المحرر موضوع: المسيحيون العراقيون (19)  (زيارة 866 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Abdullah Hirmiz JAJO

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 604
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
المسيحيون العراقيون (19)
« في: 15:24 04/05/2012 »
المسيحيون العراقيون
الواقع وآفاق المستقبل في العراق (19)
إن ما يعاني منه سورايى العراق يعود في أحد أسبابه وربما يكون هذا سببا رئيسيا هو بسبب إيمانهم بالرب يسوع وبمادئه التي تسودها المحبة المطلقة، والمعاناة هي بسبب اختلاف هذه عن مباديء بقية العراقيين الذين استلموا في أحدى السنين تقويما لجمعية الكتاب المقدس ناقصا ورقة شهر شباط وبسبب أن آية من الكتاب المقدس كانت قد كتبت في ورقة ذلك الشهر مفادها: "واما انا فاقول لكم احبوا اعداءكم.باركوا لاعنيكم.احسنوا الى مبغضيكم.وصلّوا لاجل الذين يسيئون اليكم ويطردونكم." (متى 44:5)، وهذه لم ترق المسؤول عن الرقابة في ذلك الزمان فكان قراره رفع ورقة شهر شباط وليذهب المسيحيين إلى حيثما أرادو ولا حول ولا قوة لهم كي يفعلوا شيئا، ولتكن سنتهم تلك أحد عشر شهرا بالقوة والإرغام لذلك قلنا أن مباديء المسيحيين تختلف عن غيرهم كونهم يتمادون بالمحبة ويحبون أعدائهم ويباركون اللاعنين ويحسنوا للمبغضين ويصلوا من أجل من يسيء إليهم ويطردهم من ديارهم، ولنا في ذلك أمثلة كثيرة وليس فقط غفران سيدنا على الصليب لصالبيه بل أيضا ما قام به سعيد الذكر البابا يوحنا بولس الثاني عندما زار من حاول قتله في السجن وغفر له والأمثلة كثيرة.
والعراقيون الآخرون لهم مبادئهم الخاصة ونقول هذا لأن وثائق كثيرة ومتنوعة وقع عليها أطراف متعددة يقال عنها تارة مواثيق شرف وأخرى وثيقة عهد وثالثة ... وكلها تحرم سفك الدم العراقي ورابعة تعتبر الدم العراقي خط أحمر ... ألخ، ولنا في وثيقة مكة نموذجا لذلك وما يجري في هذه الأيام للتوقيع على وثيقة مشابهة، ولا أعتقد أن تكون هذه أحسن من سابقاتها كونها جميعا حبرا على ورق ولا نتائج لها على أرض الواقع، وسبب ذلك هو لخلو قلوب موقعيها من المحبة!! تجاه الأطراف الأخرى، أو أنهم يوقعون كي يظهروا أنهم مسالمين وأمام عدسات المصورين يكونوا ودعاء ولكن في الخفاء ربما نجد نمورا أو ذئاب داخل لباس الحملان الذي تضاهروا به أمام الاعلاميين والعراقيين البسطاء...



إنه واقع مؤلم حقا .. وربما هو مضحك ومبكي في آن واحد معا، وكم نسمع من العبارات الطنانة الكثير، وعلى سببيل المثال الذي ذكرناه أعلاه وهو أن الدم العراقي خط أحمر!!! لكن في ذات الوقت يتم نشر غسيل أطراف مهمة في العملية السياسية للواحد تجاه الآخر وكلها تعمل من أجل ديمومة واستمرارية نزف الدم العراقي وبغزارة، وفي حوادث عدة كان شعبنا هو الضحية كُنا نسمع ونقرأ تصريحات لمسؤول في محافظة أو وزارة هنا وهناك بأنهم قد مسكوا بعض الخيوط وحصلوا على اعترافات ستقودهم لمعرفة الفاعلين عن الجرائم وسيكشفون الحقائق لاحقا وتسمر مدة هذه (لاحقا) إلى ما لا نهاية كي يتم تسجيل الجرائم المرتكبة ضد شعبنا باسم (مجهول) ويتم أغلاق الملف!! أي أن ما كان يتم التصريح به لم يكن سوى امتصاصا للنقمة الشعبية أو تخدير لشعبنا ولايقاف موجة الاستنكار العالمي تمهيدا كي تعود حليمة إلى عادتها القديمة ويستمر النزيف.
إنها حالة اللا استقرار، بل حالة من التخبط السياسي والصراع من أجل الحصول على المكاسب في عراق مابعد 2003، ويبدو أن السنوات التسع التي مضت (نحن الآن في عام 2012) لم تكن كافية كي يستقر ميزان القوى وكي يستقر معه العراق على نهج الديمقراطية التي بشرنا بها بوش الابن قبل عقد من الزمان. وأي طعم سيكون لهذه الديمقراطية التي أصبحت كلقمة مغموسة بالدم!! وكيف سيتعامل معها العراقيين لأن وضعهم النفسي فقط بحاجة لعقود من الزمان كي يتم نسيان الرعب الذي أحدثته الانفجارات وأصوات الاطلاقات النارية بحيث إذا أغلق تيار الهواء بابا في منزل ارتجف كل من في البيت خوفا من انفجار أو زائر ثقيل يريد الشر بأهل البيت.



