المحرر موضوع: في الطريق نحو المؤتمر الوطني الثامن للحزب  (زيارة 1332 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Dawood Amin

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 13
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
في الطريق نحو المؤتمر الوطني الثامن للحزب

داود أمين
مقدمة
مع إقتراب موعد إنعقاد المؤتمر الثامن للحزب الشيوعي العراقي , يزداد عدد الرفاق والآصدقاء والمهتمين بالشأن العراقي لآبداء ملاحظاتهم وأراءهم , حول الوجهة التي يجب أن يسير عليها الحزب في سياسته التنظيمية والفكرية والسياسية والجماهيرية القادمة, وتختلف أراء هؤلاء المساهمين , وقد تتناقض, وهو أمر طبيعي ومفهوم , فلكل مساهم تجربته الشخصية وإجتهاداته وقراءاته الخاصة لوضع الحزب ووضع القوى السياسية العراقية , والواقع المحلي والآقليمي والعالمي , ولكن الجوهري في رأيي بالنسبة لمعظم المساهمين , هو رؤية الحزب الشيوعي العراقي في وضع أفضل في الخارطة السياسية العراقية , وزيادة تأثيره ومساهمته في الواقع السياسي الصعب الذي تمر به البلاد .
وبإعتباري عضواً ( قديماً ) في الحزب الشيوعي العراقي , ولم أنقطع يوماً عن العمل في مختلف منظماته وهيئاته وفي مختلف المواقع ( الشباب , المثقفين , ألآنصار , الخارج ) فقد تكونت لدي أراء أتمنى أن تلقى صدى لدى المؤتمرين , وأن تجد بعض مقنرحاتي طريقها للوثائق الحزبية الجديدة , وخصوصاً النظام الداخلي وبرنامج الحزب الجديد .
إسم الحزب هل يبقى أم يتغير ؟
من الامور التي كثر الحديث عنها والتي إستأثرت بإهتمام المساهمين , وستستأثر بمناقشة مندوبي المؤتمر هي مسألة ( تغيير إسم الحزب ) والتخلص من كلمة ( الشيوعي ) فيه , وقد كانت لي أراء مخالفة لهذا الموضوع بالذات , يوم كان الحزب يتهيأ لعقد مؤتمره الخامس , وهذه الآراء نشرت في مجلة الثقافة الجديدة نهاية عام 1991 وتحت عنوان ( رؤوس أقلام حول موضوعات خطيرة ) واعتقد انها تحتفظ بحيويتها , لذلك سأعيد كتابتها , مضيفاً لها ما إستجد في هذا الموضوع , والملاحظات المنشورة في الثقافة الجديدة هذا نصها (( يأخذ إسم الحزب _بقاؤه أم تغييره _ حيزاً من الآحاديث التي تدور حالياً بين رفاقنا وأصدقائنا : هل يظل ( الحزب الشيوعي العراقي ) إسماً لحزبنا ؟ ولماذا لا يتغيرالى الحزب الآشتراكي أو الحزب الديمقراطي أو يحمل الصفتين معاً _ الآشتراكي الديمقراطي _ .. إلخ ويستند المطالبون بتغيير إسم الحزب لجملة حقائق من بينها :
1 _ إن الشيوعية غدت حلماً بعيداً لا يمكن وصوله , حتى في المستقبل المنظور , فلماذا نتشبث بإسم لا ينطبق على واقع ؟
2 _إن الآحزاب الشيوعية التي كانت حاكمة في أوربا الشرقية , غيرت من أسمائها , فلماذا لا نفعل الشيء نفسه , إستجابة لحقيقة موضوعية ؟
3 _ كلمة الشيوعية , تصدم قناعات المؤمنين , وهم جمهور واسع ولا يمكن الآستهانة به , فلماذا لانعمد للتخلص من هذه الكلمة لنكسب هذا الجمهور الواسع لجانب شعاراتنا .
وأرى أن هذه الحقائق رغم صحتها , لا تنطبق على واقعنا العراقي , وواقع حزبنا الشيوعي , وإن تقليدها والآنجرار لها يقودنا ميكانيكياً لما نرفضه أصلاً , وهو محاكاة الآخرين والتشبه بهم , والسير خلف خطواتهم ,في الوقت الذي نتحدث فيه عن الآستقلالية , وعن رسم سياستنا وأهدافنا وشعاراتنا ضمن ظروفنا الوطنية .
إن بقاء إسم الحزب على حاله أمر تؤكده جملة معطيات هامة يجب أن لا تغيب عن بال أحد وهي :
1 _ إرتباط إسم حزبنا بضمير شعبنا العراقي , من خلال نضالاته خلال اكثر من نصف قرن وقيادته لمعظم انتفاضات و وثبات جماهيرنا وتقديمه الوف الشهداء في معارك الشعب ضد مختلف النظم الديكتاتورية والآرهابية .
2 _ليس لحزبنا الشيوعي العراقي , طوال تأريخه , نقاط سوداء يخجل منها تجاه جميع القضايا الوطنية والقومية , بل على العكس فإن مواقفه الوطنية والقومية مفخرة لكل اعضائه واصدقائه , وهي محط إحترام الحركة الوطنية العراقية , وحركة التحرر الوطني العربية .
3 _لم يستلم حزبنا السلطة طوال تأريخه , ولم يكن مساهماً رئيسياً فيها فقد امضى معظم سنواته في العمل السري الصعب , وكان ضحية مباشرة وأساسية للسلطة في مختلف عهودها , لذاك فأن حزبنا ليس له علاقة بالجرائم التي ارتكبت بحق شعبنا , من قبل مختلف الآنظمة التي تعاقبت على حكم العراق , ولا يتحمل أوزار السلطة في مختلف عهودها .
