المحرر موضوع: فوضى الكهرباء البناءة في العراق  (زيارة 1521 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سلام ابراهيم كبة

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 286
    • مشاهدة الملف الشخصي
   دخل الاحتلال الاميركي في العراق عامه الثالث وتشكلت تحت وصايته حكومتان بعد حاكم مطلق الصلاحية أمريكي الجنسية يعاونه مجلس حكم. لم تلتزم قوات الاحتلال اعادة اعمار سريعة للاقتصاد العراقي ولا اعادة بناء سياسية. ولم تستنفر الحركات الوطنية العريضة التي تعبّر عن التوجه العميق في الرأي العام الذي ساد بعد ثورة تموز المجيدة عام 1958 وحتى قيام الدكتاتورية البعثية ، ولم يصر الى التعاون مع النقابات الاصيلة وكوادر الجيش الذين عانوا القمع الصدامي والذين يجسدون الشعور الوطني العراقي، ولم يستنهض التوجه الاجتماعي العام المعاصر في  تعميم التعليم والعلمانية النسبية في التشريع او حقوق المرأة. ان الشروط السياسية والاقتصادية والاجتماعية لنمو التذمر الشعبي وسخطه على الحكام الجدد كانت متوفرة منذ المرحلة الاولى للاحتلال فلم يبق سوى الشروط العسكرية التي كانت جاهزة هي ايضا فبرزت التمردات المسلحة  وتصاعدت وتيرة الارهاب .
     الكهرباء وبعد سنتين على الاحتلال ورغم وجود سلطات وهيئات حكومية مازالت رمزية في بلد يعيش شعبه في مجسم جهنمي يتساوي فيه الحر والقر وتتعدي درجة الحرارة فيه صيفا الخمسين درجة ... ووصلت ساعات القطع المبرمج الى عشرين ساعة يوميا في العديد من احياء العاصمة بغداد بمعدل ساعة كهرباء مقابل ست ساعات قطع وهو ادنى مستوى للطاقة منذ سنوات طويلة . تعاني ثلاثة ارباع المنازل العراقية من عدم انتظام توزيع التيار الكهربائي ولا سيما في بغداد حيث تبلغ النسبة 92% من مليون ومائة الف منزل. وفي مواجهة هذا العجز الهائل في الطاقة تملك 29% من هذه المنازل او تتقاسم مولدا كهربائيا مع زيادة النسبة في المدن (32%) عنها في المناطق الريفية (19)%.
    كان وضع الكهرباء قبل عام 2003 كارثة على صعيد البلاد ككل. ففترات انقطاع التيار الكهربائي في وسط العراق وجنوبه امتدت الى ما معدله 10 - 12 ساعة. كان الوضع في أنحاء كردستان العراق الأسوأ. ولتقنين التيار، أصدرت السلطات الاقليمية فيها توجيهاً بأن في إمكان كل بيت استخدام أمبيرين من التيار، أي ما كان يكفي لإضاءة ثلاثة مصابيح وجهاز تلفاز واحد. وارتفع المعدل الى 4 أمبيرات ليصبح في الإمكان تشغيل براد. والى جانب ضخامة عدد المواد التي أعاقها مجلس الأمن، كانت هناك مشكلة بيروقراطية العقوبات التي تمثلت في تأخير طويل لوصول الامدادات الكهربائية ، قطع الغيار المفقودة ، وقلة الطاقة البشرية وظروف القحط ، وبرامج التأهيل المحدودة التمويل بشكل خطر. وكان لهذا كله تأثيره السلبي على جميع أوجه البقاء، من الحياة البيئية الى العمل في المستشفيات والمدارس والمكاتب، ومضخات البنزين ومطاحن الدقيق والري وشبكات مصاريف المياه، والصناعات القليلة التي كانت لا تزال تعمل في العراق. ان تزويد بغداد