المحرر موضوع: سميل صرخة اشورية..... لايزال صداها يتردد حتى الان  (زيارة 2300 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل تيري بطرس

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1326
  • الجنس: ذكر
  • الضربة التي لا تقتلك تقويك
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
سميل صرخة اشورية..... لايزال صداها يتردد حتى الان



تيري بطرس
bebednaya@gmail.com
مؤلم حقا، ان يتم تجاوز اول مذبحة تحدث في المنطقة بعد قيام الدول الحديثة ،مذبحة، لم تكن نتائجها كارثية على الاشوريين فقط، بل تجاوزت هذه النتائج لتاسيس ثقافة العنف وحل المشاكل السياسية بهذه الطريقة في العراق وفي المنطقة. مذبحة شارك فيها الجيش العراقي الذي اظهر بطولته ببقر بطون النساء الحوامل لمعرفة جنس الجنين، او القتل الاطفال ورفعهم على اسنة رماح البنداق، او الطلب من الناس تسلق منحدر ورميهم بصليات من البنادق هذا ناهيك عن اغتصاب الفتيات، مؤلم ان يحاول البعض ايجاد تبريرات لكل الذي حدث، للهستيرية التي خلقتها السلطات العراقية وريثة الاساليب العثمانية في النظر الى مواطنيها على اساس الدين، والمغلفة بالعنصرية العروبية الكاره للاخر. في اجواء من التزييف وابلسة الاخر وتحويله الى عدو للوطن وهو اول من قدم ضحايا دفاعا عن حدود الوطن، وردا على مطالب بسيطة وغير معقدة للاشوريين، تم اقتراف مذبحة سميل في اب عام 1933 وفي 7 منه تحديدا يحتفل اشوري العالم في كل مكان بيوم الشهيد. مذبحة راح ضحيتها الالاف من النساء والاطفال والشيوخ، ولم يتمكن الجيش العراقي من قتلهم الا بعد ان خدعهم من ان كل من يسلم سلاحه سيكون في امان، وهكذا اطمأنت الاسر الى ان الجيش هو حامي لهم ولم تكن تدري انه يدبر لهم مكيدة فدخل اولا الى قرية سميل وقتل فيها كل من وجده حيا. علما ان الحكومة العراقية لم تكتفي بالهجوم الاعلامي على الاشوريين وقياداتهم واتهامهم بمختلف التهم، ومنها انهم عملاء الانكليز، في الوقت الذي كان في كل وزارة مستشار انكليزي. بل انها كانت قد اصدرت اوامر باعلان ((الجهاد)) ضد الاشوريين. كان خالي جونا من قرية كاني بلاف يذهب الى مختار القرية الكوردية المجاورة ليستفسر منه عن الاخبار، فيقول له خافو خافو (بترسن، بترسن) ويجاوبه ولكننا متنا من الرعب، وفي قريتنا كانت النسوة والبنات والاملاك قد تم توزيعها بين ابناء القرية  المجاورة لكي لا يحدث بينهم خلاف. 
سميل لم تعد قضية مذبحة واحدة، بل صارت رمزا لكل المذابح التي تم اقترافها بحق ابناء شعبنا، ولكي يعلم البعض ان هذه المذابح ليست منسية ولا يمكن نسيانها في ظل التبريرات وكلمات التعاطف التي لا معنى لها، مع استمرار غبن الحق واستمرار تعرض ابناء شعبنا الى مختلف انواع الاضطهادات ومنها تجاوزه كشريك متساوي في ادارة شؤون الوطن. سميل هي رمز الغبن التاريخي، ولذا فستظل دائما هذا الناقوس الذي يقرع لينبهنا الى ما تعرضنا ونتعرض له بسبب انتماءنا القومي والدي
سميل قصة سنرويها ولن نمل من روايتها، لانها تذكرنا بمذابح محمد كور الراوندوزي  خلال اعوام 1831_1836 ومذابح بدرخان بك امير بوتان 1843_1846 ومذابح عامي 1895 و1896 والمذبحة الكبرة للاعوام 1914_1918 والتي راح ضحيتها ما يقارب 750 الف قتيل، ومذبحة عامودا 1937 ومذبحة صورية عام 1969، وحملات استهداف المسيحيين في العراق منذ سقوط نظام صداك. العالم يعلم ان خلال القرن التاسع عشر كانم نحو 33% من سكان السلطنة من المسيحيين واليوم لا يتجاوز عددهم في تركيا الا حوالي 1%.
سميل رمز للعمل السياسي القومي وللمطالب القومية المشروعة، انها دافع للتشبث بهذه المطالب وبالعمل من اجلها وبكل السبل، سميل القرية المنسية صار يتردد اسمها في اربعة اصقاع العالم في هذه الايام من كل سنة، ليس بكاء على الشهداء ولكن اصرارا على الحقوق واستمرار المطالبة بها.
سميل حقيقة ورمز لحقائق دامية اخرى، ولكن البعض لا يزال يحاول التبرير، وعدم الاعتراف وهو المؤلم وهو الامر الذي يجعلنا نفكر ان عدم الاعتراف يعني القدرة على استمرار الحدث باشكال وانواع اخرى. لو كانوا قد اعترفوا بجريمتهم في سميل، لما حدث في العراق امور كثير، لما كان انقلاب بكر صدقي، الذي اخذه الغرور بجريمته لما قدمه له وزراء بغداد من تكريم وتقدير. ولما حدثت حركة 1941 ولما حدثت الانفال والحلبجة. وما بين كل هذه الاحداث من القتل والسحل وتدمير الاف القرى بما فيها من ثروات حيوانية وزراعية.
سميل وسام عار على جبين المؤسسة العسكرية العراقية، وعلى جبين المؤسسات التربوية العراقية التي لم تدرس الواقعة ولم تشر اليها، انهم يريدون نساينها او تناسيها، وهم يعتقدون انهم بهذا يلغونها من التاريخ، الا اننا مصرون على اخذ حقنا والتعريف بها وادانة مقترفها والاعتذار عن كل ذلك لشعبنا. هؤلاء الذين يطالبون بالثائر والانتقام لاي حادث او جريمة تقع ولو في ارض الواق واق، ولكنهم يحاولون طمس اكبر جريمة وقعت في وطنهم وبيد مؤسساتهم. سميل واخفاء الدور القبيح للجيش العراقي فيها فضيحة للعراق الديمقراطي، وفضيحة للثقافة العراقية التي شاركت في طمس ذكرها. سميل تقول للكل هذه هي حقيقتكم عارية لتعرفوا ان ما يوجهكم لم يكن انسانيا ولا وطنيا، بل موقفا عنصريا.... عنصريا
سميل كانت من جانب اخر، ضحية للخلافات الاشورية الاشورية ايضا، مجتمع قادته ثقتهم ببعضهم عند الحضيض، ويمنحون الاذن للغريب. مجتمع ما كان قد تمكن من التخلص من القيم العشائرية، والولوج في رحاب العمل القومي العابر للعشائرية. ان سميل ستبقى ذلك الدرس الذي يجب ان يدرسه كل اشوري ليعرف ما سيفعله الجوار حينما نكون ضعفاء ومنقسمين لحد العداء وليس مختلفين مستعدين للحوار.
ܬܝܪܝ ܟܢܘ ܦܛܪܘܤ