4 _إذا كانت الشيوعية حلماً يقع في مستقبل بعيد , فإن الآشتراكية غدت كذلك أيضاً , لذلك فأن الدعوة للتغيير من الشيوعي الى الآشتراكي لا تبدل في الآمر شيئاً, إنها إتكاء على مبرر غير مقنع ولا كاف , أما التغيير لما عدا الآشتراكي , فهو موضوع أخر لا علاقة له مطلقاً بحزب شيوعي له مهمات طبقية ووطنية وانسانية واضحة ومعروفة .
5 _ لا زال الشيوعيون العراقيون قادة جماهيريين امام أنظار شعبهم ولا زالوا نموذجاً يحتذى به , بإعتبارهم مضحين أساسيين في معارك الشعب وإنتفاضاته . وما حدث اثناء انتفاضة اذار يثبت هذه الحقيقة , فقد التحق بصفوف الحزب الآلوف من المرشحين والانصار وعاد للحزب الكثير ممن سبق لهم ان تركوا صفوفه , مما يدل على بقاء هيبة الحزب واستمرار نفوذه, بالرغم من تهاوي النظم ( الاشتراكية ) في اوربا الشرقية , وما حدث ويحدث في الاتحاد السوفيتي . ))
هذا ما كتبته بالنص قبل أكثر من 15 عاماً حول موضوع ألآسم
اما ما أضيفه الان فهو تفحص الحجج التي يطرحها المتحمسون حالياً لتغيير إسم الحزب , وهي تتلخص في نقطتين
النقطة الآولى : أن الشيوعية مرتبطة بمحاربة الدين , وبالدكتاتورية ومصادرة الحريات , ومجتمعنا العراقي مجتمع متدين , وقد جرب الدكتاتورية وعانى منها , ولا يريد إستعادتها .
النقطة الثانية : أن إسم الحزب لا يتطابق مع واقع سياسته وبرنامجه , فالآشتراكية أصبحت حلماً بعيداً فما بالك بالشيوعية ! ولذلك كيف نضع عنواناً لحزب أثبتت الحياة صعوبة الهدف الذي يدعو اليه وهو ( تحقيق الشيوعية ) خصوصاً وأن الشيوعية فشلت في البلدان التي تبنتها واستلمت الاحزاب الشيوعية فيها السلطة عقوداً من السنين , فلماذا نركض خلف وهم زائف !؟
ويؤكد أصحاب هاتين الحجتين إن رفع إسم (الشيوعي ) من الحزب سيزيد من جماهيريته ويرفع عدد اعضائه, إذ سينتسب له الكثير من العلمانيين واليساريين والديمقراطيين ! ويجعله اكثر قبولاً في الوسط السياسي والجماهيري العراقي .
وبودي هنا مناقشة الحجتين مناقشة موضوعية مستفيضة .
فمعاداة الحزب الشيوعي العراقي للدين أمر لا يزكيه التأريخ , وتهمة لا اساس لها من الصحة , فمنذ تأسيس الحزب ولحد الآن ليس هناك وثيقة حزبية واحدة تشير لما يخالف الدين أو يمس مشاعر المؤمنين ( وقد ثبت هذه الحقيقة باحث موضوعي محايد لا علاقة له بالحزب الشيوعي العراقي هو حنا بطاطو في مؤلفه الضخم الشهير ) , بل إن الحزب ضم في صفوفه المؤمنين من المسلمين والمسيحيين واليهود والصابئة والآيزيديين ولم يشر لمعتقداتهم أو يتجاوز عليها أو يمنع احداً من هؤلاء من ممارسة شعائره , كما ضم الحزب أيضاً غير المؤمنين , وهذا شأن خاص لا يمكن لآي حزب أن يتدخل فيه , وهو موجود في جميع الاحزاب العراقية وغير العراقية , فالاف الاعضاء في الاحزاب الكردية والتركمانية والاشورية والوطنية العراقية الآخرى لا يمارسون طقوسهم الدينية ولا علاقة لهم باحكام الدين الذي ينتسبون اليه , ولكن لا أحد يتحدث عنهم او يشير اليهم من قريب او بعيد
فأنا لا أعتقد مثلاً أن السادة مسعود البرزاني وجلال الطالباني وبرهم صالح والزيباري وعلاوي والباججي وابو التمن والحافظ والعشرات غيرهم , يصومون ويصلون ويؤدون واجبات دينهم ! ولكن لا احد أشار لهم ولآحزابهم أو إتهمهم بأنهم ضد الدين ! فلماذا يجري الحديث عن الحزب الشيوعي العراقي فقط ؟
لقد تصاعدت نغمة معاداة الحزب الشيوعي العراقي للدين بعد ثورة الرابع عشر من تموزعام 1958 بشكل خاص وصدرت فيها فتاوى , وذلك لجماهيرية الحزب وشعبيته وتأثيره الكبير وقتها على الساحة السياسية العراقية والشارع العراقي , وتهمة معاداة الحزب للدين ألآن هي أخف كثيراً من تلك الفترة , لآن دور الحزب الشيوعي الان ضعيف في الحياة السياسية , ولو إستعاد الحزب نفوذه ومكانته الشعبية السابقة فستنشط هذه التهمة من جديد وتتسع وتتعاظم الى مديات كبيرة , لآن الهدف الذي يقف وراءها لا علاقة له بالدين على الاطلاق , بل هو هدف سياسي يستهدف تحجيم الحزب وتقزيم دوره في الحياة السياسية !