بالطاقة كهربائية بشكل متواصل قبل الحرب في 2003 غطى الاهمال الشديد في الشبكة الكهربائية في انحاء العراق. ففي الواقع اهمل نظام صدام حسين الصيانة الروتينية للمحطات الكهربائية و استبدال قطع الغيار و عمل على تحويل الطاقة الكهربائية الى بغداد من باقي المناطق و ذلك لسد احتياجات الطاقة في بغداد. اما بعد الحرب فقد وجد المهندسون ان انظمة محطات الطاقة كانت قديمة بعمر 15- 30 سنة مع انعدام قطع الغيار و في بعض الحالات اضطرت الوكالة الامريكية للتنمية الدولية الى طلب قطع غيار حسب الطلب مما يؤخر مشاريع الاصلاح القياسية لعدة اشهر.ومع رفع الحظر التجاري و زيادة السيولة الاقتصادية الداخلة الى العراق فقد تم شراء اجهزة حاسوب واجهزة تكييف و برادات ، وهذا ادى الى زيادة الطلب و الحاجة الى الطاقة الكهربائية . ارتفعت ذروة الطلب خلال فصل الصيف لعام 2005 الى 800 ميغاواط اكثر من صيف 2004  . وتواجه الوكالة الامريكية للتنمية الدولية USAID و وزارة الكهرباء MOE صعوبات في اصلاح الانظمة المتضررة في بيئة صعبة ومع الطلب المتزايد على الطاقة.
    يلجأ العراقيون الميسورون اليوم مجبرين الى استخدام المولدات الكهربائية الصغيرة التي تحتاج بدورها الى وقود ان وجد فهو باسعار عالية جدا. ويباع لتر البنزين في محطات الوقود بعشرين دينارا لكن العراقيين يجبرون على شرائه ب 500  دينار  من السوق السوداء لكي يتجنبوا الوقوف ساعات طويلة في طوابير امام محطات الوقود . المدن العراقية تعاني الازمة الحادة في الكهرباء والوقود، ومن يشاهد الطوابير امام محطات الوقود يقول ان العراق ليس فيه قطرة نفط.   تشهد المدن العراقية الازمة الوقودية الخانقة التي ادت الى امتداد الطوابير امام محطات التوزيع بضعة كيلومترات.  لا وقود، لا كهرباء، لا عمل، هذا هو مثلث المصاعب الذي لا يرحم في غالبية ارجاء العراق بالرغم من بعض التحسن الطفيف هنا او هناك. هكذا صار العراق بدون كهرباء وثلاجات ومياه باردة ولتنعدم الخدمات في دمار البني التحتية المتعمد وتتوقف الكهرباء والمياه والصرف الصحي وتتراكم النفايات... بسبب غياب الكهرباء احيلت الثلاجات المنزلية الى الراحة الاجبارية وغدا اللجوء الى شراء الثلج حاجة لا بديل عنها.ويبدو ان معامل الثلج في بغداد غير قادرة على سد الحاجة الاستهلاكية المتزايدة...  الحياة اليومية للمواطن العراقي بائسة، لا ماء، لا كهرباء، لا نفط ، لا أمن ، ولا مواد غذائية في متناول الطبقات الشعبية والعادية ...  غلاء تجاوز التصورات حاولت السلطة مقاومته بزيادة رواتب تكاد تعجز عن مجابهة الارتفاع المتزايد لجميع السلع. عمليات قطع التيار الكهربائي التي تقوم بها وزارة الكهرباء لتوزيع إمدادات الكهرباء غير الكافية تؤثر على العراقيين في بيوتهم وفي أعمالهم أكثر من أي شيء آخر. التيار الكهربائي الذي يغذي المرافق الحيوية العامة كالمستشفيات لا يتأثر ولا يتم تخفيضه خلال فترات القطع المبرمج ، إلا أن نظام توزيع الكهرباء العراقي عرضة أيضا لأعطال كبيرة تضطر أثناءها المرافق الأساسية