المحرر موضوع: لقاء خاص مع احد اسر الشهداء من أبناء شعبنا ..  (زيارة 1425 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل ماجد ايليا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 493
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني


لقاء خاص مع احد اسر الشهداء من أبناء شعبنا ..

(اعد اللقاء/ ماجد إيليا)
لقد ورد في العديد من الكتب السماوية ومن ثم على السنة الأنبياء و الأدباء والشعراء،اسم ومعنى وقيمة الشهيد، متفقين على إن هذا اللقب يطلق على كل من دافع عن وطنه بالدرجة الأولى وعن دينه و أرضه وعرضه، وفي عصرنا هذا اسماهم البعض(الشهداء) الأبرار و الخالدين وغيرها من هذه الألقاب، ويظل معنى الشهيد متوجا بكل الصفات البطولية والتي يرفع الرأس لها كونهم حقا عظماء ولولاهم لما حصلنا على حريتنا واستقلاليتنا في كل الأزمنة والأماكن..
ومن هذا المنبر الرائد، أحببت إجراء لقاء خاص مع احد اسر الشهداء في بغداد الحبيبة، واللذين عانوا الكثير من جراء فقدان أهم عنصر في عائلتهم حالهم كحال العديد من الأسر العراقية.. ومنذ التقائي بهذه الأسرة والتحدث إليهم شعرت وللوهلة الأولى إن قصتهم فعلا مؤثرة وتستحق نشرها، ليس لان في نيتي الحصول على خبطة صحفية، بل لاطلاع المجتمع اجمع لوجود اسر تستحق إن نتذكرها وعدم نسيانها ومن هنا بدأت اللقاء وكما يلي:-



- بداية أود إن أرحب بالأخت جوان منصور ومنها التوجه مباشرة إلى التعريف عن نفسها وعن قصة فقدانها لزوجها الشهيد وبعض من الأسئلة والاستفسارات والتي أجابت عليها مشكورة :

اسمي جوان منصور خريجة مرحلة ابتدائية( لمحو اللامية – 1982، بغداد) التولد 1949زاخو، ربة بيت اسكن حاليا في محافظة بغداد ..

- أخت جوان، هل لكِ إن تحدثينا قليلا عن زواجكِ وعن أبنائكِ وعن المعاناة التي لاقيتها بعد فقدانكِ لزوجكِ الشهيد؟


تزوجت في عام 1973، في ظروف صعبة للغاية ووسط عنجهية وتعصب فكري داخل أسرة غنية في المنطقة الشمالية، ولي 4 أطفال ابني الكبير والوحيد لإخوته البنات، يعمل عضو في احد الأحزاب الآشورية في اقليم كردستان كما يسمى، وهو متزوج والبنات أيضا تقريبا زوجتهم كلهم واحد تلو الأخر بعد استشهاد أبوهم ..


- أخت جوان، حدثينا عن زوجكِ قليلا وعن تاريخ استشهاده؟


كان زوجي الشهيد من خيرة الرجال الذين يستطيع المرء إن يعتمد عليهم في الشدائد وانأ خير دليل لخبرتي به مع إن زواجنا لم يدم أكثر من اثني عشر عاما، حيث بعد خمسة أعوام من زواجنا التحق زوجي بالخدمة العسكرية وذلك إبان الحكم الدكتاتوري ألصدامي، في عام 1980، ومنذ التحاقه بالجيش لم نرى يوم حلو أو سعيد لكثرة همومنا المعيشية وبعد زوجي عنا كثيرا بسبب الحرب مع إيران، ولم تمضي سوى عدة سنوات وكما يقال في ليلة لم يكن بها ضوء قمر، استشهد زوجي في عام 1985، عن عمر 33 عاما، ليروي بدمه الزكي ارض هذا الوطن العزيز والتحاقه بكوكبة شهدائنا الأوفياء و.. و ..