اما عن الدكتاتورية , فالحزب الشيوعي العراقي _ و لله الحمد _ لم يستلم السلطة يوماً ما , بل ولم يكن مساهماً رئيسياً فيها طوال تأريخه , الذي عُرف بالتضحية والآستشهاد , وبأنه هو من كان ضحية للآنظمة الدكتاتورية المتعاقبة , كما أن وثائقه تدعو ومنذ حوالي عقد ونصف للتعددية وللتداول السلمي للسلطة , وقد تخلى الحزب عن مفهوم دكتاتورية البروليتاريا وتبنى الديمقراطية والتجديد كنهج في الحزب والمجتمع ! وإذا كانت بعض الاحزاب الشيوعية الحاكمة في البلدان الاشتراكية السابقة قد مارست الديكتاتورية وإقترفت أخطاءاً فادحة إزاء حريات شعوبها , فهي من تحملت وتتحمل وزر خطاياها ! ولا أعرف لماذا يزج بالحزب الشيوعي العراقي , صاحب الخصوصية العراقية المتميزة , الى جانب تلك الاحزاب وتلك التجارب المدانة ؟ لقد ولد الحزب الشيوعي العراقي من رحم الشعب العراقي , لذلك تشرف بهذه الديمومة والمواصلة ! إن حزباً يدعو رفاقه لآحترام الادباء والفنانين والعلماء والمبدعين , ويدعو لرعاية الطفولة ولضمان حقوق المرأة ومساواتها بالرجل , وللنضال من أجل حقوق العمال والفلاحين وعموم الكادحين , ولآشاعة مفاهيم الحرية والديمقراطية والعدالة وحقوق القوميات والطوائف , إن حزباً يناضل من اجل هذه الآهداف ألانسانية النبيلة, بل وتأسس من أجل تحقيقها , إن حزبا كهذا كيف يستقيم له ان يكون حزباً دكتاتورياً !؟
أما الحجة الثانية , وهي عدم تطابق إسم الحزب مع برنامجه وأهدافه القريبة والبعيدة , فهي حقيقة أتفق معها , فقد غدت الآشتراكية حلماً بعيداً نحتاج لتحقيقه لعقود من السنين , فما بالك بالشيوعية ؟ ولكن إ تفاقي مع هذه الحقيقة لا يلغي إصراري على إبقاء إسم الحزب الشيوعي العراقي على حاله , لعلاقته بالتأريخ أولاً, ثم للمهام ألاجتماعية والآقتصادية ذات الآفق الآشتراكي التي يطرحها الحزب والتي تميزه عن بقية الآحزاب الآخرى, كما أود التأكيد أنه ليس من الضروري على الدوام أن يتطابق الآسم مع المضمون ! فحزب العمال البريطاني الذي يقوده ( توني بلير ) لا أعتقد أنه يمثل العمال البريطانيين أو يعبر عن مصالحهم ! كما أن الاحزاب الاوربية التي وضعت كلمة ( المسيحية ) في أسماء أحزابها ليست أحزاباً مسيحية حقاً!!؟ كما أن الاحزاب التي وضعت ( ألآسلام ) في أسماءها ليست أحزاباً إسلامية بل هي أحزاب سياسية تتصارع _ الى حد القتال أحياناً _ حتى مع من يشاركها رفع نفس اللافتة ؟
إن برنامج حزبنا الحالي , وسيظل لفترة ليست بالقصيرة , يتناول مهام وطنية ديمقراطية ذات توجه إشتراكي , وهو مبني على قراءة واقعية لآفاق التطور ولمعطيات الواقع الوطني والاقليمي والعالمي وبدون مزايدات وشعارات غير واقعية . ويمكن إذا أُحسن إيصاله للناس أن يكسب الكثير من المؤيدين والآنصار من أغلب فئات الشعب العراقي .
أما القول بأن تغيير إسم الحزب سيجعل الكثير من اليساريين والعلمانيين والديمقراطيين ينتمون لصفوفه , فقول لا أُؤمن بصحته , وهو في الجوهر هدف إنتهازي غايته الكسب الرخيص إن صح ! أنا أعتقد أن الكثير من الرفاق الذين خرجوا من الحزب , ولم يعودوا له حتى الآن , لم يخرجوا بسبب إسمه , بل نتيجة أسباب ذاتية وموضوعية كثيرة لا علاقة لها بالآسم , وهؤلاء لن يعودوا للحزب حتى لو غير إسمه ألف مرة , أما الذين لم ينتموا أصلاً للحزب من العلمانيين والديمقراطيين فلا أعتقد أن إسم الحزب هو ما يعطلهم عن الآنتساب اليه , إذ يمكن التفكير بعشرات الاسباب ولكن ليس بينها مسألة إسم الحزب !
إن المطالبين بتغيير إلآسم ينظرون للواقع الحالي نظرة جامدة , إنهم يتصورون أنه واقع خالد , فما دام هناك مد ديني واسع في العراق والوطن العربي والمنطقة عموماً , وأن هناك هيمنة أمريكية شاملة , وقطب واحد يتحكم بمصائر الشعوب , فإن الآُفق مسدود وإن لا أمل في التغيير والخلاص , وعلينا أن نخضع ( للواقع ) ونستجيب لمتطلباته !! وأنا هنا أتساءل هل كانت الثلاثينات ( يوم تأسس الحزب وإختار إسمه ) اكثر تقدماً مما نحن فيه ألآن ! وكيف إستطاع الرفيق فهد ورفاقه أن يتغلغلوا في صفوف الجماهير الآمية والمتدينة في وقت كانت فيه السلطة وحماتها الانكليز يكفْرون الشيوعية ويُحَرِمونها ويحاربون من ينتسب للحزب الشيوعي ويزجون به في السجون بل وقد يعدموه ايضاً !