إلى اللجوء إلى الاستعانة بمولدات الكهرباء لكي تستمر بعملها ، وهي مولدات تتميز بالضوضاء والتلوث البيئي . يالها من مأساة !. في دوائر الكهرباء الشكوى تذهب ادراج الرياح  ، ووزارة الكهرباء عاجزة عن اداء عملها الا بوجود الطفيليين على دماء البسطاء من ابناء الشعب . من يتحمل تكاليف انقطاع الكهرباء ومن يتحمل كلفة المصاريف التي صرفتها العوائل العراقية على الكهرباء؟. الفساد الإداري والسياسي والاقتصادي في وزارة الكهرباء وحكومة عرس الواوية يدخل  سجل "غينيس" للأرقام القياسية....! ومثلما كان وضع الأمم المتحدة المتمتع بالامتيازات مفضوحاً بصورة صارخة خلال فترات انقطاع التيار الكهربائي في المساء، حيث كانت الأحياء المجاورة لمكاتب الأمم المتحدة في فندق القناة تغرق  فجأة في ظلام دامس، فيما تبقى مكاتب الأمم المتحدة ساطعة بالأنوار، كما مكاتب الأمن العام المجاورة لها وقصور صدام حسين ومنازل القادة والسفارات ، تعيد منتجعات المنطقة الخضراء ومقرات القوى السياسية المتنفذة ومكاتب ودور قطط العراق الجديد السمان والحسينيات – دور العبادة الشيعية الكرة من جديد ... لتبقى التحالفات المزعجة بين أصحاب الامتيازات وعلى نقيض حاد من أحوال الأغلبية الساحقة من العراقيين الذين  لهم كل الحق في الضوء لكنهم يحصلون عليه بشكل متقطع. الى ذلك كثرت سرقات النفط  سرا وعلانية ليغرق العالم بنفط العراق ، والعراقيون يبحثون عن زجاجة نفط لسيارة ، ولاتزال فضائح بملايين الدولارات حديث الناس والصحف والإذاعات العالمية. وأصبح العراق مسرحا للمواد والبضائع الفاسدة لانعدام الفحوص والمراقبة على الواردات ، وبدأت المصانع العالمية تصدر كل فاسد لديها عبر تجار العراق المحترفين. لقد حدثت أشياء سيئة كثيرة، أعمال النهب ، الكهرباء غير موفرة، والحالة الأمنية مترديّة. لقد قدم الأميركيون  إلى العراق وقالوا "جئنا لحمايتكم" لكن المكان الوحيد الذي حموه من الناهبين كان مبنى وزارة النفط الذي تعرض هو الآخر لقصف المخربين .  بإمكان اي محتل نقل الدبابات عبر العالم لكن ليس بإمكانه جلب مولدات كهرباء صغيرة إلى المدن! . هل يجوز أن يعيش أهل العراق بدون كهرباء ولا حتى توفير الماء لهم، وهم  يعيشون في بلاد الرافدين؟
     تم تصميم محطات توليد الكهرباء وشبكة توزيع الكهرباء في العراق لسكان بلغ تعدادهم 16 مليون نسمة ، وبالكاد جرى تطويرها أو تحديثها منذ ذلك الحين، بينما نما تعداد السكان اليوم ليصبح 27 مليون نسمة. ومع ازدياد الطلب على التيار الكهربائي، تم دفع نظام توليد وتوزيع الكهرباء إلى أقصى حدوده مما أدى إلى تدهوره بشكل متزايد. البنية التحتية في حالة هشّة بالتأكيد لأنعدام وتواضع الميزانيات والصيانة وبسبب الفقر التكنولوجي وسيادة العلائق البيروقراطية والانتعاش الطفيلي وشيوع الفساد وعشعشة جرذان البعث ودبكات الرقص على وحدة ونصف . الهياكل الإدارية عفا عليها الزمن والمدراء يغوصون في وحل الحلول المؤقتة الطوباوية والشعوذة والسحر  بدل اتخاذ قرارات استراتيجية للتخطيط المستقبلي.
