المحرر موضوع: متى تُقرع اجراس الغضب في بلدتنا ...  (زيارة 2025 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل جنان بولص كوركيس

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 38
    • مشاهدة الملف الشخصي
متى تُقرع اجراس الغضب في بلدتنا ...
جنان بولص كوركيس

عندما التقيته في اروقة الجمعية وسألته عما يزعجه وما هو سبب الأسى البادي على سحنته، اجابني بحزن شديد: لقد شطبوا اسمي من القائمة وحرموني من قطعة ارض سكنية، بينما صاحبي حصل عليها.. قالها بحسرة والم شديدين. فتألمت لألمه وحنقت على من كان سبب حرمانه مما اعتبرته حقه الشرعي كمواطن، ولكني تداركت وسألته: اين ؟ في بلدتكم؟ قال : كلا في عنكاوا..
كيف هذا وانت لست من اهالي عنكاوا ولا تسكنها حاليا؟! فكان جوابه حاضراً: هل كل الذين امتلكوا قطع اراض سكنية في عنكاوا هم من اهلها ومن ساكنيها؟.. هذا الجواب اخرسني واذاب لساني في فمي .. لان هذه هي الحقيقة المُرّة .. هذا هو العلقم الذي اسقونا اياه في كؤوس من ذهب.. من هؤلاء؟
من هؤلاء الطارئون الذين استباحوا بلدتنا وجعلوها مطمعاً لكل من هب ودب ؟! من اعطاهم حق ذبحها والتمثيل بجثتها وتقطيعها ارباً اربا وتوزيعها على من يطبل ويزمر لهم ولحاشيتهم او يمت الى احدهم بصلة قرابة، وكأنهم يفون بنذر قطعوه امام الله على انفسهم لأُمنية تحققت، او مريض عندهم شُفي، او الى روح موتاهم، كما هي العادة في توزيع الصدقات والنذور..
لقد انفتح الجرح الكبير الذي بداخلي بعد ان قررت ان الغي حواسي الخمس واستريح ولكن هيهات ان نهنأ ونستريح وعنكاوا تتآكل يوماً بعد آخر، وتنام وتصحو على وجع يتنامى وانياب مسمومة تُغرس  في جسدها الطاهر وتنهش لحمها وتمزقه، هذه البلدة ستبقى حُبلى بالمشاكل بسبب الجور الذي اصابها على يد من يدعون انهم عرابوها الامناء ومن التف حولهم وسيسألون يوم القيامة عما اقترفوه بحقها وبحق اهلها الذين استُغلت طيبة قلوبهم وسعتها لايواء الغريب الطاريء كائناً من كان، هذا هو جزاؤها وجزاء اهلها.
لقد طحنتنا الآثام التي مورست بحقنا و اشعرتنا بالهزيمة، وهزيمتنا هزيمة نفس وروح ومعنويات فهي اخطر وامضى من الهزائم الاخرى لانها اصابت وجداننا في صميمه وستترك شروخاً في المعنويات على مدى سنوات طويلة، لقد حاولوا تغيير ديموغرافية عنكاوا العريقة وتشويهها بتطعيمها بانواع لاتتلائم مع رقيها فسيكون الجيل الجديد مسخاً لالون ولاطعم له ولا جذور.
لقد ولَّد هذا التجاهل بما يحصل في بلدتنا شعوراً بالمرارة و خيبة الامل وزاد من تفاقم هذا الشعور التجاوزات والتصرفات اللامسؤولة التي ارتكبت بحقنا، فعلى سبيل المثال لا الحصر توزيع الاراضي السكنية في عنكاوا كل يوم يخضع لقانون من القوانين المبتكرة من قبل هذا المسؤول او ذاك او بمباركة احدهم او احد افراد حاشيتهم وعلى الكل ان يلزم الصمت ويسكت، لان القائمة التي رفعت الى ( المجلس البلدي) تحمل توقيع فلان! وهذا ما يعترف به علناً مجلسنا المنتخب!
