المحرر موضوع: الجهد القومي من اجل المواصلة وتحقيق المطالب  (زيارة 1325 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل تيري بطرس

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1326
  • الجنس: ذكر
  • الضربة التي لا تقتلك تقويك
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الجهد القومي من اجل المواصلة وتحقيق المطالب




تيري بطرس
قبل سنوات نشرت مقالة على موقع ايلاف تحت عنوان العرب ضاهرة صوتية، والعنوان كان منقولا على ما اتذكر من كلمة لرئيسة وزراء اسرائيل غولدا مائير، ولكن الذي يحزنني ويعصر قلبي الما هو اننا ككلدان سريان اشوريين ايضا ضاهرة صوتية، والدليل الكم الهائل من الصراخ والعويل الذي نبثه على مواقعنا وصحفنا وفي جلساتنا الحزبية والاجتماعية على الحالة التي وصلنا اليها او كلما اصبنا مكروه، من غير ان نحاول ان نستشف اي طريقة للخروج من الحالة المستعصية هذه . خارج اطار التسميات والفعل القومي تحتها، كان الحزب هو احد الاساليب التي امنا باننا من خلالها يمكن تحقيق امالنا القومية المشروعة. ولكن تجربة الاحزاب ورغم ان اقدم حزب مستمر لدينا احتفل هذا العام بذكرى تاسيسه الخامسة والخمسون، الا ان الدلائل تقول بعدم امكاننا فعل ما كنا نصبواليه، اي صحيح ان تم ترسيخ الفكر القومي والوحدة القومية والمصير المشترك بين الكثير من ابناء شعبنا وهذه خطوة جيد جدا، كان من المفترض ان تقود لخطوات اخرى، الا ان هذا الترسيخ للمصير المشترك، جاء بعد ان تخلخل وضعنا الديموغرافي وترافق مع بروز اصوات المغامرين بمصير الامة، لاجل احقاد تاريخية لا يمكن ان تعيد لنا شئ.
ان ما شغلني حقا في مسألة الانتماء للحزب هو الخبرة وتراكمها ونقلها لاجيال التي تلينا، لكي لا نبداء دائما من نقطة الصفر كما هي عادتناو اجتماع القوى نحو هدف مشترك عام ، ولكن كان ايضا ما يسترعي انتباهي هي النفس القصير للعمل القومي المؤسساتي، ففي الوقت الذي تتسارع الجهود لبناء مؤسسة جديدة ضد مؤسسة قائمة، نجد ان البرود يصيب من كانوا بالامس من اشد مناصري قيام المؤسسة الجديدة، بعد فترة قصير ويلحق الجديد بالقديم من حيث كونه رقما او جعجة بلا طحين، وهكذا تتناسل مؤسساتنا دون ان نتقدم انملة واحدة للامام. والمؤسسة القومية او الحزب من المفترض بهما ان يضعا خطة للعمل السياسي، تمر بمراحل متعددة، قد تكون متداخلة ولكن تكون واضحة. ويعلم اعضاءه او ابناء الشعب في حالة المؤسسة القومية على ضبط النفس وعدم التهور لكي لا نفتقد الكثير من اجل الانتقام او التسارع.