أعتقد أن ألآحزاب السياسية الرصينة لا تُغير أسماءها كما تغير ملابسها الداخلية , مع كل تغيير في الواقع السياسي !بل من الضروري واللازم أن تغير في سياستها وبرامجها , وتستجيب من خلال ذلك لمتغيرات الواقع , وهذا ما يفعله الحزب الشيوعي العراقي الآن, وهو في رأيي الصائب والصحيح .
أعتقد أن الحزب الجماهيري , ليس بعدد أعضائه فحسب, فقد ضم حزب البعث و حزب شاه إيران ( راستاخيز )الملايين , ولكنهما لم يكونا حزبان جماهيريان , إن الحزب الجماهيري يقاس بواقعية برنامجه وسلامة شعاراته , وبعدد الملتفين حول ذلك البرنامج وتلك الشعارات .
أعتقد أن تغيير إسم الحزب سيكون ثمثيلية ساذجة لن تنطلي لا على شعبنا ولا على أحزابه السياسية وقواه الوطنية , ولن تضيف لنا سوى سخرية مرة من قبل الجميع , وسيكون تغيير الاسم إعلانا صريحاً عن هزيمتنا وإستسلامنا إمام القوى الرجعية والسلفية , وإعترافاً بخضوعنا لآبتزازها وإرهابها , وإننا إنحنينا أمام العاصفة ( رغم إني لا أرى أي عاصفة ! )
إن تغييرإسم الحزب سوف لن يضيف لنا سوى هامش ثابت إلى جانب الآسم الجديد , هامش يقول ( الحزب الشيوعي العراقي سابقاً ) إذن لماذا نغير الآسم , والكل سيعرف أننا الشيوعيون السابقون , وأننا لم نزل شيوعيين ولكن بلافته جديدة !
أنا مع تغيير إسم الحزب في حالة واحدة فقط , وهي حالة حل الحزب الشيوعي العراقي , وقطع أي صلة له بتأريخه وماضيه , وتأسيس حزب جديد لا علاقة له على الاطلاق بالحزب الشيوعي العراقي ! عندها لا يحق لنا أن نتحدث عن فهد وسلام عادل ولا عن أي شهيد شيوعي ! كما علينا أن ننسى الوثبة وإنتفاضة تشرين وملحمة كاورباغي وحركة الأنصار واكثر من سبعة عقود من النضال والكفاح الوطني المعمد بالدم ! عندها سأريحكم وأرتاح , إذ سأكون أول المستقيلين !!!
تحديد فترة للعضو القيادي !
من ألمواضيع الهامة التي أرى ضرورة مناقشتها في المؤتمرالقادم وتثبيتها في النظام الداخلي الجديد هو موضوع تحديد فترة زمنية للعضو القيادي والسكرتير , وأقترح تحديد ثلاث دورات أي 12 عاماً في حالة إنتظام مؤتمرات الحزب و15 عاماً كأقصى حد , وأعتقد أن هذه الفترة كافية لكي يقدم العضو القيادي في الحزب أفضل ما لديه .
إن مبرر إقتراحي هذا بتحديد ثلاث دورات للعضو القيادي ينطلق من الحقائق التالية :
1_ لكي يشعر العضو القيادي أن مهمته في الهيئة القيادية مؤقتة وغير خالدة , وهي مرهونة بزمن يكون الرفيق بعده خارج الهيئة القيادية , وهذا يعطيه فرصة ليتجنب المجاملة ومحاولة كسب الاصوات , وإرضاء هذا والتغطية على ذاك .
2 _تنفيذ المقترح يساعد على الغاء الارتياحات الشخصية , ومسألة التوافق التام والمطلق بين أعضاء القيادة , وكأنهم نسخة واحدة عن بعضهم , ويقتل إحتمالات أن تنمو مجموعة ( متطابقة ) تردد ما يقوله السكرتير !
3 _يجعل قيادة الحزب تفكر وتخطط دائماً للبديل , الذي يجب تهيئته ليحل محل الذين أنهوا فترتهم المحددة , وهذه مهمة بالغة الآهمية , إذ يفترض أن يجري على ضوءها رسم الخطط وإعداد الدورات المختلفة للقادة الجدد .
4 _يجعل العضو القيادي في مباراة لتقديم أفضل ما لديه من خبرة وإمكانات خلال فترة تبوئه للموقع القيادي .
5 _ يعطي مثلاً متقدماً للآحزاب العراقية الآخرى في معنى وجوهر الديمقراطية والتجديد , ويكون نموذجاً أمامها للآقتداء والتقليد , خصوصاً وأن الكثير من قياداتها ثابتة منذ عقود!!
ربما يقول البعض إن تحديد فترة للسكرتير والعضو القيادي في الحزب هو أمر ضد (الديمقراطية ) وقد سمعت هذا الرأي في المؤتمر الخامس للحزب عام 1993 , عندما طُرحت هذه القضية , وأصحاب هذا الرأي يستندون على حقيقة لا غبار عليها وهي أن الترشيح علني إذ سيقدم كل مرشح نفسه للمندوبين الذين يمكن لبعضهم أن يتحدثوا معه أو ضده , في حين أن التصويت سري , ويمكن للمندوبين أن لا يمنحوا أصواتهم لمن لا يجدوه أهلاً للثقة ! وهي كلمة حق يراد بها باطل ! إذ يتناسى أصحاب هذا الرأي مفهوم ( القطيع ) السائد في مجتمعنا , وحزبنا جزء من هذا المجتمع , إن هذا المفهوم , وللآسف , يجعل الآغلبية المطلقة من المندوبين تصوت لصالح ( ألآسم والشهرة والموقع ) ولا تفكر بالتغيير , وهذا ليس تجريحاً بالرفاق وعقولهم وقناعاتهم , ولكنه قراءة موضوعية لواقع مجتمعنا , وواقع منظمات حزبنا ورفاقنا . لذلك أقترح أن يطرح الرفيق السكرتير أو أي عضو في المكتب السياسي هذه القضية بالذات وأن يدافعوا عنها ويحفزوا المندوبين على تبنيها لآن في ذلك فائدة عظيمة لمستقبل الحزب ولمكانته , وأنا عندما أطرح هذا المقترح أؤكد أن طرحه في المؤتمر من قبل رفيق او أكثر من غير القياديين المعروفين سوف لن يمرره بالتصويت وسيفشل من خلال لعبة الديمقراطية التي نعرفها جميعاً!
