المحرر موضوع: شعبنا جدير بأن يقرر مصيره بنفسه  (زيارة 1435 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Sherzad Sher

  • اداري منتديات
  • عضو فعال جدا
  • *
  • مشاركة: 333
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
شعبنا جدير بأن يقرر مصيره بنفسه
شيرزاد شير

يمر شعبنا الكلداني الأشوري السرياني في الوقت الحاضر بأصعب مرحلة من مراحل تأريخه الحديث نتيجة للظروف القاهرة التي فرضت عليه عقب تفاقم الصراع السياسي الطائفي المذهبي والفئوي لقوى السلطة الفعلية في سبيل فرض حُكمها على الشارع وغياب سلطة القانون في البلاد والسيطرة التامة للميليشيات التابعة لمختلف الأحزاب في الساحة...
ولا يمر يوم إلا ويُصعقنا خبر جديد عن فاجعة أو مأساة ألمَت بشعبنا في الجنوب والوسط أو العاصمة بغداد أو الموصل أو كركوك...
وإذا ما استمرَ الحال على هذا المنوال وتضايق الخناق شيئا فشيئا وأكثر فأكثر على أبناء شعبنا في تلك المناطق، وفي ظل فلتان أمني لم يسبق له مثيل، وانشغال سياسيينا في صراعاتهم الجانبية حول كيفية تقسيم الكعكة، بدلا من بذل الجهود الجادة لإيجاد مخرج من هذه الأزمة المستعصية، وحماية المواطنين من التهديدات والاعتداءات اليومية التي يتعرضون لها، وتزايد حالات القتل والاختطاف والاغتصاب والترهيب، فحينئذ سوف لن تجد لهم مبررا لتشبثهم بأرضهم وبقائهم في أماكن سكناهم الحالية، وأنهم لا محال سوف يشدَون رحالهم ويتركونها عاجلا أم آجلا  إلى مصير مجهول وتحت رحمة الخالق وحده...!؟
إن ما جرى بالأمس للكاهن الشهيد بولص اسكندر هو بمثابة ناقوس الإنذار لإيقاظ كل النيام، وان مستقبل شعبنا في الوسط والجنوب قد وُضع على المحك ولا يلوح في الأفق أي ضوء أو أمل بتحسن الأوضاع في المستقبل المنظور. فمهما قيل أو أوتي به من التبريرات أو الأسباب للجرائم المتكررة ضدنا، فأنها لا تخرج عن إطار سعي الحاقدين علينا إلى تشريدنا واستئصالنا من وطننا. 
واليوم، حينما يشق التيار الجارف لوحدة شعبنا طريقه إلى الأمام ويخطو بثبات خطواته الظافرة  نحو الهدف المنشود ويتواصل الجدل والنقاش في كل الأروقة حول أهمية التأكيد على وحدة شعبنا بمسمياته الثلاث والتحديد الواضح والصريح لحقوقه القومية المشروعة وضرورة تثبيتها في وثيقتين تاريخيتين، الدستور الكوردستاني والعراقي، وحينما تكتب كل يوم الكثير من المقالات التي تتناول هذا الأمر وتُطلق التصريحات المختلفة وما يطرح من الأفكار حول وحدة شعبنا ورفض تقسيمه والمطالبة بتثبيت حقه في الحكم الذاتي على أراضيه التاريخية...!
وفي الوقت الذي تتصدر فيه واجهات الصحف ووسائل الإعلام في إقليم كوردستان والمواقع الالكترونية المتنوعة عناوين بارزة عن مواقف العديد من الشخصيات والأحزاب السياسية حول الدستور الكوردستاني وما يجب أن يتضمنه، يقتضي بل ويجب أولا وقبل كل شيء الاحتكام إلى الواقع والمنطق في طرح آراءنا وتحديد مطالبنا!
ليس ذلك المنطق الذي يتحدث عنه ذلك النفر المعزول عن الجماهير، الذي أصيب بالعمى السياسي والذي يجهل حتى أبسط الأمور في تحليلاته وتقديراته للوقائع والأحداث، وليس عبر الالتجاء إلى وضع العصي في عجلة التحولات السريعة التي تشهدها الساحة السياسية والتي سوف لن تنتظر أحدا لكي يلحق بها لاحقا، وإنما المنطق الذي ينطق بأفواه ضحايا الارهاب والظروف القاسية والمريرة والعصيبة التي يعيشها شعبنا في المناطق المنكوبة ! والضحايا هم من كل الطوائف والمذاهب والتيارات والاتجاهات... وأنهم، مسيحيون، كلدان- أشوريون- سريان،  كانوا وسيبقون كتلة واحدة مهما قيل عنهم...
إن أبناء شعبنا تواقون اليوم وأكثر من أي وقت مضى إلى الأمن والاستقرار والطمأنينة، ولا وجود في أذهانهم لمشكلة التسمية المختلقة أصلا والتي يحاول البعض إبرازها وفرضها عليهم عنوة...
فالأكثرية الساحقة من سكان قرانا وبلداتنا، الذين أعادوا خلال الفترة الأخيرة البهجة والبسمة إلى الجبال والسهول والوديان التي تحيط بهم ويملئون أرجاء واسعة من أرض الأجداد بنشاطهم وحيويتهم ويعيدون الحياة إليها مجددا بعد اضطرارهم لهجرها في العقود الماضية وبعد فراق السنين العسيرة، يزرعون اليوم الأمل بالمستقبل المشرق في مناطقهم التاريخية، وهم دعامة أساسية لوحدته.
إن المراهنة على الإصرار والتمادي في الدعوى إلى تقسيمنا وتشتيتنا إلى أجزاء أو محاولة احتواء أو إلغاء الأخر من قبل البعض، رهان خاسر ولن تزيد شعبنا سوى المزيد من المآسي والآلام، وان مستقبلنا مرهون قبل كل شيء بدرجة وعي وإدراك سياسيينا المخلصين فعلا وليس قولا لاستيعاب وفهم الواقع واستخلاص العبر والاستفادة من خبرة الآخرين في كيفية الوصول إلى ما هو جامع ومشترك بين الجميع، لأن المصلحة العليا للشعب يجب أن توضع فوق كل الاعتبارات الأخرى...!
وينبغي أن توجه كل الأنظار نحو تضافر الجهود والامكانيات وتوحيد الكلمة والموقف حول ما هو الأهم والأكثر إلحاحا، ألا وهو تحقيق أماني وأحلام أطفالنا وآبائنا وأمهاتنا ممن يواجهون المحنة في الوطن كل ساعة، بالإضافة إلى تطلعات جميع أبناء شعبنا المنتشرين في كل زوايا وبقاع عالمنا الكبير في الإقرار بكامل حقوق وطموحات شعبنا على أرض أجداده...