فهل يُعقل ان تكون هناك اية معارضة؟ طبعاً لا .. فإذن العتب عليهم مرفوع !.. وكذلك كل من عاد الى ارض الوطن بدافع الغيرة الشديدة على وطنه!! يكافأ بقطعة تقتطع من جسد عنكاوا في حين انه بات لايتذكر منها سوى اسمها، وحتى ابنائه لايعرفونها ولا يحسون بانتمائهم اليها لقد انسلخوا عنها دون رجعة، وكل من عمل في فضائية عشتار او غيرها فهو مناضل لا غبار عليه فيستحق قطعة شهية منها..
كل فنان زار الوطن في رخائه وغاب عنه في محنته فهو وطني من الدرجة الاولى ويستحق قطعة ارض من عنكاوا كوسامٍ لوطنيته، واذا ماحصلت معارضة مسموعة من قبل المواطنين بسبب علمهم بان احد المتقاعدين او المسجونين سابقاً او ممن عملوا في البشمركة في الحقب الماضية او قصيري القامة او ممن حصل على قطعة ارض في عهد النظام البائد، او من انتمى الى احد الاحزاب المتنفذة او.. او.. او، قد حصل على قطعة ارض في عنكاوا و (طبعاً) بمباركة احد المسؤولين او احد افراد حاشيتهم عندئذ هذا التجاوز على القانون يصبح قراراً لينفذه المجلس البلدي دون اعتراض بل عن طيب خاطر خوفاً على كرسيّه الذي اجلسه عليه شعب عنكاوا يوم انتخبه .
اتذكر.. قبل ان تبدأ حملة توزيع الاراضي الجائرة في عنكاوا كانت القوانين التي توزع بموجبها واضحة وجلية يعرفها الجميع ويطيعها وكل من تنطبق عليه تلك القوانين والضوابط يحصل على قطعة ارض سكنية ويكتفي دون طمع في غيرها.
وكل عائلة تكتفي بقطعة واحدة اي لايحق للزوجة اذا كان زوجها قد شمله القانون وكذلك الاولاد الا بعد ان يكبروا ويتوظفوا ويكوّنوا عائلة عندها يستحقون امتلاك قطعة الارض حسب القانون، الان الزوج والزوجة و الاولاد جميعهم يتطلعون الى الحصول على قطعة ارض سكنية كل على انفراد لان جارهم او فلان الفلاني قد حصل عليها هو وزوجته واحيانا اولاده البالغين وغير البالغين لاعتبارات تتعلق بالمحسوبية والمنسوبية وهكذا دواليك ..
وهناك حقيقة اخرى محيرة يُحكى بها في الشارع العنكاوي هذه الايام الا وهي ان يمتلك شخص ما محلة بأكملها بقصورها الفخمة وازقتها ومحالها التجارية في عنكاوا، في حين انه كانت امكانياته المادية  في الامس القريب متواضعة اي قبل ان يتقرب من اولياء نعمته الحاليين وهذه الحالة المحيرة تنطبق على اكثر من شخص في عنكاوا!! وللتندر تدعى هذه المحلة بأسمه مضافاً اليه (وا)  على غرار (عنكا+ وا ) او (شقلا+ وا)..
ما هذه المهزلة الحاصلة في بلدتي.. ماهذه القوانين اللاقانونية التي تحكمنا، هل جاء حمورابي الى بلدتنا في غفلة منا واقتطع خلسة قطعة ارض منها وسكنها مع مسلته الجديدة  التي تحوي قوانين فوضوية وغير متزنة ليحكمنا بها دون غيرنا؟
ما جرمنا بالله عليكم ليحرم ابناؤنا واحفادنا من قطعة ارض في بلدتهم عندما يكبرون؟ اليس من حقهم تفضيل الهجرة وألم الغربة على ألم الغدر؟ اين لغة الحوار التي ناديتم بها بين الشعب ومرؤوسيه؟ الى متى نولول وننتحب وانتم تضعون القطن في اذانكم وتشيحون بوجوهكم عنا وكأنكم انتم اهل البيت ونحن غرباء طارئون؟!
عنكاوا التي عشقناها ما عادت في الجغرافيا فهي مصلوبة فوق حائط الكراهية، واني اتساءل متى تُقرع اجراس الغضب في ليل بلدتنا النائمة .. متى؟؟

جنان بولص كوركيس[/b][/size][/font]