المحرر موضوع: ريازة الكنيسة وتأثيرها على التوزيع الصوتي  (زيارة 2075 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل raedaziz

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 80
    • مشاهدة الملف الشخصي
     عاش المسيحيون الأوائل على شكل مجموعات صغيرة تلتقي سرا في البيوت حيث كان الاضطهاد ينال منهم من قبل الإمبراطورية الفارسية والرومانية , وكانوا يؤدون طقوسهم وصلواتهم بصورة بسيطة نظرا لصغر المكان وبمرور الزمن اخذ عددهم يتضاعف بسبب الاستقرار والأمن , لذلك قاموا ببناء كنائس كبيرة أثرت بالتالي على رتبهم وطقوسهم وصلواتهم التي أخذت تتكيف وفق ريازة الكنيسة الجديدة .
    والمشكلة التي تواجهنا اليوم في بناء كنائسنا هي عدم الاهتمام أو بالأصح عدم المعرفة من قبل المسؤلين والقائمين على العمل وحتى المهندسين بعلم السمعيات(Acoustics) وإنما الاهتمام المفرط بشكل البناء الظاهري فقط , غير مدركين أن قاعة الكنيسة التي تقام فيها الرتب الدينية والألحان الكنسية هي عبارة عن آلة موسيقية كبيرة تعزف بداخلها الموسيقى (التراتيل) بصورة منفردة أو جماعية , حيث توجد في داخل كل الكنيسة تردداتها السمعية التي يحددها حجم الكنيسة ونسب بنائها , والمواد الداخلة في تكوينها , والدرجة والأبعاد التي تتردد بها وخلالها خطوط الموجات الصوتية , ومقدار نوعية الامتصاص من هذه الأصوات , ودرجة الانعكاسات الصوتية والتكبير لهذه الأصوات , وكلما كانت هذه الترددات السمعية داخل الكنيسة بصورة جيدة ,  كلما أضفت لمسة سحر وجمال على الصوت وبالتالي تأثيرها على أداء التراتيل والرتب الدينية بشكل عام .
     يقول المهندس المعماري أدولف لوس (Adolf loos)وهو خبير في علم السمعيات " أن سمعيات أي قاعة لا ترتبط بنسب بنائها التي تتشكل من عصر إلى عصر وفقا للتطور المعماري فحسب ولكن المهم هو مواد البناء التي تدخل على وجه الخصوص في التكوين الداخلي للقاعة " .

     واليوم أخذت الكنيسة تتكيف مع كل التطورات العلمية والتقنية والصناعية الحاصلة في هذا العصر (عصر التكنولوجيا) والهدف هو خدمة الكنيسة , فمنذ فترة ليست بقصيرة أخذت أجهزة تكبير الصوت تدخل الكنائس والأديرة وكل مرفقات الحياة الدينية والاجتماعية , وأصبحت تؤدي خدمة قيمة ومهمة للطقوس الكنسية وذلك من خلال تكبير الصوت ووضوحه ونقاوته , فبعد أن كان الكاهن والشماس يعتمدون على قدراتهم الشخصية في إخراج الصوت أصبحوا اليوم يعتمدون اعتمادا كليا على هذه الأجهزة التي سهلت المهمة وأعطت للاحتفالية الدينية خصوصية أجمل .

   وعلى الرغم من الأمور الايجابية التي ظهرت من جراء دخول أجهزة تكبير الصوت الحديثة إلى الكنيسة كانت جيدة ومقبولة , إلا أن الأمور السلبية أخذت بالظهور أيضا ولأسباب منها :

1-الاستعمال الخاطي ومن قبل ناس غير ملمين بهذه الأجهزة الحديثة مما ينتج عنه ظهور أصوات مزعجة مثل صوت الصفير الذي دائما نسمعه داخل كنائسنا .
2-عدم وضوح الصوت بصورة جيدة نتيجة الانعكاسات الصوتية (الصدى) داخل جدران الكنيسة .
3-تأثير مواد البناء على عملية التوزيع الصوتي (الذكورة آنفا ) .
     وأخيرا كل هذه الأمور أثرت بصورة أو بأخرى على تقبل المستمع (المؤمن) الصلوات والرتب الطقسية بصورة جيدة ومفهومة , لذلك ندعو كل القائمين على العمل الكنسي الاهتمام بالأمور الفنية(الصوتية) الأخرى ( المذكورة آنفا ) وان لا يكون الاهتمام  محصور بالشكل فقط لا غير أي بالمظهر الخارجي للكنيسة وإنما يكون الاهتمام بالشكل والمضمون مع بعض لإخراج العمل بصورة متكاملة . 


                                                                    رائد عزيز العمران
                                                                  ماجستير موسيقى