المحرر موضوع: كردي – سوري - كردستاني مناقشة جديدة لموضوع قديم  (زيارة 851 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل صلاح بدرالدين

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 945
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
كردي – سوري - كردستاني
مناقشة جديدة لموضوع قديم
                                                                                                                             صلاح بدرالدين

   موضوع البحث هذا لادخل له بمشاحنات – الترف الثقافي – كما أراده البعض قسرا بقدر ما هو  في صلب حقائق التاريخ والجغرافيا المعلنة منها والمغيبة وفي القلب من الحياة السياسية السورية منذ فجر الاستقلال خصوصا وماقبل ذلك بعقود بوجه عام يرتبط موضوعيا بسؤال الهوية والانتماء لدى كرد سوريا منذ ساعة التوقيع على اتفاقية سايكس – بيكو بمايو – أيار عام تسعمائة وألف وستة عشر أي قبل مايقارب القرن من الزمن فمن لحظتها ظهرت تقسيمات جديدة لمختلف – ممتلكات – الامبراطورية العثمانية من بينها موطن الكرد ( كردستان ) الذي بات موزعا على كيانات قديمة وحديثة أربع وتم ترسيم الحدود بينها حسب الرغبات الخارجية ومن ضمن توزيع مناطق النفوذ بين الحلفاء المنتصرين الأقوياء ومن دون الرجوع حتى الى استمزاج آراء شعوب المنطقة الضعيفة وخصوصا الكرد الذين كانوا أكثر المتضررين حيث تعرضوا بداية القرن العشرين شعبا وأرضا الى الموجة الثانية من التقسيم على أيدي الكولونيالية الغربية بعد الأولى بداية القرن الخامس عشر على أيدي المركزين السائدين حينذاك العثماني والصفوي وماحصل للكرد السوريين من فواجع يختلف عن حالات أخرى ألحقت الأضرار بشعوب وأقوام وجماعات في التاريخ الانساني فمنها من تم ترحيله عن الأرض ومنها من انتقل الى أصقاع جديدة بمحض ارادته أو لأسباب اقتصادية واجتماعية بينما تم تقسيم الكرد أرضا وشعبا دفعة واحدة وسلم أمرهم الى كيان آخر وقوم آخر وثقافة أخرى وبدأ تاريخهم رسميا ومنهجيا من ضمن تاريخ الكيان الجديد وضم موطنهم التاريخي الى جغرافية أخرى وبيئة أخرى لها حدودها المستحدثة المصطنعة العازلة الملغومة بين بنات وأبناء القبيلة والعشيرة والعمومة لايجوز التواصل الانساني – البشري الا باذن ومعاملات تحت أعين الرقيب وفي اطار مصالح الأمن القومي السائد صاحب السلطة والقرار هذا من حيث التاريخ والجغرافيا ولاأخال أن أحدا سوي العقل وكامل الوعي ينفي هذه الحقائق .
 في الجانب السياسي من الموضوع تصدت الحركة القومية الكردية عبر نشاطها السياسي والثقافي للتحديات الجديدة في مرحلتين مميزتين من تاريخنا النضالي , الأولى عندما نشأت حركة – خويبون – في أواخر عشرينات القرن الماضي وبداية ثلاثيناته انطلاقا من القامشلي و- صوفر – بلبنان ونادت للثأر من التقسيم بمختلف الأساليب من العمل الثقافي انتهاء بالكفاح المسلح حسب برنامج قومي كردستاني عام وفي مرحلة تالية كامتداد لمفاهيم الحركة ونهجها القومي وتبدأ يوم اعلان تأسيس " الحزب الديموقراطي الكردستاني – سوريا " أواسط الخمسينات والذي نص برنامجه على مهام " تحرير وتوحيد كردستان " واذا وضعنا مهمة تقييم ونقد تجربة الماضي بكل جوانبها العامة والخاصة بمرحلتيه الآنفتي الذكر جانبا فلا شك أن تيارات الحركة القومية الكردية السياسية في سوريا قد تناولت مايتعلق بمسألة الهوية ( الكردية منها والسورية والكردستانية ) والعلاقة بينها وكذلك تعريف الشعب والوطن بالمراجعة النقدية على ضوء ماشاب الوسط القيادي من خلافات وهو أمام المحاكم في الموجة الأولى من الاعتقالات ومواجهته لتهمة – اقتطاع جزء من سوريا – التي تستحق أقصى العقوبات بحسب القانون السوري استنادا الى الاسم الكردستاني للحزب الذي تم التخلي عنه تحت السبب التكتيكي المعلن درءا للأحكام القاسية – كما قيل - ومن المفترض أنه قد تم استخلاص المزيد من العبر والدروس من حينها وحتى اليوم وفي المقدمة أن المسألة لاتتوقف على المصطلحات الشكلية والاختلاف حول العبارات القانونية بل أعمق من ذلك بكثير .