   أنابيب الوقود في العراق ونقل الوقود بواسطة ناقلات الوقود برا عرضة بشكل كبير للعراقيل التي تسببها أعمال التخريب وتخويف سائقي ناقلات الوقود التي تفننت بها العصابات المناطقية – الطائفية والعشائرية التي تعمل كلجان شعبية تارة ووكلاء امن لداخلية ائتلاف عرس الواوية تارة ، وهي عصابات ممولة اقليميا وبالأخص من  ايران وسورية . ويطال التخريب مرتكزات الشبكة الكهربائية العامة ايضا. ان بعض ابنية المحطات الكهربائية تتخذها القوات المتعددة الجنسيات معسكرات لها وبذلك تستهدف بين فترة واخرى من قبل العناصر الارهابية، ويقوم افراد الجيش العراقي واخرون من وزارة الداخلية بالتجاوز من خلال اجبار مسؤولي المحطات الكهربائية على تجهيزهم بالتيار الكهربائي خارج فترات القطع المبرمج. الأمن والـخدمات علاقة لا يمكن فصلها ، هذا تقصير في النظرة الحكومية للامن في العراق الذي بات جزءا كبيرا منه يرتبط بتوفير الخدمات وليس بتوفير اكبر كمية من التجاوزات واللقاءات والاجتماعات والكلام الكثير الجميل الأنشائي الذي عرف به ائتلاف عرس الواوية .
     ليس هناك حافز لأن يعمل المواطنون على الحد من استهلاك الكهرباء. وفتح استيراد البضائع في العراق قائم على قدم وساق ليصبح لدى الفئات الميسورة من العراقيين الدخل الكافي لشراء الأجهزة الكهربائية. الطلب على الكهرباء مرتفع بشكل خاص خلال شهور فصل الصيف حين يتم اللجوء لتشغيل مكيفات الهواء والمراوح الكهربائية على نطاق واسع جدا. وتم تقدير ارتفاع الطلب على الكهرباء بمعدل 30% خلال عام 2004. ان استهلاك الكهرباء في المنزل هو جزء من الاستهلاك العام للكهرباء في البلاد، فما هي الطرق الكفيلة بترشيد استهلاك الكهرباء في المنزل، دون الحاجة الى فتاوي مرجعيات التساقط الدينية يا ترى ؟ التعامل مع المصادر المستهلكة للكهرباء، بأقل استهلاك ممكن، التوزيع الدقيق والمنظم لمصابيح الإنارة، وعدم الأكثار منها، وتحاشي الفوضى في توزيع النقاط الكهربائية . أن كثرة الطلب على الكهرباء من قبل المواطنين، ليس السبب في الانقطاعات المستمرة التي يشهدها العراق في الوقت الحاضر لأن مصانع التصنيع العسكري في الزمن الأغبر كانت تستهلك 80% من كهرباء العراق، وها هي المصانع أصبحت أثر بعد عين وأمست أرضا جرداء بسبب ابطال (الحواسم).