المسألة باعتقادي عميقة الجذور في شخصية الفرد الكلداني السرياني الاشور ي، ففي الوقت الذي يعتبر ابن شعبنا قياسا لابناء الشعوب المجاورة الاكثر تفانيا واخلاصا للعمل الوطني وفي ظل مؤسسات الدولة (العراقية او الكوردستانية، حاليا او سابقا العراق كمثال وليس الاستثناء) نراه في ما يخص امته تملاءه الشكوك والضنون ويرفع الصوت عاليا الاعتراض على كل صغيرة وكبيرة. ابن شعبنا يكون مخلصا مع مؤسسات الدولة لانه لا يزال يشعر بان الدولة ليست دولته، بل هو يعمل من اجل الراتب وليس لانه حق له، وهذا موروث شرقي باعتبار الدولة هي دولة المسلمين. اما في ما يخص مؤسساتنا فانه يشعر ونتيجة للغبن الطويل ان ياخذ كل شئ مرة واحدة، اي التقدير والاحترام والجاه المفتقد جراء خدمته الاخرين بتفان وعندما لايجد ذلك حسب اعتقاده، فانه يبداء يتصور بان الاخرين لا يقدرون قيمته وقيمة انجازاته واراءه وتضحياته رغم انها قد لا تتعدى الصراخ من جانب ومن جانب اخر يريد من المؤسسة ان تشعره بالفخر والاعتزاز والامان، كبديل للدولة الضائعة. وعندما لا يتوفر الامران نتيجة لكون اغلب المنتمين لهذه المؤسسات من نفس الطينة، لانهم نتاج نفس البيئة، يبداء التذمر والتفكير بالبديل، وعندما يكون توفير البديل سهلا كما في الغرب فكلما اجتمع سبعة اشخاص يمكن عمل مؤسسة ما، فحينها تتكاثر هذه المؤسسات التي لا يستفاد  منها الا في التكثير من الاسماء ليس الا. والامر الاخر ان الانسان الشرقي دكتاتور صغير، هو قامع ومقموع، هو دكتاتور في اسرته وهو عبد للسلطات الدينية والعشائرية والسياسية، والعمل القومي المؤسساتي وبالرغم انه عابر للعشائرية والدين، الا انه يبقى مجالا غير مكتمل النضوج من حيث ادراك الفرد، ان العمل الجماعي هو نتيجة لبلورة راي مجموع من الناس وليس بالضرورة ان يكون رايا مائة بالمائة حسب ما اعتقد، انه ذوبان الفردية المطلقة في العمل الجماعي لاجل تحقيق اهداف مشتركة لايمكن للفرد الواحد تحقيقها، ولكنه لا يلغي الشخصية الفردية.
النفس الطويل في العمل القومي هو ما ذكرني به الاستاذ سيزار ميخا، واضيف معرفة كيفية تقديم المطالب وعملية الضغوط المتراكمة والمتعددة والمتدرجة القوة، التي هي من الاساليب المشروعة في السياسة، وهي بعيدة عن العنف، ان عملية النفس الطويل في العمل السياسي تتاتي من تقسيم المراحل، ووضوح كل مرحلة عن ما سبقتها، والانتقال من مرحلة الى اخرى بعد هظم الاولى، وتثقيف الجمهور على قبول التاني والتريث ولكن بفعل مستمر في التقدم. النفس الطويل تعني ايضا ابعاد الاهداف الخيالية او التي يمكن ان تخلق اعداء  لقضيتنا لايمكننا مجباهتهم، وتعني تجميع عناصر القوة والدفع بها في عملية الضغط المستمر والمتصاعد لتحقيق مصالح شعبنا.  ليس عيبا ان نقول لا نستطيع الان او ليس المجال او الاوان لهذا الامر الان، ولكن الجريمة الكبرى هي في ان ندخل معتركا ونحن لم نوفر له ادوات الفوز، والجريمة هي ان نقول المستحيل ايضا. عملية الضغط المتصاعد تعني استعمال وسائل متعددة ومختلفة القوى لتحقيق هدف او اهداف مشروعة قوميا. وان استعمالها يؤدي الى تحقيق النتائج المرجوة منها.
ولكن هل حقا نحن متوحدون في مطالبنا، ام ان الاخر يستغل الاختلافات حتى ولو كانت بسيطة ومحدودة لكي يضع هذ المطالب في سلة المهملات، بحجة عدم وجود قرار او مطلب موحد للجميع، وهذا الامر قد يكون احيانا صحيحا ولكن نحن ندرك ان كل الاكراد وكل الشيعة وكل السنة وكل التركمان لم يكونوا يوما ما متوحدين وملتفين حول طرف واحد في شأن مطالبهم القومية، اذا المسألة فيها استهانة ايضا، والاستهانة متأتية من كوننا ضعفاء، وكل من يقول غير ذلك واهم. فساستنا لا يزالون يحددون حق الاخر من خلال قوته ومدى قدرته على التاثير السلبي عليهم، واذا تاكدوا من اننا يمكننا ان نؤثر سلبا على تطلعاتهم في حالة لم نحصل على حقوقنا المشروعة، فحينها سندخل في معادلاتهم وتفكيرهم.