 في تلمس جوهر قضايا الخلاف ضمن صفوف الحركة القومية الكردية التي تفجرت وسارت باتجاه الحسم النهائي بوضوح تام وشفافية منقطعة النظير للمرة الأولى في تاريخ حركتنا في كونفرانس الخامس من آب لعام خمسة وستين وتسعمائة وألف نلحظ أن مضمون الاجابة على سؤال الهوية ( من نحن ؟ ) كان حاضرا بقوة هل نحن شعب أصيل يقيم على أرضه التاريخية المجزأة أم أقلية قومية أو أثنية مهاجرة استوطنت أراضي الآخرين ؟ وعلى ضوء ذلك ماهي استحقاقاتنا المشروعة ؟ حقوق شعب وقومية مكتملة العوامل والشروط في كيان متعدد القوميات والمكونات أم بعض المطالب الثقافية وحقوق المواطنة ؟ ولمن ننتمي الى وطننا الجديد سوريا نهائيا أم الى العمق الكردستاني المجاور ؟ وكانت اجابة التيار القومي اليساري الديموقراطي على تلك التساؤلات واضحة : نعم نحن شعب من السكان الأصليين نقيم على أرض الاباء والأجداد منذ القدم قبل قيام الدولة السورية الراهنة وحتى قبل ظهور الامبراطورية العثمانية ومن حقنا من حيث المبدأ تقرير مصيرنا في اطار سوريا الواحدة وتجسد كل ذلك في برنامجنا وخطابنا السياسي كرديا وسوريا وخارجيا كما أصبح بعضه شعارا يزين الصفحة الأولى للجريدة المركزية كما كانت اجابتنا على سؤال الانتماء بالشكل التالي : للكرد وحركتهم جانبان متكاملان متوازنان : وطني سوري وقومي كردستاني وهذا يعني أنني سوري وكردستاني في آن واحد في الأول على أصعدة الجغرافيا والتاريخ الحديث والدستور والقوانين والسياسة والحياة اليومية والعيش المشترك والمصير الواحد وفي الثاني على أصعدة التاريخ والجغرافيا والثقافة القومية والحلم المشترك وكما أرى لايناقض الواحد الآخر .
 لم يقتصر الصراع حول قضايا الخلاف هذه مع اليمين القومي الكردي الذي انتصر لسلطة الاستبداد وفتح علينا أبواقه الاتهامية بأننا متطرفون بل انتقلت المعركة الرئيسية الى الصف المواجه لسلطة الاستبداد حيث المفاهيم التي حملناها حول الشأن القومي تناقضت بصورة جوهرية وميدانية عملية مع مشروع النظام الشوفيني القاضي بتنفيذ مخططات الاحصاء والحزام في منطقة الجزيرة كخطوة أولى ثم الاستمرار في المناطق الكردية الأخرى وذلك لتحقيق هدف تحويل الكرد في مناطقهم الى ( أقليات عددية ) أمام الغالبية العربية ومحو أي أثر لكردية مناطق التواجد الكردي أو كردستان سوريا كما نؤمن نحن وكل من عاصر سنوات منتصف الستينات يدرك الآن أن سلطة وأجهزة النظام استنفرت ضد اليسار القومي واستهدفت نشطاءه ليس لأنه التزم بمبادىء اليسار وليس لأنه أيد ثورة أيلول بقيادة البارزاني الخالد فحسب بل بالدرجة الأولى والأساس لأنه انطلق في نضاله ومفاهيمه من شعب يقيم على أرضه التاريخية وموطنه المجزء ( كردستان ) ومن خارج سياسة السلطة لمسنا مدى معاداة التيارات الشوفينية لتوجهنا الوطني – القومي من اليسار واليمين والتي اعتبرت اطروحات اليمين الكردي أكثر قبولا تماما مثل موقف السلطات .
