المحرر موضوع: العراق 1991 - أول ثورات الربيع العربي  (زيارة 1348 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل حيدر عبد الجبار حسن

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 10
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
العراق 1991 -  أول ثورات الربيع العربي
 كان نظام صدام حسين هو السباق الى قمع ما يمكن ان يوصف بأول ثورات الربيع العربي بعد هزيمته المنكرة في عام 1991 من قبل قوات التحالف الذي دعت اليه ورعته السعودية والكويت .
قبل ذلك يجب ان نحدد ما هي السمات المشتركة لهذه الثورات ؟ وكيف نشأت؟ ولماذا؟.
تتشارك الشعوب العربية في أنها أبتليت بقادة من طراز واحد وانظمة متشابهة وان اختلفت المسميات. تنسم القيادة في معظم هذه الدول قادة عسكريون بعد انقلابات لا شعبية وان اكتسب بعضها زخما شعبيا بعد ذلك لكنه استمر لفترة محدودة, لان هؤلاء العسكريين لم يستطيعوا ان يتخلوا عن نمطهم العسكري في الحكم فصاروا هم الآمر والشعب هو المأمور , ولم يسلموا السلطة ابدا لجهات منتخبة , ولم يبيحوا العمل للاحزاب الا في اطار ضيق لا يخرج عن التصفيق والتهليل وفي الاقل مواكبة السلطة الحاكمة فيما تقرر وتشاء فلم تكن هناك معارضة ابدا بالمعنى الحقيقي الفاعل .
وشيئا فشيئا أخذ الفساد ينخر في تلك الدول واصبح للحاكم سلطة مطلقة غير مسبوقة حتى صار بعضهم رمزا اشبه بالآلهة فهو الآمر الناهي الرازق المميت. وبمرور السنين تكون لدى الشعوب خزين غضب مكبوت يبحث عن مخرج وتوق شديد للحرية خصوصا بعد تطور الادوات المعرفية والاتصالات.اذ اطلعت تلك الشعوب المظلومة على كيفية حكم معظم دول العالم بالانتخابات وتداول السلطة فزاد الغضب المخزون واصبح براكينا تبحث عن منفذ لتنفجر.
في هذه الاثناء جاء هجوم أحد هؤلاء الآلهة او أشباه الآلهة : صدام حسين على الكويت وابتلاعها كاملا ثم ما تلا ذلك من هجوم عالمي على العراق وتحطيم معظم قدراته العسكرية, وما اعقبه من هزيمة منكرة للجيش العراقي مما ترك الدولة ولأول مرة في حالة ضعف وبدا ان الوقت قد حان لانتهاز الفرصة التي طال انتظارها , عند ذاك انفجرت براكين الغضب الشعبي بمسيرات واحتجاجات في معظم مدن العراق ورغم ان تلك الاحتجاجات كانت سلمية الا ان تلك الثورة سرعان ما تسلحت لان الظروف آنذاك كانت تحتم ذلك فلم تكن هناك فضائيات تنقل الخبر الفوري ولا موبايلات تسجل اللقطات وتنشرها على الانترنيت ولم يكن هناك تعاطف عربي او عالمي مع ما يحدث من انتفاضة اضافة الى سرعة رد السلطة القاسي ومعرفة الثوار منذ البدء ان النظام لن يتنازل ابدا بمجرد مظاهرات سلمية, هذا الامر يتشابه مع قسم من ثورات الربيع العربي 2011 فبعد 20 سنة من تاريخ انتفاضة العراق وجد العرب انفسهم لاول مرة في مواجهة سلطات بلدانهم الغاشمة المستبدة , فتسلحت الشعوب ابتداءا بالمظاهرات السلمية وفعلا نجح بعضهم حينما وقف الجيش بجانب الشعب , وفشل البعض الاخر مما اضطر الشعوب الى حمل السلاح لان الجيش لم يستطع بمجموعه ان يخرج من سيطرة النظام . كانت حالت الضعف التي سادت الانظمة بعد انتصار ثورة تونس المفاجيء مشابه نوعا ما لحالة الضعف التي كان عليها نظام صدام 1991 بعد اندحاره في الحرب.
ولعل حالة العراق آنذاك تشبه كثيرا حال سوريا اليوم , فالحزب الذي يحكم البلدين هو حزب البعث والرؤى لدى الحزب بفرعيه متشابهة ان لم تكن متطابقة.
   وفي العراق وبسبب الغبن الطائفي الذي يشعر به الشيعة رفع بعضهم في بداية الانتفاضة شعار (لا ولي الا علي ونريد حاكم جعفري) وقد سمعت انا نفسي هذا الشعار يتردد عند حضوري احدى هذه المظاهرات. ولكن الثوار سرعان ما استبدلوه عندما تبين لهم ضيق افق هذا الادعاء وان البلد يحتاج الى اكثر من تعويض او انتقام طائفي فتحولت الشعارات الى لا شيعية ولا سنية .وهو نفس الخطأ الذي وقعت فيه ثورة سوريا ولكن سرعان ما ادرك الثوار خطأ هذا الاتجاه ايضا فصححوه.
وكان نظام صدام حريصا على اظهار اظهار الثورة بمظهر طائفي فالثوار ما هم الا مخربون (لم تكن كلمة ارهاب كثيرة التداول بعد) وهم الفرس المجوس الذين تساندهم ايران وهم الغوغاء وصفحة الخيانة والغدر , وبالمثل فقد اطلق النظام السوري على  الثوار في سوريا بالارهابيين وهم السلفيون القاعديون الذين تساندهم السعودية وقطر وهم الجماعات المسلحة . وهكذا حاولت تلك الانظمة دوما تصوير الثورات على انها طائفية محدودة تمثل خيانة البعض وارتماءهم في احضان دولة اقليمية او جارة تسعى لخراب البلد.
ونحن هنا لا ننكر تأثير كل من السعودية او ايران على كل من الثورتين ولكنهما لم تكونا ابدا المحرك لتلك الثورات ولا من اطلق شرارتها, وليس من عاقل يؤمن ان هناك من يضحي بنفسه وعائلته ارضاءا لنزوة احدى الدول وليس هناك من مال يستطيع ان يشتري عرض انسان او حياته.
فشلت ثورة العراق 1991 فالعالم لم يكن مستعدا للمخاطرة بالتدخل والدول الغربية كانت تظن ان الدول العربية ليس باستطاعتها ان تمارس ديمقراطية حقة , ولم يكن هناك اعلام قوي يصور ما يحدث ويضغط باتجاه التغيير فلا فضائيات ولا انترنيت.
فشلت أول ثورات الربيع العربي التي لو قدر لها النجاح لاصبحت علما يحطم كل الاصنام الجمهورية والملكية, وكان فشلها كارثيا احرق معه الحرث والنسل , ولم يتحرك لشعب العراق بعد ذلك ساكن الى ان جاء ابطال التحرير المزعوم ليصبحوا رؤساء ووزراء باسم دماء الشهداء وثورتهم التي لم يشارك جلهم فيها. 

E-mail: haiderhasan@outlook.com