كما يطرح بعض الرفاق , في مواجهة مقترح تحديد فترة للعضو القيادي , رأياً أخر يقول , إن صنع شخصيات حزبية ( كارزمية ) , شخصيات تحظى بالشعبية والقبول لدى الجماهير والقوى السياسية هو أمر في غاية الآهمية والتعقيد , ويتطلب تحقيقه وقتاً طويلاً , والحزب لا يستطيع في الوقت الحاضر , ولا دائماً , أن يُهيأ هكذا شخصيات !! وأعتقد أن اصحاب هذا الرأي مشدودون - في الجوهر- للماضي ! وللدور الحاسم للآفراد - والقادة تحديداً - في مسيرة الحزب .
وهي نظرة تحمل في طياتها نفس مفهوم عبادة الشخصية , الذي بات مرفوضاً ومذموماً ! أعتقد أن الشخصيات الحزبية الكارزمية , ليست مقتصرة على القيادة فقط , فتأريخ الحزب مليء بالآمثلة على عشرات بل مئات من هذه الشخصيات الموزعة على مختلف مدن وقرى العراق , ومن بينها ( هندال وحسن سريع وطعمة مرداس وأبو كاطع وأبو كريم وخضر كاكيل والعشرات غيرهم ).
نحن حزب سياسي كبير يضم في صفوفه حالياً عشرات الآلوف من الآعضاء , وهكذا رأي يستخف _ من وجهة نظري _ بهذه العشرات الآلوف وبطاقاتها وإمكانياتها , ويصادر حقها سلفاً في أن تُثبت جدارتها !
إن الشخصية الحزبية الوحيدة المعروفة ألآن , بشكل واسع وكبير في الشارع العراقي والآعلام , هي شخصية الرفيق ( أبو داود ) سكرتير الحزب , ولا أعتقد أن ( ابو داود ) نفسه يرضى أن يُختصر الحزب الشيوعي العراقي في شخصه , وأن يستمر هذا ألاختصار الى ما لا نهاية !
إن الرفاق الذين سيخرجون من قيادة الحزب , سوف لن يكونوا خارج الحزب , بل سيشكلون خبرة ممتازة الى جانب قيادة الحزب الجديدة , ويمكن أن يزجوا في الوظائف التي تمنح للحزب من الدولة ( وزراء , محافظين , أعضاء برلمان , مدراء عامين ... الخ ) أو أن يقودوا أو يعملوا في المختصات وهي كثيرة , أو في قيادة الكثير من المنظمات . إذ أن خروج الرفيق من الهيئة القيادية لا يعني فقدانه لعضويته في الحزب , فشرف العضوية هو الاساس , وليس الموقع القيادي ! ويستطيع الرفيق أن يخدم الحزب في أي موقع إذا إمتلك الحرص والآخلاص .
في المؤتمر الرابع للحزب أذكر أن الرفيق ( ابو كاظم ) تقدم باقتراح مهذب ومنطقي لآنتخاب الرفيق الفقيد زكي خيري رئيساً فخرياً للحزب , بعد أن شاهد وضعه الصحي المتردي ! فرد الرفيق زكي خيري على المقترح بحزم وتصميم قائلاً ( أنه لا يقل كفاءة فكرية عن أي عضو في قيادة الحزب , وأن النضال هو ليس في تسلق الجبال , وأنه سيواصل النضال في الحزب حتى الموت ! ) ولا أعرف ما علاقة مواصلة النضال في الحزب حتى الموت بمقترح الرفيق ( ابو كاظم ) الذي لم يتضمن مقترحه أن يكون الرفيق زكي خيري خارج الحزب ؟
وقتها أصر الرفيق الفقيد زكي خيري على ترشيح نفسه للقيادة , رغم سنه ومرضه , فحصل على بضعة أصوات فقط ! وأنا عندما أورد هذه الحادثة أتساءل لماذا إعتبر الرفيق زكي خيري النضال مقتصراً على ان يكون في قيادة الحزب فقط , في حين أنه قدم الكثير من البحوث والدراسات بالآضافة لجزءين من مذكراته , عندما ترك قيادة الحزب , وكان في رأيي أكثر فائدة له وللحزب مما لو كان في القيادة !
لقد جربنا في المؤتمر الخامس للحزب إنتخاب قيادة جديدة بنسبة تعدت التسعين بالمئة , ولم ينتكس الحزب أو يضعف , بل لقد قفز بعمله وسياسته وسمعته خطوات واسعة نحو الآمام .