وسيبقى المسيحيون يتذكرون مطرانهم: بولس فرج رحو الذي مات غدرا وفي الاسر لدى خاطفيه، وسيبقى المصلين داخل الكنائس خائفين من تكرار فاجعة سيدة النجاة التي قضى خلالها (52) إنسانا بريئا نحبهم على مذبح الشهادة كشهود للايمان ومن أجل المحبة، وليس هذا الرقم فقط بل العشرات الآخرين الذين أصيبوا بجروح أو لحق بهم تشوها أو عاهة ما أو مرضا نفسيا ... فكم تحتاج هذه وغيرها من زمن كي يتم نسيانها وطي صفحتها وفتح آفاق جديدة من التفاؤل، وأيضا كيف يستطيع الكهنة نسيان رفاقهم الكهنة الذين تم اختطافهم وأرعابهم لمدد ليست بالقليلة و و  والمصائب كثيرة لا تعد ولا تحصى.
والمصيبة الأشد أن من يمارس العمل السياسي اليوم في العراق في العموم يسوده الطابع الديني الذي يستوجب عليه تطبيق مباديء السماء السمحاء التي مفادها: "مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ" المائدة  {32 ، ولو عدنا لما شهده العراق ونتأمل كم نفسا بريئة وبغير ذنب قد تم قتلها لو وجدنا المأساة مذهلة فكم من تفجير بعمال المسطر قد حدث وفي الأماكن العامة والأمثلة كثيرة أيضا وسأورد هنا مثلا لأحد أبناء شعبنا الذي كان اسمه (بطرس) وكان قد اضطر للنزوح شمالا مع عائلته كي يحافظ على لنفسه وأهله، لكن راتبه بقي في بغداد وكان هذا كافيا كي يعود يوما ويلاقي مصيره المحتوم في انفجار قرب الجامعة المستنصرية ولم يتم التعرف عليه إلا من بنطاله!!! فماذا كان ذنب هذا؟



فكيف لعائلة هذا أو غيره أن تنسى أو تستمر بالعيش الكريم وهي التي كانت تنتظره ليجلب مبلغا من المال يسدون به رمقهم رغم أنه لم يكن ليسد كامل احتياجاتهم وهذا كان نموذجا لآلاف، جميعا لسان حالها يقول: بأي ذنب قُتلنا؟
إن مباديء المسيحيين أزاء هذا تضيع وتختنق فالمأساة مهولة وكأن موسيقى هادئة يتم عزفها في سوق الهرج ببغداد فمن يسمعها او ينتبه إليها؟ لأنها ستصبح نشازا في المكان النشاز، فالسؤال إذا: هل نستمر على مبادئنا؟ أم نَركِبْ الموجة ونفعل أفعال الشعوب المحيطة بنا؟ سؤال يجب أن نفكر به مليا لأن كِتاب الحياة يُخبرنا: " ... ولكن الذي يصبر الى المنتهى فهذا يخلص." (متى22:10)، بينما أدبيات من هم حولنا تقول "للصبر حدود" وكذلك قالت المطربة الخالدة (أم كلثوم) أيضا، لكن صبر المسيحيين يجب وحسب مبادئهم أن يكون بلا حدود، فصبرهم اليوم يجب أن يستمدوه من صبر أيوب ويضعون أعينهم وقلوبهم وأفكارهم كلها صوب مخلصهم وتأملون معاناته من أجل رفع خطيئة العالم.