ولكن ليس كل موقف او طرح مغايير او له نوع من الشعبوية يعتبر موقفا بطوليا او قوميا، وكمثال ما نادى به الاستاذان خوشابا سولاقا وابرم شبيرا مؤخرا من الطلب الغير المباشر بتقديم الاستقالات او بمعنى اخر كسر الكراسي وعدم الالتصاق بها في اتهام غير مباشر للسيد يونادم كنا، نعم ان مثل هذه الخطوة كان يمكن ان تكون مؤثرة وفاعلة في البدايات وحينما تم تهميشنا انذاك من قبل حلفاءنا، ولكن علينا دراسة الظروف وهل حقا انها ستكون كذلك الان. في انتخابات عام 1992 التي اقيمت في المنطقة الامنة في شمال العراق (لاحقا اقليم كوردستان) كان قانون الانتخابات يخصص 5 مقاعد للاشوريين (الكلدان النساطرة والسريان)، ولكننا لا حظنا انه حتى هذه المقاعد الخمسة تم تنافسنا عليها من قبل الاحزاب الكوردستانية تحت يافطة مسيحية، وحينما رفع بعض الاخوة شعار الانسحاب من الانتخابات، لان ما تفعله هذه الاحزاب غير قانوني، فالمقاعد مخصصة للاشوريين وليس للمسيحيين، ولكن تم اسكات كل الاصوات المعترضة وتم اتهام وتشويه صورة وسمعة البعض الاخر، حينها لو كنا قد مارسنا هذا الحق، لرضخت الاحزاب الكوردستانية لمطالبنا المحقة لانها كانت بحاجة ماسة  للغطاء الاشوري  في ذلك الحين.  ولكان اي بديل يمكن ان تلجاء اليه الاحزاب الكوردستانية مكشوفا ومتهما جماهيريا ولا يملك اي مصداقية. لقد كان تواجد ممثلي عن شعبنا في البرلمان والحكومة حاجة ضرورية للحكومة وللجبهة الكوردستانية لانه يوفر لها حق القول بتوفر الحريات للقوميات الاخرى، وخصوصا ان هذا الحق كان مصانا للتركمان ايضا ولكنهم لم يمارسوه رغم اغراءهم بمنصب  نائب رئيس الوزراء. اقول اننا لو لم نستعجل المناصب لكان وضعنا قد تحسن كثيرا، ولكان ذلك نموذجا يحتذى به بعد ذلك. اليوم وبعد 2003 ودخولنا في صراع داخلي مقيت تحت شعار التسمية وغيره، لن تعدم الاطراف السياسية الاخرى من ايجاد البدائل المختلفة والمستعدة لمنح الشرعية لكل ممارسات الحكومة تحت التسمية المسيحية. وعندما اقول الاطراف السياسية اقصد كل الاطراف المتصارعة، من العراقية والكوردستانية الى الاطراف الاسلامية.
المسألة ليست دائما بطرح حلول، فهناك الالاف من الحلول يمكن ان تطرح، ولكن اي منها سيكون صائبا عند التطبيق، هنا هي المسألة. فالمسائلة ليست بالبديل، بل البديل الذي يحقق النتائج، والا لتحول المطروح الى الهروب الى الامام، وللمساومة والبروز الشخصي ليس الا.
ان ما يلحقنا من الضربات المتتالية، وقد تكون العملية مخططة لكي نتعلم السكوت والصمت، هو اساسا لسبب عدم قدرتنا من خلق وحدة داخلية تمتلك القوة الكافية لتمشية سياساتها، لا بل اننا فتتنا ما كنا نتملكه من القوة والسمعة التي كان البعض يهابها، في مجابهاتنا الداخلية والعقيمة. كما ان الرعب بات ياخذنا في كل خطوة يتخذها الاخرين، بحيث بتنا نتوجس مؤامرة ضدنا خلف كل فعل. والمشكلة الكبرى اننا نحمل قوانا السياسية اكثر مما تتحمل، ففي الوقت الذي نتغنى ليل نهار بالعراق وطنا ابديا ليكاد السامع ليضن اننا كنا ولا زلنا مترفهين في هذا العراق، وكأننا لم نتعرض للتعريب والتنكيل والقتل والاهانة ولم تتعرض ممتلكاتنا خلال كل عمره الى السلب والنهب ودون ان نطالب باي تغيير فيه لصالحنا، فاننا كشعب لم ننخرط في عملية التحول التي حدثت، بسبب الدور السلبي لبعض الكنيسة ولمن حاول ان يبقي رهانه على عودة القديم كما كان وان بوجوه اخرى. ففي الوقت الذي لم ندعم قوانا السياسية بالافراد والمال والخبرة، نطالبها بان تكون سوبر مان وتغيير الحال لصالحنا مع بقاءنا في قوقعتنا الخاصة. يبقى ان الخطاب القومي لشعبنا كان بين حالين الوطني الكاذب والذي يدرك الجميع ذلك من خلال ممارسات الواقع اليومي، والقومي المزدوج الرسالة، اي بين الاستقلال الذاتي والتخلص مرة واحدة من كل ذل التاريخ، وبين الخطاب الوطني المتلبس والذي يساير كل طرف حسب توجهه وكاننا نمار السياسية وفي الحقيقة اننا كنا نمارس الرياء والتذلل ليس الا.