وأنا عندما أطرح هذه الآراء ليس لدي ملاحظات سلبية على أعضاء قيادة الحزب الحاليين أوعلى الرفيق السكرتير , فأنا أعتز بنضالهم وتضحياتهم , وتربطني بهم جميعاًعلاقات رفاقية حميمة ومودة وإحترام , ولكني أتحدث عن مبادئ واُسس اتمنى أن نشيعها في الحزب لكي تشاع في المجتمع , فقد كنا أول حزب ينادي بالحكم الذاتي ثم بالفدرالية , وبحقوق المرأة .. الخ فركضت الآحزاب العراقية وراءنا وتبنت ما طرحناه , فلماذا لا نكون أول حزب يضع لبنات الديمقراطية الحقة والتجديد الصحيح !؟
ولكي يكون مقترحي أكثر عملية وواقعية , أقترح أن يثبت المبدأ في النظام الداخلي منذ ألآن , ويعمل به منذ المؤتمر التاسع , والسبب في التأجيل الذي أقترحه إدراكي أن تنفيذ المقترح , سيزيح أكثر من 70 % من اللجنة المركزية والسكرتير , والحزب والوضع السياسي الآن لا يتحملان تغييرات بهذا المستوى , لكن السنوات ألآربع أو الخمس القادمة _ حتى موعد المؤتمر التاسع _ ستهيء للحزب فرصة كافية لآعداد كادر قيادي بديل , وسيحق لكل المنتَخَبين الجدد للقيادة في هذا المؤتمر , وأعتقد أن عددهم لن يكون قليلاً , وللرفاق السبعة الذين أنتخبوا لآول مرة في المؤتمر السابع , ترشيح أنفسهم مجددا ًفي المؤتمر التاسع , مما سيوفر مواصلة طبيعية لرفد الهيئة القيادية بدماء جديدة , مع وجود الخبرة السابقة !
المهام الملحة أمامنا !
أعتقد أن نجاح سياسة الحزب وإتساع جماهيريته في الاربعينات والخمسينات والستينات , وحتى في السبعينات , تعود بالآضافة لآسباب موضوعية كثيرة , للآرض التي كان الحزب يحرث فيها , فقد عمل وسط القوميات المضطهدة ( الاكراد والاشوريون واليهود والكرد الفيليون .. الخ ) ولهذه القوميات الان أحزاب قومية خاصة بها , نجحت في تقديم الكثير من الأنجازات لقضايا ممثليها فكسبت اصواتهم .
كما عمل الحزب في الاوساط الكادحة والفقيرة ( مدينة الثورة ومدن الجنوب والاحياء الشعبية في بغداد والمحافظات الاخرى ) وقد إستطاعت قوى التيار الديني أن تأخذ مواقع الحزب في اوساط هؤلاء , وان تقدم لهم , في ظل التجهيل والآرهاب وسياسة الحروب , التي مارسها نظام صدام حسين , الطمأنينة والجنة الموعودة , مع مكاسب محددة !
نحن عموماً نفتقر للآرض التي تعودنا أن نحرث فيها , بل نجد صعوبة كبيرة الآن في الآقتراب منها , بسبب ظروف موضوعية كثيرة لا مجال هنا للخوض في تفاصيلها , ولكن أيضاً بسبب ظروف ذاتية تتعلق بالحزب ورفاقه , فكثير من الشيوعيين لا يقرؤون الآن حتى جريدة الحزب وقد مضى ذلك الزمن الذي كان فيه الشيوعي عندما يتحدث, يفتح الاخرون عيونهم وأذانهم لثقافته ومعرفته , أن هذا الوضع الذي أشير اليه رغم تعلقه بالحزب ورفاقه إلا أن له أيضاً أسباباً موضوعية لا تُخفى على أحد , فربع القرن ألاخير قبل سقوط النظام , كان زمناً للحروب والموت والارهاب والتجهيل وتدني الثقافة , زمن مسخت فيه الطبقة الوسطى ( المتنورة ) وتراجعت وسحقت , فالمعلمون والمدرسون وموظفو الدولة يبيعون السكائر في الطرقات ويهينهم من هب ودب من مهمشي المجتمع , وهذه الطبقة هي من حملت راية التنوير والعلمانية , ومن بين صفوفها كان يتكون الجسم الآكبر للحزب ( رغم التأكيد المُلح أننا حزب الطبقة العاملة ) إن غياب هذه الطبقة عن الفعالية والنشاط , رافقه غياب لنشاط الحزب الشيوعي ,بعد إنهيار الجبهة الوطنية , وقد إستمر هذا الغياب حوالي ربع قرن , وها نحن نحصد أثار هذه العوامل ونتائجها فالشيوعيون الحاليون هم أبناء هذا الواقع , وقد عاشوه بكل تفاصيله ولم يكونوا إستثناءاًعن القاعدة العامة إلا ما ندر .
لذلك أعتقد ان تركيزنا يجب ان يتكثف على كسب الطبقة الوسطى ( معلمون , مهندسون , أطباء , أدباء , فنانون ... الخ ) أي سكان المدن بشكل رئيسي , لآنهم يشكلون 80 % من سكان العراق الآن , وهؤلاء مؤثرون في أوساطهم , وهم أكثر تقبلاً للفكر الديمقراطي التقدمي وأبعد من غيرهم عن الخرافات والافكار الغيبية .
ويجب ان يكون نضالنا تجاه هذه الفئات متنوعاً ومرناً , يبدأ بتشكيل الاتحادات والجمعيات والنقابات والنوادي , ولا ينتهي بالقيام بفعاليات ثقافية وترفيهية وعائلية . ولا يعني تركيزي على الطبقة الوسطى إهمالاً للطبقة العاملة والفلاحين , فالطليعة الواعية من هاتين الطبقتين والتي تلتحق بصفوف الحزب هامة وضرورية لحفظ التوازن الطبقي والفكري داخل الحزب .
كما نحتاج لعمل إستثنائي في صفوف الشباب والطلبة بشكل خاص , فهذه الشريحة من المجتمع , بالآضافة لكونها تمثل المستقبل , فهي تواقة للحرية والديمقراطية والآنفتاح , ويجب أن نجد القيادات المناسبة لهذه الشرائح من بين صفوفها .