- خلال الحديث انهمرت الدموع من عين الأخت جوان لتذكرها حادثة استشهاد زوجها فأحببت إن أغير لحظة هذا الحزن ولو قليلا بأخذنا فرصة للاستراحة فلم تمانع.. وبعد الاستراحة أكملت قائلة :

لقد صدمت كثيرا لفقداني وأبنائي لزوجي كثيرا وكان استشهاده بمثابة انهيار سقف العائلة بأكمله لأنه كان هو الأب والأبناء وإلام وكل شيء في حياتي ..

 
- أخت جوان متى أحسست بالفرح؟ ومتى احسستِ بالحزن؟


شعرت بالفرح مرات عديدة ففي كل مرة وهبني الله فيها طفل احسست بالفرح يغمرني إنا وزوجي وفي كل مرة كان يعود ألينا زوجي من الحرب سالما .. أما عن الحزن فمنذ إصابة زوجي مرتين بجروح بليغة في الحرب مرورا باستشهاده والى يومنا هذا فشبح الحزن لم يفارقني ..

- جوان، كم شهيد لديكم بالإضافة إلى زوجكِ ؟


أربعة، حيث استشهد الأخ الأكبر لزوجي في عام 1978، إبان النزاعات الكردية مع الحكومة البعثية واعتبر مؤخرا شهيد كردستان ..
استشهاد زوجي في عام 1985، في حربنا مع إيران .
استشهاد اخو زوجي الأصغر في عام 1986، في نفس الحرب، أي بعد استشهاد زوجي بعام واحد فقط.
استشهاد ابن أخي في عام 1987، في حربنا مع إيران، ناهيك عن عدد من الشهداء الآخرين من أبناء عمومتي وأخوالي واللذين لكثرتهم لا أتذكر تواريخ استشهادهم ..


- أخت جوان، ما هو التعويض الذي منحتكِ إياه الحكومة آنذاك؟ وكيف أدرتي شؤون عائلتكِ بعد استشهاد زوجكِ ؟

بصراحة كل كنوز الدنيا لا تعوضني بفقداني لزوجي، ومع هذا عوضونا بقطعة ارض وما زالت موجودة لحد ألان في اخطر منطقة وهي الدورة ولا استطيع لا بيعها ولا بنائها بسبب الظروف الأمنية المتردية في الوطن، ومعاش تقاعدي في حينها كان لا يتجاوز خمسة دنانير كل ثلاثة شهور، ومن بعدها أي في عقد التسعينيات أصبح ثلاثة ألاف دينار(طبع) أيضا كل ثلاث أشهر والذي كان في حينها سعر شراء 2ك لحم.. وبالنسبة للمعيشة والعمل، فلقد عملت  لدى بيت أرملة ثرية في بغداد منذ عام 1985، أي بعد استشهاد زوجي ولحد ألان ..


- جوان، هل ما زالت ذكريات زوجكِ الشهيد موجودة في مخيلتكِ ؟

كيف لا وهو الذي كان لي العون الكبير في تحدي الصعاب ومكارم الأخلاق، وهل ينكر القمر شمسه؟ مازالت كل الذكريات كما هي والى الأبد، أتذكر ضحكاته وهمساته التي مازالت تدغدغ أذاني وحبه الكبير لعائلته ولكل الناس الذين عرفهم وعاشرهم، كيف لا ..

- كلمة أخيرة ؟


اشكر كل من ساعدني في تجاوز محنتي ودعائي إلى الله إن يرحم شهدائنا وان ينصر عراقنا ويخلصه من محنته الصعبة وان يلهم الصبر والقوة لقلوب الأمهات أللوات عانوا من ويلات الحرب والدمار الذي لحق بعراقنا الحبيب أمين ..


هذه احد الروايات الأليمة التي أصابت احد اسر أبناء شعبنا وهي مثل مئات العوائل التي أصابهم الحزن والاضطهاد والألم في بغداد إبان حربنا مع إيران وهي ليست بالأولى ولكن نتمنى إن تكون الأخيرة وخاتمة الإحزان ....