المحرر موضوع: غجري لايجيد الرقص  (زيارة 4943 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل آدم دانيال هومه

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 120
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
غجري لايجيد الرقص
« في: 20:32 19/09/2012 »


غجري لايجيد الرقص


آدم دانيال هومه



أكتب باسم الواحات المنثورة في الصحراء
باسم نواعيرالحزن الدائرة فوق عيون الشعراء
العابقة بعطر ضفائر فراشات الفجر.
أكتب باسم المصلوبين على أبواب الريح
وباسم الألم الذي يصعد العشاق في شعابه الوعرة
                                                 إلى جنة الأمل
ليظل الحب خبز الحياة الأبدي.
أشرب نخب الأرض المضرّجة بأنفاس البؤساء.
أتزنّر بالرعد
وأمضي فوق صهوة جواد المطر نحو بلاد الفقراء.
أؤمن إيمان الظامئ بالماء
أن الاشتراكية هي البوصلة الهادية للبشرية جمعاء.

ياشهداء الوهم وأقراص النوم
إني أبحث عن وطن أغرس فيه جذوري
يمنحني الخبز والهواء… والكرامة
لاتتردّد فيه عبارات الدم والحديد والظلام
أحلم فيه بالشعر وبالإنسان
وبامرأة دافئة لاتترمّل… وأنا حيّ
وبطفل يولد… ليعيش حرا.

هادئ كبحيرة حزن
تتموّج شرارات القهرعلى ضفاف القلب
وفي صلصال دمي يتوهّج وجه العالم
لم أعرف منذ زمان نكهة غبار الطلع
لاأشعر أني موجود إلا حين أنفذ من ثقوب الذاكرة
أو أذوب في اللهب المسكون بشبق امرأة آشورية.
ماعدت أسمع رنين الضوء يجلجل في نفق المطر
ماعدت أعرف إن كان عصفور الحلم ينقر جمجمتي
أم أنه دمي يقطر على سيف الرعد.
بلا أجفان أمضي نحو الشمس
أعاني الغربة في الوطن
أحلم بأرض تبحث عن شعب في حلقه طعم حليب المساعدات الدولية
وفي جيبه (وطن على ورقة) يتمسّح بها بدوي على قارعة الطريق
أستحثّ ضمير العالم كي يدعني أولد
أو يدعني أمارس طقوس المخاض في رحم الليل.

دمي يتنهّد في الريح
يترك آثاره المقدسة على خنجر الرب
ويسيل على صفحات التوراة
يمحو الكلمات المكتوبة بالهذيان النبوي
ويشرّش في تراب الفردوس المفقود
الذي ضيّعته في صقيع النوم
ووجدته تحت آباط فراشة الرؤيا
حيث يرتعش الجمر في رماد الذاكرة المغسولة
وتنمو الزهرة بين عظام الموتى.

أنا غجري من الشرق
مطوّق بمناقير البؤس وأنياب كلاب الصيد
في حنجرتي تضيء أناشيد الجوع
وعلى أرصفة السماء يسيل دمي
أتأبط  وطني
وأقف ذليلاً أمام سفارات العالم
أترقرق كالحزن
أحلم بعناقيد النهود المتوهّجة في ضباب الغربة
وانسلّ من نوافذ الريح المطلة على مبغى الغرب
أتنقل كعصفور أحمق من غصن إلى غصن
أحمل شعبي، بكل جراحاته، في قلبي
وأشهر دمي في وجوه القسس الذين يضاجعون عنزة بعد كل صلاة.

أنا... غريب
ألمح آثار أقدام الحزن على صارية قلبي
ومن رأس لساني تتدلى مشنقتي
أعاقرالتسكع بين النجوم
وألعق الدم المتخثرعلى شفة حبيبتي.
قلبي يخفق كسحابة فوق البحر
لكني لاأستطيع أن أرفرف فوق الشجرة القائمة عند مدخل الصحراء.