إن نسبة كبار السن عالية في صفوف الحزب , وعلينا ان نجد الوسائل المناسبة لتغيير هذه النسبة بالعمل المبرمج بإتجاه كسب الشباب , من خلال الفعاليات الرياضية المختلفة والسفرات المختلطة , والحفلات والبرامج الترفيهية والعلمية والثقافية النافعة .
كما تظل قضية المرأة واحدة من مشاغل الحزب الدائمة والملحة , وترجمة ذلك يجب أن تتجسد أولاً داخل الحزب وذلك من خلال منح نسب جيدة للمرأة في الهيئات القيادية ( مثلاً ان تكون رفيقة واحدة مقابل كل ثلاثة أو أربعة رفاق في كل هيئة قيادية من لجنة متفرعة فما فوق ) كما أجد من الضروري أن نعود لسياستنا السابقة في متابعة رفاقنا داخل الهيئات الحزبية , ومعرفة مدى تأثيرهم على عوائلهم ( والنساء بشكل خاص ) ولا يعني ذلك التدخل في الخصوصيات , كما كان يحدث أحياناً ! أما في المجتمع فبالآضافة لنضالنا الثابت من أجل حقوق المرأة العادلة ومساواتها بأخيها الرجل والحفاظ على الحقوق والقوانين التي أنصفتها والنضال من أجل تطويرها , فأن عملاً إستثنائياً يجب القيام به ومن مختلف المنظمات الحزبية , وفي المقدمة منها المنظمات النسائية المتخصصة , للوصول للنساء العراقيات وفهم مشاكلهن والملح منها , وإيجاد الحلول المناسبة لها !
إن المرأة العراقية تشكل ألآن أكثر من نصف المجتمع العراقي , وأعتقد إن برنامجنا الحالي بالآضافة لتأريخ حزبنا وكفاحه من أجل قضية المرأة كفيلان بكسبها , ولكن إذا أحسنا الوصول اليها وأستخدمنا الوسائل المناسبة !
أعتقد أن المقرات الحزبية يمكن ان تتحول لمراكز إستقطاب لفئات كثيرة من النساء والشباب ومن فئات إجتماعية أخرى إذا إحتوت مكتبات غنية , وبرنامج محاضرات ثقافية وعروض مسرحية وامسيات ادبية وسياسية وثقافية هادفة .
المثقفون العراقيون في صفنا !
لقد لخص الحزب الشيوعي العراقي أهدافه , ومنذ عقود , في شعار عميق وأصيل يقول ( وطن حر وشعب سعيد ) وهذا يعني أننا نناضل من أجل حرية الوطن وسعادة الشعب , والحرية والسعادة قيم إنسانية ينشدها كل إبداع حقيقي , ويسعى لها المثقفون العراقيون , حتى وإن لم يكونوا داخل صفوفنا . إن الدعوة للحرية , لنبذ العنف والحروب , للسلام والعدالة والمساواة , هذه جميعاً أهدافنا , وهي نفسها قيم يرددها الشعراء ويتغنى بها الموسيقيون والرسامون والمسرحيون وغيرهم من المبدعين , إذن نحن نلتقي موضوعياً مع هذه الشريحة الهامة والمؤثرة , مع مضمون إبداعها , إذ ليس هناك مهرجان شعري يدعو للحرب , فالشعر للحب والجمال والسلام , كما لا أتصور معرضاً تشكيلياً تكرس للكراهية والقبح ! قيم الجمال والفن الآنساني هي قيمنا , وهي ما نشترك فيه مع هؤلاء المبدعين , في ألآعم وليس الآستثناء الذي لا يشكل وزناً ولا حتى قيمة جمالية !
إذن يمكن إعتبار جميع المثقفين موضوعياً الى جانبنا , الى جانب القيم والمُثل التي ندعو لها , ولكن أين نجد هؤلاء المثقفين ؟ وكيف نؤسس لعلاقة سليمة بيننا وبينهم ؟ وكيف نفعل دورهم ؟
أعتقد أن مفردة ( المثقف ) واسعة وشاملة , ولكني سأحاول حصرها في المبدعين تحديدا , في الشعراء والقصاصين والروائيين والمسرحيين والتشكيليين والموسيقيين والكتاب والباحثين في الفلكلور والتراث , وهؤلاء يتوزعون على عدد كبير من الاتحادات والجمعيات والنوادي , إذن فالعلاقة مع هذه المؤسسات يجب أن تكون واحدة من ميادين نشاطنا كحزب سياسي وكمنظمات , وأقترح أن تكون هذه العلاقة سلسة وسليمة وغير مفتعلة , أي عبر رفاقنا الذين ينتسبون لنفس الوسط الثقافي .. ومن خلال هؤلاء الرفاق والآصدقاء يجري تفعيل دور هذه المؤسسات وتنشيط الخامل منها , من خلال طرح أفكار ومبادرات ومقترحات ذات طابع وطني عام , كالاحتفال بثورة 14 تموز أو عيد نوروز أو سقوط النظام أو رأس السنة أو عيد الفطر ألخ , وأن نحاول تذليل الصعاب أمامهم في إيجاد المكان المناسب للفعاليات وتهيئة الجمهور والكتابة عن الفعاليات وتغطيتها في صحافتنا ... ألخ .ً
إن علاقة الحزب بالثقافة والمثقفين العراقيين هي علاقة أصيلة وغير مفتعلة , وهي علاقة تأريخية يعرفها القاصي والداني , فقد ضم الحزب في صفوفه , ومنذ تأسيسه , المئات من خيرة المبدعين العراقيين , ومن مختلف ألقوميات وألاختصاصات , وعلى يد الشيوعيين العراقيين وأصدقائهم ظهرت حركة الشعر الحر والمسرح الحديث والفن التشكيلي والقصة والرواية .. الخ , وعلينا أن نجدد هذه العلاقة ونرسخها , وأن نبحث عن المبدعين العراقيين الكبار , وأن نهتم بهم , حتى لو لم يكونوا في صفوفنا , والبحث عن هؤلاء وإيجادهم ليس مهمة صعبة , فالآبداع يشع ويعبر عن نفسه , والمبدعون شخصيات عامة ومعروفة والوصول اليهم سهل إذا أحسنا إختيار الوسائل والطرق المناسبة .
