المحرر موضوع: ليكن عام 2013 عام وعي لشعبنا المسيحي (سورايا)  (زيارة 886 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل george bidawid

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 206
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
ليكن عام 2013 عام وعي لشعبنا  المسيحي (سورايا)

الدكتور جورج بيداويد
بيرث - استراليا
هناك العديد من المواضيع المهمة والحساسة التي تتعلق بحاضر ومصير ومستقبل شعبنا المسيحي (السورايا)، خاصة بعد أن أصبح مشتت الوجود بين العديد من الدول وفي مختلف جهات الارض الاربعة، مما أضعفه وفرقه ومزق أوصاله وجعله عرضة الى الانقراض والزوال الى الابد، إن لم تكن هناك إرادة وإدارة قوية للم الشمل والانتباه الى الأخطار المحدقة بهذا الشعب الأصيل.

لعبت العديد من المعطيات والمتغيرات والظروف الاستثنائية في تفتيت هذا الشعب المسالم الذي عرف بالتسامح والمحبة والالفه الحسنة التي نادى بها مخلصنا وفادينا يسوع المسيح وتلاميذه منذ بزوغ المسيحية قبل أكثر من ألفي سنة، عانى هذا الشعب المسالم وخاصة خلال الفترة الماضية وبالتحديد قبل مائة عام إبتداءً من السيطرة العثمانية للعراق وبعدها دخول الاستعمار البريطاني وخلال هاتين الفترتين عانى شعبنا بشكل ممنهج من العديد من المآسي التي أودت بالمئات لابل بالالاف منه نتيجة لسياسات حاولت التنكيل بالمسيحيين بشكل قد لايلفت النظر بأنها مخطط لها بشكل مسبق، وهناك العديد من المؤلفات والكتب التي أشارت بشكل مفصل الى العديد من تلك الجرائم والاحداث التي لايمكن إنكارها وقد سجلها التأريخ لتكون وصمة عار بوجه المحتلين مهما تغير لونهم وشكلهم. وكذلك ما عاناه هذا الشعب المسالم من ويلات ومآسي خلال الحكم السابق وما يعانيه خلال الحكم الحالي في العراق، وخاصة بعد العام 2003.

هناك مسؤولية ضمنية أخلاقية إجتماعية وتأريخية تقع على عاتق كافة علماء ومفكري ومثقفي وكتاب ورجال الدين المسيحين وعلى كافة المنظمات والاحزاب والتشكيلات التي تمثل شعبنا المسيحي ، وأيضاً تقع تلك المسؤولية على عاتق كل فرد من أبناء شعبنا المسيحي (السورايا)، من الذين لديهم المقدرة والكفاءة والقابلية التي من خلالها يمكن تشخيص أولويات تلك المواضيع التي يجب أن تبحث وتدرس بشكل علمي ومنطقي مبتعدين عن أي تخندق حزبي أو منظماتي أو فكري ضيق، من خلالها يمكن الوصول الى بعض النتائج التي تساعدنا في فهم الواقع ومحاولة إيجاد حلول ناجعة للكثير من مشاكل وجودنا وإستمرار بقاؤنا في الوجود، أي عدم زوالنا وإنقراضنا كشعب أصيل.

أن شعبنا المسيحي (السورايا) يمر بمنعطف خطير والكل واقف يتفرج من شرفته ولا يحاول عمل شيئ ما، أنا لا ألوم الفرد العادي الذي لاحول له ولاقوة، لكني أقول هل أصبحت مسيحيتنا بالاسم فقط، هل أن ِلبسْ صَليب الذهب من عيار 21 وبوزن ربع كليوغرام هو دليل مسيحيتنا؟ أين هُمْ رؤساء كنائسنا؟ هل هم واعون لما يحل بهذه الفئة من البشر؟ هل إستغنى الرعاة عن رعيتهم وتركوها تتبعثرعرضة للذئاب الكاسرة؟ هل هناك من يهتم لما حدث ويحدث من ضياع كبير؟ أم أن الكنيسة ليست طرفاً في هذا الموضوع؟ لابل أن هذا الأمر لايعنيها البته؟

