المحرر موضوع: لغتنا السريانية في المهجر واقتراحات استبدال ابجديتها الاصلية باللاتينية  (زيارة 1561 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل حكمت كاكوز

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 371
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني

  لغتنا السريانية في المهجر واقتراحات استبدال ابجديتها الاصلية باللاتينية


شيئ جميل ان يتم مناقشة واقع لغتنا السريانية، وبالاخص في دول المهجر. فلغتنا وقبل ان نهاجر الى اوربا واميريكا واستراليا كانت في الحقيقة قد تأثرت بالتركية والكردية والعربية ودخلتها كلمات كثيرة من هذه اللغات. وبعد تزايد اعدادنا في المهجر نتيجة الهجمات الشرسة والمستمرة علينا ومن قبل العشوب المحيطة بنا، زاد سوء استخدامنا للغتنا بصورة صحيحة، وزادت المفردات الغريبة التي اخترقتها، واصبح الذي ينشأ في احدى الدول الاسكندنافية مثلا لا يستطيع ان يتكلم مع قريبه المهاجر الى استراليا مثلا، وبدلا من التكلم بلغة الام ولان لغتنا اصبحت لها أمهات عدة، صار ابنائنا يتكلمون مع اقرانهم باللغة الانكليزية. ولا يفوتنا ان نذكر ان هذا الشيئ يحصل ايضاً مع اولادنا الذين يعيشون في نفس البلد الواحد الذي هاجرنا اليه. فمثلا انا اعيش في النرويج، واولادي يتكلمون مع بعضهم باللغة النرويجية. السبب وكما هو معروف للجميع انخراطهم في مجتمع يتكلم بهذه اللغة، بالاضافة الى قلة اختلاطهم مع المتكلمين بلغتنا السريانية لقلة اعدادنا في هذا البلد. وتبقى لغتنا محصورة بين العائلة فقط مما يجعلها ان تفتقر الى مفردات كثيرة، منها الحديثة والتي لم تترجم الى لغتنا، ومنها القديمة التي لم يتم تداولها في نطاق الاسرة، مما يجعلها في عداد النسيان وتحل محلها مفردات البلد الذي نعيش فيه. هذا بالاضافة، وهو العامل المهم، الى تحصيلهم العلمي الذي هو بلغة اهل البلد.

الذي جعلني ان اكتب في هذا الموضوع، موضوعان : الاول والذي ادمعت عيني ضحكاً هو مقالة السيد اوراها دنخا سياوش المعنونة (مكالمة بالسورث بين بغداد وديترويت!) انظر الرابط :

http://www.nineveh.no/?p=44610

والثاني هو موضوع الاستاذ يوحنا بيداويد المعنون (حوار ساخن حول مصير اللغة السريانية والناطقيين بها) انظر الرابط :
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,620220.0.html

  فالاول والذي جعلني أُقهقهُ ضاحكاً، كان تعبيراً حقيقياً عن كيفية تأثر لغة مجتمعنا الكلداني السرياني الآشوري، المحكية، بلغة اهل البلد الذي نعيش فيه، والتي على الاقل اصبحنا نعيشها كل يوم مع ابنائنا هنا في النرويج. فلو جاء على سبيل المثال، احد من ابناء شعبنا الذي يعيش في الوطن الام لمدة يوم واحد فقط، واستمع الى ابنائنا يتكلمون اللغة السريانية في ما بينهم، لاستلقى على قفاه ضاحكاً من المفردات النرويجية التي يحشرونها في لغتهم، والتي لم يسمعها من قبل، هذا بالاضافة الى التغيير الكبير الذي طرأ على اللكنة. فكما هو معروف فان الذي عاش في بلاد آشور طغت عليه لكنه الاكراد، والذي عاش مع العرب طغت العربية على لكنته. فلغتنا المسكينة صارت تتأثر وبسهولة بلكنة اهل البلد الذي هاجرنا اليه، واصبحت كما قال عادل امام "اي واحد يگي يضرب". فتخيل عزيزي القارئ الى كم لكنة انقسمت وستنقسم لغتنا بعد تشرذمنا في دول المهجر ؟.

ان اهم ما جاء به هذا المقال هو التركيز على تعلم اللغة من خلال التحصيل الدراسي. ان سبب افتقارنا للمفردات اللغوية هو الابتعاد عن لغة ابائنا واجدادنا اولاً، وعدم مواكبة ترجمة مفردات التطور الحديثة، وبكافة فروعها، من العلمية والادبية والفنية ...الخ. وأُثني على راي السيد سياوش على ان الحركة الديمقراطية الآشورية كان لها السبق في معرفة مكمن الخلل، وهي التي كان لها الدور الفعال في الحفاظ على لغتنا في الوطن، على الاقل في هذه المرحلة العصيبة من الزمن، فكان التحصيل الدراسي بلغة الام من اولوياتها.  

  اما الموضوع الثاني فقد شدني ما جاء به استاذنا العزيز يوحنا بيداويد من استبدال الابجدية السريانية بالابجدية الانكليزية.

اقول: ان هوية اي شعب تتجسد ببساطة ومباشرة على ارض الواقع عن طريق لغته. هذه الهوية لها شروط ومواصفات. بالضبط كالهويات التي تصدر من دوائر التسجيل في اي بلد من بلدان العالم. فهويات دائرة الاحوال المدنية في العراق كانت موحدة، وشهادة الجنسية كذلك. واي تغيير لايمكن اجراءه عليها، حتى وان كان بسيطاً، والا اعتبرت هوية مزورة. ومن مقومات اللغة هي الابجدية، وابجديتنا السريانية دلالة على هويتنا القومية واي تغيير، اصبح تزويراً فيها، وبالتالي فقدنا اهم مقوّم من مقوّمات الهوية القومية، وبالتالي سنفقد اصالتنا كشعب اصيل، كانت لغته حية لقرون عدة، لولاها لما ازدهرت امبراطورية العرب.

اما موضوع الدول او الشعوب التي تستخدم ابجديات لا تمت بصلة اليها، فهو في الحقيقة موضوع معقد وشائك، ولا اعتقد انه يعنينا كشعب اصيل ملتزم محب لأصله وثقافته وتراثه ودينه. فتركيا كدولة مثلا، قامت على اكتاف الاسلام فكان من الطبيعي ان تتخذ ابجدية اللغة العربية وتستخدمها في لغتها. وشعوبها لم توحدها اللغة وانما الاسلام وحدها. اما لغة وثقافة تركيا، بالرغم من استبدال الابجدية باللاتينية، فلا تزال متأثرة بالعربية ودينها. وهذا ما نراه واضحاً في لغة الاتراك. فالمفردات العربية تغزو لغتهم بالاضافة الى تاثرهم بالثقافة الاسلامية مما انعكس على طريقة معيشتهم. صحيح انهم امتلكوا امبراطورية لكنهم وفي رأيي يفتقدون الى الاصالة.

  ان اصالة شعبنا هي خصوصية نتميز بها عن باقي شعوب المنطقة. اصالتنا المستندة على ابجديتنا السريانية. فمن خلالها نستطيع البقاء، وكما بقينا، كشعب حي لقرون عدة. علينا الايمان بقوة، بما نملك من ارث لغوي وثقافي اصيل، تحسدنا شعوب كثيرة عليه. علينا القتال للحفاظ على ابجديتنا ولغتنا، وان ما اصاب ويصيبها من عطب من الممكن تداركه وتصحيحه، وكما يقول المثل الانكليزي (نيفر ليت )  

 

حكمت كاكوز منصور
أوسلو النرويج
06/11/2012