المحرر موضوع: حجار.. وجار  (زيارة 1139 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عبدالمنعم الاعسم

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 788
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
حجار.. وجار
« في: 00:42 22/09/2006 »
حجار.. وجار

عبدالمنعم الاعسم
aalassam@hotmail.com 

زبيغنيو بريجينسكي، مستشار الامن القومي الامريكي في ثمانينيات القرن الماضي تنبأ باندلاع صراعات في دول الشرق الاوسط على الثروات والهيمنة والحدود، واكد ان هذا الصراع سيتخذ طابعا خطرا في حال انهيار دولة مثل مصر او العراق، لان الدول المجاورة لهما ستعمل المستحيل من اجل فرض هيمنتها على الدولة الضعيفة.
طبعا ان  تصورات بريجينسكي تحققت على يد صدام حسين في جزئيها، فهو اولا شن حربين اقليميتين غير مسبوقتين  ضد دولتين مجاورتين واحدة بهدف الهيمنة واخرى بهدف النفط، وهو ثانيا تسبب في اضعاف العراق وتدميره لحد جعله عرضة للتدخل الاقليمي الواضح والاحتلال الاكثر وضوحا.   
ومنذ ثلاث سنوات يتجسد على الارض قرار اقليمي نافذ بابقاء العراق ضعيفا  وغير قادر على اختيار سبيل المستقبل، وحتى غير ذي سيادة كاملة، وتتكشف، اكثر فاكثر، اجندة الدول المجاورة للعراق(الضعيف) لجهة ان يكون (بُعداً استراتيجياً) لها، وضيعة خلفية لمصالحها، ونظاماً، إن أمكن، على مقاسات نظامها، بل ان ثمة حلف اقليمي يريد من عراق المستقبل ان يخوض عنه معارك تصفيات الحساب: ضد اطراف اقليمية اخرى او ضد اسرائيل اوضد امريكا او ضد الكرد او ضد شعوب هذا الحلف، بل وحصرا ضد خصومها ومنافسيها على الحكم، ومحطة تتزود منها بالوقود حين تستنفد طاقتها على المواصلة.
ومن اللافت، ان هذه الأطراف، تتحدث عن مصلحة الشعب العراقي بحماسة مفرطة تثير الشكوك في خلفياتها وصدقها وفضلها، حتى لتبدو هذه الـ(مصلحة الشعب العراقي) كلمة سر لمصلحة أخرى ذات رائحة تزكم الأنوف، فيما يلاحظ المتابعون كيف تتعسف (بعض)هذه الدول في سياسات خنق العراق من جهة، وتسهيل تسلل الارهابيين الى اراضيه من  جهة اخرى.. نقول سياسات، ولا نقول مؤامرات، لئلا نستعير من ترسانتها الاعلامية مفردة مستهلكة اصبحت معها سحابة عابرة  مؤامرة حاكتها ضدها الانواء الجوية.
وبموازاة الحديث الممل عن الغيرة على مصلحة الشعب العراقي، يتحدث مسؤولو هذه الدول بلغات متعددة وفي محافل محلية ودولية سرية وعلنية عن حقهم (التاريخي) في ان يؤخذ رأيهم بصدد مستقبل العراق، لكن المشكلة الاكثر خطورة، هنا، تتمثل في ان بعض الساسة العراقيين يحاولون تبرير هذه الاملاءات بمختلف الحجج ويعملون على تسويقها، مرة، والسكوت عنها مرات، سكوتا موحيا ومداهناً، وكأن العالم عوّم عضوية العراق في الأمم المتحدة وأخضعه لأحكام سوق المزاد وترك لمن هبّ ودبّ من الاطراف الاقليمية ان يقتطع خاصرة من خواصره وقطعة من قلبه حسب الحاجة ووفقاً لروح الكرم وتطييب الخواطر وتحقيق النوايا الحسنة، وهي اسماء لشيء واحد هو الرشوة مقابل السكوت.
وتتخذ بعض صور التدخل في الشأن العراقي شكل دراسات او حلقات بحث حول مستقبل مكانة العراق الستراتيجية ومصير المكونات الصغيرة، كما حدث منذ اسبوعين في باريس لصالح طرف اقليمي، إذ خلص “الستراتيجيون” الى التحذير من الفيدرالية الكردية، بالاختباء وراء القوانة المشخوطة بان هذه تمتع الشعب الكردي في كردستان العراق بحق ادارة شؤونه بنفسه يعني  استفزاز الدول المجاورة على الرغم من ان خمسة عشر عاما من عمر هذه الفيدرالية لم تسجل حادثا واحدا ينطوى على استفزاز مسجل لتلك الدول.. اما السبب الحقيقي لهذا التدخل فانه في ثنايا نبوءة برجنيسكي.
 ـــــــــــــــــــــــــــــ
..وكلام مفيد
ــــــــــــــــــــــــــــ 
“ تجربـتي في الامم المتحدة علمتني ان لا آخذ التصريحات مأخذ جد بل اهتم بما تحت طاولات النقاش”.
  بطرس غالي[/b] [/size][/font]