أعتقد أن الندوة التي عقدت مؤخراً (في الأول من شهر تشرين الثاني الحالي) والتي كان عنوانها "حوار ساخن حول مصير اللغة السريانية والناطقين بها" والتي شارك فيها بعض المختصين والمهتمين باللغة والتراث وبالشأن المسيحي، كانت فرصة للصحوه من غفوة عميقة، فمن خلال ماجرى عرضه من آراء وأفكار وحقائق وبالرغم من قصر المدة الممنوحة للمتحدثين ووقت الندوة الضيق، إلا أن المواضيع التي إثيرت فيها وحسب رأيي المتواضع، إنما جاءت كناقوس يدق في رؤوسنا وفوق مضاجعنا ، ينبهنا الى الخطر المحدق بوجودنا وبالتالي بإستمرارنا من عدمه.

لاتستهينوا بما أثير من موضوع مهم، أنها الحقيقة بعينها وهذا ما كنت أشير اليه في العديد من المناسبات ومن خلال المناقشات التي تجرى مع بعض الاخوة الاعزاء خلال وجودي وزياراتي المتكررة حالياً الى مدينة ملبورن، والآن أقولها بصراحة إن الارضية خصبة ومهيأة لزوالنا كشعب مسيحي عريق (سورايا)، اللغة سوف تمحى خلال فترة ليست بعيدة وتحل محلها لغة أخرى، وفي رأيي الخاص ، إذا ما إندثرت اللغة فمن الممكن والمحتمل أن يزول المعتقد أيضاً شيئاً فشيئا في مرحلة لاحقة قد لاتكون طويلة، أي أن الخطر ليس فقط في زوال اللغة وحدها، بل سيوفر الارضية والأساس القوي لزوال الدين والمعتقد وإبداله بغيره من المعتقدات وما أكثرها في بلدان المهجر، مع وجود المغريات والمشجعات الكثيرة، وهنا تكمن الطامة الكبرى. على من تقع هذه المسؤولية التأريخية ياترى؟.

أعود وأسأل هل للكنيسة رأي آخر في هذا الموضوع؟ السؤال موجه بالتحديد الى الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية؟ قد تتهموني بالهذيان والخرف ولكن، قول الحقيقة أفضل لديّ عن السكوت وطمس العنق في الارض (الطمطمة)، أتمنى أن أكون مخطئ، لكن الكثير من الشواهد التأريخية وكل التجارب السابقة التي حدثت في العديد من الدول تشير الى هذا المصير الحتمي، إلا إذا كانت هناك نوايا صادقة وصالحة وبناءة تعمل بنكران ذات لإيقاف هذا المرض المزمن الذي أخذ يفتك بجسدنا المسيحي (السورايا)، وليس بعيداً بأن مايجري لنا من مسلسل الضياع هو جزء من المسلسل الكبير المخطط له منذ تلك السنين الماضية.

أين هم أحزابنا وممثلوا شعبنا ومنظماتنا من مثل هكذا مواضيع، هل يعلموا أن اللغة وإحتمال الوجود (السورايا) سيزول خلال أقل من مائة عام، ماذا سيقول التأريخ عن صراعاتكم على أشياء غير مجدية سوى زيادة الفرقة وتشتيت المتبقي من الشعب، هل صراعاتكم على مناصبكم ستدوم لكم، فكروا في عمل الصالح لكل مكونات شعبكم المسيحي من دون تفرقة أو تفضيل فئة على أخرى، وإتعضوا من التجارب السابقة التي لم ولن ترحم المقصرين!

