المحرر موضوع: ليعتذر البابا عن الجرائم التي إرتكبت و ترتكب بإسم الإسلام أيضاً  (زيارة 2108 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Venus Faiq

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 66
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
ليعتذر البابا عن الجرائم التي إرتكبت و ترتكب بإسم الإسلام أيضاً
فينوس فائق

كانت عمتي تحدثنا عن مباديء الفضيلة و التسامح و الرحمة و غيرها من القيم و المباديء الإنسانية السامية ، و تقول أن هذا كله مذكور في القرآن ، حيث كانت في قرارة نفسها تحمل قناعة تامة بأن الدين الإسلامي فقط هو الذي يدوعوا إلى هذه القيم الإنسانية النبيلة و كانت تردد عشرات الآيات القرآنية التي كانت تحفظهاعن ظهر قلب ، و غالباً لم تكن تفهم محتوى النص القرآني ، لأنها كانت أصلاً أمية و لأنها لم تكن تفهم اللغة العربية نهائياً ، لكنها حفظت الآيات بمساعدة أبناءها ، فهي ولدت و ترعرعت في بيت قائم على المحبة و الفضيلة و الإيمان و حب و الخير و نبذ الشر و قد تعلمت على يد والدها الأمي هو الآخر كل مباديء الخير و الشر و الحسنات و الفضائل و هو الذي علمها أن أساس هذا كله هو الدين الإسلامي..و أهم ما كانت تردده علينا هو مبدأ التسامح و العفو عند المقدرة و كيف أن الإعتراف بالخطأ فضيلة..
لم تعمر عمتي طويلاً فقد توفيت عن عمر 63 عاماً ، و لم تعش أيام حكم الدكتاتور صدام حسين ، لكنها كانت تحكي لنا عن الزعيم عبدالكريم قاسم ، و كيف أنه لم يكن يستحق النهاية التي إنتهى إليها ، فهي لم تكن حتى تفهم في السياسة ، لكنها كانت تتابع الأحداث و تقيمها وفق فهمها البسيط للحياة.. المهم توفت و لم تر كيف إٍستولى صدام حسين على كورسي الحكم بعد أن أجبر أحمد حسن البكر على التنحي و من ثم وفاته المفاجيء و من بعده وفاة نجله في حادث غامض..
و لم تر عمتي القبور الجماعية و حرق 4500 قرية كوردية و قصف مدينة حلبجة بالأسلحة الكيمياوية ، كل ذلك بإٍسم آية الأنفال التي ربما كانت تحفظها هي الأخرى عن ظهر قلب ، لكنها كانت تتذكر و تحكي لنا قصة جمهورية مهاباد و الشيخ محمود الحفيد و رفاقه الذين أعدموا لأنهم كانوا يحلمون بدولة كوردية مستقلة و عوقبوا بالموت لأنهم أقاموا دولتهم و حكموها لمدة ثمانية أشهر، و هي كانت تقول دائماً أن الشعب الكوردي أينما كان هو من أشقى شعوب الأرض ، و لن ينعم بالسلام إلا بعد إراقة دماء كثيرة جداً ، و أشكر الله أنها لم تعش لترى كيف يذبح الناس بإسم الجهاد و بإسم الإسلام ، و لم تعش لترى كيف يعيث التكفيريون فساداً في الأرض ، و كيف أن كل الجرائم الكبرى ترتكتب اليوم في ظل الإسلام و بإسم الإسلام..
أتساءل لو كانت عمتي على قيد الحياة و سمعت ما قاله بابا الفاتيكان في خطابه الذي ألقاه أمام مجموعة من الأكاديميين في جامعة رجنسبرغ بألمانيا حول الخلاف التاريخي والفلسفي بين الإسلام والمسيحية في العلاقة التي يقيمها كل منهما بين الإيمان والعقل. و إقتباسه لنص الحوار الذي دار في القرن الرابع عشر بين إمبراطور بيزنطي و"مثقف فارسي" حول دور نبي الإسلام. وقال فيه الإمبراطور للمثقف "أرني ما الجديد الذي جاء به محمد. لن تجد إلا أشياء شريرة وغير إنسانية مثل أمره بنشر الدين الذي كان يبشر به بحد السيف".
بالتأكيد كانت عمتي ستصف الإمبراطور بالمعتوه ، و البابا بالمختل عقلياً ، لأنها لم تكن رغم أنها كانت أمية و لا تفهم شيء من الآيات القرآنية لأنها أصلاً لم تكن تفهم اللغة العربية ، لم تكن لتصدق أن يكون هذا له أي أساس من الصحة..
و بالتأكيد كانت ستفرح عمتي بحملات العالم الإسلامي للمطالبة بأن بعتذر البابا عن كل كلمة أساء بها للإسلام ، و كما حدث من قبل وأقام العالم الإسلامي و لم يقعدها بسبب الرسوم الكاريكاتورية التي عرضها الفنان الدانماركي و طالبوا الحكومة الدانماركية لتعتذر بالنيابة عن الشعب الدانماركي للإٍساءة التي ألحقها الرسام الدانماركي و رسمه صور أذت مشاعر المسلمين في العالم ، و من يدري ربما كانت ستفرح لإغتيال المخرج الهولندي فان خوخ الذي أخرج فلماً عن حياة عائشة و كيف أنه أساء أيضاً لمشاعر المسلمات و المسلمين باللوحة الجدارية الدعائية الخاصة بالفلم التي تبدوا فيها فتاة عارية و على ظهرها نص آية قرآنية..