     ورغم الجهود المنظمة والمنسقة لإعادة تأهيل نظام توزيع الكهرباء فإن نقاط الضعف والهشاشة  إلى جانب التأثير المستمر لانعدام الأمن والحاجة الماسة لإيقاف محطات التوليد عن الخدمة لأغراض الصيانة الأساسية ، جعل معدلات توليد الكهرباء حاليا تقريبا في نفس مستوى توليد الكهرباء مباشرة قبل الحرب عام 2003 .  وبسبب عمليات التخريب والاهمال الطويل وتجاوزات المحافظات الجنوبية من خلال الاستحواذ على اكبر كمية من دون وجه حق والفساد وذبح النحائر، فإن شبكة الكهرباء العراقية لا تنتج اليوم الا نصف الكهرباء التي يحتاجها العراق رغم الجهود الدولية لإعادة بناء القطاع. تقوم عدة اطراف في وزارتي الداخلية والدفاع باجبار مسؤولي المحطات الكهربائية في مدينة بغداد وعدد من المحافظات باستثناء مناطقهم او المناطق التي فيها معسكراتهم من القطع المبرمج ، وادى ذلك الى عدم العدالة في التوزيع وانهيار الشبكة الكهربائية في بعض الاحيان منها نقص كميات الوقود المجهزة للمحطات الكهربائية الى جانب التجاوز من قبل المواطنين . وستتحقق الزيادة المتوقعة الى مستوى ستة آلاف ميجاوات في آب 2005 بحسب الوزير شلش ، من مضاعفة الواردات من ايران الى 200 ميجاوات وزيادة مماثلة في الواردات التركية الى نحو 300 ميجاوات. ويذكر شلش ان "صفقات جديدة وقعت في طهران ستجعل ايران المصدر الرئيسي للكهرباء الى العراق بحلول صيف 2006  ، وان محادثات على مستوى عال تجري مع الكويت لتزويد العراق بالكهرباء بما يصل الى 500 ميجاوات". الوعود الشلشية تتناغم مع وعود ايهم السامرائي الأستعلائية لأن (جيوب) الناس ستكون خلال فترة الثلاث سنوات القادمة على الاقل مخصصة للمولدات و(اللالات) وبهذا تكون الحكومة قد رفعت الراية البيضاء في معركتها ضد الكهرباء. والتعويل على الدول الأقليمية في مضمار الكهرباء حديث فارغ  يؤدي في نهاية المطاف إلى الحد من استقلالية السياسة الطاقوية العراقية لأن من غير المعروف كيف ستتطور العلاقات العراقية مع دول الجوار مستقبلاً مع بقاء الأضطراب السياسي في بلادنا  ، واتفاقيات من هذا النوع تضع القيود على حرية واستقلالية السياسة الوطتية العراقية ، والأتفاق مع ايران اليوم في ظل بقاء القضايا السياسية العالقة بين البلدين يصب في خانة الخيانة العظمى يقدم مرتكبيها الى المحاكم لنيل جزاءهم العادل بعد الأنتهاء من محاكمة سيدهم الطاغية صدام حسين  . هكذا ستبيع  إيران الكهرباء الى محافظتي واسط وميسان الواقعتين جنوب شرق العراق من مدينتي مهران وديهلوران في محافظة إيلام غرب إيران. العراق  يستخرج  الآن نحو 2,1 مليون برميل نفط يومياً قياساً بـ 2,8 قبل الاحتلال ..وأن تهريب النفط  يوميا هو سرقة مضاعفة في ظل تدهور الإنتاج ، وفي ظل الحاجة الماسة للمشتقات النفطية في تشغيل مولدات الطاقة لعدم وجود خدمة الكهرباء معظم اليوم ، وان التبرع المجاني بتزويد الجيران بالنفط هو أيضا الفساد بعينه لأن "ما يحتاجه البيت يحرم على الجامع ".
    ان 70% من مشاريع اعادة الاعمار التي تنفذها بعض المنظمات الامريكية اما من خلال هيئة الاغاثة الامريكية او الجيش الامريكى تذهب الى محافظات ومناطق هي اصلا لا حاجة لها فيها وانما بحجة ارضاء المتمردين وغالبا ما تذهب الى المتنفذين وبعض رجال العشائر الفاسدين والقسم الاخر الى جيوب بعض القائمين على تنفيذ هذه المشاريع ومن خلال شركات ووكلاء وباسعار خيالية. هنا يكمن بعض من اسرار اختفاء اموال اعادة الاعمار.