إن المنطقة برُمَتها مُقبلة على انعطافات حادة وقد تكون خطيرة وليس مُستبعدا كثيرا أن تظهر في المستقبل القريب على الخارطة تقسيمات جديدة، ولم يبقى أمام شعبنا المجال الكافي، لا للانتظار أكثر ولا لترقب المعجزات...! وإن اللاعبين الأساسيين في الساحة قد أخذوا أدوارهم بعناية فائقة، ونحن إن لن نأخذ مسالة المطالبة بحقوقنا على عاتقنا وننتظر الآخرين لكي يلبوا طموحاتنا، سوف لن نكون أكثر من متفرجين نترقب نتائج ما تنتهي إليه مشاوراتهم ومداولاتهم وقراراتهم!
لذا علينا أن نكون بمستوى التحديات المستجدة والتطورات المتسرعة وأن نعود إلى شعبنا في معرفة وتحديد ما يتمناه ويصبو إليه، وبالتالي الإصغاء إلى أرائه وهمومه ومشاكله... فلا مجال هنا لتصفية حسابات جديدة- قديمة بين هذا وذاك، لا تمُت بما هو مصيري وآني بصلة...! فالشعب ينتظر الفعل والعمل لأنه قد ملَ من الخطابات والبيانات والتصريحات الفارغة لأصحاب الكراسي ومن يتحدث نيابة عنه، وإن التاريخ مليء بالتجارب والأحداث التي تؤكد وبجلاء خطورة التلاعب والاستهانة بمصائر الشعوب والأمم وتجاهل استغلال واقتناص الفرص المتاحة لها في حينها...

يجب علينا في هذا الظرف الحساس أن نبذل أقصى ما نملك من الجهود  لكي تخرج مسألة حقوقنا المشروعة من الدائرة الصغيرة والضيقة التي تدور فيها وتنطلق خارجا إلى المحافل الدولية وتدويلها كقضية شعب تعرض خلال تاريخه إلى الكثير من المظالم ويستحق كالشعوب الأخرى أن يعيش حياة حرة وكريمة وتتحقق أمانيه في نيل كافة حقوقه...

إن شعبنا العريق التأريخ والذي أنجب الآلاف والآلاف من العلماء والمفكرين والخبراء والكتاب والشعراء وقادة سياسيين مشهود لهم بجدارتهم وكفاءتهم وإخلاصهم وقدم الكثير من التضحيات في سبيل بقائه والمحافظة على خصوصيته لهو أكثر وعيا من الكثير من سياسيينا، وهو آهل وجدير معا بأن يأخذ زمام المبادرة بيديه ليقرر مصيره بنفسه... [/b] [/size] [/font]