أنا متشرّد...
لايربطني بأي وطن إلا ذكورتي ومنديلي المبلل بالدمع
أبدّل هويتي كما تبدّل العاهرة سراويلها الداخلية.
الشعر جوادي المطهّم
منه تنبعث رائحة الحليب الذي رضعته قبل سبعة آلاف عام
وعليه أنطلق فوق حجرات التعذيب وأكواخ البؤساء
أتمرّغ في نشيج موسيقا الأمم المقهورة.
أيها الرفاق!...
في بلدان الشرق
من يقف على رأي كمن يقف على الخازوق
ومن يتلوّن كالحرباء
ويرتّق بكارته ليمنحها لكل عهد
يثب كالضفدع فوق العرش وفوق رؤوس النجباء.
أيها الشعراء!...
إني أحلق ونعشي على ظهري
وروحي معلقة على مشجب الوطن
من عنقي الممنوح إلى الجلاد
يرشح الضوء على عتبات المستقبل.

سلاماً أيتها القبّرة المصلوبة فوق المساميرالطالعة من جمجمة الريح
سلاماً أيتها الكلمة النابحة في البرّية مثل نبيّ
ينزف على قارعة الخط الفاصل بين الموت ولؤلؤة النار
سلاماً ياعصفور الشعر ينقر قلب الله ووجدان الإنسان
إني متهم بتهريب الثورة إلى أدمغة الشعراء
إني روح القدس يسقط منهوكا في أروقة الفقراء
ماأقسى أيام العاشق يتشرنق في تابوت الغربة
                                      بحّار يمخر عباب الصحراء.
ياأحرار العالم!...
داعرةٌ موعظة الكهّان المنحدرين من قفا الشيطان
داعرة سنبلة الضوء الطالعة من مراحيض القوّادين
داعرة نجمة الصبح تنيخ على عتبات الجزّارين.

نينوى!...
ياعاصمة الموت والغبار
مثل النهد ترقدين في فم الله
ظمأى كقيثارة فوق قبر مهجورخلف زجاج المطر
يسّاقط عليك الرجم بالغيب
وتستندين على زلزال الريح
من مقبرة لمقبرة تتسكعين
في دمك تحترق عصافيرالماء
وفي عينيك كسوف الخبز المحروق.
أنت...
قديسة الثوار والفقراء
نكهة الملح في الموجة المتوغلة في جذورالإنسان
حلمتاك... جرحان تخثر فيهما شعاع العسل
في دمي...
يرتعش صوتك مثل روعة تهويم القطا
وتلتمع عيناك، نجمتين ممجدتين، فوق فمي
أسبّح... ثم أموت... لأبعث باكرا
قبل حلول فصل الرماد... والجنون.
قديسة الثوار والفقراء!...
ممتلىء بحبك حتى حافة الجمجمة
وجهك مشدود إلى مشيمة القلب بحبل العشق السري
حبك منحوت بالضوء على مرآة القلب
حين يكتمل قدّاس الثورة
أفتح دربك بين ضلوعي
كي أسمع وقع أقدام الربيع
الذي يهبّ من الماضي ليبني عشه في عينيك.
ياأبجدية الحب والحقد!...
دمكِ يتلألأ في أبهى شرفة في العالم
ويغرغر في جسدي
آهٍ... ياأزلية النجوم والجراحات
أنت اليوم تستلقين في الطحلب واللعنة
في دمك يختلج الطوفان
وفي شرايينك تصهل خيول الكبريت
وعقارب الصحراء تنهش أحشاءك
ومخلصك...
غجري يجيد التسوّل... ولايجيد الرقص.

****
               
   


 نيقوسيا- قبرص تشرين الثاني 1976

سدني- استراليا
adamhomeh@hotmail.com



غير متصل فهد إسـحق

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 506
    • مشاهدة الملف الشخصي
رد: غجري لايجيد الرقص
« رد #1 في: 13:21 24/09/2012 »
نعم يا أستاذ آدم
لن نهـاب من غد الشعر ..طالما أرضعتنـا من حليب كلماتك الصافية السلالة..!

                                                     فهد إسحق

                                               

                                         
                                                 

غير متصل أمير بولص أبراهيم

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1050
  • الجنس: ذكر
  • القاص
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: غجري لايجيد الرقص
« رد #2 في: 18:01 24/09/2012 »
إيقاع شعري جميل لن يستطيع أي ُّ من كان من الرقص على نغماته الشعرية ..

 راقني ما كتبت

  تحياتي

غير متصل ايفلين عوديشو قليتا

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 36
    • مشاهدة الملف الشخصي
رد: غجري لايجيد الرقص
« رد #3 في: 07:39 02/10/2012 »
لابد أن تُزّف نينوى اليك يوماً  وكلماتك تملأ الكون عبقاً يعيد الروح لشهدائنا ويزكم أنوف أعداء الأنسانية.

