الثقافة والأعلام في مشروع برنامج الحزب الشيوعي العراقي
نجم خطاوي
قبل ثلاثين عاما قدر لي أن أقول أفكاري بخصوص الوثائق التي طرحها الحزب للنقاش وسط منظماته . وكانت الوثائق تلك , مسودة مشروع الحزب السياسي , في تحالفه مع حزب البعث , ضمن الجبهة الوطنية يومها. لقد أراد الحزب في تلك الفترة , إشراك رفاقه ومنظماته في نقاش وتقييم تلك الوثائق , وإبداء الرأي حولها , خصوصا وهي تخص فترة التحضير لعقد المؤتمر الوطني الثالث , والذي أقر هذه الوثائق بعد تعديلها, ورسم سياسة الحزب حينذاك .
أتذكر تماما أجواء النقاش , والحوار , وكثرة الأسئلة البليغة والمحيرة , عن حزب البعث , وشكل التحالف معه , ومستقبل هذا التحالف , حتى طالت جلستنا بعض ساعات , وبعد أن هدنا التعب والإرهاق , وخصوصا الرفيق الذي أدار الحوار , والزائر الذي جاء مشرفا .
كان صاحبنا الذي أدار جلسة النقاش , يجيب ويعقب على كل الأسئلة والملاحظات , ثم أضاف الزائر المشرف , الكثير من ملاحظاته هو أيضا , بحيث لم تعد تلك الوثائق يومها بمثابة وثيقة مشروع , بل كوثيقة من وثائق سياسة الحزب العامة ويجب الدفاع عنها .
لقد أنضجت الظروف المحتدمة والمنازلات العسيرة والأيام الصعبة , أنضجت منظمات الحزب ورفاقه , وحصنتهم , وزادت من تجاربهم وخبراتهم , عبر الإطلاع على تجارب الحزب السابقة وتاريخه ومجمل تاريخ الحركة الثورية في العالم, انتصاراتها وانتكاساتها .
اليوم يطرح الحزب هذه الوثائق للجميع , لمن يريد أن يقول كلمته , عساها تكون نافعة في أن يكون للحزب برنامجه ونظامه الداخلي اللذان يؤهلانه الإجابة على أسئلة الناس , والشروع للمهام الكبيرة التي تنتظره .
أتذكر هذه الأيام , وأنا أتطلع في جهاز الكومبيوتر , متصفحا مشروع وثائق الحزب العلنية , بما فيها نظامه الداخلي .
لقد شرع الحزب اليوم لبرنامجه ولنظامه الداخلي علنا , وهو لا يقول سلفا بصحة وصواب هذه الوثائق , بل ينتظر من رفاقه وأصدقاءه والناس ,أن يقولوا كلمتهم فيها , وأن يصوبوا الضعيف والخاطئ منها .
ولا أظن أن مشهدا كمشهد ذلك الرفيق مدير جلستنا, ورفيقنا المشرف , منتصف سبعينات القرن الماضي , سيتكرر اليوم في خلايا الحزب وهيئاته المختلفة .
هذه الوثائق عليها أن تجتاز ثلاث عتبات قبل أن تصبح مشروعا لسياسة الحزب العامة . لقد مضت العتبة الأولى يوم ناقشت منظمات الحزب , مشروعه وبرنامجه القديم , وقدمت خلاصة أفكارها , لتخرج هذه الوثائق . واليوم يشرع الحزب في المضي صوب العتبة الثانية , في الاستماع والاستزادة من أراء الناس والأصدقاء ومنظمات الحزب , ومن ثم الأخذ بالنافع منها, يوم يشرع بعقد مؤتمره ويكون لرفيقاته ورفاقه في أجواء المؤتمر الكلمة الفصل , ليجتاز العتبة الأخيرة .
لا أدري بالتمام لماذا خطرت في بالي تلك اللحظات , قبل أن أقول ما أظنه مفيدا في خصوص قضية الثقافة والأعلام في مشروع برنامج الحزب للمؤتمر الثامن , متجنبا الخوض في تفصيلات النظام الداخلي والبرنامج اللذان لا يسعهما الحديث هنا .
في بداية الفقرة التي تخص القطاع الثقافي , نقرأ ( إن إعادة بناء المشهد الثقافي والإبداعي عموما في الظروف الجديدة يستحث جملة من الإجراءات والمعالجات ) .
- أرى أن الثقافة والأعلام لا يمكن اختصارها بمفردة (مشهد) , وأظن أن الجملة ستكون أكثر دلالة حين تكون هكذا ( إن إعادة بناء الواقع الثقافي والإبداعي وتطويره في مصلحة المواطن والوطن .. الخ ).
- أرى أن تضاف الفقرة التالية في باب الأعلام أو الثقافة ,
( اعتماد سياسة وطنية بعيدة عن المحاصصة الطائفية والسياسية والقومية في جميع هيئات الثقافة والإعلام التي تديرها الدولة كالقنوات التلفزيونية والإذاعية , ودور السينما , والعرض المسرحي , والمعارض , وغيرها ) .
- هناك سؤال أرى فيه الوجاهة :
كيف يمكن للمثقفين والمبدعين في تثبيت التوجهات والخيارات الوطنية الكبيرة ؟
هنا علينا أن نثبت ولو باختصار الآليات التي تضمن ذلك , بما فيها التشريعات القانونية .
- في الفقرة السادسة (القطاع الثقافي) يتحدث مشروع البرنامج عن ( رعاية حملة الثقافة ) , وهذه الجملة غير واضحة وتقبل التفسير والاجتهاد , وأظن أن هناك حاجة لتثبيت الدعوة لتوفير مستلزمات العيش الكريم والعمل والتقاعد وغيرها لجمهرة المثقفين والمبدعين ورعايتهم .
- لم يتحدث المشروع ولو بكلمات قليلة عن العدد الكبير من المثقفين والمبدعين العراقيين خارج الوطن , ولا عن ضرورة رعاية الدولة لهم وتامين مستلزمات العيش الكريم والمساعدة لمن يرغب منهم في العودة للوطن .
- في الفقرة السابعة(القطاع الثقافي) وردت عبارة(وتطوير المكتبات العامة ) ,
أقترح أن يكون (مكتبة عامة في كل مدينة كبيرة أو صغيرة) شعارنا في هذه الفترة من شيوع الجهل والأمية , وأن نكافح من أجل أن تكون الثقافة والفكر و جميع مصادرهما ذات تنوع ومضامين إنسانية , ولا تحصر بفكر جماعة محددة , أو فئة معينة .
- أرى أن من واجبنا الدعوة والعمل من أجل إعادة النظر بجميع مؤسسات الثقافة والإعلام وإبعاد الطارئين عنها من اللذين ليست لديهم مؤهلات وخبرات , وأن يحل محلهم من لهم باع في الثقافة والأدب والفن , ومن يشهد لهم الوسط الثقافي بذلك , ودون الرجوع للمحاصصة المقيتة .
أخيرا لم يتبق لي ما أقوله سوى طموحي بأن هذا الاختصار في المشروع وعرضه بالشكل المختصر , مرده التسهيل على القارئ من عدم الضياع في تفصيلات , وأن للحزب تفصيلات دقيقة ومحددة في كل مرفق من مرافق البرنامج .
كل الأمنيات للشيوعيين العراقيين ولأصدقائهم ومحبي حزبهم ومناصريه, في أن يجتازوا هذا الامتحان كما عهدهم الناس في كل مرة .[/b][/size][/font]