ولكن رب سائل يسأل: وما دخلنا نحن كي نصبر ونتحمل ونعاني بينما غيرنا يقسو ويُكابِر ويعبث؟!!! بلا شك أنه سؤال في مكانه ووقته وهو بحاجة للاجابة عليه من قبل قيادات هذا الشعب، ولكن أي من القيادات معنية بالجواب؛ هل هي القيادات الدينية أو القيادات الدنيوية أي السياسية؟ فلو قلنا الدينية منها، فلن نكون قد أصبنا الجواب لأن هذه تتحكم بها المباديء ولا يمكنها المساومة عليها مطلقا كونها تحكمنا بالثبات إلى المنتهى طلبا للخلاص حتى وإن تطلب الأمر الشهادة من أجلها وصليب مخلصنا شاخص أمامنا، وستقول لنا: هل نحن أحسن من مخلصنا الذي تألم وتحمل ومات موت الصليب؟ أي أن قياداتنا الدينية ستقول لنا بأن الخلاص يأتي من خلال الصليب ولا نجاة إلا من خلال الألم وكذلك يقول المزمر في سفر المزامير(6:12) "كلام الرب كلام نقي كفضة مصفاه في بوطة في الارض ممحوصة سبع مرات. " هكذا فإن الرب ينقينا ليس مرة واحدة بل مرات كثيرة وما الرقم سبعة هنا سوى لكمال التنقية وخلال التنقية يجب أن نتجرع الألم أي أننا لا نحصل على الخلاص الأرضي والراحة إن تبعنا قياداتنا الدينية كون هذه تهتم بالخلاص الأبدي وتعمل من أجله بكامل طاقاتها.

يبقى أمامنا القادة السياسيين الذين تستوجب مسؤولياتهم صيانة الشعب وتخليصه من الألم والتشرذم والهجرة، وعليهم العمل وبقوة من أجل أن ينال حقوقه ويخلصوه من مخالب الأشرار كونهم يعملون في السياسة التي هي لفن الممكن.
إذا نحن بحاجة إلى سياسيين ماهرين يعرفون فنون اللعبة، سياسيين متكاتفين مع بعض غير متصارعين يعملون من أجل مصالح شعبهم ويعتبرون هذه المصالح خطاً أحمراً كحال الوثائق التي نوهنا عنها سابقا ويوقع عليها العراقيون باستمرار وجميعها بقيت حبرا على ورق، لكن حتى هذه الوثائق لم نحصل عليها من سياسيين الذين يص رون على ألا يتفقوا. ففي الاعلام الكثير من الاخبار التي لا تجعلنا نثق حتى بأقوال من يقود السياسة داخل شعبنا خاصة عندما نجد نشر الغسيل الوسخ بين أحزابنا وقاداتهم مستمرا، وعلينا أحيانا قراءة ما بين السطور في الخطابات الصادرة منهم التي نجدهم الواحد مكذبا لحديث الآخر ليس هذا وإنما ينعته بأقسى العبارات وأحيانا يتصرفون عكس طروحاتهم السياسية.



نحن كسورايى خاصة وعراقيين بعامة بحاجة لمواثيق حقيقية وصحيحة وخطوط عريضة لخطة عمل حول أنقاذ شعبنا يتفق عليها جميع السياسيين على ان يكون القادة الدينيين على استعداد لإجبار السياسيين على تطبيق بنودها التي يجب أن تضع مصالح شعبنا في الدرجة الأولى من سلم أولوياتها على أن تترك للأحزاب حرية التطبيق، عندها ليست المشكلة هل شعبنا قومية واحدة او عدد من القوميات لأننا طالما نتحدث لغة السورث ونفهم أحدنا الآخر ونعيش في منطقة واحدة فنحن شعب واحد رغم أنف كل من يحاول تجزءتنا، وما علينا إلا أن نضع مصالح شعبنا أمامنا ونعتبرها مقدسة ونقاتل من أجلها وذلك ليس بالأمر الصعب إذا صدقت النوايا.
ولنا بقية فيما نكتبه هذا ....
عبدالله النوفلي
[/b]