 على ضوء تلك المنطلقات أصدرت منذ 24 عاما كتابي " غرب كردستان " ( بحسب علمي كنت السباق في استخدام هذا التعبير ) بعد أن تبنى الحزب الذي كنت أقوده هذا المصطلح في أدبياته السياسية وخطابه ولم يكن ذلك تعصبا أو دعوة لكره الآخر غير الكردي بل كنا نحن كمدرسة فكرية – ثقافية متجذرة ومستمرة حتى الآن ونهج سياسي يساري أقرب من كل التيارات الأخرى الى القضايا العربية ومسألتها المركزية فلسطين كما كنا جزءا أساسيا في النضال الوطني الديموقراطي السوري ومن الداعين الى مواجهة سلطة الاستبداد واسقاطها والتفاعل مع المعارضة الديموقراطية والحرص على الوحدة الوطنية وأخيرا أقول وأكرر أنا كردي وسوري وكردستاني في آن واحد وبانتفاء أي ضلع من هذا المثلث أو تغييبه سأفقد هويتي وأخسر انتمائي .   


غير متصل صلاح بدرالدين

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 945
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
كردي – سوري - كردستاني
مناقشة جديدة لموضوع قديم
( 2 )
                                                                                                                                      صلاح بدرالدين

        كنت قد اختتمت القسم الأول من هذا البحث بعبارة " وأخيرا أقول وأكرر أنا كردي وسوري وكردستاني في آن واحد وبانتفاء أي ضلع من هذا المثلث أو تغييبه سأفقد هويتي وأخسر انتمائي " ومن حق القراء والمتابعين علي الاستفاضة في شرح ماأراه صائبا في موضوعنا هذا الهام والاستراتيجي والمصيري المطروح للنقاش منذ عقود وعلى مر الأجيال والقابل لمزيد من التساؤلات والأخذ والرد ولاجتهادات التخطئة والتصويب وماأراه مفيدا وفي غاية الأهمية خضوع حوارنا هذا الى منهجية البحث عن الحقيقة التي يعجز كائنا من كان عن الادعاء بامتلاكها كاملة وممايضاعف من قيمة تناول مسألة الهوية والانتماء الخاصة بكرد سوريا راهنيتها الملازمة لتطورات الثورة السورية ومآلاتها وانتقالها كموضوع بحث وحوار الى برامج وأجندة أطراف المعارضة الوطنية بكل تياراتها في مجال استكشاف معالم سوريا القادمة الجديدة ودستورها ومصير مكوناتها واستحقاقات مرحلة مابعد الاستبداد حيث لايخلو أي مؤتمر أو لقاء أو تجمع على المستويات الوطنية والاقليمية والدولية من الموضوع الكردي الذي بات جزءا مؤثرا في العملية السياسية وقد سبق أن قام النظام الحاكم بمحاولة الامساك – بالورقة الكردية – في سوريا وامتداداتها على الساحتين التركية والعراقية خصوصا منذ بدايات اندلاع الثورة السورية وهو ماض في ذلك الآن بوتائر أسرع لذلك علينا نحن المعنييون المباشرون بقضيتنا الخاصة والمتعلقة أساسا بتعريف هويتنا أولا كمنطلق لتحديد أهدافنا القريبة والبعيدة ثانيا وأن نكون بغاية الوضوح ومنتهى الصراحة والشعور بالمسؤولية التاريخية نسمي الأشياء بأسمائها حرصا على طموحات شعبنا المشروعة وبلورة أهدافه ومطالبه المرحلية والبعيدة المدى وكي نختصر الطريق ونذلل العقبات ونزيل الابهام أمام شركائنا العرب السوريين وباقي المكونات وحركاتهم السياسية المعارضة وحراكهم الثوري بشأن مايرتضيه شعبنا حول مصيره ومستقبله ومايبحث عنه الحراك الشبابي الكردي الثائر من مستقبل زاهر وحياة حرة كريمة   .