    احتياجات قطاع الطاقة الكهربائية على المدى الطويل كبيرة للغاية. ومعالجة هذه الاحتياجات تتطلب وضع استراتيجية وطنية شاملة للمدى الطويل تتضمن برنامجا للإدارة المثلى والإصلاح في مجال التسعير لضمان الجدوى الاقتصادية لهذا القطاع ، وبرنامج استثمار يمتد من 10 إلى 15 عاما . ويجب أن تربط هذه الاستراتيجية ما بين توليد الكهرباء وإنتاج وتوفير الوقود لضمان أن تتمكن صناعة النفط العراقية من توفير الوقود الكافي، من النوع الملائم، لمحطات توليد الكهرباء. وعليه يكون قطع التيار الكهربائي لإدارة الطلب على الكهرباء ضروريا على الأقل حتى عام 2007. كل ذلك يستلزم القيادة القوية من قبل الحكومات العراقية المتعاقبة، والرؤية العقلانية  لتحويل قطاع الطاقة إلى صناعة حديثة في القرن الحادي والعشرين تخدم احتياجات جميع العراقيين.
   السلطات العراقية تبيح لنفسها وفق مبدأ فوضى الكهرباء البناءة  تبرير الأنقطاعات في التيار الكهربائي وسلوك منهج الذرائعية والنفعية الاقتصادية ، كما تقوم بذات الوقت في تشجيع الولاءات اللاوطنية والطائفية والعشائرية ، وهي نفس القوى التي تتجاوز على الكهرباء وتسرقه وتستخدمه للأبتزاز السياسي وتنتهج الاستغلال السياسي للدين وتدعم اشباح الدوائر وتسلك الطرق القديمة الحديثة في العكرف لوي... فهذه السلطات غير بعيدة  عن غليان التجييش الطائفي في العراق الذي يهدد بحرب اهلية.ان تحقيق تقدم على طريق تحسين الخدمات العامة، يرتبط بشكل كبير، بالتصدي الجدي، غير الانتقائي وغير المسيس، لمظاهر الفساد الاداري والمالي الذي اصبح عقبة كأداء يلقي بثقله على الحياة العامة في بلادنا.
    السؤال المخيف الذي يطرحه الناس تري هل تنجح محاولات إشعال حرب أهلية طائفية في العراق فيرتاح الأمريكيون والايرانيون والإسرائيليون والسوريون ... وبذا لا يعد من مبرر لانسحاب القوات الأمريكية التي سوف تقف تتفرج على اللهيب المخيف ، كما لا يعد مبرر لتخوف الانظمة الأقليمية من النموذج العراقي في الديمقراطية  . على الحكومة العراقية ومؤسساتها، تقع كل المسؤولية لتحقيق ما يحتاجه أبناء العراق اليوم، لأن البدء في البناء والعمران وتشغيل العاطلين عن العمل وتوفير الخدمات سيوجه أكبر ضربة للإرهاب والإرهابيين، وليس العكس كما يطرح البعض، بأن الحكومة العراقية غير قادرة على تنفيذ برامجها ومشاريعها في الإعمار والبناء وتقديم كل الخدمات للشعب بسبب الوضع الأمني القاهر الذي يمر به البلد .
    ان محاربة الإرهاب والقضاء عليه، لا يمكن أن يتم من خلال العمل العسكري والأمني فقط ، بل يتطلب النهوض بالعامل الأقتصادي وتحسين الظروف المعاشية والقضاء على البطالة بكل أشكالها وتوفير كل الخدمات الأساسية... كل هذه العوامل وغيرها تساعد في إضعاف النشاطات الإرهابية والإجرامية المختلفة. لذلك ينبغي على الحكومة العراقية والأحزاب والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني، التنسيق والتعاون والعمل من أجل الوصول بالعراق الى شاطئ الأمان والعيش الكريم للمواطنين وعودة الإبتسامة على شفاه الأطفال والأمهات والآباء في ظل عراق الحرية والديمقراطية والمحبة والتآخي والسلام والدستور العلماني .