الحق يقال حتى لو على النفس، أن ما تقوم به الكنائس الاثورية الشقيقة في استراليا بشكل خاص فهوعين الصواب، ترى المدارس والكليات والدورات المستمرة التي تسعى للحفاظ على لغة وتأريخ  وتراث الآباء والأجداد، وكذلك توعية الانسان الاعتيادي الى أهمية ودور الحفاظ على اللغة الأم من خلال تشجيع العوائل على تسجيل و إرسال أبنائهم وبناتهم للمشاركة في تلك المدارس والمعاهد التعليمية، ولعل الاقبال الشديد عليها يعتبر المعيار الاساسي لنجاح وفعالية التجربة.  لماذا لا نحاول تقليدهم في هذه الامور الجيدة التي سبقونا بها، هل هذا عيب علينا من إستنساخ فكرة جيدة وناجحة تعتبر خطوة أساسية في إستمرار وجودنا وديمومتنا؟ أم إنها فكرة آشورية صرفة لايجب ولا يجوز الاقتداء بها؟ إنهم إخوتنا في الدين ولا فرق بيننا، إن الطوفان محدق بنا من كل الجهات ولازالت بعض الاطراف تتهاتر في موضوع عقيم من خلاله تم تفرقة الشعب الى عدة أجزاء. دعوا الخلافات جانباً و إنتبهوا الى الاولويات وحاولوا تقريب وجهات النظر التي قد تنير الطريق لما تبقى من الرحلة بسلام و بتكملة المسير الذي بدى قاتماً ومظلماً.

إنها أمانة في عنق كل من لديه المقدرة في قول الحق في الكتابة وإبداء الرأي بعيداً عن أي تشنج وموضوعية، وأرى أن يتم عقد ندوات وإجتماعات وإشراك أغلب الاباء الكهنة للوقوف على آرائهم، وحثهم بل مطالبتهم في لعب الدور الفعال في المشاركة الفعلية والجدية، لأن لديهم المقدرة أكثر من غيرهم في زرع روح التعلم ولديهم الارضية التي تسمح في تجمع العديد من أبناء الرعايا في الكنائس، ولديهم كوادر مهيأة للتعليم المسيحي، عليهم فتح دورات مستمرة للتعليم ونشرلغة المسيح، ولتكن هناك عدة لهجات إلا أنها في النهاية لغة واحدة نستطيع أن نتفاهم من خلالها.

أنا لست متخصص في موضوع اللغات أو التأريخ، لكني على معرفتي المتواضعة وإطلاعي ومن قراءاتي للواقع الذي يعيشه شعبنا، أرى من وجهة نظري الشخصية البحته، أن عصر المهتمين بمثل هذه المواضيع سيزول أيضاً خلال الجيل القادم على أكثر تقدير، فالكثير من أبنائنا أخذت هذه الامور لاتعنيهم كثيراً لا بل لاتشكل عندهم مواضيع جوهرية، وقد يعزى سبب ذلك الى التقدم التكنولوجي وطرق الاتصال الالكترونية الحديثة التي أخذت الكثير من وقت وتفكير شبابنا، عليه فإن المسؤولية التأريخية تقع الان على الجيل الحالي من المثقفين والمفكرين والمهتمين بالشأن المسيحيي والقومي والاجتماعي بشكل عام من أخذ زمام المبادرة في عمل شيئ ما قبل فوات الاوان! علماً بأن الجهات الحكومية الاسترالية وحسب معلوماتي من خلال عملي السابق في مدينة ملبورن هي على إستعداد تام لتشجيع ودعم مثل هذه النشاطات التي تحافظ على التراث واللغات الاصيلة، عليه ندعوا شبابنا وشاباتنا ممن لديهم الاهتمام في هذا الجانب من تكملة دراسات متخصصة في الجامعات الاسترالية وغيرها من الجامعات العالمية في بلدان المهجر، تتناول بعض الجوانب المهمة من تأريخنا وتراثنا ولغتنا الاصيلة (السورث) فمن خلال الحصول على شهادات دراسات عليا، سيمكن الكثير من الاستمرار في البحث وتنمية القدرات والتفكير العلمي المبني على أسس سليمة وقوية معتمدين على الارث الحضاري الكبير الذي تركه لنا آبائنا وأجدادنا الأوائل.

أدعو أن يكون العام 2013 عام وعي وصحوة لكل من يعنيهم الأمر بشأن اللغة المسيحية ( السورث)، ليتم التحضير لعقد نقاشات بناءة وخاصة لتجمعاتنا في دول المهجر الذين يمكنهم من وضع أسس من خلالها يمكن مساعدة شعبنا المسيحي في فهم دور وأهمية الحفاظ على اللغة والتراث في حياتنا ومستقبلنا كشعب أصيل.

الدكتور جورج بيداويد
6/11/2012

gbaccounting50@yahoo.com.au