     أزعم بأن هويتنا المستندة الى أقانيم ثلاث ( كردي – سوري – كردستاني ) لايمكن التفريط بأي منها أو فصلها ميكانيكيا عن بعضها ولاشك أن الضلع الثالث تتويج لاستحقاق تقرير المصير في اطار الوطن السوري وأي تشكيك بوجوده يعني نفي الحق القومي المشروع لشعب مكتمل شروط العلائم وسحب الموضوع نحو خانة حقوق ( المواطنة ) و( الأقلية ) الفاقدة للأرض في أحسن الأحوال فمجرد القول بكرديتي من دون الضلعين الآخرين لايخرج من اطار " وفسر الماء بعد الجهد بالماء " فهناك كرد سورييون في جميع الأصقاع ومعظم بلدان العالم مهاجرين أو مواطنين يقيمون على أراضي الغير ومجرد القول بسوريتي بمعزل عن انتماءي القوم والأرض لايغير من الأمر شيئا فهناك عشرات الملل والنحل والأقوام والأثنيات سورييون يطلق عليهم رسميا وحسب القوانين " عرب سورييون " ولايقيمون في مواطنهم القومية التاريخية وقد وجدوا أنفسهم مواطنين لأسباب اقتصادية واجتماعية أو بسبب الحروب والتقسيمات الحدودية مابعد الحربين العالميتين وليسوا بوارد المطالبة بالحقوق القومية بحسب مبدأ تقرير مصير الشعوب والأقوام رغم أن بعضها مازال يستخدم لغته الخاصة ويمارس تقاليده لذلك نستخلص أن كردستانية الكرد السوريين هي سر وجودهم وملهم دعوتهم لاستحقاقاتهم المشروعة ومنطلق نضالهم في سبيل تعزيز وترسيخ هويتهم كعنصر في تركيبة سوريا المتعددة القوميات والمكونات وكقومية ثانية من السكان الأصليين تندرج في اطار مبدأ حق تقرير المصير وليست في خانة ما يسمى بحق المواطنة أو الأقلية وليس خافيا أن الغالبية الساحقة من الكرد بحركاتهم القومية ونخبهم الثقافية وتعبيراتهم السياسية وحراكهم الثوري الشبابي ارتضت خيار العيش المشترك والشراكة الحقة مع العرب السوريين في اطار دولة سوريا الجديدة القادمة الديموقراطية التعددية .
      لاشك أن مسألة تعريف الهوية الكردية السورية واستحقاقاتها ستبقى موضع حوار وشد وجذب مع شركائنا العرب على وجه التحديد خلال الثورة وضمن برامج التغيير ومابعد الاستبداد ومن المعلوم أن هذه الحالة قائمة بصور شتى منذ ماقبل الاستقلال وحتى هذه اللحظة وقد مرت على سوريا مراحل ظهرت فيها تيارات سياسية عربية اقتربت خطوات نحو الحقيقة الكردية السورية ونلمس الآن مثل تلك المظاهر الايجابية وسنسعى بكل قوانا من اجل تعزيز تلك التوجهات وتمهيد السبل للتقارب والتفاهم والتفاعل خاصة وأننا ارتضينا العيش معا في وطن واحد حر وعلى كاهلنا جميعا مسؤولية الحفاظ عليه بيتنا المشترك مصدر سعادة لكل السوريين ينتفي فيه كل أشكال الاقصاء والتمييز ويسود في ربوعه السلام والوئام والتسامح .   
      ليست الاشارة هنا على الانتماء الكردستاني الدعوة الى موالاة سياسية لحركات وأحزاب الأشقاء في الشرق أو في الشمال أو الانقياد الفكري لهذا المركز القومي أو ذاك أو المطالبة بالحاقنا باقليم كردستان العراق الفدرالي كما يريد البعض اظهاره – قصدا أو قصورا - بل أن ذلك يعني التأكيد على هذا الجزءالكردستاني من موطننا في الجغرافية السورية الراهنة الذي كان ضمن الوطن القومي التاريخي الأكبر قبل اتفاقية  سايكس – بيكو المبرمة عام 1916 وهنا وحتى لاتختلط الأمورأجد ضرورة التميز بين ( التاريخي والواقعي على الصعيد العام حيث فرض الواقع المجزأ نفسه على التاريخ وقلص الجغرافيا عبر الحروب والتهجير وسياسات تغيير التركيب الديموغرافي ) ولكن الواقع الراهن بكل مرارته لايشير الى ضياع كل شيء ومازلنا على البقية الباقية من أرض الآباء وأجداد الأجداد لذلك وخدمة لماتبقى من الحقيقة التاريخية والجغرافية القائمة تشخيص وتثبيت الانتماء الكردستاني كمتكأ نهائي الى جانب الانتماءين الآخرين الكردي والسوري وهي المرتكزات الثلاث لهويتنا الوطنية – القومية وبدون ترسيخ مفهومه التاريخي ومعانيه  سنفقد أحد أهم شروط وجودنا كشعب مكتمل الشروط والعلائم تنطبق عليه مواصفات المطالبة من حيث المبدأ والواقع بحق تقرير المصير بدون كردستانيته يمكن أن يشكل كرد سوريا أثنية أو قومية ليس على أرضها مثل الأرمن أو الشركس أو الشيشان ويدخل في أحسن الأحوال الى دائرة ( الأقلية ) هذه العبارة السيئة السمعة والطالع بتعريفاتها وحدودها واستحقاقاتها المتواضعة المعروفة الواردة في بعض بنود ميثاق الأمم المتحدة التي عفى عليها الزمن وأحوج ماتكون الى اعادة النظر والتقويم في اطار اصلاح شامل لتلك المؤسسة الدولية العريقة .