويتابع الأمور، ولم يحدث شيء من هذا وبقي كل حزب من أحزاب أمتنا متشبثا باسمه القومي المنفرد وبنفس الوقت فهم يتكلمون عن الاسم الذي حلا بالبعض بتسميته الاسم القطاري!!!.

فإن كنا نريد أن يتبعنا الآخرين ويصدقوننا يجب أن تكون طروحاتنا متتطابقة مع أفعالنا خاصة ومن يعمل في الأحزاب القومية فإنه يعتبر من الصفوة بين أبناء شعبنا كونه أكثر وعيا ومسؤولية لما يعاني منه هذا الشعب، وقد ازدادت المعاناة كثيرا في عراق ما بعد 2003 لأن المآسي قد تكررت والإرهاب يضرب ضربته باستمرار، ولم يترك موقعا إلا وضربه ضربات موجعة بحيث جعل من الدم يسيل بغزارة، وكلنا يتذكر يوم الأول من آب عام 2004 اليوم الذي كان فاتحة مهاجمة الكنائس التي لم يكن رعاتها يوما يشكون بكونهم في آمان ولا يحتاجون للحماية ووضع الحراس على أبوابها فقد كانت في تاريخ العراق قديما وحديثا حرمة لهذه البيوت كونها كما يسميها العراقيون بيوت الله أو بيوت للعبادة، لكن هذه البيوت جعلها من ذلك اليوم وخصوصا المسيحية منها أهدافا للسيارات الملغمة وللقنابل الموقوتة وأتذكر في ذلك اليوم المشؤوم في كنيستي في الدورة – ميكانيك كيف أعطينا شهيدا وشهيدة كانوا على موعد الزفاف في الخميس التالي وحضروا الكنيسة ذلك المساء كي يقوموا بتوزيع بطاقات الدعوة لأهلهم وأصدقائهم، لكنهم تحولوا بلمح البصر إلى أشلاء متناثرة وأحدهم تم التعرف عليه من بنطاله فقط.

مأساة حقا ... لكنها كانت بداية المأساة لأن المآسي أخذت تتوالى والدموع تزداد أنهمارا والعوائل تتشتت والأطفال تتعوق او تصبح يتيمة من أبويها الذين قضوا نحبهم في داخل بيوت الله وكانت المأساة الكبيرة في سيدة النجاة التي يشك الكثيرين بان تكون المأساة الأخيرة، وهذه الكنيسة التي أسميتها بأحدى مقالاتي بعد الحادثة بالكنيسة الشهيدة كنت في زيارة لها قبل الحادث بقليل وصادفتني الكثير من المعرقلات حتى أصل إليها من كثرة الحواجز والسيطرات وغيرها من الاجراءات الأمنية، وكل هذه لم تكن عائقا امام الاشرار ووصلوا بسهولة وتسلقوا أسوارها رغم مجابهتهم من قبل حراس الكنيسة والموقع المجاور، لكن كل ذلك لم يكن كافيا وحصل ما حصل، ليخرج أحد مسؤولي شعبنا على أجهزة الاعلام ويقول بأن الهجمة لا تقصدنا وحدنا بل هي هجمة تقصد الخير والمحبة في العراق ولجميع العراقيين، نعم هذا صحيح لكن نحن المؤمنين بالمحبة ونعتبرها أعظم حتى من الايمان ولم نؤذي أحدا ولم يكن لنا ميليشيا ضد أحد أي نحن المسالمين الذين خدمنا ومازلنا نخدم العراق بأخلاص وأمانة كان يجب أن لا يكون هذا مصيرنا...
ولنا في مواضيع كثيرة بقية ....
عبدالله النوفلي