المحرر موضوع: هل حقا مؤسساتنا الحكومية والمدنية قادرة على رقابة تنفيذ مشروع البنى التحتية!؟  (زيارة 953 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل محمد علي الشبيبي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 164
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
هل حقا مؤسساتنا الحكومية والمدنية قادرة على رقابة تنفيذ مشروع البنى التحتية!؟

ما سأكتبه باختصار في هذه السطور هو ملاحظات وتساؤلات على مقالة الاستاذ العزيز حمزة الجواهري والمعنونة (هل حقا قانون البنى التحتية يرهن النفط؟). أنا أكتب للاستفادة والاستيضاح فانا لست اقتصاديا ولست ممن له مصلحة بالصراع السياسي البعيد عن مصالح الوطن والشعب. لقد جاء في الفقرة التالية من مقال الصديق : (أما الجهات التي تنخرط ضمن هذه المجموعات فهي عديدة، مثل وزير النفط والمفتش العام في الوزارة ومدير عام سومو والرقابة المالية ووزارة المالية وحتى النزاهة، ويراقب عملها البرلمان، ومنظمة الشفافية للصناعة الاستخراجية في العراق، والمنظمة العالمية للشفافية في الصناعة الاستخراجية أيضا، ومنظمات أخرى يزيد عددها على مئة منظمة مجتمع مدني ينخرط بعملها خبراء نفط واقتصاديون وسياسيون وأعضاء في البرلمان العراقي واكاديميون في تخصصات ذات علاقة متعددة، ... الخ).
تفترض انخراط كل هذه الجهات في المراقبة والشراكة، ولكن أحس وكأنك تعيش بعيدا عن العراق وما يجري فيه من فساد وانتهاكات وتجاوزات من قبل القوى المتنفذة وحتى القوى المعارضة!؟ فقرتك وفرضيتك تكون واقعية في بلد فيه مجلس نواب فاعل، وحكومة تحترم مجلس نوابها وتتجاوب معه، حكومة تتفهم منظمات المجتمع المدني وتتجاوب معها، في دولة تعتمد الشفافية في كل نشاطاتها، في دولة فيها قضاء مستقل وشجاع محمي من الاعتداء والابتزاز لا يتعرض لكواتم الصوت! دولة يتمكن فيها الصحفي من متابعة أية قضية بما فيها قضايا الفساد دون ان يتعرض للتهديد او التصفية وتسجل ضد مجهول!! في دولة تكشف فيها ملفات الفساد وغيرها من ملفات لا أن تبقى بيد رئيس الوزراء يشهرها للتهديد والمساومات!
انت فرضت فرضية وكأننا نعيش في دولة مؤسسات متحضرة بينما نحن نعيش في بلد تسوده المحاصصة الطائفية والمافيات السياسية والاقتصادية والارهابية. وقضايا الفساد وان طرحت بعضها (من قبل نواب أو مسؤول حكومي) فهي تطرح بانتقائية لذر الرماد في العيون أو للتسقيط والابتزاز! أليس دولت رئيس الوزراء هو من أنقذ وزير التجارة السابق فلاح السوداني؟ وكان سببا في هروبه وعدم خضوعه للمساءلة واستعادة الاموال المنهوبة أو المهدورة! ألا يعني نقل قضيته من مدينة لأخرى أن القضاء غير مستقل وواقع تحت التأثير؟ ثم ما هو دور مجلس النواب في الرقابة ... قل لي مثلا واحدا نجح مجلس النواب لمحاسبة المفسدين والمسؤولين بما فيهم الوزراء ورئيسهم، مثلا واحدا في المحاسبة بعيدا عن المساومات والابتزاز والانتقائية!؟ قل لي مثلا واحدا تمكنت فيه منظمات المجتمع المدني في الراقابة ونجحت في مهمتها دون عرقلة أو ابتزاز أو تهديد وتصفية من المتنفذين وتوصلت الى نتائج نهائية!؟ المشكلة ليست في رهن النفط ولكن في الرهان على مصداقية وشفافية عمل حكومة غارقة في الفساد، وبعض اطرافها تمارس الارهاب!
فالفرضية التي أعتمدتها في مقالتك لتصل إلى القول أن لا خوف من مشروع البنى التحتية، فرضية ليس لها أساس من الواقعية مطلقا، أنها حلم!؟ لذلك أرى أن دولة يسود فيها الفساد ويقنن ويمارس حتى من أعلى السلطات لا يمكنني أن أثق بواقعية ومصداقية مشاريعها!؟ ومن هنا لا أرى في هذا المشروع سوى أنه اسلوب جديد للفساد وإذا أردت أن أحسن النوايا فأقول أن الفساد سيدمره.
قد تسأل ما العمل؟ أقول لو أن الحكومة ودولت رئيس الوزراء جادة في البناء، عليها أن تبدأ بمكافحة جدية للفساد. وعلى دولت رئيس الوزراء ان يبدأ بأقرب دائرة إليه في مكافحة الفساد لا بل أن يبدأ من حزبه أولا. هكذا يثبت للقوى الاخرى جديته في مكافحة الفساد والاصلاح، وسوف يكون الشعب ساندا قويا له وسيكتب أسمه في التأريخ العراقي بفخر وسيتم عزل القوى المعرقلة للمشاريع الجادة وفضحها. أنها فرصة ثمينة (يمارسها في الوقت الضائع) لا تعوض لدولت رئيس الوزراء ليثبت حرصه ووطنيته وتواضعه لا طائفيته. لا أن يحتفظ بملفات فساد وارهاب يرفعها بوجه من يعارضه للابتزاز والمساومات خلف الكواليس! أن يكشف جميع الملفات بما فيها ملفات المقربين أولا! أن يبدأ بوضع الرجل المناسب في المكان المناسب بدءاً من حزبه ...
أما مجلس النواب فهو ناجح فقط في الاتفاق على مصالح أعضائه للحصول على الامتيازات، واثبتت الحياة وعمل البرلمان انه عاجز عن الرقابة الجادة البعيدة عن المساومات السياسية ... انه برلمان فاشل بامتياز، فاي دور نتوقع له ...! أما الحكومة فهي لا تعير أهتمام لا للرأي العام، ولا لمنظمات المجتمع المدني، ولا للصحافة وما يجري في الساحة من انتهاكات يومية تؤكد ذلك. في دولة يتم فيها إسكات صوت الصحفي الشجاع بكاتم صوت إذا ما عجزت عن شرائه بالابتزاز والمال والتهديد، كما حدث للشهيد هادي المهدي، ويسجل الحادث ضد مجهول!
 لو أخبرتني كم صحفي نجح في متابعة قضية فساد من الفها الى بائها، وسهلت له الدوائر والمؤسسات والمسؤولين عمله، دون ان يتعرض للتهديد والابتزاز او التسويف والعرقلة وعدم التجاوب!؟ لذلك لا أرى في هذا المشروع مشروع البنى التحتية سوى تهرب للامام من المشاكل والأسباب الفعلية في انعدام الخدمات وإعادة الاعمار، وانه محاولة من رئيس الوزراء لخداع الشعب بأن القوى الاخرى (واهداف القوى مختلفة ومتناقضة في عرقلة المشروع) تعارض عملية البناء. باختصار حكومة ودولة يسودها الفساد لا يمكنها أن تبني وطنا وتخدم شعبا، وليست جديرة بالثقة!؟

محمد علي الشبيبي
السويد  ‏15‏/10‏/2012