اعتقد إنه كلما خسرنا في الثقافة خسرنا في السياسة , والحزب الذي يبتعد وينأى عن المثقفين , ستكون خسارته حتمية في السياسة , إذ لا سياسة حكيمة وناجحة بدون ثقافة أصيلة , وكلما إرتفع عدد المثقفين بين قادة الحزب وكوادره , كلما كانت سياسة الحزب أكثر واقعية وأفضل نجاحاً , لآن المثقفين في الحزب صمام أمان لمسيرة سليمة .. إحساسهم المرهف وبعد نظرهم يجعلهم ينبهون مبكراً لمواطن الخطر , كما أن الجرأة التي يتمتعون بها وتحسسهم العميق لنبض الشارع يجعلهم كاشفات ألغام أمام طريق السياسيين .
للمثقفين مزاجهم ونرجسيتهم وأحلامهم الطوباوية أحياناً , وعلينا كحزبيين أن نتفهم ذلك ونقدره ونتعامل معه .. يجب أن لا نخسر سياباً أخر !
الشاعر سعدي يوسف يزعج أكثرنا ألآن في نقداته الحادة وفي كتاباته في القدس العربي , ولكننا نحتفي به , لإدراكنا حجم سعدي يوسف عراقياً وعربياً , ولمعرفتنا بتأريخ سعدي يوسف , ونبل المهمة التي يتصدى لها , فهو يقاوم الآحتلال ولكن بطريقته الخاصة , إن موقفنا منه حتى اللحظة سليم جداً وأمل أن يستمر معه ومع المثقفين من أمثاله .
ألآعلام أقوى المنظمات وأهمها !
لا يمكن لحزب يتطلع أن يكون حزباً إنتخابياً وجماهيرياً , أن يغفل أولا ينتبه لآهمية الآعلام وتأثيره على الجمهور , والآعلام الذي أقصده ليس ذلك الآعلام التقليدي الذي كان يقتصر على نشرة فقيرة الطباعة ورديئة الورق , ولكنها تُحدث ما تُحدثه في نفوس مُتلقيها !
لنعترف أن ذلك الزمن قد مضى ولن يعود , فلغة الآعلام الآن أصبحت لغة بصرية سمعية , لغة التلفزيون والقنوات الفضائية العابرة للحدود , وجريدتنا ومهما بذلت من جهود لتحسين طباعتها وإخراجها وجودة مضمونها , فإنها ستظل قطرة ماء أمام البحر الذي تفعله فضائية تلفزيونية , لذلك يجب أن تكون مهمة الحزب الرئيسية في مجال الاعلام , في الفترة القادمة هو إنشاء فضائية عراقية ناطقة بلسان الحزب ,أُسوة ببقية الآحزاب العراقية , وإذا كان الجانب المادي هو العائق الرئيسي لتحقيق هذا الطموح المشروع والهام , فإن حملة تبرعات خاصة وواسعة , وطلب مساعدات من أحزاب صديقة وشقيقة , كفيلة بتسهيل هذا الآمر أو حل الجزء الآكبر منه في أقل تقدير .
إن الفضائية تعني إطلالة دائمة على شعبنا وتفاعل متواصل معه , فمن خلالها نُسمعه أخبارنا ونوصل اليه سياستنا وبرامجنا , ونستمع في نفس الوقت لهمومه ومشاكله , وعبر الفضائية يلتقي المواطن العراقي في الداخل والخارج بقادة حزبنا وبكوادره , ويرى نشاطات منظماتنا في مختلف المحافظات والبلدان , وعبرها أيضاً يستمع لشعراءنا وموسيقيينا وادباءنا وفنانينا .وهي ميدان هام لنشر الفكر التقدمي الديمقراطي والثقافة الآنسانية الخالية من التعصب والطائفية .
أعتقد أن فضائية يشرف عليها الحزب ستكون فضائية متميزة , تجذب كل العراقيين الذين ملوا طقوس البكاء والنحيب ! وأُتخموا من ساعات البث الطائفي المقيت !!
وأخيراً
أعتقد أن مستقبل اليسار العراقي والحركة الديمقراطية العراقية والحزب الشيوعي العراقي زاهر وإيجابي , فمسلسل العنف والموت والآرهاب لا يمكن أن يستمر الى ألآبد , نحن كحزب نزدهر وننشط من خلال التظاهرات الجماهيرية والنشاطات الثقافية والحفلات والسفرات , وهذه جميعاً شبه معطلة الآن بسبب الآرهاب , أن عودة الحياة الطبيعية للبلد وتوفير فرص العمل للعاطلين , وإعادة دورة الآقتصاد والآعمار بشكل طبيعي , سيشكل مجتمعاً عراقياً جديداً وتقاليد أخرى هي ليست التي نراها ألآن , عندها سيستعيد الحزب الشيوعي العراقي مكانته الطبيعية بإعتباره حزباً ديمقراطياً تقدمياً لا يخص قومية محددة ولا مذهباً ولا طائفة , حزباً لكل العراقيين الطامحين للحرية والعدالة ![/b][/size][/font]