بالتأكيد أنا ايضاً أرفض كل أنواع الإساءة لمشاعر الإنسان بدون سبب و و تحت أية ذريعة ، و أطالب بأن يتم الإعتذار ، شرط أن ما أرضاه لغيري ، أن أكون فعلاً على جانب عالي من الإنصاف و أرضاه لنفسي أيضاً ، أي أنني حين أطلب من غيري أن يقدم الإعتذار عن خطأ أو هفوة أو إساءة ، أن أكون أنا أيضاً مستعدة لنفس الشيء حين تقتضي الحاجة..
بكلمات أخرى من غير الممكن أن أطالب البابا بالإعتذار عن كلمات إقتبسها تحت ذريعة أنه أساء لمشاعر المسلمين ، في حين أن المسلمين يقتلون بعضهم البعض و يتقاتلون فيها بينهم بإسم الجهاد و بإسم الدين ، من غير الممكن أن أطالب البابا و الرسام الدانماركي أن يعتذرا في الوقت الذي تسيل كل تلك الدماء الحمراء على الطرقات و في الأحياء ، و كل هؤلاء متحجري الدماغ ممن يربطون بطونهم بالأحزمة المتفجرة وسط أحياء تسكن فيها المسلمين ، من غير الممكن أن أطالب البابا بالإعتذار و المسلمين أنفسهم أيديهم حمراء بدماء إخوانهم المسلمين ، مثلما يجري الآن من قتل الأبرياء لا لشيء فقط لأن إسمه علي أو عمر أي القتل على الهوية..
من غير الممكن أن أطالب البابا بالإعتذار ، في حين أنه لم يطالب العالم المسيحي أحد بالإعتذار لأحداث الحادي عشر من أيلول و أعداد الضحايا الهائلة التي وقعت و لا لتفجيرات لندن في السابع من تموز 2005 و التي راح ايضاً ضحيتها العديدين و أكيد كان من بينهم مسلمين أيضاً ، و لم يطالب العالم المسيحي المسلمين بالإعتذار لأحد أو على الأقل لذوي الضحايا ، و غيرها من الجرائم التي ترتكب يومياً بل على مدار الساعة بإسم الإسلام.
لست هنا بصدد تفضيل ديانة على ديانة أو إدانة جريمة أو أخرى ، انا الآن بصدد قيم إنسانية و بالمقابل ممارسات إنسانية تسبب في غياب أرواح إنسانية ، جرائم ترتكب ضد الإنسانية لكن بأسماء مختلفة.
معادلة العدالة هذه التي يطالب بها المسلمون في العالم بمطالبة البابا بالإعتذار لن تكتمل مالم يطالبوا العالم الإسلامي نفسه قبل الكل بأن يعتذر عن كل الجرائم التي تحدث بإسم الإسلام ، و التي أنا أيضاً على يقين أن الإسلام بمبادءه و قيمه براء منها كلها ، لكننا نحن الآن بصدد تحقيق العدالة الإنسانية الحقيقية و ليس العدالة الدينية ، لأن الإنسان أكبر من الكل و هو حامل الرسالات و المبشر بالإديان ، نحن الآن بصدد تحقيق العدالة الإنسانية الشاملة ، فحتى يتحقق ذلك كله على العالم الإسلامي أن يطالب العالم الإسلامي نفسه بالإعتذار لذوي ضحايا العمليات الإرهابية و التي ترتكب من قبل عناصر تدعي أنها جماعات إسلامية و ترتكب جرائمها بإسم الإسلام ، و أن تطالب العالم العربي و الإسلامي بالإعتذار للشعب الكوردي على الأقل عن جرائم الإنفال و قصف مدينة حلبجة و منطقة باليسان و مناطق أخرى بالأسلحة الكيمياوية و دفن الألاف من الكورد الأبرياء في قبور جماعية ، و الإعتذار عن حرق 4500 قرية ، و عن خيرة الشباب الكوردي الذين تعفونا بين دهاليز السجون المظلمة تحت أبشع أنواع التعذيب الجسدي و النفسي و الآلاف الآخرين الذين أعدموا و أخفيت جثثهم وراء الشمس ، و الإعتذار لمشاعر الأمهات الكورديات و هن يتابعن حلقات مسرحية محاكمة صدام حسين الكذبة ، و هو يجلس بكل وقاحة و يرفع صوته رافعاً رأسه الذي يصبغه بين يوم و الآخر و يشتم و يهين كما يشاء..
من سيعتذر للشعب الكوردي عن كل هذا ؟ و هل أن ما أدلى به البابا كان أكثر تأثيراً من كل الجرائم التي حدثت و تحدث على مدار الساعة بإسم الإسلام؟ ليأتي البابا و يعتذر عن تلك الجرائم أيضاً..
venusfaiq@gmail.com[/b][/size][/font]