بات من الضروري ان تكون لنا حقا قيادة موحدة نابعة من الرغبة الحقيقية في وجودها وليس اضطرارا كما هو الحال الان، تراعي الداخل العراقي والسوري والتركي والايراني ودول الاتحاد السوفياتي السابق والخارج المهجر، المهجر يعمل من اجل الداخل لكي يتمكن الداخل من ايصال رسالة البقاء والاستمرار الى الخارج. ولكن هذا ايضا مقترح وليس مخطط تفصيلي، ولكي يكون هناك مخطط تفصيلي على القيادة الموحدة ان تجلس وتحدد الاوليات، وباعتقادي ان اولى الاوليات هي بقاءنا على ارضنا ووطننا، والبقاء ايضا ليس شعارا، بل ممارسات وحقوق يجب ان تستخلص. اننا شعب مقسم الى دول هي اراضيه التاريخية وعلينا ادراك ذلك بوضوح تام وبلا اي لبس، اي نعم لكل جزء منا خصوصيته التي يجب ان نراعيها، ولكننا نعاني من الهم المشترك وهو الاضطهاد اليومي والتهيديد الحقيقي لوجودنا، ولذا فعلى الجميع ادراك ان لنا مشاكلنا القومية المشتركة والتي لا يحق لنا البت فيها دون مشاركة بقية اجزاء شعبنا، فكل مشكلة لها مجالها الخاص في الحل ولنقاش، ولكن كل جزء من شعبنا يشعر ويحس ويتالم لما يتعرض له بقية الاجزاء وعليه ان يدعمه ان امكن. فكان من المفترض الان في كل تنطيماتنا ان تولي اهمية خاصة لمعاناة شعبنا في سوريا وان تمد يد المساعدة للاخوة العاملين والناشطين السياسيين هناك لكي يتمكنوا من الخروج من الحالة الراهنة بانجازات معينة لشعبنا، وان لم يكن على الاقل الخروج باقل الخسائر الممكنة. 
ان العالم ليس مستعدا لسماع اشخاص او تنظيمات يدرك انها لا تمتلك اي مصداقية شعبية او حتى سياسية، والسماع هنا ليس التنصت لما تقوله، فالادب يحتم ان يستمع الناس اليك حينما تتحدث، ولكن الاستماع يكون بوضعنا على الخريطة  السياسية، وبان لنا الحق الكامل في ان يكون لشعنا الحقوق التي ينص عليها القانون الدولي.
قد يطالب البعض العودة الى نقطة الصفر في كل شئ، ورغم ايماني المطلق، بان وحدة شعبنا، هي اسمى من كل شئ، الا ان التهور ايضا في المطلب قد يؤدي الى نتائج كارثية، وخصوصا ان العودة الى نقطة الصفر هي ظلم فادح بتارخ حركتنا القومية، وخطوة في المجهول والدخول الى سفسطة قد لا يمكننا الخروج منها الا وابناءنا يكفرون بنا وبكل اسماءنا ورموزنا.
اذا ان خلق اردة ونفس طويل والقدرة على مواصلة الضغط لتحقيق مطالب شعبنا، عملية بنائية تبدا من الصفر وتنتهي بتحقيق المطالب وهذا عمل يتطلب انخراط جهود اغلبية ابناء شعبنا في الجهد اللازم انخراطا فكريا وجهدا ماديا وعمل عضلي ايضا. 
ܬܝܪܝ ܟܢܘ ܦܛܪܘܤ