المحرر موضوع: الحكومة العراقية تستخدم سياسة التَظلم  (زيارة 903 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل حيدر عبد الجبار حسن

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 10
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الحكومة العراقية تستخدم سياسة التَظلم
جُبل الانسان على التعاطف مع الفقير والمعاق والمظلوم...
فهي طبيعة غُرست في ثنايا النفوس تدفعنا للشعور بالألم كلما رأينا واحداً من هؤلاء في محاولة منا لمواساة المظلومين وايضا نتيجة الشعور الفطري بالرغبة في المساعدة.
فطن بعض السياسيين الى هذه الخاصية في الانسان العادي وحاول استغلالها لمصلحته في سباقه نحو الاحتفاظ بالسلطة أو الوصول اليها.
فالطغاة على سبيل المثال كانوا كثيرا ما يوهمون الآخرين بان أنظمتهم محاطة بالاعداء من كل جانب وان هؤلاء الاعداء يكيدون لهم ويخططون ليل نهار للنيل من حكوماتهم الوطنية كما يدعون ,الا ان الشعب مل من هذه القصة بعد فترة لافتضاح امرها بعكس الشعوب الاخرى في بلد آخر والتي ربما ستستمر بالتعاطف مع هؤلاء الحكام لظهورهم بمظهر الابطال.
ولا يقتصر استغلال هذه الخاصية على الطغاة وحدهم بل ان العديد من دهاة السياسة يستخدمون هذه الطريقة كلما قل رصيدهم الشعبي أو احسوا بانها الطريقة الامثل لاستدرار تعاطف الناخبين والشعوب.
فيما يخص العراق فقد برع صدام في استخدام هذه الطريقة لا لخداع الداخل ولكن لاستعطاف الشعوب في المنطقة, وبعد التغيير 2003 لم تفلح جميع القوى السياسية في تأسيس حياة سياسية سليمة وربما لم ترد ذلك ,على كل حال استخدمت القوى السياسية الحاكمة نفس طريقة التظلم للهروب الى الامام فما اسهل ان تعلق كل فشلك ووعودك غير المنفذة على شماعة الآخرين الذين يظلمونك ويكيدون لك في محاولة لافشالك.
وكان المالكي هو الاذكى والابرع في استخدام هذه الطريقة.
فهو دائما يحاول ان يظهر بمظهر المظلوم مع انه ليس كذلك : فالقاعدة والبعثيون يحاربون الحكومة ويعيقونها عن تنفيذ كل مشاريعها العملاقة وربما كانوا هم السبب في داء الفساد السرطاني المتغلغل في كل مؤسسة في العراق وكل مسؤول كبير.بل كيف لنا ان ننتقد الفساد والبلد مشغول بمحاربة القاعديين والبعثثين فيجب ان يؤجل كل ذلك وليسرق من يسرق ويرتشي من يرتشي حتى اشعار آخر.
وعندما تضاءلت وتيرة الطائفية وانحسرت القاعدة بعد تشكيل الصحوات وبدا ان الامور آخذة في التحسن أمنيا, كان المفترض ان يتم محاسبة الفاسدين والقضاء عليهم ولكن الامور سارت الى الاسوء فزاد الفساد أضعافا مضاعفة ولم تعد كلمات مثل سرقة أو رشوة تكفي لوصف ما يجري لان الامر تحول الى سباق في النهب و(الفرهود).
وطبعا والحال هذه لابد ان تبحث الحكومة عن شماعة أخرى فاتجهت هذه المرة الى شركائها السياسيين فالجميع يحاول اسقاط حكومة المالكي الوطنية كما يدعون وتحول الشركاء الى خصوم واراد المالكي ان يقنعنا ان كل الاطراف ما عدا دولة القانون تحاول ان تعيق اصدار القوانين والتشريعات التي ستعيد للبلد وجهه المشرق وحاول تصوير كل الجهات الاخرى كانتهازيين يمنعون المشاريع العملاقة ويضعون الحواجز امام كل خطوة اصلاحية يحاولها رئيس الوزراء.
وكانت تلك محاولة من الحكومة للتستر على فشلها بالقاء اللوم على الآخرين للتمويه على التقصير بل والمشاركة في سرقة البلد وموارده من طريق الظهور بمظهر المظلوم.
وللأسف فان الشعب العراقي يملك خاصرة رخوة في هذا الصدد , اذ لدى الكثير ذلك الشعور بالذنب والرغبة في الاندفاع نحو الجهة التي يُظن انها مظلومة مهما بدر منها من سوء وتقصير , وربما كان مرد ذلك الى أغوار اللاشعور والاحساس الجمعي بالخطأ الفاحش الممتد الى أعماق الزمن متمثلا في الخيانة التي ارتكبها اسلاف العراقيين نحو الامام علي وتركهم نصرة الحسين يوم عاشوراء , مما ولد لدى الكثير حتى من غير الشيعة ذلك الاحساس بالذنب والرغبة في التكفير عنه . كما ان العراقيين عاطفيون بطبعهم سرعان ما يغلبون مشاعرهم على مصالحهم فيسهل خداعهم من طريق ذلك.
لكن طريقة التظلم هذه لابد ان تُستنفذ بمرور الوقت , فلا يمكن ان ان تبقى الشعوب مخدوعة على الدوام , رغم ان المالكي مازال يراهن على عكس ذلك , ولكن ليس في كل مرة تسلم الجرة.