     كتاباتك تسحرني حقاً.



                 أيفلين عوديشو قليتا

                     كاليفورنيا

غير متصل ميخائيل مـمـو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 696
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: غجري لايجيد الرقص
« رد #4 في: 03:41 07/10/2012 »
زميلي المبدع آدم
تأملك الفكري في قصيدة " غجري لا يفقه الرقص " دلالة وعي بدافع مشاعر حية ، وربما لا مثيل لها بالإسلوب الشعري الذي انطلقت في سرده،  وقلما تثير وخزاتك منابت أحاسيس من لا يتسلح  بمفاهيم ما آليت اليه في إبداعك الهادف من قصيدتك التي ما فتأت خريدة العصر رغم مرور العقود المريرة التي ناهزت الثلاثة والنصف عقداً مرتمية بين أحضان الزمن القاسي من وجودنا الإنساني لأجل الكرامة والحرية التي لا زالت تتصارع حروفها في خلايا ادمغة من تعنيهم لنيل ما نصبو اليه بتلك تعابيرك المتلألئة بنسيجها الدقيق والهادف فوق كل اعتبار. وتساؤلي هنا من تساؤل طروحاتك.. متى توقظ أصداء تلك نواقيسك أغشية الآذان الصماء؟!
ميخائيل ممو

غير متصل سـرهد هوزايا

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 33
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: غجري لايجيد الرقص
« رد #5 في: 09:51 08/10/2012 »
الاستاذ ادم دانيال هومه
تحياتي
قصيدة رائعة بل اكثر من رائعة،كانها كتبت الان و لظروفنا و احوالنا حاليا وليس قبل 36عاما،و لا زالت -نواعير الحزن الدائرة فوق عيون الشعراء-و لا زلت -لا اشعر اني موجود الا حين انفذ من ثقوب الذاكرة- و لطالما امسيت -غجريا من الشرق-اما الذي تغير فهي انياب كلاب الصيد فلقد شحذت و سننت لتكون مسعورة لنهش اللحم الطري،و بالرغم مما يحصل لنا-ستبقى الروح معلقة على مشجب الوطن-و ستبقى نينوى قديسة الثوار و الفقراء و الغجري يجيد التسول و عسىاه يتعلم الرقص.
الف شكر لرائعتك

سرهد/ ملبورن

غير متصل شـمعون زومايا

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 45
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: غجري لايجيد الرقص
« رد #6 في: 18:51 10/10/2012 »

غير متصل Enhaa Yousuf

  • مشرف
  • عضو مميز
  • ***
  • مشاركة: 1748
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • http://www.enhaasefo.com/
رد: غجري لايجيد الرقص
« رد #7 في: 17:59 13/10/2012 »


ليظل الحب خبز الحياة الابدي

.................

أخشى ان تظل هذه الامنية يتيمة قي تقاويم العمر
كالعيد الذي يطل بثوب قديم

الاخ العزيز ادم
تحياتي لك
ولهذا النص المجيول باصالة الشعر الجميل


انهاء

غير متصل MUNIR_QUTTA54

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1966
    • مشاهدة الملف الشخصي
رد: غجري لايجيد الرقص
« رد #8 في: 09:30 18/10/2012 »
 

 لن أختار مقطعا" كي أتغزل بيه .. وأن خزنت في ذاكرتي كل القصيد ..

  فأيضا" ياأيها الكريم أدم لن أكن المستفيد ... لاأعتقد سيفيض .. لكن أن سرت ..

  على طول الطريق وأنشد أغنيتك .. غجري لايجيد الرقص  .. فأنا هكذا ساأكون ..
 
  حفرت في ألأرض حروفها حرفا" بعد حرف .. على طول الطريق  .. وحتى مر الزمان الزمان  ..!!!!!!!!!! ..

   وأرجع لأقول أخي أدم كم أنت راقي ولطيف بروحك ألي جعلت من الذوق للقارئ لامفر ... لأنها الحقيقه  ..

   ياأيها ألكاتب هو أنت ألذي تجيد وتجيد بالنص برهبت الموت وهو في المحيط يغرق ويستغيث ..؟؟؟...!.

   أحترامي ياأيها ألقدير .. أسف على ألمداخله قلمك أستهواني فزليت .. أعتذر .. تحايا ي .

   سلام الرب معك

    منير قطا